شبكة ذي قار
عـاجـل










أعتقل في أحد فنادق مدينة نيويورك - دومينيك شتراوس كان- مدير صندوق النقد الدولي واحد قادة الحزب الاشتراكي الفرنسي والمرشح المفضل من الأوساط المالية الفرنسية للرئاسة الفرنسية التي ينتظران تبدأ العام المقبل. فقد أنزل شتراوس كان من طائرة أير فرانس التي كانت تتأهب للأقلاع الى باريس قبل دقائق معدودة من أقلاعها من مطار جون كنيدي من قبل شرطة مطار نيويورك ونيوجرسي.


وقد قرأت الشرطة الفدرالية على شتراوس الاتهامات التي وجهت له وهي : عمل جنسي أجرامي، محاولة اغتصاب وحجز غير مشروع ،لامرأة في الثانية والثلاثين من العمر تعمل خادمة في فندق سوفيتل منهاتن.وبحسب الناطق الرسمي للشرطة فأن هذه المرأة قد دخلت الى الشقة المرقمة 2806 معتقدة أنها لم تكن مشغولة فخرج أليها شتراوس عاريا من الحمام واقفل الباب عليها وبدأ بالتحرش بها وأحبارها على النوم معه. لكن المرأة استطاعت من الإفلات والهرب.وقد تأكد للشرطة أن رئيس البنك الدولي قد ترك هاتفه النقال في الغرفة. فيما نقلت المرأة الى مستشفى روزفلت للعلاج من بعض الجروح. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فقد تم أخذ عينات من ADN للتحقيق الطبي- الشرعي. كما صرح الناطق بأسم الشرطة انه لا يمكن لشتراوس من الحصول على الحصانة الدبلوماسية فهو رئيس لبنك. وبحسب الفيغارو ذكر مصدر دبلوماسي أن طبيعة هذا التصرف له نتائج في غير صالح - شتراوس كان- لأن محاولة الاعتداء الجنسي يمكن تفاديها لكن ليس الحجز غير الشرعي، وسيحال الى المحكمة لأن مثل هذه الأعمال يحكم عليها في حالة اثباتها بالسجن لمدد بين 15-20 عاما في الولايات المتحدة.ومن شروط البنك الدولي الخاص بموظفيها هو الالتزام التام بالتصرفات والعادات الفاضلة والحياد والرصانة وعكس ذلك فأن العقوبة هي الإقالة .وقد صرح محامي- شتراوس كان- بأن موكله سيقول للمحكمة انه غير مذنب.


وقد صدم هذا الخبر الطبقة السياسية الفرنسية في اليمين واليسار على حد السواء.ولم يكن الخبر مدهشا للصحفيين الذين يعرفون الرجل على انه زير نساء من الدرجة الأولى.فقد سبقت هذه الفضيحة واحدة أخرى مع موظفة في البنك الدولي هي بيروسكا ناجي الهنغارية التي اقام معها شتراوس علاقة مست بالبنك الدولي الذي قام بتحقيق اجبر –كان- بعدها على الاعتذار لكنه لم يقال من منصبه.وقد قامت أجهزة الأعلام الفرنسية والأمريكية بتغطية هذا الحادث بشكل واسع . وقد اقيل الكوميدي ستيفان غيون من راديو فرانس انتر بعدها بزمن لأنه ألف سكيتش هزلي يبدأه بصفارة الإنذار وتحذير نساء راديو فرنسا من مجيء - شتراوس كان - الى المكان ولكي يتخذن الحذر من تحرشاته. ويعرف الصحفيون والصحفيات الفرنسيات قصصه ومقترحاته لهن وعدة مرات صرحن بأن الوزير يغازلهن. ورغم ان الطبقة السياسية الفرنسية كاملة قد ألتزمت باحترام مقولة المتهم برئ حتى تثبت أدانته لأن شتراوس كان زميل لهم وهو واحد من أهم رجالات الحزب الاشتراكي وهو المرشح الذي تعطيه الاستفتاءات فائزا بالانتخابات الرئاسية المقبلة في العام القادم أمام الرئيس نيكولا سركوزي. لكن جاك أتالي المستشار السابق للرئيس ميتران وللرئيس الحالي ساركوزي صرح ان شتراوس كان لن يتمكن من البقاء على راس الصندوق الدولي ولا الترشح للانتخابات المبكرة للحزب الاشتراكي لتعيين المرشح الرئاسي. وتأتي هذه الفضيحة بعد أسبوع من صورة نشرت في الصحف الفرنسية تظهر رئيس البنك الدولي والمرشح الاشتراكي وهو يتهيأ مع زوجته الصعود الى عربة من نوع بورش. وتناقلت الصحف الفرنسية هذا الظهور الباذخ للمرشح الذي يقول انه يريد التغير لفرنسا وتحسين اوضاع الطبقة الكادحة فيها ؟ فما كان الا ان تهكمت معظم الصحف على هذا الظهور واعتبرته غلطة إعلامية كبيرة لمرشح اشتراكي. وقد اضطرت زوجته الصحفية المعروفة آن سان كلير بأن تبرر المصاريف الباذخة لزوجها قائلة بأنها هي التي تصرف عليه لأنها وريثة لثروة طائلة من جدها،علما ان مدير صندوق النقد الدولي معروف بأنه واحد من اكبر أغنياء فرنسا !
لكن من هو دومينيك شتراوس كان ؟


للفرنسيين هو سياسي من الحزب الاشتراكي،رجل مثقف ولطيف بنى له صورة ايجابية كرجل يساري همه راحة الطبقة الكادحة ! ؟ لكن كيف أصبح هذا الرجل مديرا لصندوق النقد-النهب- الدولي الذي من أهم مهامه هو نهب الدول الفقيرة وإغراقها بالديون وفوائد الديون لكي لا تقوم لها قائمة وهذا ما حصل للدول الأفريقية بشكل خاص ولكل دول الجنوب ومنها اليوم العراق الذي يفرض عليه البنك الاستقراض ليسرقه بالفوائد الثقيلة والشروط المدمرة للاقتصاد منها إلغاء البطاقة التموينية وإلغاء الدعم الحكومي لبعض المتطلبات الأساسية للأغذية. وقد اعتبرت الصحافة الفرنسية صعود كان وغيره من الشخصيات الفرنسية مثل باسكال لامي :منظمة التجارة العالمية، وكلود تريشيه : البنك الأوربي، وجان لومير:البنك الأوربي للبناء، من نفس التوجه نجاحا فرنسيا رغم انه كان نجاحا أطلسيا الهدف منه جر فرنسا المستقلة والديغولية أكثر وأكثر الى حلف وأطماع ونهب وحروب محور الشر الأطلسي. لقد أشتهر صندوق النقد الدولي بعد أحدى أول وظائفه في نهب دول الجنوب بدعمه للديكتاتوريات في الأرجنتين والبرازيل واندونيسيا والنيجر والفلبين وتايلند. وهو المسؤول في بعض هذه الدول عن انتشار المجاعات وغلق المدارس ودعم القمع بطلبه الدول المستدينة بتسديد فواتير الفوائد والديون في الأوقات التي يقررها البنك بنفسه أي في الأوقات الحرجة جيوسياسيا لهذه الدول. لقد أتهم كبار الاقتصاديين البنك الدولي بتنظيم زعزعة العلاقة بين دول الجنوب ودول الشمال ومنهم جوزيف ستيجليز الحائز على جائزة نوبل. ان أهم عمل يقوم به هذا البنك هو السماح للمضاربين الغربيين للاغتناء واستغلال العمالة لدول الجنوب لجني أرباح طائلة تقدر بالمليارات واستغلال الموارد والمواد والثروات الأولية في هذه البلدان. هذه هي المؤسسة التي طمح لأدارتها الاشتراكي شتراوس كان بدعم كبير من أصدقاء وحلقات أصدقاء من أصحاب الثروات الكبيرة ونجح وعين براتب قدره 461 510 يورو غير خاضع للضريبة ليكون أعلى موظف يتقاضى مثل هذا الراتب في كل واشنطن.


شتراوس كان تربى في المغرب من عائلة يهودية ملتزمة دينيا وثقافيا فهو صاحب القول الشهير : كل صباح عندما استيقظ اتسائل كيف يمكنني ان اكون مفيدا لدولة إسرائيل وهكذا هي زوجته الصحفية أن سان كلير محبة شارون وصديقة نتانياهو الليكودية صاحبة برنامج سبعة على سبعة لمدة أربعة عشر عاما كانت تستقبل المشاهير والشهيرات في كل المجالات وتستجوبهم حول الأحداث وأهمها موقفهم من دعة عيش الكيان العنصري الصهيوني في إسرائيل العزيز على قلبها أمام أعدائهم الأرهابيين من العرب والفلسطينيين من شاشة القناة التلفزيونية الثانية. دخل الحزب الاشتراكي عام 1976 في تيار جان بيار شفنمن لفترة قصيرة ثم أنتقل الى جناح ليونيل جوسبان رئيس الوزراء السابق وجون كامباداليس- تروتسكيين لامبرتيست- المرتبطين تقليدا بالمخابرات الأمريكية ضمن من دخل مع مجموعة الى الحزب الاشتراكي واستطاعوا ان يسيطروا عليه.


في نهاية الثمانينات دخل شتراوس كان الى المجلس الوطني واستطاع ان يصبح نائبا لمدينة سارسل ذات الغالبية اليهودية في الضواحي الباريسية. وتبوأ في المجلس منصب رئيس اللجنة المالية ومن ثم وزير الصناعة والتجارة الخارجية في وزارة بيار بيروغفوا. كوزير ساعد شتراوس كان صديقه فرانك آمون المعروف بقيامه بعدد من العمليات لصالح الحكومة الإسرائيلية في امريكا اللأتينية. وقد كلفت عمليات الصديق البنك الفرنسي ودافعي الضرائب الفرنسيين أموالا طائلة. وحينما تزوج للمرة الثالثة من الصحفية آن سان كلير فأن الكاتبة اليزابيت بادنتر زوجة وزير العدل السابق روبير بادنتر وصاحبة شركة ببليس للأعلانات الداعم الكبير لأسرائيل والحملات ضد الفلسطينيين والصحفية راشيل اسولين زوجه جان فرانسوا كان صحفي مجلة ماريان المعروف كانتا الشاهدين على زواجهما < الديني > الغريب من عتاة دعاة العلمانية على الساحة الباريسية منذ عشرين عاما ومن المعادين للتكتل العرقي والديني-ضد المسلمين والعرب فقط- !؟


وبينما طلب الرئيس فرانسوا ميتران مقابلة الشهيد ياسر عرفات في بداية حكمة عام 1983 للتباحث في أمور السلام والمنطقة والاحتلال والدولة الفلسطينية مما اثار حفيظة اللوبي الصهيوني الذي تجرأ على الرئيس ميتران فغضب منهم، فقد قام شتراوس كان باصطحاب وفد الى بلدية القدس التي يعتبرها عاصمة أبدية لإسرائيل الكبرى. وفي حرب العراق ضد الكويت ذهب بمعية مجلس المؤسسات اليهودية الى إسرائيل لإظهار الدعم الكامل لدولة الاحتلال العنصرية. بعد خروجه من الوزارة أصبح يقبض أجورا هائلة كمستشار لكبار الشركات والمستثمرين او لمحاضرات في جامعات الدار البيضاء او ستانفورد قلعة الجمهوريين الأمريكيين التي تعرف فيها على كونداليزا رايس التي فاوضته على منصب مدير صندوق النقد الدولي كما تعرف على نخبة الجمهوريين في هذه الجامعة وعلى رأسهم جورج شولتز. عندما عاد وزيرا للاقتصاد والمالية بين 1997-1999 أدخل فرنسا في وضع تتوجه فيه أموال الكوادر الفرنسية الى المضاربات والربح منها مما ادى الى انخفاض القوة الشرائية الى درجة كبيرة ومؤسفة للاقتصاد الوطني الفرنسي. وحينما أصبح عمدة مدينة سارسل جعل هذه المدينة تتوائم مع مستعمرة نتانيا الإسرائيلية.


يتردد دومينيك شتراوس كان منذ التسعينات على الحلقات الرفيعة للسلطة مثل منتدى دافوس كما نرى زوجته في حلقة القرن المغلقة على بعض الصحفيين والإعلاميين المقربين من الأوساط المالية ودعي في العام 2000 الى حلف شمال الأطلسي ونادي بيلبيرغ حيث معارفه مدراء أشهر المؤسسات الدولية المالية. رئيس البنك الدولي هو وراء عملية لتشويه صورة الرئيس جاك شيراك عن طريق كاسيت المتعهد السكني جان كلود ميري الذي سجل فديو قبل موته يتهم فيه الرئيس اتهامات كاذبة. لكن السنوات اللآحقة كشفت عن تورطه بقضايا حول التأمين الصحي للطلاب في عهد وزارة ليونيل جوسبان للتعليم. وقد تم تبيض صفحته عام2001 ليتبوأ تطوير مؤسسة جان جوريس بفضل علاقة التعاون لهذه المؤسسة مع المعهد الوطني النسوي للديمقراطية NED الخاصة باليسارالفرنسي ومعرفته لكونداليزا رايس والأخت المتبناة لهذه والتي هي مادلين اولبرايت التي تدير المعهد الوطني الديمقراطي الممول الأمريكي لدعم الديمقراطيين المتحالفين مع خط الولايات المتحدة الأمريكية العسكري والتجاري.لذلك فقد اختير شتراوس كان واحدا من ستة من الخبراء لتسويق التجارة الحرة والدعاية لها كما تراها الإدارة الأمريكية.


دومينك شتراوس كان هو من اجبر باسكال بونيفاس من الحزب الاشتراكي لأنه تجرأ على انتقاد الحزب للمساندة العمياء لإسرائيل وعدم احترام ستة ملايين منتخب فرنسي من أصل عربي على الاستقالة، مشكلا حلقة في الحزب تدعى ليون بلوم تعمل للدعم التام لإسرائيل وللحركة الصهيونية.كما ان رئيس البنك الدولي وبالتزامن مع عمل اللوبي الصهيوني في امريكا لأنتخاب اوباما الأسود عمل في فرنسا على أقامة مجلس للمؤسسات السود في فرنسا – كرانCRAN – بنصائح متخصصين إسرائيليين على شاكلة الكريف اليهودي في فرنسا ومن ثمراته ربما الوزيره رامه ياد في حكومة سركوزي. وحينما بدأ التنافس على الترشح للرئاسة الفرنسية بدى كان المرشح المفضل للولايات المتحدة من اليسار الفرنسي.وقد أعطى مقابلة لمجلة المحافظين الجدد الفرنسيين –غالبية صهيونية مع حروب الإمبراطورية والحرب على العراق- يندد فيها بسياسة فرنسا العربية ، بمعنى آخر سياسة الرئيس جاك شيراك ويترافع من اجل تقارب أكبر مع واشنطن وتل أبيب.


أن فضيحة الاعتداء الجنسي الإجرامي ومحاولة الاغتصاب والحبس غير الشرعي لمواطنة أمريكية من قبل المرشح الاشتراكي الفرنسي للرئاسة لا يمكن تغطيتها خاصة بعد ان ملأت الصور القنوات الفضائية في أرجاء العالم وتناولتها الصحف والمحطات الإذاعية والتلفزيونية بإسهاب منها الأعلام الفرنسي المحرج والذي يحاول ان يغطي أكثر الأحيان دون فائدة بعد بث الصور. مع هذه الفضيحة يسقط احد أهم رجالات الصهيونية المساندة للكيان العنصري في فرنسا والذي كان انتصاره شبه مؤكد للرئاسة الفرنسية لعام 2012 . فضيحة - دومينيك شتراوس كان- أبعدت مرشحا مساندا لحروب الولايات المتحدة ولحروب صنيعتها إسرائيل ، أبعدت سياسيا عمل على الشقاق بين الشعب الفرنسي نفسه وضد الفرنسيين من اصول عربية المناهضين لحروب واحتلالات الولايات المتحدة واسرائيل وعلى الحط من صورة فرنسا ومن سياستها في العالم أجمع وليس فقط في العالم العربي. فكل تعازينا لمن يهمه الأمر..

 

 





السبت١٨ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة