شبكة ذي قار
عـاجـل










"اللهـم أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه .. وأرنا الباطل باطلا  وارزقنا اجتنابه"

دعاء مأثور

 

في البداية فإن عنوان هذا المقال مقتبس من حقيقة علمية عن الخفافيش التي شبهنا الجزيرة بها ، فالحقيقة العلمية تقول بأن الخفافيش تدخل في فصل سبات شتوي ، أما عن سر تشبيهنا للجزيرة" بالخفافيش وذلك لأن الجزيرة دخلت أيضا في فصل سبات امتد لخمسة عشر عاما انتهى مع استيقاظ الجزيرة لتنفيذ مخطط تمزيق الوطن العربي ،  ولان الخفافيش أيضا ترمز للشر فهي تنشط في الليل وتطير بالظلام دون أن تُسمع ، وارتبطت سابقا بقصص الرعب ومص الدماء ، وهي "اي الخفافيش " لا تختلف عن الجزيرة التي  نشطت في ظلام الوعي العربي وارتبطت بكل قصص الرعب والدمار وسفك الدماء في الوطن العربي.

 

كنا قد تناولنا في مقال سابق نشر في 31-11-2009م بعنوان " بمنظور استراتيجي هل قناة الجزيرة عربية ؟" حذرنا فيه من السلوك الفتنوي التخريبي للجزيرة في الوطن العربي ، وها هي الأيام تثبت بما لا يدع مجالا للشك النهج التدميري المحرض على الفتن والإنقسام الذي تنتهجه قناة الجزيرة ، وهنا سنعود للاقتباس من المقال السابق للتأكيد على حقيقة ما تقوم به الجزيرة من تخريب متعمد في الأقطار العربية .

 

فقد قلنا بالحرف الواحد " من أهم أبجديات علم الاستخبارات مصطلح " تأهيل العملاء " ، بمعنى آخر جعل العميل يكسب صفات يحبذها الطرف الآخر المراد اختراقه، أي تحسين صورة العميل حتى ينال ثقة الطرف الآخر، بحيث يسهل عليه مهمة تحقيق أهدافه ومآربه من وراء زرع هذا العميل ، فالشيطان لا يظهر بصورته الحقيقية لأنه إن فعل ذلك عرفه القاصي والداني ، ولكنه يظهر بصورة جميلة منمقة تخفي وجهه القبيح ومآربه الخفية .

 

ومن هذا المنطلق تم تأهيل الجزيرة لتنال ثقة الجماهير العربية عبر سلسلة من المسرحيات والتمثيليات  التي تظهرها بمظهر لائق أمام المشاهد العربي. "

وهذا ما أثبتته الأيام بأن الجزيرة ليست سوى قاعدة تجسسية  كبرى تبث سموم الفتنة والفرقة في  صفوف الشعب العربي ، تم تأهليها عبر مراحل  زمنية متتالية ، وأعدت بعناية لتلعب هذا الدور الخطير الذي نشاهده هذه الايام ، وهنا نعود للاقتباس من المقال الآنف الذكر حيث قلنا " فأُسست قناة الجزيرة  بنفس العقليات والكوادر التي كانت تدير إذاعتي  بي بي سي العربية وراديو مونت كارلو، وغيرها من وسائل الإعلام بالغرب، فحققت -للأسف الشديد-  الاختراق المطلوب، وغيرت كثير من المفاهيم والثوابت لدى العرب، وفرضت علينا التطبيع الفكري والإعلامي مع الكيان الصهيوني ، فألغت فلسطين من الخارطة لتضع بدلا منها إسرائيل مستخفة بمشاعر الشعب العربي ونضاله من أجل فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، ومن خلال نافذة الجزيرة أطلت شخصيات معادية للعروبة والإسلام ، بل وصل الحال بهذه القناة وكوادرها إلى استضافة امرأة صهيونية في إحدى البرامج الحوارية " الاتجاه المعاكس " ، قامت بالتهجم على النبي العظيم صلى الله عليه وسلم وعلنا وعلى الهواء مباشرة ، فبدلا من أن تثور الجماهير العربية التي أقامت الدنيا على تعدي صحيفة دنماركية على هامة الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم " ، تقبلت تهجم الجزيرة  بحجة الرأي والرأي الآخر"

 

لقد لعبت الجزيرة الدور الأكبر في تغيير مفاهيم الشعوب العربية ، فحولت الصراع من صراع وجودي مع قوى الامبريالية والاستعمار إلى صراع من أجل الديمقراطية" على الطريقة الأمريكية"  ، فغيرت وجهة شحنة العداء الفطرية في الشعوب العربية ضد كل ما هو أجنبي إلى وجهه فرعية هي الأنظمة العميلة التي وضعتها قوى الامبريالية وجعلت مسألة وجودها لغم ينفجر متى ما أرادت قوى البغي العالمي تمزيق عُرى الوطنية في القطر العربي الواحد ، فهذه الفتنة التي نعيشها الآن في أكثر من قُطر عربي -إن جاز التعبير- هي اخطر فتنة تعصف بالأمة منذ  فتنة استشهاد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وما تلاها من فتن توجت استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه ، وتكمن خطورة هذه الفتنة بأنها ستؤدي إلى انقسام رهيب في المجتمعات العربية حتى على مستوى البيت الواحد ، لأنها تعتمد على أمور دقيقة ومختلطة يصعب على الكثير فهم ما ستؤول إليه الأمور لاحقا وتجعل الجميع ينجر لصراعات وثارات لا نهاية لها ، وعن مكمن خطورة هذه الفتنة هو بالتالي : طبعا الكثير من الأنظمة سواء كانت عميلة أم لا اُجبرت على الدخول في سياسات اقتصادية فرضتها الدول الكبرى ترتب  على تلك السياسات إفقار متعمد للشعوب العربية ، رافقه انتشار للفساد كملازم ورفيق للفقر ، لذلك تكونت قاعدة عريضة من الشباب يائسة وتتوق للتخلص من تلك الأنظمة ، عندئذ وحين ترى دوائر الصهيونية والامبريالية بأن الوقت أصبح مناسبا لتنفيذ المرحلة الثانية من " سايكس بيكو" وهي تقسيم الأقطار العربية إلى طوائف متناحرة ، تقوم تلك الدوائر بسحب البساط عن تلك الأنظمة وتوجه الآلة الإعلامية الضخمة "ومنها الجزيرة  التي أُهلت سابقا للعب هذا الدور " لشيطنة تلك الأنظمة ، حينها وكرد فعل من تلك الأنظمة التي قطعا سيكون لها رد فعل معاكس يحاول التشبث بالكرسي ستخاطب تلك الأنظمة قطاعات لا يُستهان بها في الشعوب مرده أنها  تقاوم تدخل أجنبي في شؤونها فتكسب  أنصار ليسوا بالقليل، عند ذلك يحصل الاستقطاب بين مكونات الشعب الواحد بين طرف تملكه الحقد على النظام وسيطر على تفكيره وقبل بأن يتحالف مع الشيطان لكي يتخلص من ذلك النظام ، وبين طرف آخر انضوى تحت راية ذلك النظام ليس حبا فيه ولكن لرفضه لأي تدخل أجنبي في شئون بلاده ، وحينها يصبح من السهل إسعار الحروب في ظل ظرف مشحون كهذا، ولكم فيما حصل بليبيا خير مثال فلقد سيطر الحقد على  ثوار الناتو في ليبيا وسلموا بلادهم للناتو يستبيحها كيفما  شاء بل ورضوا بأن يُقاسموا المستعمر القديم الجديد " إيطاليا " وحليفتها فرنسا نفط وثروات بلدهم  مقابل أن يُسقطوا نظام القذافي ، فإيطاليا التي طردها أبناء المختار من النافذة بأحذيتهم قبل بنادقهم  ها هي تعود من الباب الواسع كمحرر ومنقذ وهي التي قتلت من أبناء  ليبيا الآلاف خلال  الفترة الاستعمارية ، وفرنسا التي ذبحت من شعبنا الجزائري أكثر من مليون شهيد وقادت واحدة من أبشع الحروب الاستعمارية العنصرية في التاريخ على الشعوب المغلوب على أمرها بل وجربت أسلحتها النووية على شعبنا الجزائري .. هل يُعقل بأنها جاءت لتحمي شعبنا الليبي  ، هل يُعقل أن تأمن ذئبا ليرعى قطيعا من الغنم ؟ .. لا تستغربوا فنحن في زمن الجزيرة وأخواتها  ، وذلك أيضا  ذات ما يُخطط له أن يحصل في سوريا واليمن . .

 

لقد كانت الجزيرة حجر الزاوية في ذلك المخطط ، ولإثبات ذلك سنحاول تحليل  تغطية الجزيرة للأحداث في ليبيا و اليمن وسوريا

 

1-   كيف أسعرت الجزيرة الحرب في ليبيا ؟

لنعد قليلا لبداية الأحداث في ليبيا ، فسنجد بأن تهييج عواطف الرأي العام وتوجيههم نحو تقبل التدخل الأجنبي اعتمد على خبر كاذب والذي كان مفاده بأنه تم قصف مظاهرة مليونية في طرابلس بالطائرات والذي حُشّد من اجله المحللين والخطباء والفصحاء والعلماء الذين أصدروا الفتاوي بهدر دم القذافي ، وبعد أن استثاروا عواطف العالم بذلك الخبر " الذي مصدره شاهد عيان " وبعد أن بدأت بعض وسائل الأعلام تـُكذب ذلك الخبر ، باشرت الجزيرة بتكذيب الخبر بطريقة خبيثة بعد أن تحصّل الخبر على الهالة الإعلامية المطلوبة فقامت بتخفيفه فقالت بأن المتظاهرين ضُربوا برشاشات الطائرات ، وينطبق على ذلك المثل المصري الطريف " يخانقني في شارع ويصالحني في حارة " ، فبعد أن جُيش الرأي العالم لهذا الخبر واستغلته دوائر الامبريالية في تحشيد حلف عدواني لمهاجمة ليبيا ، كـُـذب على استحياء وعلى الماشي " كما يقولوا إخواننا المصريين " .

 

ومن الأخبار الكاذبة والملفقة التي استغلت بتواطؤ مع ثوار الناتو هي استخدام مرتزقة أفارقة ، وهذه الأخبار هي احد أعمدة الكذبة الكبرى لمحاربة ليبيا والسيطرة على ثروتها ، فلقد اظهروا في عدة لقطات فيديو لجنود ليبيين سمر ينتموا إلى قبائل ليبية في جنوب ليبيا  وهذه المناطق يغلب على أهلها سمار بشرتهم ، بل و أتوا بجموع من المهاجرين الأفارقة  سواء الذين يعملون في ليبيا او مهاجرين غير شرعيين كانوا محتجزين في المراكز التي سيطر عليها المتمردون وأظهروهم على أنهم مرتزقة أفارقة تابعين للقذافي ، ولكي يكتمل مشهد الكذب كان لا بد من الآتيان بشيء يؤكد مزاعم الاغتصاب ، فجاءت تمثيلية اغتصاب إيمان العبيدي التي ركضت  لفندق في طرابلس يقطنه صحفيين غربيين أثناء عقد مؤتمر صفحي  لتصرخ بأنها تعرضت للاغتصاب ولكي يكون المشهد مؤثرا أكثر كان لا بد من أن تذرف دموع التماسيح لكنها نسيت أن تغسل المكياج واحمر الشفاه  من وجهها الكالح ، وتمادت هذه البائسة في تمثيلها لتكشف عن فخذيها لتـُري " الغرب الرحيم " ما فعله القذافي وجنوده بفخذيها الجميلين ، وبغض النظر عن  صحة الفيديو الذي اظهر إيمان العبيدي وهي ترقص عارية تقريبا في أحد أيامها الصاخبة في العام 2007م ، فأن المرأة الحرة الشريفة التي تتعرض لجريمة الاغتصاب يكون قلبها مكسور ويكون الحياء والخوف من أن يلحق العار أهلها هو الغالب، وإن تجرأت لتفصح عن ما تعرضت له فتكون عاجزة عن شرح كل التفاصيل لان الحياء صفة فطرية في المرأة العفيفة الشريفة ، وإن اضطرت لشرح التفاصيل فيكون ذلك فقط أمام قاضي او محقق لغرض معرفة ملابسات الجريمة وضبط الجناة ، لكننا لم نسمع أبدا من قبل من أن امرأة حرة اغتصبت تخرج جهارا نهارا وأمام وسائل الإعلام لتصرخ بأنها اغتصبت من 15 رجلا بل وتكشف عن أفخاذها ليصورها الإعلام  مما يوحي بأن إيمان العبيدي قد تعودت على كشف أفخاذها للقاصي والداني لذلك كان من السهل عليها أن تكشفها لوسائل الإعلام ،  وبالعودة مرة أخرى لهذه الحادثة التي لو افترضنا جدلا أنها صحيحة فإنه يُفترض بإيمان بعد عملية اغتصابها من 15 رجلا "التي رافقها حسب روايتها إدخال فوهات البنادق في أعضاءها التناسلية " أن تكون في مستشفى ما ترقد في حالة صعبة لا  أن تركض كالحصان لإحد الفنادق الفارهة في طرابلس لتـُـري الصحفيين الغربيين أفخاذها والتي تبرع احدهم للدفاع عنها في مشهد هوليودي مُعد بعناية لاستثارة  عواطف الناس ، ويبدو أن الذي أعد قصة إيمان العبيدي قد استعاض بقصة الخليفة العباسي المعتصم بالله وصرخة المرأة الحرة التي صرخت " وا معتصماه " التي حُرك لأجلها الجيوش لفتح عمورية  ، ولكن مع استبدال  " وا معتصماه "  بـ " وا ناتواه "  .. " وا امريكاه "  ، الذي صرخها أيضا المفتى المدفوع الأجر " القرضاوي " الذي فصّـل فتوى على مقاس الناتو برر تدمير ليبيا ، و حول بقدرة قادر التدخل الصليبي الاستعماري لليبيا  إلى تحرير وعمل إنساني ، لقد نسي مفتي الجزيرة " القرضاوي "  بأننا نعلم ديننا جيدا فهو ليس وصيا عليه ، ولا نحتاج منه صكا للغفران أو  مفتاحا للجنة ، بل وسنعلمه إن كان يجهل بأهم ثوابت عقيدتنا في ما يتعلق بأي صراع بين الإخوة المؤمنين وهو قوله تعالى  "{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9].

 

وفي تفسير هذه الآية الكريمة  قال الأمام الشوكاني في فتح القدير " «… والمعنى أنه إذا تقاتل فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن يسعوا بالصلح بينهم ويدعوهم إلى حكم الله، فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه، فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها وأجابت الدعوة إلى كتاب الله وحكمه، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا الصواب المطابق لحكم الله. ويأخذوا على يد الطائفة الظالمة حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها للأخرى...».

 

ولو أسقطنا هذه الآية الكريمة على واقع ما يحصل في ليبيا من صراع  لكان من الأولى وعملا بقوله تعالى " فأصلحوا بينهما " وهو ما لم يسعى له مفتي الجزيرة وطاقم العلماء الذين معه ولم تسعى له أيضا جامعة العدوان على الدول العربية التي لم ترد عدوانا على اي بلد عربي بل باركت تدمير ليبيا في إعادة لمشهد تدمير العراق عام 91م وما تلاه من قرارات دولية ظالمة إنتهت بغزو العراق في 2003م

 

ولا زلنا في الدرس الفقهي الذي نلقنه لمفتي الجزيرة ومن هم على شاكلته ، فلو فرضنا  بأن القذافي بغى ورفض الصلح وبناءا على ما قاله الأمام الشوكاني في تفسير الآية الكريمة حيث قال " فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه " ولنضع تحت جملة " على المسلمين" أكثر من خط  ، إذن لا يجوز بأي شكل من الاشكال الاستعانة بالكافر على المسلم مهما كان بغيه وظلمه ، ولنا في سيرة الصحابة والسلف الصالح قدوة حسنة فلم يرد أنهم استعانوا بكافر ضد مسلم ، وهنا سأذكر مفتي الجزيرة وطاقم علماءه بموقف  معاوية بن أبي سفيان "رضي الله عنه " مع ملك الروم أثناء خلافه مع الأمام علي بن أبي طالب " كرم الله وجهه " ، فقد حاول ملك الروم استغلال الخلاف بينهما فبعث لمعاوية بهذا الخطاب " ( من ملك الروم إلى معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ،إما بعد : فقد وقفت على الخلاف الذي بينك وبين علي بن أبي طالب .... وانك علي حق في موقفك ... وعليه فانا وجيشي تحت أمرك ورهن إشارتك مرنا بأمرك تجد عندك جيشا أوله عندي وأخره عندك يسلمون لك رأس علي بن أبي طالب إن شئت . ) فقال معاوية لكاتبه : اقلب ظهر كتابه واكتب له الرد منا ، فقال الكاتب : لم لا نرد عليه في كتاب جديد ،فأجاب معاوية : حتى لا تبقي عندنا ورقة مستها يد ظالم . ثم قال لكاتبه :اكتب له من غير أن تذكر البسملة فإنه ليس أهلا لرحمة الله تعالى ، اكتب : ( من معاوية بن أبي سفيان إلى ملك الروم الكلب ، أما بعد فما شأنك بأخوين عربيين مسلمين اختلفا في وجهات نظرهما في شأن يخصهما دونك ، والله أن عدت تكتب إلي أيها الكلب بهذه اللهجة فلن تأمن أبدا أن أنضم أنا وأخي علي ، فيرسلني إليك بجيش أوله عندك وأخره عنده ، فآتيه برأسك ، ولا سلمك الله . )

 

وبعد هذا الذي أوردناه فمن أين أتى مفتي الجزيرة بفتواه التي كانت بمثابة صك للناتو لتدمير ليبيا ، وإذا كان الناتو جمعية خيرية تسعى لإنقاذ المدنيين وتحريرهم ، فلماذا لم تطلب منهم الجزيرة ومفتيها تحرير فلسطين وإنهاء معاناة ستة ملايين فلسطيني من القتل والتهجير والحصار ، ولماذا لم يطلبون تحرير العراق من الإستعمار وإنقاذ أهله من القتل اليومي على يد جنود وعصابات وعملاء الاحتلال ، ولماذا لا يطلبون من الناتو إنهاء معاناة شعب العراق من الاحتلال الذي راح ضحيته ما يعادل 6 مليون عراقي بين شهيد وجريح ومهجر ومعتقل أي ما يقارب ربع الشعب العراقي ، أليست الدماء التي تسيل بالعراق وفلسطين عربية ومسلمة ؟ أم أن الدماء التي تسيل في ليبيا تفوح منها رائحة البترول التي يسيل لها لعاب الناتو!!!   ، إن ما يحصل الآن في ليبيا هو  إعادة لسيناريو استهداف العراق عام 91م فالصور نفس الصور مع اختلاف المسميات والأسماء والألقاب ، هذه هي الثوابت الإيمانية التي نؤمن بأنه من المستحيل أن يأتينا خيرا من صهيوني صليبي مستعمر ودخيل ولا يمكن أن ندخله فيما بيننا مهما كانت خلافاتنا ، وهذه الثوابت  أقرها الوحي الإلهي على نبينا الكريم " صلى الله عليه وسلم " ، أم أن مفتي الجزيرة قد تلقى وحيا آخر ينسخ ما آمنا به ، المؤكد بأنه تلقى وحيا ولكن ليس من لدن حكيم خبير ، بل من لدن شيطان رجيم هو إبليس قطر وموزته .

 

2-   الكذب وليس سوى الكذب هذه المرة في اليمن ؟؟

إكمالا لمخطط الفوضى الخلاقة في كافة الأقطار العربية فقد سبقت الجزيرة دوائر الصهيونية والإمبريالية إلى اليمن وسوريا ، ففي اليمن لم يقع النظام هناك بأخطاء كما وقع فيها النظام في ليبيا استغلتها الجزيرة أحسن استغلال ، ولعل النشوة الشيطانية التي أصابت من يديرون الجزيرة  بإسعار الحرب في ليبيا في اقل من أسبوعين  جعلهم يظنون بأنهم سيُسعرون الحرب في اليمن بأقل من هذه المدة نظرا لأن الشعب مسلح ولا يحتاجون أن ينهبوا معسكرات كما حصل في ليبيا ، ولكن ومع غياب مادة إعلامية حقيقية تستطيع أن تستخدمها الجزيرة أحسن استخدام كما حصل في ليبيا ، ولأنهم لم يستطيعوا الصبر فالحبل على الجرار فالبلد العربي التالي بالانتظار ، فقاموا بفبركة فيديو لما سموه اعتداءات في السجون اليمنية ، وهذا المقطع بالذات نشرته قناة العربية في عام2004م وقالت بأنه حصل في السجون العراقية قبل الاحتلال لتشويه صورة الحكم الوطني ، مما يدل بأن الجهة التي زودت كلا القناتين بالمقطع هي واحدة وجميعكم يعلم من هي !!

 

ولكن ولسوء حظ قناة الجزيرة " التي أراد الله أن يفضحها " فقد وقعت في هذا الخطأ القاتل والذي كان سيمر على المشاهدين كما مرت قبله العديد من الأكاذيب ولكن ضُرة الجزيرة التي تتربص زلاتها " العربية " فقد رصدت هذا الخطأ الفاحش ، ولحسن حظ اليمن بأن العربية لم تكن متوافقة مع الجزيرة في النهج التخريبي لليمن كما توافقتا عليه في موضوعي ليبيا وسوريا ، فقد أوعزت  العربية لفضائية اليمن بأن الفيديو مفبرك وموجود في أرشيفها  لذلك نشرت الفضائية اليمنية الخبر وحصلت الفضيحة التي تعرفونها .

 

وحين عرفت الجزيرة بأن الفضيحة أكبر من أن يـُغطى عليه نعيقها طلعت لتعتذر وتقول بأنها ستقاضي الجهة التي ضللتها بهذا الفيديو ،ولا نعلم أين وصلت هذه القضية مع الجهة المضللة فلقد اختفى هذا الموضوع مع النعيق المستمر ولعله مندرج أيضا تحت بند " يخانقني بشارع ويصالحني بحارة " ، ولكن ولكي ندحض عن البعض التفكير السلبي والساذج والذين صدقوا كذب الجزيرة بأن الأمن القومي اليمني هو من ضلل الجزيرة ، وأقول لهؤلاء إذا كان هناك جهاز أمني عربي استطاع تضليل الجزيرة "التي تـُـدار من قبل خبراء عالميين وضباط استخبارات دوليين ومحللين سياسيين وأمنيين واستخبارتيين و خبراء إعلاميين على أعلى مستوى وخبراء تقنيين متخصصين " لهو جهاز أمني خارق للعادة ويمكننا تصنيفه بأنه من الأقوى عالميا في هذا المجال ، فما بالك بجهاز الأمن القومي اليمني الذي لا يتجاوز عمره 9 سنوات مع خبرة ميدانية قليلة لمنتسبيه ، إن صناعة الخبر في الجزيرة لا تمر هكذا جزافا فهذه القناة التي تفوق ميزانيتها  ميزانيات بعض الدول وبها هذا الكم الهائل من الخبراء  التي تنفق عليهم ملايين الدولارات ، فإن الخبر قبل صناعته يتعرض للتمحيص والتدقيق وبعناية فائقة من حيث اختيار المصطلحات وتوظيف الصور لخدمة الخبر وتقويته ، لذلك فلو فرضنا بأن الفيديو أرسل من جهة أرادت تضليل الجزيرة فإنه بالتأكيد تعرض للتمحيص وهل يعقل بأن هذا الجيش من الخبراء لم يتفطن بأن الفيديو نشر في العربية عام2004م ؟؟ سأصدق ذلك إذا كان من نشر الفيديو قناة رسمية عربية بإمكانات ضعيفة وبمهارات إدارية ضعيفة مقارنة مع ما تمتلكه الجزيرة من إمكانات هائلة ومهارات إدارية قوية .   

 

3-   كيف حولت الجزيرة مواطنا إسرائيليا إلى مفكر عربي ؟

من المفارقات المضحكة والمؤلمة في نفس الوقت بأن المُنظر لثورات الناتو في الوطن العربي هو شخص إسرائيلي  يحمل الجواز الإسرائيلي واقسم بالولاء لإسرائيل ، لعلكم عرفتموه وهو المدعو عزمي بشاره ، الذي حولته الجزيرة بقدرة قادر من مواطن إسرائيلي إلى مفكر عربي وهذه القدرة الهائلة على تحويل الغزو الصليبي إلى تحرير وتحويل إسرائيلي إلى مفكر عربي لم تمتلكها عصى سيدنا موسى عليه السلام  ولكن عصى الدجل الإعلامي التي تمتلكها الجزيرة حولت الباطل إلى حق والحق إلى باطل ، ولكن دعونا نسأل الجزيرة ومن انخدعوا بالمفكر الإسرائيلي عزمي بشارة هذا السؤال ، ما هو الرصيد النضالي الذي يتملكه عزمي بشارة حتى يُسمى مفكرا عربيا ؟؟  أدري لعل الجزيرة تقصد نضاله تحت قبة الكنيست الإسرائيلي واعترافه بإسرائيل وتأكيد هذا الاعتراف باليمين الغموس بالولاء للكيان المسخ .

ما أحب أن انوه له بأن الكثير من أهلنا في فلسطين المحتلة وتحديدا فيما يعرف بأراضي 48م يرفضون اخذ الجواز الإسرائيلي ، حيث أن أخذ الهوية الإسرائيلية إلزامي لكي لا يُرحّلوا أم موضوع  جواز السفر فهو اختياري لذلك فإن الكثير منهم يرفضون حمل الجواز الإسرائيلي وعوضا عنه يحملون جوازات سفر فلسطينية او أردنية ، وهناك أيضا من يضعف منهم أمام إمتيازات حمل الجواز الإسرائيلي كالتنقل في مختلف دول العالم بحرية ، وبما أن عزمي بشاره كان عضوا في الكنيست الإسرائيلي فلا بد أن يكون مواطنا إسرائيليا لكي يحق له الترشح  والفوز بعضوية الكنيست ، وبما أن حمل الجنسية الإسرائيلية اختياريا وليس إجباريا لفلسطينيي 48 فإن عزمي بشارة اختار بإرادة نفسه حمل الجنسية الإسرائيلية  معترفا بذلك بشرعية كيان أغتصب بلده ومسح هويته الوطنية وارتضى بأن يكون خادم لمغتصبي بلده ، كان المنتظر ممن نصب نفسه مُنظرا للثورات في الوطن العربي أن يكون ثوريا في بلده رافضا لوجود المستعمر الغاصب على بلده بكل أشكال المقاومة والرفض ، ،  المؤكد بان عزمي بشارة لم يحنث اليمين الذي اقسمه لإسرائيل بخدمتها ورعاية مصالحها  ، فها هو يجلس على كرسي مريح تحت التكييف ومقطبا وجهه البائس لينُظر للشباب العربي المندفع والذي ينقصه الوعي السياسي ليُخربوا أوطانهم بأيدهم دون إدراك بأنهم ينفذون أجندة المستعمر البغيض.

 

لكن الله عز وجل  أراد أن يفضح  هذا التعيس المسمى زورا مفكرا عربيا  ، فلقد وقعت الجزيرة في خطأ تقني فادح فبدلا من أن يوقف المخرج البث المباشر لحوار بائس بين بشارة والمذيع الظفيري ، وبدلا من أن يأخذ فاصلا ليسدل الستار عن ما يدور وراء الكواليس  من خبث وتآمر ، أراد الله سبحانه أن يُري الموهومين شيئا يسيرا مما يدور خلف الكواليس ، فها هو بشارة يعاتب الظفيري على تركيزه على موضوع البحرين وعقده مع السعودية ، فيجيبه الظفيري : اسمع كلام أخوك بيضت صفحة المؤسسة ، ولا ندري ما هي المؤسسة التي بيض صفحتها لعله يقصد مؤسسة الصهيونية العالمية ، أم مؤسسة حكومة قطر التي تدور في فلك المؤسسة الصهيونية العالمية ، ويعود بشارة ليقول للظفيري : بلاها الأردن  ، و ذهب ليذكره بأن يتم التركيز على سوريا  ، وكأنهم يأخذون الموضوع بالدور ولعل دور الأردن سيأتي لاحقا من يدري فهذا يعتمد على خلية السي أي ايه والموساد المقيمة في الدوحة والتي حتما تزودهم بتلك القوائم ، وبعدها يعود عزمي بشارة ليقول للظفيري : كيف لحد هلئ ؟  ، وكأن لسان حاله يقول : هل أعجبكم أدائي التمثيلي إلى حد الآن وهل أبليت بلاء حسنا ، فيقول له الظفيري : تمام ، وتمام في عـُـرف الظفيري ومؤسسته " التي بيض وجهها " هي وسام شكر على صدر المواطن الإسرائيلي عزمي بشارة  من مؤسسة الماسونية العالمية .

 

النجاسة والطهارة لا تجتمعان في مكان واحد

إننا نؤكد على حقائق بديهية منطقية لا تحتاج الكثير من الذكاء ، وهي كالتالي فنجاسة العمالة الخيانة لا تجتمع مع الطهارة الثورية ، فمن تبرع طوعا لاستقبال جيوش الصليبيين لإنشاء قاعدتين لهم هما " العديد ، السيليه " وإحداهما  بناها على نفقته الخاصة لا يمكن أن تتوقع منه إلا التأمر والخيانة والويل والدمار ، وماذا ينُتظر ممن أوهمه وجود أخطر ثلاث قواعد عدوانية في الوطن العربي " العديد ، السيلية ، الجزيرة " في بلده بأنه أصبح طفل الغرب والصهيونية المدلل ظنا منه بأن هذا سيؤهله للعب بالوطن العربي  ليُرضي جنون عظمة موزته  ؟؟

 

ختاما .. فإني أذكر من أفتتن بالجزيرة وسلّم لها عقله وقلبه وفطرته الإيمانية ، وأقول لهم هل يُعقل بأن الكلام المنمق واحترافية الأداء والوجوه العابسة والمقطبة والمبتسمة أحيانا وبهرج الصورة وضجيجها قد فتنكم !!  فماذا ستعملون غدا حينما يظهر الدجال الأكبر ويُحيي أمامكم الموتى وينزل الغيث ويُخرج كنوز الأرض كما أخبر رسولنا الكريم " عليه الصلاة والسلام"  ، إذا كنتم قد افتتنتم بالدجال الأصغر " الجزيرة ووسائل الإعلام " فحتما بأنكم غدا سوف تفتتنون بالدجال الأكبر ، لذلك فأعيدوا إلى عقولكم وقلوبكم نور الإيمان وعززوه بالفطرة السليمة ، فهو الكفيل بأن يكشف الفتن التي نحن في زمنها الآن وهو أيضا حبل النجاة من الوقع في شركها .

 

اللهـم أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه .. وأرنا الباطل باطلا  وارزقنا اجتنابه 

والله من وراء القصد ،،

 

Almaher09@gmail.com

 

 

مرفقات :

1-   مقال سابق : بمنظور إستراتيجي هل قناة الجزيرة عربية ؟ - شبكتي البصرة والمنصور

http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2009/1209/tweti_301109.htm

https://www.thiqar.net/MakalatN/MK-Maher02-12-09.htm

2-   فيديو فضيحة تلفيق الجزيرة لما أسمته تجاوزات في السجون اليمنية

http://www.youtube.com/watch?v=oUVPP-vJ_Nc&feature=related

3-   الفضيحة الكبرى لقناة الجزيرة - علي الظفيري وعزمي بشارة في حوار لهما خلف الكواليس يظهر الجزيرة وبشارة على حقيقتهما

http://www.youtube.com/watch?v=ND5_Qt9iaNw

 

 





الاربعاء١٥ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مـاهـر الـتـويـتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة