شبكة ذي قار
عـاجـل










الحق يقال بان الأمريكان يجتهدون، بل ويجهدون أنفسهم باجتهاداتهم وجهدهم المتواصل في الإيحاء والمناورة الإعلامية التي يحاولون بها إظهار حكومتهم في بغداد على إنها حكومة عندها قرار وتوجه الأحداث الأمنية والسياسية والاقتصادية والخدمية في البلد ... إلا إن الحق والحقيقة والواقع إن الأمريكان هم مَن يدير شؤون العراق المحتل من تعيين الموظفين والضباط الكبار وصولا إلى رئيس الحكومة وأعضاءها وهم مَن يقرر الفائز في انتخاباتهم المزورة وغير الحقيقية وهم مَن يسيّر الجيش الاحتلالي والشرطة والأمن والمخابرات وهم أيضا مَن يسيطر على ضخ النفط ويوزع المليارات التي يجنيها سوق النفط العراقية بين عوائد لأمريكا وفتات لإجراء الاحتلال. وعليه فان اللعبة الإعلامية التي يلعبها المالكي والبرلمان الاحتلالي في موضوع تمديد أو رحيل القوات ما هي إلا طرفة ساذجة ومناورة للخديعة لا تنطلي إلا على مَن يتداولها من عبيد الاحتلال وخدمه وسواد الناس البسطاء. أميركا تحتل العراق لأسباب لم تنته بإسقاط نظامه الوطني، بل بدأت مع عملية اغتيال هذا النظام. وأهداف أميركا عسكرية وسياسية واقتصادية لم تتمكن إلى اللحظة من تحقيق أي منها بالكامل وانسحابها الآن بإرادتها الكاملة يعني أمرا واحدا وواحدا فقط لا غير هو إنها قد انهزمت بالكامل وهذا أمر غير منطقي في ضوء مراوحة الحال العراقي في كل شؤونه على الفشل الذي إن بدل بلفظ آخر فسيكون .. الفشل.


لماذا تناور أميركا في موضوع الانسحاب ولماذا تدفع بأوغادها لتبني مواقف المناورة والمراوغة؟ سنحاول إيجاز أهم الأسباب في ما يأتي :
أولا": دعم الموقف الذي أعلنته مرجعيات النجف من أن الاحتلال سيخرج بالمقاومة السلمية وخدرت به الكثير من أهل الفرات والجنوب. الإعلان عن نية الانسحاب والمماطلة في تحقيقه أمران متفق عليهما لإدامة زخم ادعاءات الحوزة وفي مقدمتها السيستاني وبالتالي إدامة زخم التخدير والمخادعة.


ثانيا": النأي بالأمريكان بعيدا عن إخفاقات النظام السياسي الذي أوجدوه في العراق قدر المستطاع وهو نظام يمثل في حقيقته فضيحة لأمريكا ويضاف إلى فشلها في تحقيق أهدافها عسكريا.


ثالثا": خداع مَن يمكنهم خداعه من العراقيين، إن حكومة المالكي وبرلمان الاحتلال أهل سلطة وأهل قرار. حقيقة الأمر إن المالكي والحكومة والرئاسات والبرلمان والجيش والشرطة كلها تتحرك بإمرة أميركا من جهة وإيران والكيان الصهيوني من جهة أخرى.


رابعا": يمنح الأمريكان أنفسهم مرونة التحرك ضمن معطيات تقديراتهم للحالة في العراق وطبقا لحسابات خسائرهم وأرباحهم بحيث إذا قرروا الانسحاب فكأنهم ينسحبون بطوع إرادتهم وبالتوافق مع حكامهم الذين عيّنوهم في العراق ونحن نعلم والعالم يعلم إن الأمريكان سينسحبون في حالة واحدة من حالتين أو بتأثير كليهما وهما إما أن يكون ميزان الخسائر لا يحتمل بفعل ضربات المقاومة الباسلة أو أن تمكنوا من إقامة حكومة ومؤسسات وأجهزة ولاءها مطلق ويثقون بولائها لهم وثبات أركانها وهذا لن يتحقق في زمن منظور..


ستبقي أميركا ملف جاهزية القوات العراقية مفتوحا لسنوات طويلة قادمة لأنها تتحكم عمليا بنوع وكميات التجهيزات التي لا تمثل تهديدا لوجودها. ومن المستحيل أن يتوقع محلل محايد على الأقل أن تسمح أميركا بعودة القوة الجوية العراقية ولا بتسليح ثقيل على الأرض وهذا يعني إن منطق عدم جاهزية القوات العراقية سيظل ستارا وحجة جاهزة لبقاء القوات الأمريكية وتحت ستار طلب من الحكومة العراقية. لا مصلحة على الإطلاق لحكام المنطقة الخضراء بالمجازفة في منجزات استلامهم للسلطة الخائنة وسبيل حمايتهم الوحيد هو قوات الاحتلال فلم يفرطون بسلطتهم وأمنهم وسلامتهم؟


الأمر الآخر المفتوح على مصراعيه لطلب التمديد على وفق الأوامر الأمريكية هو تأجيج الوضع الأمني عبر الميليشيات وفرق الموت والشركات الأمنية ولاعبي السيرك السياسي. وعلى هذا فان من المحال أن يتوقع احد زمنا محددا لضمان وضع امني مسيطر عليه مع بقاء القاعدة في العراق وبقاء القوى الوطنية والقومية والإسلامية المقاتلة للاحتلال وعمليته السياسية المخابراتية الإجرامية وشعبنا يتململ بين ثائر ومحتج وصامت ينتظر لحظة الانفجار.


نحن إزاء وضع هلامي زئبقي تعوزه الثوابت والقياسات والصدقية وتتوارد روافده الخطايا والأخطاء من كل جانب فالفساد يسمح بكل أنواع البغاء السياسي والنوازع العرقية والطائفية تبقى تتحرك كغول أهوج لتحقيق الغنائم الحرام. وهكذا تلتقي إرادة أميركا الغازية مع إرادة الشتات من متفرقة القوم الذين لملمتهم من كل الإرجاء وسلطتهم على شعبنا.


الحل: أن يقتنع العراقيون إن الحكومة العميلة تناور تحت أوامر أمريكية وإيرانية وصهيونية والقوات الأمريكية لن ترحل إلا بقوة المقاومة المسلحة التي تجعل الايجابيات في بقاءهم تافهة القيمة مقارنة مع الخسائر البشرية والمادية. العراقيين كلهم سيعبرون الكثير من متداول السياسة والإعلام وسيجدون أنفسهم أمام السقوط الأبدي في براثن الاحتلال وضياع أمنهم ووطنهم أرضا وسيادة. المقاومة المسلحة ووحدة فصائلها هي الطريق الوحيد مع سوانده المطلوبة والمعروفة لعودة العراق موحد الأرض والشعب وسوى ذلك من دعاوى الأقاليم وحقوق الطوائف لن تكون سوى هروب للأمام وسقوط في أحضان التمزيق والتجزئة وهي بهذا المعنى استجابة لإرادة الاحتلال وأحزاب الخيانة وميليشياتها المجرمة.

 

 





الثلاثاء١٤ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو الحسنين علي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة