شبكة ذي قار
عـاجـل










اتفاقية " كامب ديفيد " .. على المحك !!
واتفاقية الغاز .. في مهب الريح !!
والتوازن الإستراتيجي .. قد دخل مرحلة جديدة .
والتعبئة العسكرية الإسرائيلية .. بدأت بسقوط مبارك !!


كان الكيان الصهيوني قد صاغ إستراتيجيته السياسية والعسكرية في ضوء واقع التناقضات العربية من جهة، وطبيعة توزيع عناصر القوة في الوطن العربي وعلاقات بلدانه السياسية من جهة ثانية .. وكان من مصلحة هذا الكيان أن يتعامل بإستراتيجية تقوم على أساس التفرد بالبلدان العربية وخاصة البدء بالدولة الأكبر من حيث حجم كتلتها السكانية وعناصر قوتها وتأثيرها السياسي في محيطها العربي .


وقد اتخذت هذه السياسة ذات الطبيعة الإستراتيجية منحى مترابط يرسم :


أولاً- قيام الحرب خارج حدود (الدولة) الإسرائيلية، والحرص على احتلال الأراضي العربية والمساومة عليها سياسياً .


ثانياً- مقايضة الأراضي العربية المحتلة بـ(سلام) صهيوني أمريكي مشروط بمستقبل مجهول وغامض يتمثل بمعاهدات إذعان مذله أملتها الحروب العدوانية الإسرائيلية كمعاهدة (كامب ديفيد) مع مصر، ومعاهدة (وادي عربة) مع الأردن، وحالة راكدة في الجولان، وأخرى مضطربة في جنوب لبنان .


ثالثاً- محاولات دمج الكيان الصهيوني في الكيان العربي، في إطار ما يسمى (تنمية اقتصادية كبرى) بأموال عربية وعقول إسرائيلية !!


وللوصول إلى هدف الدمج الصهيوني هذا عمدت مراكز الغرب الصهيونية والإمبريالية على الآتي :


1- عقد مؤتمرات اقتصادية في المغرب والأردن وقطر وغيرها لتشكل مدخلاً لحشر الكيان الصهيوني في الجسد العربي.


2- عقد مؤتمر في العاصمة الفرنسية برعاية جمهورية (ساركوزي) المتصهينة والدعوة إلى قيام كيان يجمع دول جنوب وشمال البحر الأبيض المتوسط، تحت يافطات متعددة منها ( التنمية الاقتصادية، وإيقاف سيل الهجرة البشرية الإفريقية غير المشروعة، ومنع حركة مافيا المخدرات وعصابات تبييض الأموال التي تعمل في معظم العواصم الأوربية (باريس ، وروما، ومدريد ، وأثينا ، وبروكسل ، وإسطنبول .. إلخ ) وعواصم عربية (الرباط – طنجه ، وتونس ، والجزائر ، والقاهرة - الإسكندرية .. إلخ ).


والهدف المركزي لهذا المؤتمر هو (حشر) الكيان الصهيوني في الهيكلية الاقتصادية العربية - بعد سقوط خيار الحرب التقليدية - وفي إثر اعتراض عدد من العواصم العربية ومنها على وجه التحديد ليبيا فشل المؤتمر .


3- مشروع (الشرق الأوسط الجديد)، وهو المشروع الإستراتيجي الأمريكي- الصهيوني المشترك، الذي يسعى إلى تغيير كيانات العرب الجيو- سياسية وإعادة صياغة مخطط التقسيم في صيغة (سايكس- بيكو) جديدة يتم من خلالها (حشر) الكيان الصهيوني في هذه الخارطة السياسية- الجغرافية، التي تشترط أن تكون (طائفية وعرقية) تقسيميه وتفتيتيه وتناحريه، الأمر الذي يوضح أن الكيان الصهيوني قد استبق الموقف بإعلانه ( دولة يهودية )، وطالب كشرط في مفاوضاته الاعتراف الرسمي بها لكي تنسجم مستقبلاً مع الدويلات الطائفية والعرقية، التي من المتوقع له أن تظهر في المنطقة .. وما موجة التدخل الإمبريالي الصهيوني السافر في الشؤون العربية في الظروف الراهنة إلا مدخلاً لتغيير الواقع السياسي لدول المنطقة تمهيداً لإجراءات من شأنها أن تغيير الواقع الجغرافي لها مستقبلاً .


ويبدو، أن هذه المحاولات قد افتضحت تماماً، لأن أهداف المشروع تقوم على إلغاء الهوية العربية أو بالأحرى طمس مقومات القومية العربية وتدمير ركائزها ومحو تراثها وعمق حضارتها الإنسانية، الأمر الذي جعل الشعب العربي في كل ساحة ينظر بعين الريبة إلى مثل هذا المشروع المفروض من الخارج !!


لقد اختارت أمريكا و(إسرائيل) مصر لعدد من الاعتبارات الموضوعية، تقع في مقدمتها أنها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، ومركزاً مؤثراً للحركة في المحيط العربي ، واقترابها الجيو- سياسي من فلسطين المحتلة ، وبالتالي فأن مصر تمثل محور ميزان تعادل القوى في الصراع العربي- الإسرائيلي آنذاك .


وعلى وفق هذه الاعتبارات أخرجت مصر من دائرة الصراع باتفاقية (كامب ديفيد) منذ عقود من السنين شعر الكيان الصهيوني بشيء من الارتياح في ظل حكم (السادات) وحكم (حسني مبارك) .. وإضافة إلى عوامل أخرى موضوعية، كان للعراق دوراً أساسياً لعبه على الساحة العربية سياسياً وإستراتيجياً بلغ حد التوازن الإستراتيجي مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي دفع بصناع القرار في واشنطن وتل أبيب نحو العدوان على العراق عام 1991 وحصاره طيلة ثلاثة عشر عاماً واحتلاله عام 2003.


والواضح إن إخراج مصر من دائرة الصراع كان عن طريق الحرب، التي أفضت إلى معاهدة (كامب ديفيد) ، فأن إخراج العراق من دائرة الصراع كان عن طريق القوة العسكرية المباشرة .


سقط نظام (حسني مبارك) ، فهل تسقط معاهدة (كامب ديفيد) لكي تستعيد مصر مجدها القومي العربي ؟! .. وهل تسقط اتفاقية أنبوب نقل الغاز في العريش تباعاً ؟! وهل يقلق سقوط نظام حسني مبارك الكيان الصهيوني إلى حد التوجس في نمط تفكير المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ؟! وهل أن المستقبل، من وجهة النظر الإسرائيلية، بات مقلقاً لها يدعو إلى التحسب من احتمال إلغاء تلك الاتفاقية وإلغاء اتفاقية الغاز وإنهاء العلاقات الثنائية ؟! ، ثم أن مثل هذا التحسب، ماذا يمكن أن تقدم عليه (إسرائيل) ؟!


فقد نشرت صحيفة (جروزليم بوست) لأحد كبار الباحثين في مركز الدراسات السياسية الأمنية تقريراً تعبر فيه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن قلقها جراء ضرب أنبوب نقل الغاز في العريش، الذي يفصح، حسب رأي المؤسسة، عن أن (الجبهة الجنوبية) للكيان الصهيوني أضحت نشطة مرة أخرى بعد ثلاثين عاماً من إذعان النظام المصري، الأمر الذي يستدعي التحضير لإمكانات نشوب حرب تقليدية في (الجنوب والشمال) !!، وإعادة تعلم كيفية القتال في أراضي صحراوية، وتطوير وشراء أنظمة تسليح جديدة، ومراعاة نمو الجيش النظامي، وضخ زيادات ضخمة للميزانية العسكرية، وتطوير الإمكانات الإستخبارية، والتأقلم مع التحديات الجديدة .. وأخيراً ضرورة أن يخضع نمط التفكير العسكري الصهيوني إلى المراجعة والتغيير .. فيما يتوقع التقرير بأن تكون الحروب المقبلة (معقدة) وذات بعد (وجودي) !!


دعونا نفصل مفردات التقرير في ضوء الاحتمالات والتوقعات، التي تكشف عنها عناصر الموقف الراهن :


أولاً- الكيان الصهيوني يتوجس من مخاطر ما أسماه بالجبهة الجنوبية، في المستقبل الذي قد يتمخض عن إلغاء معاهدة (كامب ديفيد) و اتفاقية الغاز.


ثانياً- الكيان الصهيوني يتوجس من التحام فكي الكماشة، الجبهة الجنوبية (مصر)، والجبهة الشمالية (سوريا)، لأن واقع الترابط الإستراتيجي لا تلغيه سياسة الأمر الواقع، التي فرضتها حرب عام 1967 ونتائج حرب عام 1973 .


ثالثاً- وعلى أساس(ثانياً)، يدفع الكيان الصهيوني بثقله الاستخباري التخريبي لتدمير ركائز الأمن السوري من أجل منع أحد فكي الكماشة من الالتحام مجدداً لدواعي الأمن القومي العربي .. لأن المؤتمر الصهيوني الذي عقد في باريس في عهد " نابليون بونابرت " قرر منذ ذلك التاريخ، منع تجسير الجغرافية السياسية القائمة بين مصر وسوريا وتحطيم وحدتهما القومية بصورة خاصة أو أي محاولة للتقارب العربي بشكل عام.


رابعاً- القيادة الوطنية السورية قد أدركت ذلك ووضعت في حساباتها سحب البساط من تحت أقدام عملاء الكيان الصهيوني، وأجهضت تحركاتهم وفضحت مخططاتهم ونشرت غسيلهم الوسخ، وغسيل أتباعهم من العرب على الملأ وتصدت للمخربين وأوكارهم في الوقت المحدد رغم زعيق الغرب المتصهين على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية المدنيين، كما انكشفوا في ليبيا واليمن .


خامساً- إن معظم الشعب العربي في سوريا يدرك أن أساليب التخريب والمخربين ونتائجها تصب في الخانة الإسرائيلية أولاً وفي الجعبة الأمريكية ثانياً .


سادساً- إن ما قدمته القيادة السورية يمثل الجدية في معالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والقانونية والقضائية، التي لا تخلو أي ساحة عربية منها، ومع ذلك فالمؤامرة التي يديرها الخارج بإتقان وبصفحاتها المتعددة ما تزال مستمرة، الأمر الذي يحتاج إلى تفعيل سريع ومتقن للتعبئة الجماهيرية وتكثيف خطوات الإعلام المضاد للهجمة الصهيونية والإمبريالية الشرسة بأساليب غير تقليدية ولا نمطية ولا تراتيبية، إعلام يعتمد البساطة الشعبية في التثقيف والتوضيح والتبصير.. لأن الوعي العام يحتاج إلى تلك العناصر المكونة للإعلام الناجح المتصدي .


المؤامرة ستسقط .. وردم الفجوة يتوجب حرصاً كبيراً وإعادة ترتيب البيت وتنظيفه مسألة لها نتائج من شأنها أن تمنع تراكم العوامل التي تغذي التدخل الخارجي .
هل ترون أن الكيان الصهيوني وخلفه الإمبريالية باتا يشعران بالقلق من التغييرات في مصر (الجبهة الجنوبية) ، كما باتا يشعران بالامتعاض من حالة الاستقرار الحاصلة في سوريا (الجبهة الشمالية) ؟ .. وهما الآن يحاولان أن يقلبا الأمور ويخلطان الأوراق ويثيران الفوضى المخربة ؟!

 

 





الاحد١٢ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة