شبكة ذي قار
عـاجـل










7- إن أخطر ما تتعرض له الحركات الثورية وحتى من إصابتها بأحد أمراض الثورة المعروفة كالانتهازية والانانية والوصوليةوالبيروقراطيةهو تلوثها بثقافات مستوردة أوتشنجها ومن ثم تصلبها تجاه التغيرات الفكرية التي تعصف بالواقع القطري أو القومي وحتى الانساني, فالتلوث الثقافي يبدأ بالتأثير على الخط الفكري للحركة الثورية ومخارج هذا التأثير يظهر في الستراتيجيات الموضوعة والتي بمجموعها تُظهر تغيراً في النظرية الثورية ومن ثم تغيراً في أهدافها الستراتيجية.وقد يكون هذا التأثير ناجماً عن تأثيرالغزو الفكري للامبريالية وما تلقي به من خلال إستغلالها للحوارات بين الثقافات المختلفة اويكون هذا التلوث نتيجة لانكشاف الفراغات في الساحة الفكرية للحركة الثورية أمام الحركات الاخرى والتي تستغلها لملئها بإجتهادات تنظرية تَحْرف بزاوية ما الاتجاه الفكري للحركة أو الحزب الثوري.أو بالمقابل تكون إستجابة لحاجة فكرية واقعية يترتب عليها تغيراً في نظرية الحركة أو الحزب الثوري,وهذا التغير في النظرية قد يزحف الى المبأدي الاساسية التي قامت عليها الحركة الثورية وأيظاً للاهداف الرئيسية التي حددت الهوية النظالية للحركة أو الحزب الثوري,ويبقى الامر دقيقاً وحساساً جداً ما بين الالتزام المبدئي للافكار والنهج النضالي الذي قامت عليه الحركة الثورية ومابين الجذب الذي تتعرض له الحركة الثورية من ضرورات يفرضها الواقع عليها وبحكم ثوريتها تكون الحركة أو الحزب الثوري ملزماً بالتعامل مع هذه الضرورات بإيجابية وإلا فقدت الحركة ركناً أساسياً من أركان هويتها الثورية ,وأولى مستلزمات أو متطلبات بل الخصائص الثورية هي العلاقة الجدلية بين ما يزق به الواقع من حاجات و متطلبات وبين النظرية الثورية والنهج الثوري الذي حددا المسيرة الثورية والنظالية,وايظاً ما ستعكسه هذه المتطلبات على قدرة الحركة أو الحزب على تكييف النظرية مع المستجدات التي يفرزها هذا الواقع الذي تعيشه الحركة النظالية(سواء كان على مستوى القطر أو الامة أو على المستوى الدولي)وبالشكل الذي يحافظ على الهوية النظالية للحزب,أي بمعنى أدق إن للواقع قوى ضاغطة تؤثر على إتجاهات الحركة الفكرية للحزب الثوري وأيظاً,وبقوة قد تكون أقوى بإتجاه النهج التطبيقي للمبأدئ الثورية(وهذا يظهر بشكل أكثر وضوحاً عندما يكون الحزب على رأس السلطة),فهويقع أمام الخيارات التالية والتي قد تؤدي به أما الى الانزلاق نحو الانحرافية تحت مبررات منها الاستخدام المناسب للمرونة الثورية أو الى التشنج أمام ضغوطات حركة الواقع تحت تبريرات المحافظة على الهوية الاصلية للحركة الثورية والمحافظة على المبادئ والوقوع في مصيدة الجمود العقائدي وشيخوخة في التطبيق.وفي كلا الاحتمالين ستتعرض الحركة الثورية الى الانقسامات أوالانشقاقات,إن ضغط حركة الواقع والمجتمع قد تتمثل بالحاجة الى التغير الفكري و التطبيقي,وإن الحركات الثورية بشكل عام عندما تقف أمام هذا المنعطف ,فهي لا تملك إلا احد الخيارين التاليين,والاصعب ليس في طريقة الاختيار بقدر ما هو الاصعب في كيفية التعامل مع هذه الخيارات .فهي أما أن تتخذ موقف:


1-الاستجابة الكلية لتاثيرات الواقع و حركة المجتمع للحفاظ على دورها في الوسط الجماهيري.وهذا الامر خطير جداً و يفترض النظر له من الجوانب التالية:-


(أولاً)أن هنالك ضعف أو تقصيرفي النظرية الفكرية في إستيعابها للاهداف الحقيقية للمجتمع وعدم شموليتها لثقافة وتفكير الواقع الاجتماعي, الامر الذي يجعل ما يطرح من جديد إضافة فكرية أو حتى قد تصبح نظرية فكرية جديدة بدواعي التجديد أو التكيف خوفاً من تخلف الحركة الثورية أو الحزب الثوري عن حركة المجتمع.وهذا سيسبب تغيراً خطيراً.


(ثانياً)العقم الذي يصيب بعض الحركات الثورية من إنجاب منظرين أو مفكرين قادرين على تحقيق جدلية صحيحة بين النظرية الفكرية وبين الافكار والاراء التي تطرح ,والقدرة هذه هي التي تعطي للحركة الثورية المرونة الفكرية الصحيحة في تمسكها بالجذور الفكرية من ناحية والتطعيمات النظرية بالافكار الحديثة.إن هذا العقم الفكري على مستوى عدم إنجاب مفكرين أو منظرين يعود الى ضعف الاهتمام بالبناء الايديولوجي لمناضلي الحركة وخاصة في مراحل الكفاح المسلح الذي قد تتبناه الحركة أو الحزب,فيضعف النشاط الثقافي بل وحتى قد يُعطل في بعض الاوقات تحت حجج غير مبررة بالمنطق المتعلق بالبناء الكامل للحزب الثوري.


2-أو الاصرار على البقاء في المربع الفكري الاول الذي نشأت عنده الحركة أو الحزب لاعتبارات تتعلق بالوفاء للاسس الاولية لنشءة الفكر والعقيدة وبالتالي إن هذا الامر سيضعها في موقع الجمود العقائدي والتخلف الستراتيجي مقاساً على التعجيل الذي يسير به الواقع والمجتمع(قطرياً أو قومياً أو دولياً) للانتقال والحركة نحو ملامسة التغيرات الجديدة وبمجسات قادرة على قراءة كل الحركة الجدلية بين أواصر الفكر والنظرية من جهة وبين الاواصر التي يقدمها النشء الجديد من الافكار والارهاصات وإتجاهات حركة بوصلة التغير.

 

 





السبت٢٦ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة