شبكة ذي قار
عـاجـل










بالنسبة لي .. وللكثير ربّما من العراقيين .. والعرب كذلك .. وكما نعرف جيّداً أنّ الامبراطور العبّاسي "الخليفة هارون الرشيد .. كإمبراطور كملك كرئيس جمهوريّة كخليفة , لنسمّه في هذا المقال ما شئنا أن نسمّيه بعيداً عن التناول بمسمّيات السلوك الديني من تقوى وورع ..الخ" أو الخليفة العبّاسي , قد لاك في سمعته وفي أخلاقيّاته وفي إنجازاته المحلّيّة والقارّيّة العظيمة أحفاد كسرى , الفرس "البرامكة" , المهزومون على أيدي العرب الفاتحين , ليكمل "السهرة" بعدهم في اللوك أحفاد الرومان المهزومون على أيدي العرب المنتفضون الفاتحون بعض المستشرقين , يقف على رأسهم المؤرّخ الفرنسي الأب الروحي لساركوزي "غوستاف لوبون" لتكمل الحفل الساهر بعدهم في عصرنا الحالي المؤسّسة اليهوديّة "هوليود" من خلال سلسلة بواكير إنتاجاتها "بالأسود والأبيض" لتقلّدها كعادتها وتبعيّتها السينما المصريّة بحسب المؤرّخ السيمائي العالمي "جورج سادول" , أيضاً نعرف جيّداً أنّ قصص ألف ليلة وليلة , وقصص أخرى لاكت الحقائق على مزاجها , أيضاً ذات جذور كهنوتيّة فارسيّة محوّرة ومشوّهة بدورها عن رؤى ومفاهيم وحكايات حضارات وادي الرافدين الأولى "أنظر عزيزي القارئ وتمعّن في المنحوتات "الإيرانيّة" التي تعود إلى العصور الساسانيّة القديمة والتي تفتخر بها حكومات الفرس والجهلة من شعوبها ولطالما افتخر بها شاه إيران , ستجد من خلال تتبّعك لخطوط رسومها ومنحوتاتها وأساليب تصميم وتنفيذ كتلويّتها الفنيّة العامّة أنّها ليست أكثر من فنون من مدارس فنّيّة ـ بابليّة وأكديّة وآشوريّة ـ مستمدّة أصولها الفكريّة من مستمدّات أصول تلك الحضارات" .. ثمّ وأسأل عزيزي القارئ أيّ "شيعي" سواء أكان الذي تسأله شيعي فارسي أو شيعي سوداني أو شيعي نيجيري أو شيعي سويدي أو شيعي هندي أحمر أو شيعي مكسيكي أو شيعي كوبي" شوفوا وين وصل التشيّع الصفوي من بعد حصار العراق وإلى اليوم !" واسأل حتّى الشيعي العراقي , فيما عدى المطّلعين منهم , عن من هو هارون الرشيد !! سيجيبك الإجابة "بالأحوط" الأعمّ من التاريخ المزوّر الجاهز الأغمّ "أجوبة ماكدونيّة يعني" بما يسقط عليه جميع أخلاقيّات الخلاعة ومجونها التي كان يمارسها كطقس من طقوس العبادة وركن من أركان بعض الديانات الملوّثة القديمة في بلاد فارس كياسرة الفرس وقياصرة الروم قبل الإسلام , وهارون , بدوري ورغم لمعان صورة العرب على يديه في الذاكرة العالميّة كروّاد لقيادة العالم آنذاك سياسيّاً وفكريّاً وعلميّا واجتماعيّاً واقتصاديّاً وعسكريّاً ومن بقيّة الريادات الأخرى من مشرّطات الازدهار والتقدّم آنذاك بما توازي إن لم تكن أكثر الترف والقوّة التي يعيش ريادتها الغرب اليوم "كانت هنالك في فترة من فترات العهد العبّاسي , ربّما في عهد هارون , غرامة ماليّة لكلّ من يتم رصده يبصق على الأرض في الطرقات العامّة !" , أعتقد وربّما يعتقد غيري أنّ التاريخ لن يستثني هارون الرشيد من تهم الانحياز نحو التوريث عدوّ منهج الإسلام السياسيّ الأوّل والذي لا تختلف نتائجه النهائيّة عن التوريث الديني تحت مسمّى ولاية الفقيه تحت عباءة النيابة عن الله والنيابة عن آل البيت ومن تهم أخرى لا مجال لذكرها هنا أقلّ شأناً من التي يحاول المغالون اليوم من شيوخ وهّابيّة أو سلفيّة نمطيّة وغيرهم تحرّكهم مشايخ الخليج وأمرائهم وملوكهم الفاسدون التستّر عليها برسائلهم وكتبهم وخطبهم الرنّانة لإظهاره , هو أو معاوية بن أبي سفيان , بمظهر التقوى والورع "يحجّ عاماً ويغزو عاماً!" كما وذلك لا يعني أيضاً أنّهما "معاوية وهارون" لم يكونا قائدين غيورين على أمّتهما وصلت قوميّتهما حدّ المغالاة ومحنّكين سياسيّاً وعسكريّاً وعارفين وليسا جاهلين بدسائس الروم والفرس ...


الفساد الذي دبّ في مفاصل الامبراطوريّة العبّاسيّة الذي أدّى إلى انهيارها آخر الأمر وفيما بعد كانت مكوّناته من عناصر عدّة لا مجال لحصرها هنا و ولكنّنا نستطيع باطمئنان إخضاعها لعوامل الزمن ما أطلق عليها "توينبي" دورة الصبا والشباب والرجولة والشيخوخة ثمّ الفناء والموت حالها كحال الحضارات التي سبقتها , ويقف على رأس تلك "المسبّبات" آفة الفساد , والفساد أنواع , وأهمّها الفساد الأخلاقي الذي هو وراء كلّ فساد , والفساد الأخلاقي هو الآخر لا يغزو عقول وعقائد الناس من فراغ , إنّما له وسائله المنهجيّة في الانتشار و"التخولب" الشبكي في الموروث العقدي أو الفلسفي "قرآن سنّة صحف إنجيل أحاديث حكم الخ" عادةً ما يضطلع بمثل هذه المهمّات القذرة "حملة الثأر" أو حملة الجهل , وكلاهما على استعداد لتحريف الموروث , حملة الثأر , وهم كثر , يعملون بصبر وأناة ويصنّعون محفّزات الخيال الجمعي للوسط الذي ينوون غزوه , بينما حملة الجهل يستهلكونه عن أناة وبطيب خاطر ! , فتنحرف العقائد تحت مختلف الحجج والتبريرات لتنعكس في السلوك تدريجيّاً ويستسهل بعدها بلع أو مضغ ما كان سابقاً يعتبر من المحرّمات ! وأولى تلك المستهلكات , بعد المغالاة العقديّة وتأليهها تدريجيّاً ؛ من تمسّ عصب الاقتصاد , فيضعف , فتكثر الرشا والسرقات , وأولى الحاضنات لمثل هذا التدهور هم من يسكنون أعلى قمّة الهرم السياسيّ , ولذلك يقال أنّ "السمكة أوّل ما تجيف اتجيف من رأسها" ! , وما تدهور أوضاع أمّة ما على مختلف أصعدتها إلاّ بعد تغلغل الفاسدون وسط شرائحها "الضعيفة" الواسعة أو في مراكز محرّكاتها الاقتصاديّة , ولكي ندخل مباشرة في صلب الموضوع , فإنّنا لو تناولنا , على سبيل التبسيط ليس أكثر , الفترة السابقة لثورة تمّوز 1958 المجيدة , وفتحنا ملفّات الفساد فيها , سنجد أن من كان يحرّك الوضع الاقتصادي مثلاً ويعبث به بما يبقي الشعب العراقي في دوّامة الحاجة والعوز والفاقة والجوع والأمراض المتوطّنة والجهل والأمّيّة وباقي مسبّبات العزلة عن واقعه الريادي الحضاري ؛ هم مجاميع من رجال الإقطاع "جدّ أحمد الجلبي رئيس الحزب الوطني يقف على رأسهم" ومجموعة من التجّار أغلبهم من أصول إيرانيّة أغلبهم من بقايا حملة عماد الدين البويهي على بغداد الذي أدخل مراسيم العزاء العاشورائي لأوّل مرّة الى العراق وفرضها عطّلة تعطّل فيها أعمال الناس في يوم عاشوراء الأوّل "كان أغلب هؤلاء التجّار نمت أموالهم في حقبة ما بعد الاحتلال البريطاني يدير مواكب ما تسمّى بالعزاءات الحسينيّة ويحرّض عليها.. وما أشبه اليوم بالبارحة !" وبقيّة التجّار من أصول عراقيّة اشتهروا بالتديّن ومنهم "آل بنّيّة" في البصرة وانتقلوا إلى بغداد و "آل هميّم" من مدينة الرمادي ومن ممّولي الإخوان المسلمين ومن أحفادهم "عبد هميّم" رئيس ومؤسّس البنك الإسلامي العراقي وصاحب فضائيّة الحدث والمحرّض على استمرار ما تسمّى بالثورات العربيّة وبثوّار ليبيا ذوي اللحى الملطوشة أو المدلاّة !" نمت أموالهما هاتين العائلتين وغيرهما في العهد البريطاني فجأة ! وكذلك تجّار من أصول عربيّة وتركيّة ويهوديّة لازالت أسماء شركاتهم الكبيرة ووكالاتهم الدوليّة في شارع الرشيد عالقة في ذاكرتي "من الصبى لليوم" ! مخطوطة لوحاتها المثبّتة في أعلى واجهات محلاّتهم وشركاتهم في شارع الرشيد وفي السراي بالخط التعليق "الخط الفارسي" الجميل المحفورة حروفها بالتفريغ البارز من الخشب "فلان الساعاتي وأولاده سنجر للخياطة مكتبة فلان وأولاده عوينات فلان محلاّت الخضيري صيرفة النجفي الأورفلي جقماقجي مخازن الحكيم الخ" عدا محلاّت الصاغة والمجوهرات "وما أشبه اليوم بالبارحة أيضاً ! أسكنهم العراق وآواهم وتركهم وشأنهم يتصرّفون وفق ضمائرهم ووفق ادّعاءاتهم بحبّ الحسين وبحبّ آل البيت وادّعاء فدائيّتهم للإسلام وللعراق ولكنّهم في حقيقتهم هم كانوا يمضغون العراق بأسنان وطواحن حادّة وبمضغ هادئ يضعفونه ليكون لقمة سهلة سائغة لمطامع دولهم التي أتى أجدادهم منها ! , وأنا عن نفسي , إن كانت هنالك خصلة حميدة يمكن أن يلج عبرها حبّ اميركا الإمبرياليّة إلى قلبي هي قدرتها الرائعة على صهر أواصر المهاجرين إليها من شتّى أصقاع الأرض حتى ولو كانوا من ديانات وأجناس مختلفة ومتحاربة فيما بينها ومتضادّة بل وإنّ احفاد أولئك المهاجرون الأوَل وصلت درجة محبّتهم لبلادهم أميركا أصبحوا فيها على استعداد وجدانيّاً لأن يدخلوا معارك ضدّ بلدانهم الأصليّة التي نسل أجدادهم منها من أجل بلدهم أميركا حتّى لو كانت بلدانهم تلك من نوعيّة لا تغيب عنها الشمس وليس إيوان كسرى ! فأميركا بالنسبة إليهم "هي الأعظم" ! ...


سيبقى ذوي الأصول غير العراقيّة , فارسيّة وغيرها معشعشين في المنطقة الخرقاء يسرقون ويفسدون في الأرض , يمضغون لحم العراق باسم الحسين وباسم الكيلاني وباسم أبو حنيفة ويهجّرون أبناءه ويطحنون مقوّماته فداءً لإيران الفقيه ولعصابات الإخوان ولسلفيّة حضرات شيوخ التخلّف والخيانة ولعيون الإسلامي أوغلو ولبقيّة الطامعين ما أن بقي الاحتلال يمتصّ رحيق العراق ولم يرحل , وليذهب الشعب العراقي إلى الجحيم جوعاً ومهانة وذلّ يسقون بأيدي الخونة القادمين خلف الدبّابة الأميركيّة علقم "الزيوت" وسموم أوراق الشاي التي لا تصلح حتّى لتغذية الصراصير يفتحون بوّابات حدود العراق لجميع الدول التي تضمر الشرور للعراق وللعراقيين وأوّل هذه الدول إيران المظلومة بظلم الحسين! التي هي من تستورد للعراق نيابةً عن حكومته الإيرانيّة القابعة تحت أسوار المنطقة الخضراء جميع ما تصدّره إيران من بضائع "تجريبيّة" مهلهلة التصنيع ملأت دور وبيوت ومؤسّسات وشوارع العراقيّين وأطعمة وألبان وعصائر منتهية الصلاحيّة لوعرضت أجساد العراقيين بسببها وما تشبّعت به منها على مدار ثمان سنوات على هيئات دوليّة طبيّة تشخيصيّة محايدة لأعلنت الشعب العراقي شعب مشبّع بجميع أمراض وإشعاعات الأرض له من المناعة بسبب التفاعل الكيماوي والذرّي الطويل التي يغلي بسببها جسده بصراعاته القهريّة مع هذه الأمراض والإشعاعات ؛ لا يمتلكها حتّى جسد العقرب الأصفر الذي يعيش بين جدران الخرائب أو تحت كثبان رمال الصحراء يكفي دمارها الشامل لتدمير شعوب الأرض عدّة مرّات! ثم يقولون في مذكّراتهم التي ستدوّنها أياد خفيّة "غوستافيّة لوبونيّة هوليوديّة" ينقلونها جيلاً بعد جيل أنّ "العراقيين" كانوا سرّاق متخلّفون لا تهمّهم أجسادهم ولا يهمّهم بلدهم يسرقون آثارهم الحضاريّة بأنفسهم ويستوردون أفسد الأطعمة وأردأ البضائع ويبصقون على الأرض في الشوارع في زوايا غرف بيوتهم ويعدون بعضهم بعضاً سنوات طويلة بإعمار بلدهم وعودهم ليست أكثر من خرائط على ورق ويكذبون بل شديدي الكذب بل من أكذب ما خلق الله ويقتلون علمائهم "سمعتها بأذني من على لسان عراقي من أصل إيراني أن العراق كان يقتل علماءه قبل الاحتلال!!!" ويدمّرون مؤسّساتهم الرسميّة والخدميّة ينهبونها ويعقدون الصفقات التجاريّة المزوّرة لا تهمّهم مصالح بلدهم يحملون شهادات الدكتوراه المزوّرة ويخدعون الناس وشعوب الأرض بإيمانهم الكاذب ويتمسّكون بتلابيب من احتلّ بلدهم خوفاً من أن يهرب ويتركهم ينشرون الطائفيّة فيما بينهم .. الخ من تلفيقات اشتهر بها الفرس على مرّ التاريخ "ألم يدوّن أجدادهم في مؤلّفات البهتان والزور أن الله قلب مدينة بابل عاليها سافلها ودفنها بعاصفة رمليّة هوجاء لأنّ ملكها مارس البغاء مع أخته ! ليداروا جريمة غزوهم البدويّ الأهوج لبابل وتدميرها وسرقة وقتل علمائها وحضارتها!" يتّهمون الناس بما يمارسونه وبما هو من صميم أخلاقيّاتهم ومواريثهم ! وسيألّفون ألف علي بابا بلباس الظرافة والشجاعة ! ...


أمّا العراقي "السندباد" فقد تمّ تسفيره من أرضه هذه المرّة قسراً وكتب عليه ذوبان ذاته في بلاد الغربة وسوف لن يعود إلى بلاده كعادته عندما كان يخوض المجاهيل خارج بلاده بحثاَ عن العلوم والكنوز وحبّ التعرّف على بلدان وشعوب الأرض واكتشاف الجزر والقفار والمجاهيل ثمّ سرعان ما كان يعود لبغداد يأتيها بعجائب وبغرائب ما رأى وما سمع وما قرأ وما عايش وما اكتشف ... !

 

 





السبت١٩ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة