شبكة ذي قار
عـاجـل










الإنسان قيمة عليا وهو غاية الثورة ووسيلتها, ليس مجرد شعار تعج به أدبيات البعث, بل هو منهج للعقيدة القومية العروبية الاشتراكية التحررية وسلوكها العام. الإنسان العربي هو محور العقيدة القومية لأنه هو أداة الثورة القومية ومن اجله ولدت كنظرية وكأفعال ميدانية تراكمت منذ عام 1947. وكان من بين أكثر اختصارات هذا الاتجاه تكثيفا عبقريا هو عبارة احتوتها كلمة للقائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق في ذكرى الرسول العربي هي ( لقد كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم كلهم محمد ) ولم يكن هذا التكثيف معزولا عن فهم البعث ومؤسسه رحمه الله عن فهم الإسلام لصلة الفرد بالأمة معبرا عنها في تكثيف عبقري سبق عفلق بآلاف السنين هو ( كان إبراهيم امة).


علميا ومنطقيا لا يمكن تكثيف الأمة بفرد إلا في حالة واحدة سلوكية وأخلاقية حيث تتجمع في شخصه كل الخصال والسمات التي يراد للأمة بلوغها ويؤمن إيمانا راسخا بكل أهداف وغايات الأمة ويجسدها في سلوكه وتصرفاته ونتاجه الإنساني المختلف. وعلى ذلك تشكلت هيكلية تنظيم البعث القومية ليكون الحزب نموذجا وعينة ميدانية للوحدة العربية من خلال الوحدة التنظيمية التي تقف القيادة القومية للحزب على رأس هرمها وتنتشر كما عروق الشرايين في جسد الوطن الكبير.


تحقيق أهداف الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية في شخص الفرد البعثي يتم عن طريق انصهاره عضويا في جسد الحزب الذي انطلق ماردا عربيا من اجل تحقيق هذا الثالوث المقدس. وتحقيق أسس ومرتكزات هذا الانصهار عند البعثي يؤدي إلى ولادة الخلية التنظيمية التي تتحقق فيها من خلال التجميع الكمي والنوعي لقناعات أفرادها أسرة قومية صغيرة. وبتجميع مكونات الخلية تنشأ الفرقة الحزبية ومن ثم الشعبة والفرع وقيادة القطر التي يؤمن كل أعضاءها بأنهم امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وأخيرا تتشكل القيادة القومية التي تمثل الصورة المصغرة لدولة العرب الكبرى الاشتراكية التحررية الديمقراطية.


لم يتأسس البعث إلا على هذا الأساس ولن ينجح البعث إلا إذا توافق عمليا مع فكرة البناء القومي للحزب. واشتراطات التشكل والنجاح هي المنطلق النظري الذي يبنى عليه المناضل الفرد البعثي والولاء المطلق بعد الله سبحانه للهرمية القومية. بكلام آخر فان نجاح البعث رهين ببناء الإنسان البعثي وهو إنسان يتجرد من الأنا ليتحول إلى كيان يؤمن بتمثيله للحالة الجمعية وينسى إن هذا الحزب ليس حزبا كباقي الأحزاب ينتمي إليه من يريد أن يحقق جاها أو نفعا بل انه وعاء للنضال والجهاد والتضحية. البعثي هو من ينتمي إلى البعث ليكون مشروعا لقيام الوحدة العربية ودولتها التي تتحقق من خلالها صورة الأمة المنبعثة المبدعة الخلاقة المنتجة المتحررة سياسيا واقتصاديا تحررا حقيقيا وجديا وليس شكليا كما هو حاصل مع كيانات امتنا القطرية.


البعث في تشكيله لاعضاءه إنما يحولهم إلى بشر عندهم قضية والتي بدونها تضمحل مسارات الانجاز وتنعدم فرص الاستعداد العالي للتضحية الخلاّقة. وقضية البعثي هي وحدة الأمة وانبعاث طاقاتها المبدعة لتعبر عن ذاتها الإنسانية. قضية البعثي هي أن يكون كيانه المنيع المحترم القادر على حماية الإنسان وثرواته التي منحها إياه رب العزة وبدون هذا الكيان يبقى الإطار القطري القائم الآن عرضة للاعتداء واستلاب الثروات وتغييب دور الإنسان بالجهل والتخلف والاحترابات الفئوية والعرقية. قضية البعثي أن تكون دولة الفضاء الجغرافي الكبير المتماهي مع روح العصر والقدرات الاقتصادية ومفرداتها المختلفة المتكاملة التي تؤهله للبقاء ولإنتاج الحضارة. الإنسان بلا قضية يخسر ذاته ومحيطه ويفقد صلته بالرحمن جلّ في علاه الذي خلقنا لنكون خلائقه في الأرض واشتراط الخلافة هذه أن نشكل ذاتنا تشكيلا يمنحها فضاء العمل المبدع والتأثير الايجابي والانتماء إلى الجماعة انتماءا طاهرا وهذا هو معنى الانتماء إلى البعث كحركة قومية تحررية اشتراكية. الانتماء إلى البعث هو انتماء إلى روح الجماعة ينطلق من ذات فرد جمعية الفكر والهوى والتطبيق, وهذا هو المعنى المباشر لتمثيل إبراهيم عليه السلام بإرادة الله لأمة كاملة وكذا هو معنى العبارة الخالدة كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم كلهم محمد.


إن انتماء الفرد إلى عقلية الأمة وأهدافها تجعله يتجرد عن الأنانية وعن المصالح الشخصية ويناضل مع ذاته ومع المحيط الموضوعي دون حساب لمردود ينتفع به لا ماديا ولا اعتباريا. الانتماء إلى عقلية الوحدة والحرية والاشتراكية تنقل الإنسان إلى مضامين الانقلاب على الذات التي تبناها الإسلام الحنيف منهجا وتمثلها البعث تطبيقا ورؤية وفكرا متجددا فيغادر كل عوائق الانجاز التي تفرزها عوامل الذاتية فيزهد بالجاه الشكلي والسلطة الغابرة والعناوين القيادية سواءا في الحزب أو في دولة الحزب. واليقين إن من بين ما ظهر علينا كحركة نضالية إبان سلطة البعث في العراق هي توسع قواعدنا بطريقة أكثر مما هو مطلوب سمحت لأصحاب المصالح الشخصية من اختراق جسدنا وممارسة تصرفات وأفعال لا تمت بصلة لأخلاق البعث بل أساءت للروح البعثية الطاهرة وشوهت عند العديد من أبناء شعبنا فكرة البعث النقية العفيفة.


إن فكرة فعل البعث النضالية هي بالأساس فكرة الطليعة والمقصود بالطليعة هي نخبة الشعب التي تتحول إلى منظومة أخلاقية جمعية تؤمن بأهداف الحزب ورسالته السامية ومن شروطها أن يكون الفرد شجاعا لان الشجاعة ضمانة أخلاقية للفعل وكريما لان الكرم ضمانة للشجاعة ومبعثا للعفة المطلقة أو شبه المطلقة في أسوأ تقدير لمعايير العفة المطلوبة عند البعثي. الفرد الطلائعي ثائر يعرف كيف يتصل بجموع الشعب بفعل متبادل الصلة ومتبادل الردود وكيف يجمع طاقات الشعب جمعا جبريا ومعنويا ليفجر فيها روح الثورة الوحدوية حتى وهي غير منتظمة انتظاما يفضي إلى ترهل أو جمع غير مصوب يثقل كاهل الحركة ويعرقلها.


البعث حزب أخلاق ورسالة, حزب حرية وديمقراطية, حزب وحدة وخلود منهج, حزب إيمان جدّي وليس إيمانا شكليا ظاهريا. وكل هذه السمات والخصال وسواها لا يمكن أن تأخذ أبعادها العملية إلا في حالة تشكيل الذات البعثية التي تتجاوز الذات وتنصهر بأهداف الحزب المقدسة ورسالته الخالدة.


لنقرأ بعض ما طرحه الرفيق القائد المجاهد في موضوع الفرد البعثي المتمثل لكامل الأمة :
إن أردنا أن نختصر الزمن وينتصر حزبنا في ميادين الجهاد والتحرير الشامل والعميق للأمة على امتداد وطنها الكبير ثم البناء والتجديد لتحقيق أهداف الأمة الكبرى السامية علينا نحن البعثيون في القيادة أولا ثم القيادات التي تليها حتى خلايا الأعضاء أن نجاهد في دواخلنا أولا لنحقق فيها الوحدة والحرية والاشتراكية فيكون البعثي الثوري الطليعي في داخله امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة حرة متحررة مزدهرة ومتطورة مبدعه ومتجددة كما قال جل شأنه (وكان إبراهيم امة).
ويقول المعتز بالله نصره الله :
ثم نناضل في داخل الخلايا وقيادات الحزب صعودا حتى القيادة القومية لنحقق الوحدة والحرية والاشتراكية داخل هذه المنظمات والقيادات حتى تكون كل خلية وكل قيادة امة قائمة بذاتها ... لكي نحقق في حزبنا وفي حياته الداخلية أهداف الوحدة والحرية والاشتراكية فيكون البعث هو صورة الأمة الواحدة .

 

 





الاثنين١٤ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو الحسنين علي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة