شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أنصح أي مواطن عربي سوي بان يستمع الى أحاديث حمار الدبلوماسية في العراق الجديد, ضخامة هوشيار زيباري. فأذكر أنني ذات مرّة قرأت مقابلة له طبعا بالعربي على مزقع أحدى الفضائيات ووجدت صعوبة بالغة في فهم أو إدراك أو معرفة ما يقوله سيادته الغير مبجّل. وأقسم أنني إعدت قراءة المقابلة من الأسفل الى الأعلى ومن اليمين الى اليسار دون جدوى. الى درجة بدأت فيها أشك بقواي العقلية وبقدرتي الذهنية على الفهم. وكأن دماغي, وأنا أهيم بنظراتي اليائسة بين سطور تلك المقابلة, أصيب بجلطة لغوية!


ليس لأن هوشيار زيباري كردي, فانا أعرف أكرادا يتكلّمون العربي ولهجات بعض مدن وسط وجنوب العراق أفضل منّي بكثير, بل لأن الوزير, وربما بسبب عقدة نقص من نوع ما, يسعى جاهدا, دون جدوى على الدوام, ليقدّم نفسه على أنه وزير خارجية العراق, البلد الذي ولدت فيه وترعرعت اللغة العربية وبلغت سنّ الرشد وأنجبت فطاحل وعباقرة في مجمل علوم اللغة والنحو والصرف والأدب منذ قرون. وأعترف أنني ما أن أرى هذا الزيباري على شاشة التلفاز حتى تمتدّ يدي بشكل لا شعوري الى "الربموت كونترول" لكي أغيّر القناة.


ومن قرأ أو يقرأ المقابلة مع ضخامة الوزير زيباري المنشورة على موقع قناة "السومرية نيوز" العراقية يكتشف بسهولة أن زيباري, الذي يؤدي الحجيج في البت الأبيض والعمرة في تل أبيب, ما زال رغم ما يُقال عن خبرته الطويلة وحنكته السياسية لا يفرّق بين المطالبة بالاصلاحات أو تغيير النظام وبين تقرير المصير, الذي هو شيء آخر يختلف تماما. فهو يتحدّث عما يجري في بعض الدول العربية ذاكرا على سبيل المثال اليمن وليبيا وسوريا والبحرين, بنبرة المتعاطف المؤيد للمطالب المشروعة "في تقرير مصير شعوبها" كما يقول. وكأنها خاضعة, كعراقه الجديد, الى إحتلال أجنبي.


لكنه في الوقت ذاته يتناسى ويتجاهل عن قصد وسبق إصرار ما يحصل في ما يُسمى باقليم كردستان العراق من تظاهرات وإحتجاجات صاخبة تواجه بالرصاص والقمع العنيف من قبل قوات حزبي مسعود البرزاني وجلال الطلباني والتي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح. ناهيك عن بقية العراق والمظاهرات الحاشدة التي وحّدت جميع العراقيين في صوت وكلمة واحدة ضد حكومة العمالة في المنطقة الخضراء وفشلها الذريع في تحقيق أبسط المكاسب للشعب العراقي على مدى سنوات الاحتلال ومليارات الدولارات التي وضعت تحت تصرّف حكومته المُصابة بالزهايمر السياسي.


فالعراقيون مهما تظاهروا وإحتجوا وقتلوا أو جُرحوا ليس لهم الحق, حسب فلسفة الوزير زيباري في"تقرير مصيرهم" مع أن مطالبهم هي أدنى بكثير من مطالب سواهم من الشعوب الآخرى. لكن الحقيقة هي أن عقل الوزير"العبقري" ونظره "الثاقب" ونعمة الأمريكان عليه لا تسمح له برؤية ما يجري خارج مكتبه الوثير جدا. ثمّ انني لا أدري أين قرأ أو سمع وزيرنا الغير مبجّل "إن للعراق علاقة خاصة مع دولة البحرين" وهي مسألة لم يتابعها الكثير حسب زعمه؟ لكن الزيباري يتحفنا بجملة مفيدة جدا, مثل وزارته الفاشلة, موضّحا ما لم يفهمه الكثيرون فيقول "إن البحرينيين من أكثر الشعوب التي كانت مهتمة بالوضع العراقي بسبب التواصل التاريخي الديني القومي". ومع إحترامي للبحرين دولة وشعبا وملكا أيضا, فانني لا إتّفق إطلاقا مع الوزير في تفسيره السطحي لخصوصية علاقة البحرينيين معنا. فالوضع العراقي, خصوصا بعد غزو العراق وإحتلاله من قبل أسياد وأرباب نعمة الوزير زيباري, شغل إهتمام جميع شعوب العالم من مشارق الأرض الى مغاربها رغم عدم وجود تواصل "تاريخي قومي ديني "كما يدّعي الوزير, مع تلك الشعوب.


أما كان حريّ بالزيباري هذا أن يعترف بان الأوامر التي وصلته وحكومته من جارة السوء إيران بجعل مسألة البحرين, مع إحترامنا وتأييدنا لأي شعب في المطالبة بحقوقه المشروعة, أولوية في عمل وسياسة حكام المنطقة الخضراء؟ وإن تلك الأوامر الصادرة عن العمائم الطائفية غير قابلة للمناقشة أو التأخير. لكن الوزير الخاضع كليّا لهيمنة غيره, إعترف في مقابلته تلك بان العراق, باعتباره حيوان أو مخلوق خرافي عجيب "له ثلاث رئاسات - أو رؤوس لا فرق - وليس له رئاسة واحدة, الجمهورية والحكومة والبرلمان, وكل واحدة تعطي لنفسها الحق في الادلاء بالتصريحات ".


وهذا الحق يا مستر زيباري, أمر طبيعي ومنطقي جدا في عالم المافيا وعصابات الجريمة المنظمة وليس في سياسة الدول التي تحترم نفسها وتتكلّم بصوت واحد, ويكون وزير خارجيتها مرآة صافية, وليس مرآة عكرة مغبّرة مثلك, تعكس السياسة الخارجية للبلد. فبفضل جهودك العنصرية والحزبية الضيقة أصبحت سياسة العراق الخارجية من أكثر السياسات فشلا في العالم. وباستثناء الروابط المصيرية التي تشدّكم الى الغزاة الأمريكان وجارة السوء إيران, لا توجد دولة واحدة تعيركم إهتماما أو نسمع صوتكم الأبحّ.


وألف مبروك لك يا زيباري ولحكومتك البائسة, بالخبر الطازج أو الصفعة الودّية جدا, الذي صدر عن جامعة عمرو موسى. فقد قرّر أصحاب السعادة والفخامة والسمو إلغاء مؤتمر القمة المزمع عقده في المنطقة الخضراء في شهر أيار القادم. ولتذهب أنت وعلاقتك "الخاصة" بالبحرين الى الجحيم. وتذكّر إن العراقيين, باستثناء العصابة التي تحكمهم الآن, لم يبنوا علاقاتهم أبدا على أسس طائفية أو مذهبية ولا حتى دينية.


لقد كانت علاقتنا وروابطنا قبل الغزو مع جميع دول العالم مبنية على أسس إنسانية وقيم إخلاقية رفيعة وإحترام متبادل حتى وإن لم يجمعنا تاريخ أو جغرافية أو ديانة مع الآخرين. لقد زرعتم الطائفية والعنصرية المقيتة في أرض العراق الطاهرة وما عليكم الآن الاّ جنيَ ثمارها المسمومة, داخل أو خارج العراق.


mkhalaf@alice.it

 

 





الخميس١٠ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة