شبكة ذي قار
عـاجـل










هنالك ظاهرة لابد أن نقف عندها وخاصة التي تتعلق بما يجري في الوطن العربي وهي ظاهرة الاحتجاجات والتظاهرات,وهذه الظاهرة صحية بقدر بقاء شعاراتها وأيظاً أهدافها في حدود المطالبة بتحقيق الحقوق المشروعة للانسان العربي وتحقيق أحلامه وطموحاته,و في بقائها بالمطالبة وبالطرق السلمية لتحقيق طموحات الجماهير أيظاً, وهو حق كفلته كل الاديان السماوية والتشريعات الانسانية الموجودة في سجلات الامم المتحدة , ولا يحق بعد ذلك لاي عبد من عباد الله أن يحجبه عن الناس ,ايظاً إذا حافظت هذه التظاهرات على وطنية وقومية الاهداف والوسائل, وفي نفس الوقت يحافظ المتحجين أو المتظاهرين على لغة واضحة و شفافة و بدون أية خلفية شريرة مصممة من قوى أجنبية تتخفى من وراء الشعارات الوطنية, أي أن تترابط الاهداف الوطنية بعضها ببعض وأن يتلاحم المتظاهرون أو المحتجون ببعضهم وهذا التلاحم او الترابط يجمع كل المطاليب والشعارات بأصرة وطنية لا تستمد بأي شكل من الاشكال بعوامل ديمومتها من خارج الوطن,لان أي تلاقي أو تقارب مع الاجنبي أو حتى مسٌ بسيط لها فسوف يلوثها ويعطي لهذه المطاليب التي ترفعها التظاهرات صفة الاجندة الاجنبية وتتغير أهداف التظاهرات من مطالب وطنية أو قومية شرعية الى طوب لبناء جسر للاجنبي الخسيس المتربص بحياة هذه الامة لكي يتسلل عبر مواطنين سذج أو مستخدمين عنده للوصول الى المجتمعات العربية.ولتتغير بعد ذلك شكل الانتفاضة من وسيلة شرعية لتحقيق مطالب مشروعة وصولاً لبناء المجتمع الى أداة لهدم وتخريب المجتمع والدولة,أي ظاهرها مطالب وهي في حقيتها مسمومة ومرتبطة بأجندة أجنبية لتحقيق غاياته أو مطامعه الموجودة في أي قطر من أقطارنا العربيةو وصولاً لتأمين أطماعه في المنطقة,وعليه من الضروري أن تلتفت الجماهير المتظاهرة الى حدود شعاراتها الوطنية وأن لاتسمح لاي خرق مادي أو معنوي مباشر يتسلل الى صفاء الشعارات و الى الغاية الحقيقية من التظاهر وكذلك من التسلل الغير المباشرللمصالح أو الغايات الاجنبية عبر شراء الذمم وتسميم نقاء الجمع الجماهيري.

 

وهذين النوعين من الخرق الاجنبي يظهران من خلال برزو أية حالة ولو بسيطة للتظاهر بإستخدام القوة أو العنف أو تخريب لاي منشأ وطني سواء مادي أو معنوي,مادي كالمنشأءات أو دوائر حكومية ومعنوي التعرض لمبأدئ الاخربن أو لرموز وطنية أومؤسسات مدنية أو حكومية, لان ذلك يعني جر المظاهرة الى التصادم وهذا التصادم يخدم الاجندة الاجنبية بإتجاه يعكس شدة التعارض أو التقاطعات بين الوسط الجماهير نفسه وأيظاً بين الحكم الوطني وبين هذه المجاميع الدخيلة ذات النوايا المسبقة في تنفيذ أجندات غير وطنية.والى جانب هذه الحقيقية هنالك حقيقة أُخرى لابد أن نقف عندها كثيراً وهي أن الحكم الوطني ومعه جماهيره الواسعة لابد أن يعيا أن وجود إحتجاجات أوتظاهرات معارضة لايعني أبدأً أن الحكم الوطني معرض للتهديدأو الخطرأو حتى يشكل عليه مؤشراً سلبياً,ولكن لكون هذه الحقيقية نسبية في الزمان والمكان الامر يتطلب أن تعايرعلى هذين العاملين الاتيين,ألاول أن الموجة التي تجتاح المنطقة من المظاهرات الاحتجاجية بالتأكيد جوهرها صحيح وشعاراتها مطلوبة ولكن تداخلات المصالح الاجنبية والاعلام المشبوه,نجح في إغتصاب عذريتها الوطنية وحاول الى يجعلها ترتكن الى خانة العهر السياسي وذلك بخلطه أوراق هذه الظاهرة وجعل جزء منها وسيلته لتصفية حساباته سواء مع ألانظمة التي تعاونت معه والتي إنتهت مدة ونوع صلاحيتها والتي ياتت تشكل عليه عباً أمام الاخرين كما حدث سابقاًمع نظام الشاه في إيران أونظام ماركوس في الفليبين أوحتى مع السادات في مصر بعد توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد,واليوم يستخدم ذات العلاقة والموقف مع هذا النوع من الانظمة,فكان الموقف الامبريالي اليوم وهو ليس بالجديد بالوقوف مع ظاهرة التظاهرات في تونس أو مصر يريد منه ان يقفز الى المرحلة التي تلي نجاح الثورات لِتُثَبَتْ أو يضمن علاقة بالنظام الجديد وهذا مهم لهم وخاصة في الدول التي تمتلك النفط أو تتمتع بموقع ستراتيجي في السياسة الدولية أو لها تأثير على ستراتيجية الامبريالية الصهيونية ولكنه في اللحظة التي يشعر فيها أن موقفه سوف يكلفه خسارات مادية أكثر فسوف يتراجع والدليل الموقف الامريكي الجديد بسحب كافة قواته من الهجوم على ليبيا, وإن الليبين إنخدعوا مرتين بالوقف الامريكي أولا بوقوفه السابق مع دولتهم من خلال مغازلة النظام,والذي تبدل بعد تصاعد التظاهرات والاحتجاجات وغير موقفه المؤيد لهم وأصبح مع المحتجين والمعارضين, وإنخدع الليبيون مرة أُخرى بشعارات الحرية والديمقراطية التي أوهمهم بانه راعيها ,ولم يدركوا الدرس العراقي جيداً,والذي يتوضح منه خاصة بعد إشتدت ضربات المقاومة العراقية على المحتل فكر ببدعة الاتفاقية الامنية ومن خلالها أمن إنسحابه من العراق إذا لم يصح أن نقول ليهرب قبلما تحل عليه الكارثة تاركاً متعهدين السابقين في محنتهم التي خلقوها معاً في عراق تتغير فيه الحسابات بين يوم وأخر,كان الاجدر بكل الليبيون أن لا يندفعوا وراء الشعارات المتحركة للامبريالية فهي تُحكم بالفلسفة البراجماتية وعلى كل الثوار أينما كانوا أن يدركوها بل يدرسوها ومن ثم يحددوا مواقفهم ليقيموا علاقاتهم على ضوء هذه المبأدئ والقيم,فأن التحرك الامبريالي يُشهد بان له موقفاً موحداً في الاعلام الذي هو وسيلته في جس نبض الحدث ,أي إنه يدخل معركته الاعلامية موحداً وبكل قوة بهذا الاتجاه ويسخر لها كل قواها وخاصة الاعلام المزوروالمفبرك للحقائق,وايظاً كل الاعلام المعروض في السوق للبيع,ومن ثم يطور مواقفه الى اللجوء لوسيلته الاممية و ذراعه الدولي مجلس الامن والذي يسيطر عليه بشكل شبه كامل بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي,اقول ليطور موقفه بإصدار قرارات تتيح للدول الامبريالية أن تستخدم فيها القوة العسكرية وفي حقيقة الامر هي لاتحتاج لاي قرار أُممي يخولها إستخدام القوة والمثال واضح لنا عندما تم غزو العراق وإحتله لم يكون لديهم أي نوع من تفويض أُلاممي للعدوان على العراق, ولكن من المفيد لهذه الدول أن تحصل على هذا النوع من القرارات(زايد خير..) كما يقول المثل العراقي.و لكي تظهر أيظاً بمظهر المدافع عن الحريات والديمقراطيات بالتأكيد سيكون القرار متظمنا الشماعة القانونية والانسانية المعروفة والتي تُعلق عليها كل الجرائم التي أُرتكبوها وسوف يرتكبوها بحق الشعوب وهي خطورة النظام على الامن والسلم الدولي ولإرتكابه الابادة الجماعية ولنشر الديمقراطية في المنطقة والعالم!! بالضبط كما خلطوا أوراق غزو العراق بحيث نجحت لحد ما أو لوقت ما بإقناع الرأي العام العالمي بأن أهداف غزو العراق كان لجلب الديمقراطية للعراق و للمنطقة ولكنها لم ولن تستطيع أن تقنع اليوم حتى أبسط الناس وأكثرهم سذاجة في المعرفة السياسية بأن ديمقراطيتهم جلبت معها كل الدمار للعراق وتحلل جزءمن المجتمع العراقي قيمياً وأخلاقياً وإنتشار الجوع والقتل والارهاب في العراق ونشر الهوية الطائفية للعراق بعد أن كانت هويته وطنية وقومية و إنسانيةً أيظاً , وكان ذلك الدمار من ثمار ديمقراطيتهم!فأي ضحك وإستخفاف بالعقول هذا؟ وكأنما شعوب المنطقة وخاصة العربية لم تعاني وتتجرع ولسنوات من التسلط والاستعباد والسيطرة وسرقة الثروات التي لحقت بها ولمدة طويلة من هذه الانظمة الاستعمارية التي تدعي بالديمقراطية زيفاً والتي يروجون اليها اليوم! وكأن الشعب العربي نسى صولات النضال والثورات ضدهم وضد عملائهم سواء كان ذلك في العراق و سوريا ومصر أوالجزائر وفي كل الوطن العربي.


ويمكن النظر لهذه المرحلة ايظاً بأنها مرحلة الفرص النادرة وفيها تحاول الدوائر الاميريالية الصهيونية من تصفية حساباتها مع الانظمة الوطنية القومية ايظاً بهدف الضغط عليها للتراجع عن مواقفها الوطنية والقومية وحتى الانسانية وإذا تهيئت ونضجت الظروف حسب مشتاهم فلابأس من أن تسعى لاسقاطها وبكل الوسائل الوسخة,وهذا ديدن هذه الدوائر في مواجهاتها مع الانظمة الوطنية القومية.وخاصة إن هذه المرحلة إختلطت فيها أو تعمد المستعمر الاجنبي سواء الذي جائنا من الشرق العربي أو من الغرب أن يخلط المواقف بين المظاهرات التي تطالب بمطالب وطنيةمشروعة في بعض الاقطار العربية وبين تحريك الاجنبي لادواته بإتجاه ضرب الانظمة الثورية صاحبة المواقف الوطنية والقومية الكبيرة وجر جماهير التظاهرات الى نفق مظلم هي وأنظمتها بحيث لا يستطيع أحد منهم بعد ذلك من إيجاد مرسى وطني ليعيد للوطن لحمته ووحدته كما حدث في العراق ويحالون جاهدين لتكرار مأساة العراقيين(لا سمح الله أن ينجحوا) يدفعون بكل قوة بهذا الاتجاه الان في بعض الاقطار العربية.ولتغرق الاوطان في بحر تبادل الاتهامات والمسؤوليات لتُستنفذ الدول قواها وترى في الاجنبي الحل بعد أن تتمزق وحدة البلاد أما على أساس ديني أو مذهبي أو عرقي, والعراق اليوم نموذجاً واضحاً لهذا الضياع والتخبط وعدم وضوح مستقبل البلاد الذي يتجه لوضع من التشرذم للقوى السياسية اللاعبة بمستقبل العراق اليوم,هذا ما تخطط له الدوائر الامبريالية لكل الوطن العربي بل لكل المنطقة لانه الطريق الوحيد لديها للسيطرة على المنطقة والخاسر الوحيد هو الشعب والجماهير..


ومن جانب أخر لابد من النظر لهذه الظاهرة من جانب نوعيتها وفعاليتها الجديدة في المنطقة اليوم وبالاخص في المجتمع العربي الذي لم يعتاد على هذا النوع من التظاهرات السلمية كما أسلفنا, ولكن اليوم أصبحت خطيرة, وتكمن خطورتها بالنظر للتداخلات التي رافقت هذه الظاهرة من تدخل أجنبي,ونحن العرب مسؤولين عن ذلك بدرجة كبيرة بعدما سمحنا له سواء بالتساهل مع تطاولاته على سيادة الاوطان وعدم الرد عليه وإيقافه عند حدود العلاقات الدولية المتكافئةمعه كما هو الحال مع تطاول النظام الايراني على دول الخليج العربي وتدخله في البحرين والامارات واليمن والكويت, أو بالسكوت عليه وعلى إعلامه في تشويه الواقع العربي بل الذهاب معه للحرب على أخوتنا كما حدث مع العراق عند غزوه ,وإن هذا الامر شجع هذا الاجنبي ان يستغل هذا الانقسام والتشرذم بالموقف العربي لان يتدخل في الظواهر الحياتية الخاصة بنا كعرب.

 

فيجب أن نعي لحقيقة أنه لم يوجد في التأريخ الانساني سابقاً ولا الحالي نظام حصل على تأييد أو مباركة كل فئات الشعب الاجتماعية أو السياسية او الدينية أو الطائفية,فالخلاف والاختلاف والمعارضة موجودة في أرقى أنواع الديمقراطيات كانت وستظل ,فلا يجب أن نتطايرونجفل من وجود معارضة,والاهم أن يعي الشعب كله هذه الحقيقة قبل النظام, لان الاعلام المشوه للحقائق يوظف هذا الجهل لخدمة أغراض لا تتفق مع حقيقة هذه التظاهرات,و ليستغل أي مسيرة إحتجاج او تظاهرة ليفبركها بشكل دراماتيكي وخاصة إذا ما صاحبتها موجة من العنف المدبر ليحولها بلقطة فنية أو بإنزلاق قلم أو بتسخين عبارة يقولها ليحولها من أهدافها الحقيقية في المطالبة بحق مشروع أوتغيرسياسي او إقتصادي الى مظاهرة ضد النظام بهدف أن يعكس هذا الاعلام الموجه والمشبوه هشاشة في النظام والامن العربيين!إذاً ليس كل تظاهرة بالضرورة تعبر عن حاجةللاصلاح , بل قد تكون ورائها دوائر إستعمارية تهدف إضعاف الانظمة الوطنيةوهذا الخلط المبرمج يتحمله النظام والمواطن على حد سواء,النظام بقدر نجاحه للاستجابة للمطاليب المشروعة والعقلانية ويعطيها سقف زمني يمكنه أن يحقق للجماهير هذه المطالب,لان أي نكوص في التوقيتات يعطي فرصة للاعداء للطعن بصدق الوعود, وأيظابقيامه بالكشف عن أكاذيب الاعلام المشبوه والمبرمج ضد أنظمتنا الوطنية وبوسائل شفافة وواضحة والتي يستسيغها الشعب,وايظا قيام الاحزاب الوطنية والمنظمات المدنية بدورها في توعية المواطن وأن يُثقف المواطن على إن العلاقة بين الدولة والمواطن لا تقوم بين طرفين الاول يطلب وعلى الاخر أن ينفذ وبدون لمراعاة الظروف الاقليمية والدولية, وعلى الدولة أن تستجيب في كل الاحوال وبسرعة السحر وكأنما النظام في جهة والشعب في جهة أُخرى, إنها ثقافة خطرة وغير صحيحة, بل أن يُزج المواطن بالمسؤولية في تحقيق مطاليبه وأن يعي لدوره في ذلك ويتحمل جزء من المسؤولية من خلال تواجده في مؤسسات الدولة. وإن عجز الدولة في بعض الاحيان عن الايفاء ببعض المطاليب أو وجود عيوب في السلطة لا يستدعي أن ترتفع الاصوات بتغير الانظمة ,لان العقل الواقعي لا يجب أن يضع في تصوراته وجود دولة مثالية وخالية من العيوب,ولكن متى ما إستفحلت هذه الامراض وتأصلت في المكون الاساسي للدولة ولم تتخذ اي إجراءات تجاه معالجها وأيظاً تلكئت الدولة وبقصد من تحقيق مطالب الشعب أنذاك تصبح الثورة مُلحة.لابد ان تكون مرحلة بين إعطاء الوعود وتحقيقها يتعاون الكل على تحقيقها وهذا يأتي بوعي كل الاطراف لدورها الوطني والقومي.

 

إننا أمام مفترق حياتي كعرب ومرحلة تتطلب منا أما أن نستحق البقاء بقدر مقاومتنا لسحق هويتنا وتدمير ما تبقى لنا من نظام وطني قومي سواء كان رسمياً هذا النظام أم جماهيرياً(لا سمح الله),وسوف لانخسر ثروتنا عن ذلك وكل ما نملك بل سنفقد هويتنا العربية ونضيع في متاهات كثيرة منها ثقافية وأخلاقية وسياسية وإجتماعية ونتحول الى شعوب بعد أن كنا شعب واحد,ونصبح مستأجرين لأوطننا بعد أن كنا أصحاب الدار,أي سنكون أموتاً بين الاحياء.

 

فهل تعي كل القوى الوطنية والقومية واليسارية واليمينية والوسطية العربية لذلك؟.وهل نجتمع ونترك خلافاتنا العقائدية و الثانوية أو على الاقل ننسى و لفترة لحين أن نجتاز هذه المرحلة التي تعيشها هذه الامة وهي مرحلة دقيقة وتحتاج لكل جهد عربي يحب هذه الامة الانسانية.إنه زمنٌ تحتاج الامة لابنائها,كما هي حاجة الانسانية لهذه الامة أيظاً.

 

 





الثلاثاء٠١ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة