شبكة ذي قار
عـاجـل










كان يوجع أحرار الأمة ومثقفيها وعلماءها أن تبدو الأمة في كل أقطارها بلا حول ولا قوة. كان يؤلم الأخيار أن يكون رد فعل العرب تجاه أفعال تسلب حقوقهم في أوطانهم وثرواتهم وحريتهم, استيطان وغزو واحتلال, استحمار واحتقار وهدر دماء, تمزيق وتفتيت واهانات سافرة, ردود أفعال باهتة أو ناتج محصلتها صفر. كان الغيارى يعملون ويتمنون وينتظرون لحظة تثور فيها الأمة وتكسر كل القيود لتحقق ذاتها الوطنية والقومية والإنسانية .. آمال وأمنيات كان البعض يراها محض أوهام وأحلام عصافير حتى ليلة انفجار ثورة الشعب التونسي العظيم.

 

وتوقعنا في اليوم الأول أن تتحول ثورة تونس إلى شرارة توصل أرض العرب كلها إلى درجات الاتقاد. ولم يلبث أبناء مصر العروبة أن مسكوا خيط النسغ التونسي فتحول النظام المصري المؤسس على ترسانات من أدوات القمع والتنكيل والتطبيع وسلب الإنسانية بكل مفرداتها والمدعوم من عشرات السنين من قبل أميركا والكيان الصهيوني وأقطار عربية كثيرة ومهمة في حسابات الدعم التكتيكي والاستراتيجي ومن دول كبرى وعظمى في الشرق وفي الغرب، إذا به ينهار أمام إرادة صدور مصرية عارية إلا من الإيمان بالله وبحقها في الحياة والعودة بمصر إلى سالف عهد كانت فيه عين الأمة وأنفها وفمها.

 

غير إن الشك واللبس قد دخل نفوس أحرار ومثقفي ومتعلمي الأمة عن الطريقة الدراماتيكية التي انقلبت فيها أميركا على حليفها الأقوى والأهم والأقدم ألا وهو النظام المصري. واللبس والشك قد بدأ يراود عقولنا وإدراكنا ويشوش فصاحة تعبيراتنا وشفافية الرؤيا أمام أبصارنا عندما صار ( الفيس بووك)، وهو مجرد موقع من مواقع الانترنيت هو مصدر تواصل وتحشيد وتعبئة تكاد تكون هي الوحيدة بين الثوار. اللبس والشك ليس في استخدام الثوار لهذه التقنية غير انه في سماح أميركا باستخدامه. وإذا كان من حق شباب العرب أن يستخدموا كل التقنيات المتاحة لخدمة أغراض تغيير أوضاع الأمة وأقطارها إلى حال أفضل فلماذا لا تسمح أميركا لثوار العراق ومقاوميه أن يستخدموا الفضاء ومنتجات عصر الاتصال ولماذا تتفرج أميركا وقواتها وأجهزتها ومرتزقتها البالغ عددهم قرابة ربع مليون فرد على شباب الفيس بووك العراقيين وهم يذبحون ويضربون ويعتقلون ويطردون من ساحات الاحتجاج السلمي وتقطع عليهم الطرق والمواصلات من قبل الحكومة التي نصبتها أميركا وتدير دفتها عبر سفارة فريدة في الكم وفي النوع دون أي رد فعل يذكر ؟.

 

 اللبس والشك هو في إن يكون الفيس بووك أحد أهم أدوات ( ثورة العرب ) وأن تكون قناة الحرة عراق والجزيرة الصهيونية هي من يقود إعلام (الثورة العربية) ضد أنظمة عرفت تقليديا بارتمائها المطلق في أحضان الاستسلام والانبطاح والتطبيع الأمريكي.

 

اللبس والشك هو أن تكون قنوات الإعلام التي أنتجها الاحتلال الأمريكي للعراق وحكومة الاحتلال وبرلمان الاحتلال والمالكي والجلبي عملاء أميركا وإيران هم مَن يؤيدون  ثورة الشعب العربي في ليبيا والبحرين واليمن ومصر!! والعرب قالوا حدّث العاقل بما لا يليق فان صدق فلا عقل له.

 

اللبس والشك يراودنا ونحن نحاكم بعقل ومنطق وروح علمية خالصة مجريات الثورة الليبية. ونقف بحيرة إزاء مشاركة قطر والإمارات بجيوش وطائرات وأموال لدعم ثوار ليبيا. ومصدر الشك واللبس ليس متعلق بعلمنا ومعرفتنا اليقينية أن كلا الدولتين العربيتين الحبيبتين ليسا ثوريتين بالمرة فقط، بل لان العرب والعجم يعلمون إن هناك جزر ثلاث تطالب بها الإمارات رسميا محتلة من جارتنا وشقيقتنا إيران الصفوية من عشرات السنين .. والمنطق يقول إن الأجدر بالإمارات أن تستخدم سلاحها في استعادة جزرها قبل أن تتطوع لتحرير ليبيا من أبناءها. والشك واللبس هنا هو أن يعلن بعض أولياء أمرنا بأنهم ضد القذافي لأنه مجنون ومتلبس بأوصاف وألقاب خرافية، وإنهم من اجل هذا تعاقدوا مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وهولندا لقصف المدن الليبية بالطائرات وبأسلحة موجهة بالليزر وعوامل الذكاء الأخرى لا تسقط إلا على أنصار القذافي وتحمي بقدرة قادر المدنيين الآخرين من أعداءه أو المغلوبين تحت سطوة دكتاتوريته. أسلحة في قدرات ذكاء تقرأ أفكار الليبيين وتتعرف على مواقفهم في رؤوسهم قبل أن تقرر ذبحهم أو عدم ذبحهم. الشك يذبح بعض شراييننا لأننا نعرف إنهم هم مَن كانوا ينادون القذافي بهذه الأسماء والكنى والألقاب سرا وعلنا، وهم مَن كان يمتدح القذافي ويصفه بقائد ثورة الفاتح سرا وعلنا، وهم مَن كان يزور القذافي ويأخذ منه المصروف والخرجية والهدايا سرا وعلنا، بل إن بعضهم قد حكم مع القذافي في حكومته لأربعين عام!!

 

ثمة ما يجعل الحصيف العاقل يقف ويعيد التفكير مرات ومرات في التوقيت وفي المفاجئة وفي الوسائل الجديدة التي لم يكن لنا بها سابق عهد ولم تجرب لا في ثورات ولا في انقلابات عبر تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليس تشكيكا ينبع عن هوى، بل محاججة عقلية وجدل منطقي. تفكير في دولة الإمارات كأداة ثورية فوق سماء بنغازي الليبية، وقناة الجزيرة وحكامها ثوارا في سوريا واليمن وليبيا، وسفراء محبة وعناق ومعاونات ومعاهدات في بغداد المحتلة !!!.

 

ثمة مَن يشك ويلتبس عليه الأمر حين يرى أن هناك ملايين من المواطنين يتظاهرون موالين للشرعية الدستورية في هذا البلد العربي أو ذاك فلا تنقل الجزيرة والحرة عراق والعربية وغيرها من قنوات الإعلام الذي اتفقنا قبل سنوات على انه إعلام متصهين متأمرك, هذه التظاهرات ولا تشير لحصولها. هذه ظاهرة تجعلنا نتساءل ونقف بحيرة أمام انتقائية الخبر وانتقائية الموقف واستخدام التعمية وخليط الألوان لإنتاج صورة هي التي يراد لنا أن لا ندرك ولا نعرف تماما لا نوع المنتج القادم ولا من أنتجه بالضبط غير إن هواجسنا ومعلوماتنا وإدراكنا يقول بان ما يحصل في بعض أقطارنا بعد ثورة تونس ومصر هو ناتج سركوزي – كاميروني تباركه شهوات شركات النفط الاحتكارية ونزوات التمزيق الصهيونية وأسنان الفرس المتوحشة.  

 

قيل إن من يصوم ويفطر على أكل حرام فان من الأفضل له أن لا يصوم أو وان يظل صائما . نحن نريد أن تكون نهاية صومنا الطويل بانتظار الثورة, ثورة حقيقية تقودنا نحو الوحدة والتحرر وازدهار الحياة والأمن والأمان لنا ولامتنا وإلا فإننا نفضل أن نبقى عشرون قطرا على أن نتشظى إلى خمسين والله هو المستعان.

 

 





السبت٢٨ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / نيسان/ ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو الحسنين علي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة