شبكة ذي قار
عـاجـل










قناة الجزيرة الفضائية القطرية هي أول قناة عربية تهاجم اللغة العربية في برامج منظمة بثت نهاية التسعينيات وأوائل الألفية الثانية. وهي أول قناة أدخلت الكيان الصهيوني في كل بيت عربي يمتلك فوق سطوحه صحن استلام البث الفضائي, فصار العرب يطالعون وجوه الصهاينة ضاحكة على معاناتنا وبؤسنا وتشردنا، أو نائحة من نتائج (الإرهاب العربي الفلسطيني) مع فناجين قهوة الصباح الوديع ومع أمسيات ندية تسمح بدغدغة المشاعر، وبرسم مسارات انحراف الفكر والانتماء والولاء. هي أول قناة تبنت التطبيع ومنهجت تدرج إدخاله إلى العقل العربي وتبنت معه توطين ايديولوجية الاستسلام ومارست كل ذلك علنا وجهارا فشقت الموقف العربي حيث صرنا عرب مستسلمين منبطحين وعرب إرهابيين لأنهم يرفضون الاستسلام ويقاومونه. هي قناة رائدة في تبني كل ما هو خارق لعقائدنا وعاداتنا وتقاليدنا وكل ما هو شاذ ومنحرف ومشاكس لكل مكونات كينونتنا العربية المسلمة وجوهرنا، المتخلف منه والمتمدن على حد سواء.


تخصصت الجزيرة بتأهيل إعلاميين وعمّقت مراسهم في تقسيم الموقف العربي الذي هو حق ظاهر واضح لا جدل فيه ولا خلاف عليه إلى موقفين: سمي الأول معتدل وسمي الآخر متطرف ينتقل في لحظة إلى إرهاب، وهي بذلك ساهمت في ترويج وتوفير أرضيات الانشطار والتشظي السرطاني لمواقف العرب رسميا وشعبيا. إعلاميون يصوغون الأخبار والبرامج بعناية وطبقا لأسس ومنطلقات سيكولوجية واجتماعية لتخترق قناعاتنا وأسسنا الاجتماعية الأخلاقية والدينية والقومية فتضعنا بسلاسة متناهية أمام الرأي والرأي الآخر, الرأي الذي تتبناه إيديولوجية القناة وأجنداتها الإعلامية والرأي الآخر الذي جبلنا عليه وشربناه قيما ومبادئ مع حليب أمهاتنا لتشوشه وتربكه تماما كما توضع فتاة عذراء مسلمة بين خيار الموت دفاعا عن عذريتها من محاولة اغتصاب جبانة وبين لحظة هوى مائعة زائلة تفقد معها شرفها وكرامتها الإنسانية عبر إغراء بنموذج الفتاة الغربية التي تحتفي في لحظة فقدان عفافها في حفلة ماجنة معربدة قد لا تعي في لحظاتها حتى مَن الفاعل!! . الجزيرة وضعتنا أمام مفارقة أخلاق وأخلاق وليس رأي ورأي آخر في حقيقة الأمر.


وإعلاميو الجزيرة نساء ورجال مدربون على اختراق قناعاتنا بوسامتهم وأناقتهم وجمالهم وتقاطيع وجوههم وفوق هذا بكونهم يبدون مقتنعين بما يقرئون وما يقولون.. بكلام آخر إنهم قدّموا لنا عينة من رجال ونسوة العرب مذيعين ومعدين ومقدمين مقتنعين بالاستسلام ومقتنعين بالتطبيع ومقتنعين بالديمقراطية الغربية ومقتنعين بتسمية الكيان الصهيوني(إسرائيل) ويحاورون في التيار ما هو ابيض ناصع بقناعة ورضا والتيار المعاكس ما هو اسود دامس الظلام بنفس القناعة والرضا في شؤون لا تقبل الأسود قطعا قطعا قطعا, طبقا لما تعلمناه في تربيتنا الوطنية والقومية. وهم مَن نقل لنا بفخر واعتزاز أوزان وعدد ونوع القنابل التي فجرت بغداد ومدن العراق وجعلت من الضوء الغاشي للإبصار الطالع منها ولهب محركاتها عنوانا لقدر لا مناص لنا إلا أن نبجله ونجله ونُذعن لنتائجه فنحترم أنفسنا ونقر إننا محض قطيع ولا مجال لأن يشذ منّا زعيم أو حكيم أو شاطح ليتحدى هذا القدر .. أميركا كما تسوقها الجزيرة هي البديل لقدر تعلمنا إن مصدره الله سبحانه فقط.


الجزيرة تبنت مع قاعدة السَنية في قطر ومواقع انطلاق جيوش غزو العراق المعروفة أهداف الغزو وروجت لها وتبنت المعلن على لسان أميركا وكأنه الحق المبين النازل من سابع سماء فكانت جزءا من العدوان الغادر والاحتلال البغيض وبعد ذلك تبنت نقل الفيلم المخابراتي لإسقاط تمثال الشهيد صدام حسين وقد تكون طرفا في تجميع الأنفار الذين اسندوا مجموعة المخابرات التي صفقت للسقوط المعمم بعلم أميركا, وتبنت إظهار ملامح العودة إلى(الحياة الطبيعة) لبغداد ومدن العراق تحت ترسانة الطاغوت الأمريكي وعملاءه القردة الخاسئين. وقدمت للمشاهد العربي آلاف من ساعات البث تتناول الشأن العراقي تطغي عليه المخملية و(حكمة) الخونة القادمين خلف أتربة الدبابات الغازية وانتخاباتهم وبرلمانهم وديمقراطيتهم التي هي كلها في واقع الأمر كذب وزيف وغطاء مهلهل لتوطين الاستعمار واحتكاراته ومصالحه وبرامجه المعادية للعراق وشعبه وللأمة العربية وللمسلمين.


وقدمت لنا الجزيرة فرشة واسعة للتعاطي والقبول بالمعممين الفاسدين الخونة كحكام، وبالطائفية كواقع حال علينا أن نقبل بتوقه الإجرامي لتفريق أوطاننا وتمزيق وحدة شعبنا وقدّمت لنا محللين ومفكرين في رؤوسهم عقول غير عقولنا ودين غير ديننا وقناعات غير قناعاتنا تربّوا عليها في لندن وواشنطن وباريس وبرلين وغيرها من دبابير الشياطين رغم إن أسماءهم مثل أسماءنا ويدّعون إنهم يعتنقون نفس ديانات العرب. سوّقت لنا الجزيرة عبد الباري عطوان إعلاميا حنقبازا يرقص على حبال الشرق والغرب لا نقبض منه صدقا ولا كذبا. هو فلسطيني الجنسية غير انه غير فلسطيني في كثير من مواقفه وفلسطيني في بعضها، و عروبي حينما يكون المد والموقف عروبيا غير إن حقيقته انه فارسي الهوى بلا ضمير ولا ثبات موقف ولا نقاء نيّة، ولعل هاجسه الأول والأخير هو أن يربح ويربح ويربح. وسوّقت لنا آخرين من أمثال حيدر الموسوي وانتفاض قنبر وكريم بدر فارسي ومحمد صهيون وغيرهم من قوادي المارينز من العراقيين والعرب، وأخيرا وليس آخرا سوقت لنا العجب العجاب متمثلا في مجهول سقط علينا من قباب الكنيست الصهيوني اسمه عزمي بشارة عضو الكنيست لثمانية عشرة سنه تحول بعدها بذات الطريقة التي تتحول بها الأجناس في أفلام الحراك الهلامي من (صهيوني) إلى (مفكر عربي) يعرف كل دساتير العرب وقوانينهم وأسماء أحزابهم وزعماءهم السابقين واللاحقين ويعرف أسماء أمهاتنا وأمهات أمهاتنا وكل عقائدنا وأمراضنا التناسلية والجلدية والزهرية ويعلم عدد دقات قلوبنا وإرهاصات ضمائرنا.. رجل ولا كل الرجال, يعلم الغيب والظاهر المعلوم ويمتلك حلولا لكل المعضلات ومعضلات لكل الحلول.. يناقش الشأن الفلسطيني والعراقي والليبي والتونسي والصومالي والأمريكي والكندي والألماني, والشيعية ومظلومياتها والرأسمالية ومحاسنها والماركسية وإخفاقاتها ويجيد القيام ببراعة باحث متمرس بتفاعلات تحويل الذرات البخيسة إلى أخرى نفيسة وإنتاج أنواع الإشعاع واستخداماته الطبية والزراعية والصناعية والسرطانية.


وسوّقت لنا القرضاوي رجل الدين الفلتة الذي يحلل الحرام ويحرم الحلال في السياسة وفي احتلال الأوطان واستخدمته الجزيرة في حملتها الإعلامية ضد ليبيا واليمن والبحرين. وحيث إن التفاصيل معروفة وما زلنا نعيشها في تغطية الجزيرة والدور المفصلي الذي لعبته في إيصال الأمور في ليبيا إلى حالة التدويل وإدخالها في نفق البدء بخطوات الاحتلال بدءا بقرارات مشابهة لتلك التي خبرناها في حالة العراق والترتيبات التي سبقت غزوه واحتلاله .. وها نحن نصبح ونمسي وليبيا تبرق في سماءها صواريخ كروز تهدم بيوت أهلها ومدارسهم وجوامعهم ومشافيهم ومؤسساتهم الرسمية والشعبية ودوائر الدولة وكل ما بناه شعبنا هناك وانفق عليه دم القلوب وعرق الرقاب والجباه ودمع العيون. والحجة هي إن القذافي لم يهرب أمام فعل وصفته الجزيرة على انه ثورة واستخدمتها أقذر استخدام ميكافيلي وهي لم تكن سوى مدخلا لتنفيذ خطة تمزيق ليبيا واحتلالها وأدخلت قوات وعناصر وأسلحة تغذي تمردا محسوبا لصالح دول الاحتكار وفي مقدمتها أميركا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا. وعزمي بشارة والقرضاوي ومن خلفهم أسماء وجهات معروفة وأخرى مجهولة يسوغون ويفتون بقتل شعبنا والتمهيد الغربي لغزوه واحتلال الوطن الليبي تحت ذريعة مناصرة ثوار ليبيا. .ثوار ينطلقون من الاليزيه والبنتاغون وألهايدبارك ليحرروا ليبيا تماما كما فعل الجلبي و الباججي والحكيم والجعفري والطالباني والهاشمي وغيرهم عندما حرروا العراق بدبابات أميركا!!.


ساهمت الجزيرة وإعلامييها في تأجيج وتعقيد الأوضاع في ليبيا وصولا إلى التدخل الأجنبي ثم غادرت لتركز على بلد عربي آخر لو قُدر للفتنة أن تتصعد فيه لا سمح الله فانه سيتشظى وتسيل دماء أبناءه انهارا, هو اليمن. وتدور نفس العجلات بيد عبد الباري عطوان وأشباهه في تآزر غريب عجيب يضع إمامه حلا واحدا يتعاطى معه وكأنه قدر سماوي وهو الحل الذي قد يقود اليمن إلى ما هو أسوأ من حال ليبيا مع الفوارق في حال ووضع البلدين التي لا تغيب أبدا عن رأس مدير الجزيرة الذي يعرف طبائع ومواصفات وأحوال شعبنا العظيم في اليمن ومنها انه حين يعارض يعارض بثبات ومَن يوالي منه فهو يوالي لحد قطع الأنفاس .. شعب شجاع ومسلح وحر ندعو العلي القدير أن يبعد عنه أي سوء أو شر ويجمع كل رجاله وقواه الوطنية على كلمة وموقف مشترك. إعلام الجزيرة وعطوان وعزمي بشارة الكنيستي يتناولون الوضع اليمني بدون أن يفهموا فهما جديا وعميقا حقيقة الأوضاع في اليمن وكل أطروحاتهم تصب في تأجيج الفتنه وبطريقة لا تصب أبدا في صالح اليمن شعبا ووحدة وطنية. كل عربي شريف لا يمتلك إلا أن يتعارض مع الجزيرة وأدواتها لأننا مع اليمن ومع خيارات الحكمة التي يزدان بها عقل رجاله والتي ستتفوق بإذن الله وتحكم المآل النهائي لليمن الحبيب. نحن مع شعب اليمن الذي يمارس ديمقراطية لا مثيل لها وعنده معارضة بأحزاب وقوى وطنية وقومية وإسلامية وعنده انتخابات وبرلمان ويمارس من سنين حقوق التظاهر والاعتصام والإضرابات وعنده قنوات فضائية معارضة وصحف معارضة ومع كل هذا فانه يعاني من مشاكل فساد أداري ومالي ويتطلع بحيوية رائعة إلى الأفضل وهو وقيادته وأحزابه أهل لعبور الأزمة وولادة حالة أفضل بعون الله.


اليقين إن هناك قنوات أخرى سيئة في منهجها الإعلامي وتؤذي به الأمة العربية وشعبنا المظلوم منها قناة العربية التي ولدت مع ولادة احتلال العراق لتكون احد أدوات إسناده وهناك القنوات التي أنشاها الاحتلال الأمريكي للعراق ومنها قناة الحرة عراق التي تتنافس مع الجزيرة في التحريض ضد أوطاننا وخاصة ضد ليبيا واليمن ولن نقول الكثير عن قنوات الطوائف والأعراق الناعقة بمناهج التمزيق والمتغنية بأناشيد المليشيات المجرمة.


aarabnation@yahoo.com

 

 





الخميس١٩ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة