شبكة ذي قار
عـاجـل










لم ولن يكون البعث من تجار المواقف ولم ولن يمارس الانتهازية السياسية، بمعنى إنه لا يغير مواقفه المبدئية بناء على مزاج أو مصلحة لشخص أو مجموعة، لأن مبادئ البعث قد وضعت وترعرعت ونمت وتجذرت على أسس أخلاقية راسخة قوامها إنه يحدد الغاية أو الهدف ويتيقن من كونها شريفة ونقية وناصعة لأنها تمثل مصلحة الأمة أرضا وشعبا ومن ثم يسلك كل الطرق والمسالك الشريفة لبلوغ الغاية .. باختصار شديد البعث ضد الميكافيلية السلبية التي توصف بعدم وجود الأخلاق.
على هذا, ومن بين ما نحن بصدده، فإن البعث لم ولن يخلط كحزب وكحركة رسالية, في مواقفه الثورية التحررية, بين موقف الأنظمة مهما كان شائنا من نظام العراق الوطني وبين موقفه المعادي أو الرافض لكل ما يراه يمس سيادة الأرض العربية وينتهك حق الإنسان العربي ويحاول النفوذ لإعادة استعمار أرضنا بطرق مبتكرة جديدة ومتجددة لا يعيا عن إنتاجها عقل الغرب وأميركا والصهيونية الامبريالية.


إن مواقف الحزب التي خبرناها لعقود من الزمن تجاه ما يحصل على أي أرض عربية يتحدد من تقييم الحزب لمدى تداخل الحدث مع احتمالات التدخل الأجنبي بهذه الصفة أو الطريقة أو تلك. أما إذا كان التقييم على إن الحدث تحرري وواضح و بأدوات وطنية خالصة، فإن حزب البعث العربي الاشتراكي معه دون تردد فكرا وعملا. لذلك كتبنا دون تردد ندعم ثورة تونس ومصر وما زلنا ندعمها وننتظر بفارغ الصبر نتائج تنعكس ايجابيا على قضايانا الوطنية والقومية ومنها بالدرجة الأساس قضية فلسطين المغتصبة والعراق المحتل وجزر العرب في الخليج والجولان والاسكندرونه وسبته ومليله. وما زلنا ننتظر أن يقوم الثوار بإبعاد كل العناصر والأشخاص المعروفين بارتمائهم بأحضان الصهيونية والامبريالية مثل عمرو موسى و البرادعي في مصر مثلا وعدم السماح لهم كوجوه للردة بسرقة ثورة شعبنا العظيمة في ارض الكنانة.


لو كانت مواقف البعث تؤسس على مواقف الأنظمة وليس على أساس موقف شعبنا العربي العظيم في كل أقطاره لكان لنا موقف عدائي لمعظم الانطمة العربية نظل ندور في فلكه ونترك ونهمل مقاومتنا البطلة وحزبنا وما يتعرض له من اجتثاث إجرامي وإقصاء وتهجير واعتقالات وتصفيات جسدية طالت 140 ألف من أعضاءه.
ماذا يبقى لنا كحركة ثورية وكمقاومة وطنية قومية إسلامية من فضاء قومي نتحرك في مداه؟؟ وهل واجبنا كمقاومة وكحركة ثورية أن نخضع لأمزجة شخصية أو فئوية في تحديد مواقفنا؟ وهل علينا أن نشكك بموقف مرجعيتنا السياسية والقيادية في الميدان في كل موقف تتخذه كما يفعل مَن هم ليبراليون في مواقفهم وتحليلاتهم واستنتاجاتهم؟ نحن هنا نعمم ولا نخصص لأننا منفتحين على الجميع كحركة تحرر وطني وقومي وكحركة رسالية ثائرة. ليس واجب البعث في العراق الآن أن يقاتل الأنظمة العربية ولن ننجر لهذا الطريق الذي يبعدنا عن أولويات الجهاد ضد الاحتلال وعملاء الاحتلال في العراق. ليس من أولويات عملنا المرحلي الراهن أن نخلق أعداء لن يجدي خلقهم نفعا فنحن نحاول حشد الدعم والتأييد وتغيير المواقف الجامدة أو السلبية من قبل الجميع نحو مزيد من الدعم لمقاومتنا البطلة ومعاناة شعبنا. نحن حركة ثورية تتقدم بوعيها وجهاديتها على كل أنظمة العرب دون استثناء غير إننا لسنا في موضع التأليب والوقوف بوجه هذه الأنظمة إلا في إطار إظهار ما يمكن إظهاره من سلبيات ارتماءها في حضن المخطط الامبريالي الصهيوني الفارسي وهذا واجب التنظيمات القطرية كل في ساحته وما تراه القيادة القومية مناسبا ليطرح ضمن الإطار القومي الشامل. لكننا لن ننجر إلى الاندفاع الأهوج في دعم ما نظن ولدينا وقائع وحقائق انه مؤامرة لاحتلال ارض عربية و لتقسيمها و زرع الفتنة فوق أرضها باتجاه اقتتال أهلي تحت ذريعة معاداة نظام ما.


لسنا مع أي نظام ولا ندافع عن أي نظام بغض النظر عن المسميات.. لكننا نمتلك رؤيا وتحليل ومعلومات ومواقف لا نخشى لومة لائم في التعاطي بها، وإعلانها عندما نرى إن أي فعل يحصل على أية بقعة عربية على إنه يحمل دلالات واضحة للاحتلال ونهب الثروات وتمزيق الشعب والأرض. وبوضوح لا لبس فيه فنحن نرى ما يحصل في ليبيا على انه مريب وينقصه الكثير ليوصف بأنه ثورة، وأكثر من هذا فنحن مقتنعون بأنه سيناريو نسخه طبق الأصل وتكرار متطابق لما حصل في العراق عام 1991 بما يسميه الخونة والعملاء ب (الانتفاضة الشعبانية)، كما نقف كذلك بتأن وعقلانية أمام وضع اليمن والاستهداف العلني لوحدتها وأمنها واستقرارها.
نحن نؤمن إن ثورة العرب هي نتاج حركة الثورة العربية وطلائعها الوطنية والقومية البطلة لعقود من الزمن ونحن منها واليها لكننا وبحكم الخبرة والمعرفة والمراس وما مررنا به من تجارب نحذّر عندما نرى ما هو اخطر من وصف تعسف وظلم النظام القائم وإخفاقاته وحجم الفساد الواقع فيه. نحن نؤمن إن الشعب والأرض باقية والنظام إلى زوال طال الزمن أو قصر ولكننا نرفض و لا نريد تغيير نظام باحتلال. نحن رفاق البندقية والكلمة الحرة الثائرة الساندة لها ولن نحيد عن هذا .. ثم إن كان لنا تحليل أو رؤية مختلفة عن هذا الطرف أو ذاك فنحن نمارس الديمقراطية مثل سوانا ليس إلا. وإذا كان البعض يرى أن من حقه أن يقيّم الأمور ويعلن عن مواقفه طبقا لهذا التقييم ويرى في ذلك حقا مطلقا ضمن أطر حرية الرأي فلماذا يستكثر علينا أن نحذو حذوه أو أن يكون لنا نفس الحق؟. إن ما يقوم به البعض من إعلان عن امتلاك كامل الحقيقة وبالتالي إلغاء رؤى الآخرين وتصوراتهم واستنتاجاتهم المبنية على عقيدة ثابتة هو أمر يقع تماما خارج إطار الزمن ويمثل عودة غير حميدة إلى أزمنة الاضطهاد الفكري والتصرف الفردي القائم على الإحساس بالعظمة الفارغة والتعالي غير المسوغ .

 

ها هي الأحداث تثبت صحة ما ذهبنا إليه في موضوع ليبيا فعلى مَن شاكسنا أو تاجَر بموقفنا الوطني والقومي أن يعود إلى رشده ويعتذر للأمة ولشعب ليبيا، وان يقف إلى جانب ليبيا ضد مخطط التقسيم والاحتلال بالقوة الغاشمة الذي قلنا انه ينفذ على الأرض ميدانيا أسابيع قبل صدور قرار مجلس الأمن الأمريكي ويسانده نفس مَن ساند خطط احتلال العراق من عرب الجنسية. وسنبقى نتساءل بمرارة تنطلق من حبنا العظيم لامتنا وشعبنا العربي .. هل يجوز أن نقبل بإسقاط دكتاتور أو زعيم لا نريده ونستبدله باحتلال أجنبي؟؟ لن نخسر ذاتنا وتاريخنا لأننا لسنا أهل هوى نفس، بل حركة قومية طليعية ثائرة لا يمكن أن تسقط في شرك الازدواجية والانفعال والانتهازية وتستبدل نهجها الثائر بأدواته الوطنية والجماهيرية المعروفة وتستقوي بالأجنبي.

 

من بديهيات الثورة أن يعد الثوار العدة ويستحضرون إمكانات إسقاط النظام الذي يريدون إسقاطه أو أن يؤجلوا عملهم حتى تستكمل إجراءاتهم لا أن يتورطوا في عمل غير محسوب النتائج والعواقب ثم يستنجدون بأميركا وفرنسا وانجلترا وايطاليا وهؤلاء جميعا أعداء للعرب ولقضاياهم الإنسانية والسياسية والاقتصادية فيكون وصفهم ليس ثوارا بالمعنى المتعارف عليها في كل العالم.


aarabnation@yahoo.com

 

 





السبت١٤ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة