شبكة ذي قار
عـاجـل










إستراتيجية أمريكية / صهيونية .. ثم إيرانية مذهبية / طائفية

لـ "اجتثاث شعب العراق" بجريرة "اجتثاث البعث من المُجتمع العراقي"

 

 

1-  المُقدمة :

"قرار اجتثاث البعث من العراق" .. ؟!

لم يكن قراراً سهلاً، أي أنهُ سيُطبق بشكلٍ عادل، وفق ما ورد في مضمُونهِ من مواد، ولم يكُنْ قراراً صعباً، بالمعنى الذي يُمكنْ، تحمّل ظُلّمَهُ فترة معينة، وفق المثل العراقي، المُتداول بكثرة الذي يقول : "شدّه وأزول"، ثم، قد تعود الأمور إلى مجاريها، بل كانَ قراراً، لا إنسانياً بكُلِ معنى الكلمة، وتكمنُ لا إنسانيتهِ هذهِ، أنه قراراً أتخذ أشكالاً إرهابيةِ، دمويةٍ، تبعها ما هو مُكملاً لها، ويُعد من نتائجِها، ألا وهو التهميش المُتعمد للعناصرِ الوطنية، التي كانت، ولا زالت، تسعى لمقاومةِ الاحتلال الأمريكي، ثم أدت كذلك إلى إنفرادِ، واستبداد القائمين على حُكم العراق، من تاريخِ غزوه واحتلاله عام 2003 ولغايةِ استكمال هذا البحث في آذار / مارس 2011، وأصبح كُلَ مَنْ يُعارض دكتاتوريتهم، وفسادِهم، وبيع العراق في المزادِ الأُممي، وجعله ولايةً إيرانية، و .. إلخ، يوصم بأنه "بعثي"؟! بحيث أصبحت تلك الكلمة، التي غرزها القرار الأمريكي أعلاه، من المُبررات التي يلجئون إليها في كُلِ مُناسبة، لتبريرِ خطيئاتهم التي فاقت خطيئات "إبليس اللعين"؟! ولعل من الحقائقِ التي تؤكد ما ذهبتُ إليه آنفاً، أنَّ رئيس الوزراء "المالكي"، كان قد ألقى كلمةً بتاريخ 24 شباط / فبراير 2011 قبل يومٍ واحد، من قرارِ شعب العراق، بالخروجِ بتظاهُرةٍ سلمية، يوم الجمعه 25 شباط / فبراير 2011، يُعبر فيها عن غضبهِ من "الفساد وسوء الخدمات" في ميدانِ / ساحةِ التحرير، عدّ في كلمتهِ، أنَّ "الصداميين والبعثيين"، وراء هذه التظاهُرات، في حينِ أنَّ المرجع الديني الحوزوي الإيراني في النجف، المدعو آية الله العظمى السيستاني، وآخرين مثل : آية الله العظمى "بشير النجفي"، ومُقتدى الصدر، قد أفتوا بخروج مُقلديهم بهذه التظاهُرات، سيما وأنها سلمية، ومن هنا يُمكن القول أنَّ "السيستاني" و "النجفي" و "الصدر"، و .. إلخ، هُمْ من الصداميين والبعثيين أيضاً، كونهم قد أفتوا بتلك التظاهُرات.؟! وهُنا يُلاحظ مقدار الظلم الذي خلّفهُ ذلك القرار، من حيث توظيفهُ لكل ما يؤدي إلى تكريس التبعية للاحتلال الأمريكي، الذي تمخض عن استيطانٌ إيرانيٌ مُنظم، و .. إلخ.

 

البداية البحثية الصحيحة، التي سأبدأُ بها، هي البحث والتقصي، عن بداياتِ تفكير الاحتلال الأمريكي، باجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي من العراق، الذي بدأ من الناحيةِ النظرية، قبل غزو واحتلال العراق عام 2003، ومن الناحيةِ العملية، بعد نجاح ذلك الغزو والاحتلال، لم يُثبت فيهِ منتسبي ذلك الحزب، القدرة على المقاومة المُنظمة، ولم يُحققوا ما كانت قياداتهم الحزبية العُليا، تقرأ في تقاريرِهم، أو تسمعُ في مؤتمراتهِم، من صمودٍ أسطوري، قائماً على ردِ العدوان، بشعارات / بتعابير، لو طُبقت، لتغيّر مجرى ذلك الغزو والاحتلال، واستثني من ذلك، الدور البطولي، الذي لم يشهد لهُ، تاريخ العراق الحديث والمعاصر، بل حتى تاريخ المنطقة الإقليمية، حيث ينتمي إليها العراق، المقاومة البطلة لـ "مُجاهدي / فدائيي صدام" و "الانتحاريين في سبيل العراق"، تزامن معهما، مجاميعَ قتالية، ذات كفاءةٍ قتاليةٍ عالية، قام بتشكيلها عدد من رجال الحزب، الشُجعان الغيورين، وقاموا بعمليات التصدي للاحتلال، وكانوا من حيث الشجاعة، ما يشهدُ لهُ / لهُمْ العدو المُحتل بالذات، سيما وأنْ لا صديق يمتلكُ الشجاعةَ، والمروءة على الشهادةِ بقوة مقاومتهم، من إيقاع خسائر كارثية، وخُرافية بين صفوف قوات الاحتلال الأمريكي، التي كانت تُمثل في حينها، قوات النخبة المُقاتلة الأمريكية، حيثُ أرعبتهم، وجعلتهم مرات عديدة، يُعيدون النظر في خططهم الحربية.

 

ولكني مع ذلك لا يُمكن لي أنْ أغفل شدة قوة الغزو والاحتلال، على منتسبي حزب البعث بالذات، سيما وأنَّ الجيش العراقي قد أثبت جدارة قتالية رائعة، في مُحافظات البصرة، والناصرية، وربما السماوة، ومناطق أخرى، وأُرجعُ هذه الشدة لنواحٍ عده، أذكرها منها ثلاث فقط، لعدم الإطالة والجنوح بالبحث، باتجاه مسالك أخرى :

 

الأولى : كانت من الجارة الإسلامية / المذهبية إيران، حيث ساهمت إعلامياً، بتزامن مع قيام المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق، وحزب الدعوة الإيراني، و .. إلخ، بزج ميلشياتهم العسكرية، ثم دخول قوات منظمة إيرانية، من الحرس الثوري، ساهمت في أعمالِ، التصفيات المُبكرة لقيادات / مُنتسبي حزب البعث، والجيش الوطني العراقي، والأجهزة الأمنية، و .. إلخ، فضلاً عن إطلاق الإشاعات، بوسائل شتى، ساهمت في تدهور مقاومة الحزب.

 

الثانية : الموقف اللا شرعي، واللا قومي، واللا أخلاقي للجارتين : الكويت، والمملكة العربية السعودية، حيث ساهمتا بشكلٍ فاعل، ومؤثر بذات ما ساهمت به الجارة الإسلامية / المذهبية إيران، بل تعداها من حيث انطلاق قوات الغزو البرية، والجوية، و .. إلخ منهما، فضلاً عن مواقفهما المُشينة، قبل الغزو والاحتلال، ولا زال موقفيهما على ذاتِ المنوال، ولم يطرأ عليه أي تغيير، من حيث الدعم اللا محدود للاحتلال الأمريكي للعراق.

 

الثالثة : الموقف اللا شرعي، واللا قومي، واللا أخلاقي لقادة الحزبين الكُرديين، الاتحاد الكُردستاني، والديمقراطي الكُردستاني، حيث كانا على ذاتِ منوال مَنْ أشرنا إليهما في أعلاه، بل أشد، ثم دورهما، بعد الغزو والاحتلال، في تقسيم / تجزئة العراق، إلى دويلاتٍ تحت غِطاء الفدرالية، سيما إقرار الاحتلال الأمريكي، في ما يُسمى الدستور المؤقت، ثم الدستور الدائمي، على منح الأكراد حق الانفصال، ثم الاستقلال عن العراق، كمُكافأةٍ لهُمْ على مُشاركتهم الفاعلة، في تسهيل ذلك الغزو والاحتلال، الذي يفتخر به قادة الكُرد الانفصاليين "جلال الطلباني ومسعود البرزاني".؟!

 

للبحث غاياتٌ مُتعدده، تطلّبها البحث، وفرضتها أهميتُهُ، المُتمثلةَ في :

 

أ‌-     بيان / تحليل تسلسل آلية اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي من العراق، من مصادرهِ الموثوقة.

 

ب‌-  بيان / تحليل كيف جعل الاحتلال الأمريكي، قرارُهُ باجتثاث حزب البعث، ينحصرُ بين أعداء البعث، من الأحزاب العرقية / الطائفية / الشعوبية، وبين عناصر / مُنتسبي ذلك الحزب.

 

ت‌-  بيان / تحليل ما تركَهُ ذلك القرار، من آثارٍ سلبية، على العمليةِ السياسية الديمقراطية في العراق، وتبني مجلس النواب العراقي، وحكومات العراق المُتعاقبة، ذلك القرار بالتشريع، والمُتابعة الدقيقة، ليس في اجتثاث عناصر / فكر حزب البعث العربي الاشتراكي فحسب، بل السعي إلى إفناءهم، بكلِ الطرق، والأساليب اللا إنسانية، ثم اللا أخلاقية.

 

ث‌-  بيان / تحليل الفراغ الكبير الذي تركه غياب حزب البعث العربي الاشتراكي، من الساحة السياسية في العراق، من تجذيرٍ للاحتلال، وتحالفهُ مع الجارة الإسلامية / المذهبية إيران، لجعل العراق "محرقة مُهلكة لشعبهِ"، فضلاً عن تعزيز الفساد، ونهب ثروات العراق، واستباحة شعبه، و .. إلخ.

 

ج‌-  بيان / تحليل آثار ذلك القرار، على حزب البعث ذاته، من الناحية الإنسانية، ثم من الناحية السياسية، المُتمثلة في مدى قدرة، قادة ذلك الحزب على مزاولة نشاطهم الحزبي.

 

وسيكون تحليلي لما ورد آنفاً، يأخذُ مسلكين :

الأول : تحليلاً ضمنياً، موجزاً بين تسلسل ما ورد آنفاً.

الثاني : تحليلاً مُنفرداً، لحالات ذات خصوصية نجدها ذات أهمية.

 

ثم من الضروري أنْ أُنبه، أنَّ كُل ما سيرد، في هذا البحث بفصولهِ المُتسلسلة، هي رؤية شخصية بحته لكاتبهِ، سيما التحليل الذي يُعبرُ عن وجهتنا الشخصية، ومُعاصرتنا للأحداث التي كُنا بتماسٍ معها، ثم متابعتنا البحثية، العلمية لمُجمل ما صدر من قرارات، وقوانين، ولجان، و .. إلخ، من مصادرها الموثوقه، مُبتعدين عن المصادر غير الموثوقة، التي يُشك في صدقها، أياً كان شكلها.

 

وربما يتساءل القارئ الكريم : ما هو السبب، الكامن وراء قيام كاتب هذا البحث، في انتقاء عنوان هذا البحث بالذات؟! ولم يذهب إلى عناوين أخرى، تزخر بها الساحة العراقية من أحداث؟

 

الإجابة باختصارٍ شديد، لم أجد في مُتابعاتي، وأتمنى أنْ أكون دقيقاً، مَنْ تعامل، من الباحثين بشكلٍ عام، بغض نظر النظر عن هويته الوطنية / القومية، أو انتمائه الحزبي، مع هذا العنوان، بصيغة التوثيق التاريخي المنهجي، الذي يؤرخ لمثلِ هذا الحدث المُهم جداً، الذي يُركنُ، إليهِ بحثياً، من قبل الباحثين الآخرين، لعقودٍ زمنيةٍ قادمه، الذين يبحثون عن الكلمة الصادقة، والرأي الحُر، وبيان الأحداث الخالية، من تحكُم العاطفة فيها، و .. إلخ، وإنْ وجد، مَنْ تناول هذا العنوان، فربما لا يُمكن الركون إليها على الأعم، كونها عاطفية بحته، مليئةٌ بالشعاراتِ، والهتافات، والتمجيد، ناهيك عن خلوها، من مصادر موثوقة، بمعنى أنها مقالات، وليست بحوث، تتضمن معلومات.

 

واعترف مُقدماً، أنه ربما سيُثير بحثي هذا، بعضاً من الجدل، سيما لدى الذين لم يُحقق غاياتهم، في التمجيد، والهتافات، ثم لدى الطرف الآخر الذي مارس أبشع أنواع  السادية  اللا شرعية، واللا أخلاقية في التعامل مع قرار اجتثاث البعث، فضلاً عن آراء الذين ينئون عن البحث العلمي، وما يجب أن يكون عليه من أمانة ترتقي إلى الشرعية الدينية، ويتصورون أنْ كُل ما يُكتبْ، يجب أنْ يأتي وفق يُريدونه، مُتناسين أن التاريخ يرفض مثل هذه الأساليب وغيرها، ويُمجد الحقائق التي تخدم الإنسانية.  

 

فأتمنى من الله تعالى التوفيق، في ما ورد في هذا البحث، وأدعوه بنيةٍ صادقةٍ، بتحرير المسجد الأقصى، وفلسطين والعراق، مما هما فيهما، إنه سميع الدُعاء.

 

الفصل الأول : اجتثاث البعث في مُذكراتِ المفوض / المندوب السامي الأمريكي في العراق "بول بريمر" :

عدم إنسانية القرار أعلاه، يعترف به المُحتل الأمريكي علناً، وأتى اعترافهِ هذا من خلال وسمه لقراره ب : "النازية"، حيث يقول بريمر ذاته : (( وفي هذا الخصوص، كان اجتثاث البعث، مُماثلاً في نواياه، ومجاله، لاجتثاث النازية في ألمانيا ما بعد الحرب، حيثُ حُظر الصليب المعقوف، وصور هتلر، ومراسيم ماك آرثر، في اليابان المُحتلة، التي أزالت كُل مظاهر النظام العسكري.)) ([1]) ومن المعروف تاريخياً، مقدار الظُلم الذي لا زالت الأدبيات المُختلفة، تتناوله بالبحث والتحليل، عن ما عانته شعوب العديد من الدول، من التصرفات الهمجية لؤلئك القادة، وما عانتّهُ شعوبَ دولٍ عديدة من حروبِهم، التي حاولوا من خلالها، فرض هيمنتهم على أوربا، أولاً، ثم منها تمتدُ لقاراتِ أخرى.

 

المقارنة الأمريكية بين حزب البعث، وبين تلك الأحزاب، غير دقيقة، فتلك الأحزاب تتسم بأنها عنصرية، سادية، ذهب ضحيتها الملايين من البشر، في حين لم يكن حزب البعث، مذهبي / طائفياً، أو عرقياً، بل كان حزباً، جمع فكرهُ بين الوطنية، والقومية، وسعى إلى الارتقاء بالأمةِ العربية، إلى مصافِ الحضارات السائدة كونياً، ولم يكن فكره عدوانياً، بقدر ما كان يسعى إلى شمل الأمة العربية، قدر المُستطاع، ولكن على الطرف الآخر، لا يُمكنُ التغافل عن جنوحِ قادته، إلى ما كان يجب عدم الجنوح إليه، الذي اعترف به بشجاعةٍ فائقة السيد عزت الدوري سيما ما يتعلق بدخول الكويت، وما يُقالُ عن غيرِ هذا الأمر، فهو موزع، بين مُبالغٌ فيه، ومُختلق، سيما وأن المُحتل الأمريكي، هو مَنْ يتحكم بمسارات الإعلام الكونية، التي يُعرفُ عنها، أنها تجعل من الباطل حقيقة واقعه، من خلال فبركة مجموعه من الأباطيل على أنها حقائق.!

 

ثم أن الطامة اللا إنسانيةِ الكُبرى الأخرى، التي تضمنها القرار، أنه عند التدبر في كلماته التي تقول "اجتثاث البعث من العراق"؟ نجد أن العراق من شماله إلى جنوبهِ، مشمول باجتثاث البعث، بمعنى أنهُ جاء بصيغة العمومية المُطلقة، وبذلك أباح لتلك الحكومات، لتضع أحرار شعب العراق تحت مطرقة اتهامهم بـ "البعث"، أي أنه لم يأتِ قراراِ مُحدداً بمؤسسات معينه في الدولة العراقية ؟! حيث يجري فيها "اجتثاث" المُنظمين لذلك الحزب؟ وهذا بحد ذاته تفكير أمريكي / صهيوني دموي بشع، غايته وكما سنشيرُ لاحقاً، خلق فوضى دموية عراقية / عراقية لا يُمكن تجاوزها بسهولة.

 

1- خلفية إصدار قرار اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي من العراق من قبل الاحتلال الأمريكي :

يوم الاثنين 12 / 5 / 2003 وصل ال : "بول بريمر" إلى العاصمة بغداد المُحتله، كأول مندوب / مفوض سامي يحكُم العراق تحت حراب الاحتلال الأمريكي، قادماً من الجارة الإسلامية، والعربية الكويت، التي انطلقت منها جحافل القوات البرية، والجوية، و .. إلخ لغزو واحتلال العراق، ناهيك عن الطلعات الجوية لذلك الاحتلال لمدة ما يزيد على 12 عاماً، تنطلقُ من مطاراتِ تلك الجارة، وغيرها من الدول الإسلامية / العربية، لقصف مُنشآت العراق، وقتل أبناءه، و .. إلخ، فمُبارك لقادةِ تلك الدول، ومَنْ شاركهم في ذلك، ما ينتظرِهُم يوم اللقاء مع الله تعالى، حيث ستُحاججُهُم تلك الدماء / الأرواح، التي قُتلت؟! فهم شاءوا، أم أبوا، على ذات مسارات، الرئيس المصري "حُسني مبارك"، الذي قاد حملة لا شرعية، ولا قومية، لا بل، لا أخلاقية لغزو واحتلال العراق، أعترف بها الرئيس "بوش" ذاته علناً، وبدون مواربة.؟! ويكفي لذلك الرئيس، أنَّ الجيل الثائر ضدهُ، من الشباب المصري، قد ولدو / نشئوا في عهدهِ، ثم أنهم مَنْ داس صورته بأحذيتهم؟ وشاهد ذلك بنفسهِ؟! ثم هُم الذين، وصفوه بلافتات كبيرة، بـ "الخنزير" و ب : "أرحل يا طاغية" و .. إلخ؟! وهو لا زال في الحُكم ويمتلك السلطة؟! ولم يستطع سوى الرضوخ، والتنحي عن الحكم؟! فأليست هذه عقوبات دنيوية مُبكرة؟ تؤكد أنَّ ما ينتظرهُ عند الله تعالى، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، من عذابٍ يستحقه؟! ومَنْ ساهم معهُ، بغزو واحتلال العراق، وتشريد أبناءه، وسرقة ثرواته، وانتهاك شرفه، و .. إلخ.

 

يوم الخميس 15 / 5 / 2003، عقد ال : "بريمر"، اجتماعاً مع سلفهِ، الجنرال المُتقاعد "جاي غارنر"، للتعرف على سُلطة الائتلاف، التي يقول عنها "بريمر" ذاته : (( كان مستشارونا الكبار، يُشكلون صلب سلطة الائتلاف المؤقته، وسيُعيّنون في الوزارات العراقية، وسيعملون مع نظرائهم الموظفين العراقيين المدنيين الكبار، لإعادة إدارة عجلة العمل في تلك الوزارات .. )) ([2])، وهذا "الاعتراف البريمري"، يُعدُ شاهداً من شواهد عده، تدحض فيها ادعاءات، القائمين على السلطة في العراق، من أن الاحتلال الأمريكي لا يتدخل في عمل حكوماتهم؟

 

قبل نهاية الاجتماع، ألقى الـ "بريمر" على المُجتمعين، قراره ولم يمضِ على وجوده في بغداد المُحتله، ومُمارسته لصلاحياته، إلا أيامٍ ثلاثة لا غير، قرارُهُ الذي تلاه على المُجتمعين، تضمن وفق قولهِ، ما نصه : (( قبل أن ينتهي الاجتماع، أبلغتُ المجموعةَ بأنني سأصدرُ أمراً ([3]) باجتثاث البعث، عما قريب .. ؟!)) ([4]).

 

المهم في الأمر أعلاه، هل أنَّ قرار الـ "بريمر" أعلاه، من بناتِ أفكاره، بمعنى : أنه لمّا كان حاكماً مُطلقاً للعراق بسلطاتِ واسعه، فمن حقه أنْ يصول، ويجول بقراراتهِ التي تُحقق أهداف ذلك الغزو والاحتلال؟!

 

الإجابة ببساطه : أنها لم تكن من بنات أفكارهِ؟

أما كيف أنها لم تكن كذلك؟

 

فُيجيب هو على هذا التساؤل، بما نصه : (( في 9 أيار / مايو (2003)، وهو آخر يوم تحضيريّ لي في البنتاغون، أعطاني دونالد رامسفيلد أوامر التكليف في مُذّكرةِ، وقد شدّدت مُذكرة رامسفيلد، فيما شدّدت عليهِ من تعليمات، على ما يلي : "سيُحارب الائتلاف بقوةٍ، أركان نظام صدام السابق-حزب البعث وفدائيي صدّام (المُقاتلين غير النظاميين الذين أزعجوا قواتنا في أثناء زحفها على بغداد) ([5]) .. إلخ، وسنوضح بأن الائتلاف سيقضي على بقايا نظام صدام حسين.)) ([6]).

 

إذن كان هُناك إصراراً مُسبقاً، من قيادة البيت الأبيض، على تصفية كُل ما يتعلق بمؤسسات الدولة العراقية دون استثناء، على أساس أنها من بقايا نظام الرئيس / الشهيد صدام حسين "رحمة الله تعالى عليه وعلى المُسلمين كافه"، وهذا بحد ذاتهِ، يعني تصميم من البيت الأبيض، على تنفيذ إستراتيجيته، التي ننعتُها، ب : "إستراتيجية خلق الفوضى المُهلكة في العراق"، وهذا بحد ذاته أيضاً، ينفي مَنْ يدعي من الباحثين، والمُحللين، و .. إلخ، بأنه لم تكن هناك إستراتيجية أمريكية، واضحة المعالم في العراق، بعد استكمال غزوه واحتلاله؟ فالإستراتيجية إذن لما بعد الغزو واحتلال هي : "إستراتيجية الفوضى المُهلكة في العراق"، ويؤيد رؤيتنا هذه، ويؤكدها بقوة، السنوات الثمانية العجاف، ونحنُ في السنة التاسعة منهُ، ونسألُ الله تعالى اللُطف، تُثبت أن تلك الإستراتيجية قد تم تنفيذها حرفياً، ولا زالوا، حيثُ أصبح العراق "محرقة موتٍ حقيقةٍ لأبنائه"؟!

 

"أوامر التكليف" آنفة الذكر التي استلمها ال : بريمر" من "ال : رامسفيلد"، ترجَمتُها في مُفردة منها، أمراً جاهزاً، مطبُوعاً، أطلع عليه، ال : بريمر"، يؤكدُ على حلِ حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، حال وصولهِ العاصمة المُحتلة بغداد، هذا الأمر الجاهز، يقول عنهُ، ال : بريمر"، بالحرف :

 

(( في ذلك الصباح (المقصود : 9 أيار / مايو 2003)، ، أطلعني وكيل وزارة الدفاع "دوغلاس فيث" على مسودةٍ أمرٍ، يدعو إلى "اجتثاث البعث من المُجتمع العراقي"، وقد شدّد على الأهمية السياسية للمرسوم "علينا أنْ نُظهر للعراقيين أننا جادون بشأنِ بناء عراق جديد، وذلك يعني أنَّ أدوات القمع، التي استخدمها صدام، لا دور لها في الأُمة الجديدة"، ورغم عدم ورود ذكر للجيش النظامي في المسودة، كنتُ أعرف أن والت سكوت، كبير مُستشاري الائتلاف لشؤون الدفاع والأمن، بدأ يبحثُ مُستقبل الجيش، بعد أنْ اتضح انهيار صفوفهِ واختفاؤه.)) ([7]).

 

بما لا يقبل الشك، كان ال : "بريمر" شخصياً، مُتحمساً لمثل هذا الموضوع، وغيرهُ الأكثر، ما دام يُحقق إستراتيجيتهم آنفة الذكر، لذا، فإنه بدوره سارع وفق قولهِ، ب : (( صورتُ المرسوم بالماسوح .. )) ([8]).

 

الاحتلال الأمر ألأمريكي، كان مُستعجلاً جداً في إصدار المرسوم أعلاه، وكانت في نية "فيث" أنْ يتم إصداره، في ذاتِ اليوم أعلاه، الذي أطلع عليه ال : "بريمر"، الذي اعترض، وطلب التريث لحين وصولهِ، إلى بغداد المُحتله، حيث سيكون لهُ شرف، إصدار ذلك المرسوم منها، سيما وأنها عاصمة حزب البعث، حيثُ يحكم، حيثُ يقولُ حول هذا الموضوع، وبالحرف :

(( قال فيث : "إننا نُفكر في أن يصدر جاي([9]) الأمر ليوم".

 

قُلت : مهلاً، إنني أوافق على الأهمية الشديدة لهذه الخطوة، بحيث اعتقد أنه يجب الانتظار حتى أصل هناك."

وافق "فيث على التريث، لكنه حدثني على إصدار الأمر، بأسرع ما يُمكن بعد وصولي إلى بغداد، وشدّد على نقطةٍ أخرى، في مُذكرة رامسفيلد، تنصُ على وجود تنفيذ المرسوم " .. حتى لو أحدث إزعاجاً في الإدارة". ([10]).

 

أبلغتُ "فيث" بأنني سأبحثُ توقيت إصدار المرسوم مع رايان وكركوكر وفريق الحُكم الإداري في سلطة الائتلاف المؤقته – بعد أنْ أُغادر إلى بغداد، وقد جعلت التسريبات إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمر مُلحاً الآن.)) ([11]).

 

وقبل أنْ أذهب في قراءةٍ تحليلية لما ورد آنفاً، ساءلتُ نفسي : هل هُناك، قراراً سلبياً آخر، قبل مسودة المرسوم أعلاه، كان قد صدر، من قِبل سُلطات الاحتلال، يتعلق بحزب البعث العربي الاشتراكي؟

 

وجدتُ ضالتي في ذلك! نعم .. كان هُناك قراراً آخر، قد صدر قبل مسودة المرسوم أعلاه؟

يا ترى ما هو هذا القرار؟ ثم أذا كان هُناك قراراً قد صدر؟ فلماذا صدر المرسوم أعلاه؟ ألم يُحقق القرار الأول، غاية الاحتلال الأمريكي في تنفيذ إستراتيجيتهم أعلاه؟

نعم لم يكُن القرار الأول، يُشبع غريزتهم الإرهابية / الدموية في خلقِ الفوضى، بين شرائح المُجتمع العراقي؟ فكان لا بُد من قرارٍ آخر اشد ذلك؟

القرار الأول، لم يُكن حلاً لحزب البعث العربي الاشتراكي، بل كان أخف منهُ وطأةً : كان حظراً لحزب البعث ؟ وشتان ما بين "الحظر" و "الحل"؟

 

ذلك القرار بحظر حزب البعث، يقولُ عنهُ ال : بريمر : ((وكان الجنرال فرانكس، قد حَظر حزب البعث في "رسالة الحُرية" التي وجهها في 16 نيسان / أبريل (2003)، وهذا الأمر يُخلصُ، الحكومة العراقية، من المجموعة الصغيرة، من المُخلصين الحقيقيين في المناصب العُليا للحزب، والذين ارتكبوا جرائمهم باسمه، ويُنظف البلاد من أيدلوجية حزب البعث.)) ([12]).

 

ولكن المُشكلة هنا، وهي حتماً غير مُستعصية، التي تتطلبُ حتماً، العودة إلى النص الأصلي، من مُذكرات "بريمر"، لحل العُقدة أدناه، ولا بديل آخر غير ذلك، وهذا ما لا أستطيعُ، أنا كاتب هذه السطور، القيام بهِ حالياً، ولعل مَنْ سيقرأ بحثي هذا، في المُستقبل، قد يتطوع، للعودة لذلك النص، وحل العُقدة التي أقصدُها، وهي : أن "بريمر" ذكر في مكان آخر، من مُذكراته أن : "فرانكس قد حل حزب البعث" وليس كما ورد أعلاه "حظر حزب البعث"، وشتان أيضاً بين التعبيرين، فقد ذكر الـ بريمر ما نصه : ((وبعد أنْ استعدنا، أن الجنرال فرانكس، أعلن عن "حل حزب البعث العراقي" في أواسط نيسان / أبريل (2003)، فإن الأمر يُنفّذ الإعلان "بإلغاء هياكل الحزب، وإبعاد قيادتهِ، عن مواقع السلطة، والمسؤولية في المُجتمع العراقي"، وكان ذلك يهدفُ، إلى ضمان ألا تتعرض الحكومة التمثيلية الجديدة في العراق، لتهديد البعثيين العائدين إلى السلطة.)) ([13]).  

 

قبل أن أتناول ما ورد أعلاه بالتحليل، وجدتُ من المُهم جداً العودة إلى معاجم اللغة العربية، للتمييز لغوياً بين "حظر" و "حل"، و "اجتثاث"، ويُمكن من خلال معانيهما، تدبر / استنتاج المقصود بكُلٍ منهم :

 

●    المعنى اللغوي ل : "حظر" :

بيّن اللغوي الكبير "ابن منظور"، في مُعجمهِ "لسان العرب"، معنى الكلمةِ أعلاه، بما نصهُ :

(( حظر : الحطر : الحجر، وهو خلاف الإباحة. والمحظور : المُحرم. حظر الشيء يحظره حظرا وحظارا وحظر عليه : منعه، وكل ما حال بينك وبين شيء، فقد حظره عليك .. وحظر عليه حظر : حجر ومنع .. ([14])، وقال في ترجمة حظر : الهشيم ما يبس من الحظرات فارفت وتكسر، المعنى أنهم بادوا وهلكوا فصاروا كيبيس الشجر إذا تحطم. )) ([15]).  

 

●    المعنى اللغوي ل :  : حل" :

بيّن اللغوي الكبير "الرازي"، في مُعجمهِ "مختار الصحاح"، معنى الكلمةِ أعلاه، بما نصهُ :

((ح ل ل : حل العقدة فتحها فانحلت وبابه رد يقال يا عاقد اذكر حلا وحل بالمكان من باب رد وحلولا ومحلا أيضا بفتح الحاء .. )) ([16]).

 

●    المعنى اللغوي ل : "اجتثاث" :

بيّن اللغوي الكبير "ابن منظور" في مُعجمهِ "لسان العرب"، معنى الكلمةِ أعلاه، بما نصهُ :

(( جثث : الجث : القطع، وقيل : قطع الشيء من أصله، وقيل : انتزاع الشجر من أصوله، والاجتثاث أوحى منه، يقال : جثثته، واجتثثته، فانجث. ابن سيده : جثه يجثه جثا، واجتثه فانجث، واجتث. وشجرة مجتثة : ليس لها أصل في الأرض. وفي التنزيل العزيز في الشجرة الخبيثة : اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، فسرت بأنها المنتزعة المقتلعة، قال الزجاج : أي استؤصلت من فوق الأرض. ومعنى اجتث الشيء في اللغة : أخذت جثته بكمالها. وجثه : قلعه. واجتثه : اقتلعه. وفي حديث أبي هريرة : قال رجل للنبي، صلى الله عليه وسلم : فما نرى هذه الكمأة إلا الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض؟ فقال : بل هي من المن. اجتثت : قطعت .. )) ([17]).

 

ويُلاحظ بشكلٍ واضح الفرق، بين الكلمات الثلاث أعلاه، الذي لا يحتاجُ إلى توضيح، وتعليق أكثر مما ورد أعلاه، ولكن يُمكن القول بأن أخطرهم، هي كلمة "اجتثاث"، ثم تليها كلمة "حل"، ثم تليها كلمة "حظر" ؟!

 

في قراءةٍ تحليلية، موجزة لما ورد آنفاً، نستخلص الكثير، من هذا الكثير :

(1)    لم يكن قرار اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي "قراراً بريمرياً" كما أُشيع، ويُشاع، بل قراراً من قبل القيادة الأمريكية / البيت الأبيض بالذات، تولى ال : "بريمر" تنفيذهُ ليس إلا، وقد يتساءل البعض : ألم يتمكن ال : "بريمر" الاعتراض على تنفيذه؟ أو تأجيلهُ؟ أعتقد أن مثل هذا السؤال، ربما يُعبر عن عدم متابعة السائل / السائلين، لمسارات دوافع الاحتلال على العراق؟ ثم موقف عدد من الدول العربية المُعادي لحزب البعث بالذات، ولهذا كان هذا القرار يُمثل هدفاً كانت تسعى إليه تلك الدول العربية، بما فيهم الجارة الإسلامية / المذهبية إيران، قبل أن يسعى إليه الاحتلال الأمريكي بالذات، فجاء تلبيةً لرغباتهم، التي تُعبر عن مرضهم النفسي، تجاه كل تسمية أسمها "القومية العربية".؟!

 

ثم أن ذات ال : "بريمر"، يملكُ موقفاً سلبياً من حزب البعث، وبذلك تحقق لهُ أمراً، ربما كان يسعى إليه في قرارة نفسهِ، وهو لا زال لم يتسلم مهامه عملياً،  حيثُ هو في العاصمة واشنطن، ألا وهو اجتثاث البعث، والتخلص مما قد يُشكلهُ من تهديد للدول العربية المُسماة "المُعتدلة"، وغيرها.؟!

 

(2)  ربما يؤيد ما ذهبنا إليه، أن مسودة المرسوم أعلاه، لم تكن تتضمن حل الجيش الوطني العراقي الباسل، وهذا ما أعترف بهِ ذاته ال : "بريمر"، ولذا نجد أنهُ بعد أن أصدر قرار اجتثاث حزب البعث، عاد فأصدر قرار حل الكيانات الأخرى-الجيش، والأجهزة الأمنية، ووزارة الأعلام- و .. إلخ بأمره التشريعي الرقم "2" في 23 أيار / مايو 2003، وكأن مرسوم اجتثاث البعث، قد ذكّره، أو شجّعَه، أو دفعهُ ليجتث تلك الكيانات، التي وصلت إلى اجتثاث شرطة المرور، التي تتولى تنظيم السير في الطرق العراقية؟ فما شأن شرطة تلك بالنظام السائد خلال الحكم الوطني؟!

 

(3)  من المهم أيضاً اٌلإشارة، إلى أن مرسوم اجتثاث حزب البعث، لم يكُن قراراً جماعياً للإدارة الأمريكية، فمن المؤكد كان هُناك مَنْ يُعارضهُ داخلها، لأنه سيؤدي إلى فوضى لا تُحمدُ عُقباها، وهذا ما جرى فعلاً؟! وما يؤكد رؤيتي هذه أن "فيث" قد ألح على ال : "بريمر" بسرعة تنفيذ المرسوم، حتى : " وإن حتى لو أحدث إزعاجاً في الإدارة"، وكما مُشار أعلاه.  

 

(4)    صقور الحرب على العراق، فضلاً عن مَنْ اشرنا إليهم آنفا من الدول المُعادية لحزب البعث، لم يعجبهم قرار الجنرال فرانكس، بحظر / حل حزب البعث، لأنه سيُبقي كياناتهِ قائمة، وشخوصه موجودة، و .. إلخ، سيما وأن الحظر / الحل، بلا شك أخفُ وطئتاً من "الاجتثاث"، الذي كان، ولا زال وقعه كبيراً جداً، على العراقيين، حتى وإن لم يكونوا من المُنضمين لحزب البعث.

 

(5)  من وطأة مرسوم "الاجتثاث لحزب البعث"، أنه أباح / أعطى الضوء الأخضر، علناً من قبل سلطات الاحتلال، للأحزاب، والميلشيات، و .. إلخ التي جاءت معهُ، لقتل / تصفية البعثيين بمجرد أنهم منتسبين لهُ، بغض النظر عن درجتهم الحزبية، والظروف التي دفعتهم للانضمام إليه، بحيث أنَّ المُستهدف، يكفي أن يُقتل / يُعتقل / يُعذب / يُفصل من وظيفته / لا يُمنح حقوقه التقاعدية، و .. إلخ، لمُجرد كونهُ بعثياً؟! وبذلك تمت عمليات تصفية لا شرعية، نازية / فاشية ضد المُنتمين للحزب المذكور.

 

(6)  ومما شجع على ما ورد آنفاً، أنَّ المرسوم، قد تضمن، عبارة : "اجتثاث البعث من المُجتمع العراقي"، وهذا يعني أن المُجتمع العراقي قد أُستبيح قتلاً، واعتقالاً، وتعذيباً، و .. إلخ؟ فكُل مَنْ لا يُريده الاحتلال، أو الأحزاب القادمة معه، يُتهم بأنه بعثي؟ وهذا ما أثبتته السنوات الماضية مصداقيته، حيث منه : منع الآلاف من المُرشحين للانتخابات مجالس الحكم المحلية، والمجلس التشريعي / البرلمان  في العراق من الاشتراك تحت جريرة أنهم : "بعثيون".؟! و .. إلخ، وهذا ما أعترف به "بريمر" بنفسهِ، خلال اجتماعه مع الخمسة من أركان سلطته، بالقول : (( قُلت : "إننا لا نعرف العراق، كما يعرفهُ العراقيون أنفُسهم"، لذا علينا إشراك العراقيين، الذين يتحلون بالمسؤولية، منذُ البداية في عملية اجتثاث البعث، كما أن علينا الاعتراف، بأنهُ ليس كاملاً، لكنه يحتوي على قدرٍ من المرونة.)) ([18]). ثم يعود ويُكرر، ذات الأمر، ولكن بشكل أكثرُ وضوحاً، من جهة، وأنه أعلن رسمياً من جهةٍ أخرى، أنَّ مهام تنفيذ "قرار اجتثاث البعث" ستقع على عاتق، الحكومة العراقية المؤقته، التي سيُشكلها "بريمر" ذاته، بعد أسابيع من صدور قرار الاجتثاث، وبذلك فتح الباب على مصراعيه، لشن أكبر حربٍ دمويةٍ قذرةٍ، فاشية، لا إنسانية، بين أفراد المجتمع العرقي، وبالذات ضد منتسبي حزب البعث، وكان ذلك  "القرار البريمري" قد أعلنه هو ذاته، في لقاءه مع الصحافة العراقية وغيرها، يوم الجمعه 16 أيار / مايو 2003، بعد أن وقع على القرار رقم "1" لسلطة الائتلاف المُتضمن "قرار اجتثاث البعث من العراق"، بقولهِ، وبالحرف : (( وأضفتُ بأن العراقيين، سيكونون أقدر، على التمييز الدقيق اللازم للسياسة العادلة، "لذا سنُسلّم، تطبيق عملية اجتثاث البعث، إلى حكومة عراقية مؤقتة، بأسرع ما يُمكن.؟!)) ([19]).

 

وكان صادقاً في تشخيصه هذا، حيث يروي ذاته، ما يؤيد رؤيته الفاشية هذه، بقوله : (( ومن أولى أولوياتي ضمان أن تكون النساء جُزءاً من الحكومة الجديدة .. (فجرى) تنظيم اجتماع في 29 أيار / مايو (2003) مع ثلاثين امرأة قيادية عراقية .. رحبتُ بالنساء في إحدى غرف الاجتماعات المُزينة في القصر .. فُجأة بعد عشرين دقيقة، صاحت إحداهن، وهي عضوة في الرابطة النسائية، إحدى المُنظمات الشيوعية، التي تسامح معها صدام ثم قمعها، "هناك بعثيتان في هذه الغرفة"!

وصاحت امرأة واقفة في الجهة المُقابلة من الغرفة، ويبدو أنها هي المُستهدفة، بهذا الاتهام : "إذا كانت هذه هي روح مثل هذهِ الاجتماعات، فإن ذلك أمر مؤسف لمُستقبل الشعب العراقي"!

 

تدهور الاجتماع عندما انضم الجميع إلى الصُراخ، ولم يستطع مُترجمي مُتابعة ما يجري، في النهاية تمكنتُ من فرض النظام .. )) ([20]).

وقد كانت المرأة التي صرخت : "إذا كانت هذه هي روح مثل هذهِ الاجتماعات، فإن ذلك أمر مؤسف لمُستقبل الشعب العراقي"! صادقة بصرختها؟ فكُل ما جرى في العراق مؤسف، غرز مرارتهُ الاحتلال الأمريكي، وبذلك التشخيص "البريمري" تحول الصراع على اجتثاث البعث، كما أشرنا إلى أيادٍ بين عراقية، وبين غريبةٍ قادمةٍ مع المُحتل.

 

(7)  تملص الائتلاف المُحتل للعراق، من تطبيق القرار أعلاه، وتركه للحكومة العراقية المؤقته القادمه، برّرهُ "بريمر"، في مؤتمره الصحفي أعلاه، بقوله : (( كررتُ أن الائتلاف، سيرتكبُ أخطاء في انتقاء العراقيين الذين عليهم ترك مناصبهم، والذين سيحتفظون به .. ؟!)) ([21])، وبذلك نجح الائتلاف المُحتل بشكلٍ كامل، في زرعِ بؤرة حقدِ، لا إنسانية في المُجتمع العراقي، حيث طرح ذلك القرار، ثم تنحى جانباً، وترك التصفية اللا انسانية للآلاف الآلاف، إن لم يكن قد تجاوز الملايين من مواطني شعب العراق، من قبل الأحزاب السياسية العرقية، والطائفية، وميلشياتها لتعمل بحرية، في ما تُريده من دموية، ضد مواطني المجتمع العراقي، تحت جريرة أنه "بعثي"، سيما، وأنه قد أصبح خلال فترة قصيرة، أن قرار "اجتثاث البعث من العراق" من أولويات برامج الحكومات، التي تعاقبت على الحُكم في العراق.

 

2- آلية تنفيذ المندوب / المفوض السامي الأمريكي في العراق "بول بريمر" لمرسوم اجتثاث البعث :

أ‌-     لم نجد، نحنُ أبناء العراق، سمة من سمات الإنسانية، في شخصية ال : "بريمر"، سيما وأنَّ آثاره، ومُنجزاته اللا إنسانية قد عمت المُجتمع العراقي برمته، حيث قلب دولةً، ذا تاريخ مؤسساتي ناجح بدرجة عالية، رأساً على عقب، بالرغم من الحصار الكوني الذي فُرض عليها، وأنتقص من كفاءتها، إلا أنها بشكلٍ عام، كانت تلك المؤسسات، تعمل أفضل بكثير، من عمل مؤسسات مئات الدول، التي كانت تعيش بعيداً عن حصار أسمه "الحصار الكوني"، ربما كانت عدم إنسانيته هذه، قد جاءت في مُفردةٍ منها، بانتقاله خلال ثواني من عُمر الزمن، من مُجرد سفير مُتقاعد، إلى حاكم لدولة، نفوسها حوالي 30 مليون نسمة، تاريخها يمتد بعمر الزمن، إلى ما قبل الميلاد، وهو الذي يفتقده، التاريخ الذي ينتمي إليه ذلك الـ"بريمر"، وكذلك الدولة التي ينتسب إليها، حيث يقول : (( قبل شهر واحد، كنتُ مُجرد سفير سابق، يعيش سعيداً، بعيداً عن البيت الأبيض، ويعملُ في القطاع الخاص، حيث أديرُ قسم إدارة الأزمات، في الشركة الأمريكية الكبيرة "مارش أند ماكلينان .. ([22]) الذي كان يستغرق وقتي منذُ ثمانية عشر شهر .. ))([23])، ثم فجأةً، يُصبح وفق ما يصفهُ بنفسه : (( وباعتباري أرفع موظف أميركي في بغداد، سأكون المبعوث الشخصي للرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش"، وتمر سلسلة القيادة التي تعلوني من خلال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد إلى الرئيس مُباشرةً، وسأكون صاحب السلطة العظيمة الوحيد .. ؟!)) ([24]).

 

الرئيس بوش يُقلد المندوب / المفوض السامي الأمريكي في العراق "بول بريمر" ميدالية الحُرية بعد نجاحه بامتياز في تنفيذ

"إستراتيجية خلق الفوضى المُهلكة في العراق"

 

هذه الطفرة التي نقلته من حيث العمل الوظيفي من أسفل الهرم إلى قمتهِ، تُلزمُهُ أنْ يكون تحت حُسن الظن لدى قيادته، وهذا لا يتحقق، إلا بتنفيذ إستراتيجية الاحتلال آنفة الذكر، أنْ يكون العراق مُحرقة موت لأبنائه؟!  وقد نجح في ذلك نجاحاً مُذهلاً، أجبر الرئيس بوش أنْ يمنحهُ "ميدالية الحُرية"؟! نعم .. "ميدالية حُرية قتل شعب العراق .. "؟!

 

لكنني أدركتُ أن "الإزعاج الإداري" الذي ذكرهُ رامسفيلد، يُمكن أنْ يتسم بالكثير من عدم اللائمة، فالبعثيون الكبار، شكلوا قيادة كل وزارة، ومنظمة عسكرية عراقية، ويحظر الخدمة العامة عليهم، فإننا سنجعل إدارة الحكومة أكثرُ صعوبة، من جهةٍ أخرى، كنتُ مُرتاحاً إلى حد ما، لمعرفتي أن التكنوقراطيين غير السياسيين، هم اللذين يشغلون المؤسسات.)) ([25]).

 

ثم يعود إلى القول : ((على الرغم من أن الأمر، سيمنع 1 بالمئة فقط، من أعضاء حزب البعث من شغل مناصب عامة، فإنني كنتُ أُريد التثبت من التركيز على الأشخاص المُناسبين، وقد اتفق الجميع على أن ذلك صعب، لرداءة حالة استخباراتنا.)) ([26]).

 

بدايةً سعى "بريمر"، إلى أنْ يُغلّب صفة الطائفية / المذهبية، بشكلٍ مُبكر جداً على حزب البعث العربي الاشتراكي، سعياً منهُ، ومَنْ هُم على شاكلتهِ، في جعله حزباً طائفي / مذهبياً سنياً حصراً، فهم الذين يتولون مناصبُهُ القيادية، و .. إلخ من تسريبات، غايتها تشويه صورة ذلك الحزب، الذي كان على غير ما كان يتهمُهُ به ذلك الـ "بريمر"، ولهذا فإنه بدايةً، غلّب أتباع المذهب الذي ذكرهُ أعلاه، على المناصب القيادية في الحزب، وعدّ غيرهم من المذهب الآخر، ليسوا إلا القاعدة، التي تأتمر بؤلئك القادة من المذهب النظير الآخر؟ ولعمري ما هذا، إلا كلاماً يستصغِرُ نفسَهُ بنفسهِ، لأن تاريخ الاستعمار يؤكد على ترويج مثل تلك الخرافات، لتحقيق غايتهم اللا أخلاقية، وهي خلق شروخاً مذهبية / طائفية دموية بين أبناء المُجتمع الواحد، فحزب البعثُ كان يضمُ شخصيات كثيرة جداً، من المذهبين في قمةِ مستوياتهِ الهرمية نزولاً، ولم يكن انضمامهم وفقاً لمذهبيتهم، بقدر ما كان يتوقف، على تاريخهم في خدمة شعب العراق، ولا نخفي أن الولاء / الطاعه في حينه للرئيس / الشهيد صدام حسين "رحمة الله تعالى عليه وعلى المُسلمين كافة"، كان لهُ حيزاً ذا تأثير، بهذا الخصوص.

 

وبذات الوقت، فإن التقديرات عن أعداد البعثيين، غير متوفرة لدى دوائر البيت الأبيض بشكلٍ دقيق، ولذلك، نجد أن "بريمر" يصف استخبارات الأمريكية، بـ "الرداءة"، وهو نعتٌ تستحقهُ فعلاً، فهي لم تكن رديئه فقط بمثل الأمر البسيط أعلاه، بل كانت أكثرُ رداءةً، عندما أكدت، أن العراق يملك أسلحة محظورة أُممياً، فشنت الغزو، والاحتلال، ثم تبين أن الأمر، لم يكن إلا كذبة أمريكية، ليس إلا، ولم تكن تلك الاستخبارات، التي تمتلك من القدرات الفائقة الكثير، أنْ تتأكد من أن العراق يملك / لا يملك أسلحة محظورة، ولجان التفتيش الأُممية، تصول وتجول في طول العراق، وعرضه.؟! 

 

يقول "بريمر" وهو في ذات اليوم الذي اجتمع به مع سلطة الائتلاف، ألا هو يوم الخميس 15 / 5 / 2003، ولكن من حيث التوقيت كان مساءاً، أن : ((اجتمعتُ برايان، وخليفتهُ المُسمى، سكوت كاربنتر – نائب وزير الخارجية للشؤون الإنسانية- وأثنين من مسؤولي الحُكم الإداري لدينا، ميغهان أوسوليفان([27])، ورومان مارتينيز([28])، في وقتٍ لاحق من مساء ذلك الخميس.

 

كان مكتبي الصغير، الذي يواجه مؤخر القصر مُزدحماً، وحاراً، بوجودنا نحنُ الخمسة بداخلهِ، وكان كُل منا يحملُ نسخة من الأمر رقم "1" لسلطة الائتلاف المؤقته : "اجتثاث البعث من العراق".

 

حمل رايان النسخة العربية الرسمية، إلى جانب النص الانكليزي للتحقق من أنَّ كُل كلمة تُرجمت صحيحة.

قلتُ، "وقع البيت الأبيض، ووزارة الدفاع والخارجية على هذا الأمر، لذا نقرأه مرةً أخيرة، وسأوقعه ما لم يكُن هناك خطأ كبير في اللغة.)) ([29]).

 

يُلاحظ على ما ورد آنف :

(1)    أن مُناقشة آلية إصدار، قرار اجتثاث البعث من العراق، قد أنحصر في دائرةٍ ضيقةٍ جداً، عددها خمسة أفراد فقط، وكما أشار "بريمر" بذلك أعلاه، ولم يُشارك أياً من الشخصيات التي جاءت بالمحتل الأمريكي / ومعهُ في هذا النقاش.

 

(2)    أن الموضوع المُهم الذي أثاره "بريمر"، هو أن القرار أعلاه، قد تم التوقيع عليهِ من قبل البيت الأبيض، ووزارة الخارجية، فضلاً عن وزارة الدفاع، ولذا أخذ صيغة المرسوم، كما تم الإشارة آنفاً، إذن هناك اتفاقٌ مُسبق، ومُبكر بين الأطرف الثلاثة أعلاه، التي كانت صاحبة القرار الفاعل في غزو واحتلال العراق، على اجتثاث البعث من العراق، وبوقتٍ مُبكر أيضاً.

 

(3)    سعت الأطراف الثلاثة أعلاه، أنْ يكون أول قرارٍ، يصدر عن  سلطة الائتلاف، التي تحكم العراق المُحتل، هو قرار رقم "1"، قرار "اجتثاث البعث من العراق"، وهذا يعكس مقدار الحقد الدفين المُبيت ضد الحزب المذكور، وربما فكر أقطاب الأطراف الثلاثة أعلاه، بأن بمثل هذا القرار، يُمكن أنْ يكسبوا عواطف شعب العراق، من طرف، ومن طرفٍ آخر، أن النصر المزعوم في العراق، لا يتحقق لهم إلا بمثل ذلك القرار، على اعتبار أن حل الحزب، الذي كان يحكُم العراق، دالة من دلالات النصر الأمريكي، هذه الرؤية الخاطئة، تحدث بها "بريمر"، بقولهِ : ((علينا أنْ نُظهر للعراقيين، أننا جادون بشأن بناء عراق جديد، وذلك يعني أنَّ أدوات القمع، التي استخدمها صدام، لا دور لها في الأُمة الجديدة.)) ([30]).

 

(4)    بمثل ذلك القرار، أيضاً، سعى المُحتل الأمريكي، إلى طمأنة الشخصيات، والأحزاب، والدول التي ساهمت بشكلٍ فاعل في غزو واحتلال العراق، بأنْ لا عودة لأعضاء ذلك الحزب إلى السلطة.؟! وهذا فعلاً ما أكدهُ "بريمر" في حديثه مع الخمسة أعلاه، بقوله : (( أوضحتُ، بأنهُ عندما يدخل الأمر حيز التنفيذ، يُمكننا تمييز "الخراف عن الماعز"، لكن علينا التحرك بسرعة، لتغيير الانطباع، بأن الائتلاف أطاح بصدام، لكي يُسلّم السًلطة للصف الثاني من البعثيين.)) ([31])، إذن المهم لدى الاحتلال الأمريكي، أنْ لا يعود حزب البعث إلى الحكم، وهذا يؤكد أيضاً موقف ذات الاحتلال مما عُرفَ بالمصالحة الوطنية، حيث كان مُخادعاً في الدعوة إليها، أكثر مما كان جدياً في الدعوة إليها، وبذات الوقت تصوّر أنه قد حلّ "العقدة العربية" من فكر حزب البعث باجتثاثهِ، وفق ما ورد في معناهُ القاسي اللغوي أعلاه، في حين أنَّ الحقائق الميدانية على الأرض العراقية، تؤكد أنَّ البعث قد زادت شعبيتهُ، وأصبح القبول به، أو عودته بأي شكل من الأشكال إلى مؤسسات الدولة العراقية، وليس بالضرورة للحكُم، ضرورة لا بد منها، للانتشال شعب العراق من محنتهِ التي عليها منذُ عام 2003.  

 

(5)    أن المرسوم الخاص باجتثاث الحزب، الذي بمعية "بريمر" كان كاملاً، وقد تم وضعه في دهاليز الأطراف الثلاثة المُشار إليهم في الفقرة (2) أعلاه، ومهمة الخمسة المُجتمعين، هي مراجعة الترجمة العربية، ومقارنتها مع النسخة الإنكليزية التي جاء بها "بريمر"، والسؤال المُهم هنا، هو : مَنْ وضع متن المرسوم أعلاه؟ بمعنى مجهولية هوية الأشخاص الذين وضعوه، حيث لم يُفصح "بريمر" في مُذكراته عن هويتهم نهائياً.

 

ب‌-  يستمر "بريمر" في بيان آلية إصدار قرار "اجتثاث البعث من العراق"، حيث لا زال الخمسة المُجتمعين، المُشار إليهم آنفاً، يتدارسون مشروع القرار، ليأتي مُتكاملاً، خالياً من أيةِ أخطاء، فكانت اللمسة الأخيرة عليه، التي تضمنت، أمر "بريمر" للمُجتمعين الخمسة، ب :

(( قلتُ : لقد قرأنا جميعاً النص، عدة مرات يا رايان، هل أنتم واثقون من أنَّ الأمر يُحقق أهدافهُ."؟

راجع كُل منا الفقرات الست الموجزة للأمر مرة أخرى ([32]).

 

قال رايان : "الفقرة الأخيرة مُهمة".

قرأتُها بصوتٍ مُرتفع : "يُمكن أنْ يمنح مُدير سلطة الائتلاف المؤقتة، أو مَنْ يسمّيهم استثناءات للتوجيه الوارد أعلاه، على أساس كُل حالة على حدة."

بعبارةٍ أُخرى لدينا المرونة للحكُم، إذا ما كان البعثيون التحقوا بالحزب للتمكن من مُمارسة مهنتهم فحسب أمْ لا.

تفحصت ميغهان مُلاحظاتها، وقالت : "على مُستشاري وزارة التعليم إخراج بعض البعثيين في الجامعة."

فكما كان متوقعاً، فاز البعثيون في انتخابات جامعة بغداد، لأنهم قدّموا أفضل قوائم المُرشحين تنظيماً، لكن السماح بإجراء هذه الانتخابات كان ضرورياً لإنهاء الفصل الدراسي في موعده. .)) ([33]).

 

السؤال المهم : متى وقع "بريمر" على قرار سلطة الائتلاف رقم "1" بـ" "اجتثاث البعث من العراق."؟

يُجيب، "بريمر" على هذا السؤال، بقوله للمُجتمعين الخمسة : (( قلتُ : غداً بعد الظهر، في الصباح سأكون شرطياً صالحاً، عندما سأُوقع أمر اجتثاث البعث .. ([34]) في الصباح الباكر، من يوم الجمعة 16 أيار / مايو 2003 وقعتُ في مكتبي، على الأمر رقم "1" الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة، بحضور رايان([35])، وسكوت،، وميغهان، ومارتينيز.

 

قلتُ : "ستُردد الصحافة، والتلفزيون العراقيان، هذا الخبر دون توقف."

ابتسم هيوم، وقال : "لقد وصلت الأخبار بالفعل، إلى كُل سوق، ومقهى في كُلِ القرى، من البصرةِ حتى أربيل."

قلتُ : جيد، هذا سيُسهل مُهمتي بعد ظهر اليوم.)) ([36]).

 

بعد أن وقع "بريمر" القرار آنف الذكر، عقد بذات اليوم والتاريخ أعلاه، مؤتمراً صحفياً استغرق عشرين دقيقة، تبعه اجتماع آخر، عقده مع كبار مُستشاري الوزارات الأمريكان حصراً، الذين تولوا، ولا زالوا تسيير / إدارة الوزارات، والمؤسسات العراقية، من وراء الكواليس، الذين امتعضوا بدورهم، من قرار اجتثاث البعث، فقد اعترف "بريمر"، بأنهُ : (( كان هناك بحر من الشكاوى، والتذمر، وقال العديدون، بأن الأمر سيكون صعباً جداً، وقد ذكّرتهم بأن توجيه لرئيس واضح : سيُنفذ اجتثاث البعث، حتى إذا جرى ذلك على حساب الكفاءة الإدارية، وقد واجه الجميع وقتاً عصيباً.)) ([37]).  

 

من طرفِ آخر، أعلم "بريمر" أدواته، التي جاءت بالقوات الأمريكية المُحتلة للعراق / ومعهُ، فأجتمع بسبعةٍ من تلك الأدوات التي تُشكل وفق رؤية "بريمر" أنها القيادة التي سيرتكن إليها في تشكيل الحكومة المؤقته وغيرها، وهؤلاء الأدوات السبعة، تسلسلهم وفق ما أوردهم "بريمر" نصاً، هم : أحمد الجلبي، إياد علاوي، جلال الطلباني، مسعود البرزاني، نصير الجادرجي، إبراهيم الجعفري، عادل عبد المهدي، وقد اختارت الأدوات السبعة، هذه بعد خلافات استغرقت، عشرين دقيقة "مسعود البرزاني" مُتحدثاً رسمياً باسمهم. ([38]).

 

بتاريخ 16 أيار / مايو 2003 الذي صادف يوم جمعه، الذي كما هو معروف، عطلة رسمية في العراق، أُلغيت من الناحية العملية من قبل الاحتلال الأمريكي، حيث كانت الاجتماعات، تُعقد خلالها مع تلك الأدوات السبعة وغيرهم، حيث أجتمع "بريمر" مع تلك الأدوات، بعد ظهر يوم الجمعه، وكان الاجتماع الأول بهم، الذي صادف مُتعمداً، بذات يوم توقيعهِ، على قرار سلطة الائتلاف الرقم "1" الذي تضمن، قرار "اجتثاث حزب البعث من العراق"، حيث تم بحث ذلك القرار في ذات الاجتماع : (( بحثنا بعد ذلك مرسوم اجتثاث البعث الذي وقعتُهُ هذا الصباح، أدلى كُل من السبعة بياناً، موجزاً، مُرحّباً ترحيباً حماسياً بهذا الأمر .. )) ([39]).

 

لم يذكر "بريمر" في كتابه، أي نصٍ لتلك البيانات، ويكفي أنه وصفها أعلاه، بأنه : "مُرحّباً ترحيباً حماسياً".

إلا أنه تناول فقط تعليق أحد الأدوات السبعة أعلاه، وهو "أحمد الجلبي" الذي علّق في الاجتماع، ب : (( وقال الجلبي : إنني أحث الائتلاف، على تجاوز المرسوم الذي صدر اليوم، وسلوك مسار أكثرُ إقداماً في اجتثاث البعث. لكن علينا أنْ نُدرك أيضاً، أنّ العديد من العراقيين، أُجبروا على الانضمام إلى الحزب.)) ([40]).

يُعلق بإيجاز "بريمر" على قول الجلبي أعلاه، ب : (( وأشرتُ إلى أن سياستنا صُمّمت على أساس الإقرار بهذا الواقع.)) ([41])، ولم يكُن "بريمر" صادقاً في تعليقهِ، بقدر ما كان مُخادعاً، ومُظللاً.؟

 

ولكنه يعود في مكان آخر ليصف "الجلبي" بأنه من أكبر المؤيدين، لاجتثاث البعث، في حين، كان نظيره "إياد علاوي" على الضد منه، أي لم يكن ميالاً لذلك القرار، الحدث الذي انبثق عنه هذا الأمر، يتمثلُ في أن وزير الداخلية في حكومة "علاوي"، وهو شقيق زوجته، "نوري بدران"، الذي شغل منصب عضو مجلس الحُكم الانتقالي أيضاً، كان قد طلب من "بريمر" في أحد لقاءاتهما بتنفيذ ما أسماهُ : (( [الأولوية الأولى هي إنشاء "وحدة شرطة خاصة" يُجند عناصرها من جنود الحرس الجمهوري السابقين، وتكون بمثابة رد سريع تخضع لإمرة الشرطة، وتتدخل لإحباط هجمات المُتمردين.]

 

المُشكلة لدى "بريمر" في هذا المُقترح، يكمنُ في قولهِ : [ لكنني تساءلتُ، هل يُمكننا الوثوق بهم؟ فقوات الحرس الجمهوري، يُعتبرون، بشكل عام بعثيين مُخلصين، كما أنني أعرفُ أنَّ راعيه، علاوي، وهو عضو سابق في حزب البعث، قبل الانضمام إلى المقاومة في المنفى، يُعارض التطبيق القوي، لسياسة اجتثاث البعث، وتلك جزئياً، طريقة علاوي في الرد على خصمهِ اللدود "الجلبي" أقوى المؤيدين لاجتثاث البعث، على نطاق واسع. ٍ]

الحل للأمر أعلاه، تفتقت عنه ذهن "بريمر" :  [ سألتُ : هل يُمكن التدقيق فيهم بشكلٍ كافٍ؟

أجاب بدران : يُمكن القيام بذلك سعادة السفير

 

قلتُ : حسناً، أمضِ في الأمر، شريطة أنْ يخضعوا لفحص دقيق شامل .. أحرص على العمل عن قُرب مع مُستشارينا في كافة أوجه تدريب الشرطة، يا حضرة الوزير.] )) ([42]).

 

ويُلاحظ أن الغاية، من إنشاء وحدة الشرطة أعلاه، هو للرد على "المُتمردين" وهي التسمية اللا أخلاقية التي يُطلقها "بريمر" على عناصر المقاومة العراقية المُجاهدة، وليس لغرض وضع حد للميلشيات العُرقية، والمذهبية، التي تولت مهمة قتل، وترويع شعب العراق.

 

وقد كان موقف "الطلباني والبارزاني" على ذات موقف "الجلبي"، الذي وصفهُ، "بريمر"، من أنهُ : (( كنتُ اعرفُ من زيارةٍ سابقة، أنَّ الزعيمين الكُرديين، رحبا، بالتحرير، وحل حزب البعث والقوات الأمنية. )) ([43]).

 

بوادر تنفيذ القرار آنف الذكر من قبل سلطة "بريمر" بدأت باعترافات من قبله هو بالذات، أولى هذه البوادر ما يتعلق بمسرحية احتلاليةٍ أمريكية، يعمل عليها منذ عام 2003، تتمثلُ بما يُسمى "تأسيس جيش عراقي جديد"، حيث يقول بصدده "بريمر" : (( ومع ذلك، فإن علينا إيجاد مكاناً للجنود السابقين في المُجتمع العراقي، لذا فقد نص اقتراح سلوكومب، على أن نرحب بضباط من جيش صدام في الجيش العراقي الجديد بأكملهِ من المُتطوعين، بعد تفحصهم بدقة، وعناية، حيثُ لا يُستبعد بصورةٍ تلقائية إلا الذين شغلوا مناصب قيادية في حزب البعث، والذين خدموا في الدائرة الداخلية للقوى الأمنية، كما يُرحب بانضمام الجنود السابقين كمتطوعين.)) ([44])، وفعلاً، لم يتم تشكيل جيشاً عراقياً وطنياً كما يدعي "بريمر" والحكومات التي تعاقبت على حُكم العراق، بل تم تشكيل جيشاً عرقياً، مذهبياً، طائفياً بامتياز عالي، لا حيز للوطنيةِ فيه، نهائياً، ودليلي على ذلك، دليلاً لا يُمكنُ التملص منهُ، أو نُكرانه، يؤكد رؤيتي التي ذهبتُ إليها أعلاه، وهو اعتراف رئيس جمهورية العراق "جلال الطلباني"، بتأسيس الجيش العراقي الجديد على المُحاصصة الطائفية، في لقاءٍ له مع جريدة الخليج ألإمارتيه، بتاريخ 13 / 9 / 2007 وبالحرف بما نصه : ((  وبالنسبة لضباط الجيش الآن 44% منهم من الشيعة، و42% من عرب السنة، والبقية من الكُرد. فيما كان من المفروض، أن يكون عدد الكُرد ، قريباً من عدد الطرفين. فمثلا السنة، حصلوا على مليونين و200 ألف من الأصوات، ونحن الكُرد ، حصلنا على مليونين و900 ألف صوت .. باختصار التوازن، بدأ يتحقق في الشرطة، والجيش، والأجهزة الأمنية الأخرى .. فرئيس جهاز المخابرات سني من العرب، والضابط المسؤول عن الاستخبارات العسكرية، هو كُردي سني. كما أن الأمن الداخلي، مُديره العام كُردي سني. فقط جهاز الأمن، التابع لوزارة الداخلية، رئيسه شيعي. فمذهبيا هذا هو الوضع، وقومياً في تقديري، النقص الأكبر هو بالنسبة للتُركمان، فلم يأخذوا حقهم في التشكيلات .. حيث إن 30% من جهاز الأمن في كركوك من التُركمان و30% من العرب و40% من الكُرد. وكان بإمكان التُركمان أن يكون لهم دور أكبر وحصة أكبر لو كانت الجبهة التركمانية مؤيدة للعملية السياسية ما أدى إلى عزلها وعزل الكثير من التركمان عموما.))([45])؟!

في قراءةٍ تحليلية لما ورد آنفاً، يمكن أن نستخلص :

 

(1) كان "بريمر" وأعوانه الخمسة على درجةٍ من الحرص، في أنْ تكون الترجمة العربية للنص الأمريكي، خاليةً من أي خطأ، تترتب عليه نتائج لا تتوافق مع أهدافهم.

 

(2) رد الفعل المتوقع جراء إصدار المرسوم / القرار وفق رؤيتهم، كان وفق اتجاهات عده، منه :

اتجاه شعبي عراقي : يؤيد بحماسة القرار أعلاه.

اتجاه الأحزاب العُرقية، والطائفية / المذهبية : مؤيدة بحماس للقرار.

اتجاه المستشارين الأمريكان القائمين بتسيير الوزارات العراقية وغيرها من المؤسسات : مُتذمر من القرار، ولا يؤيده، كون معظم الذين يشغلون مناصب ذا أهمية من العراقيين، درجاتهم رفيعة في حزب البعث، ويتطلب اجتثاثُهم، ويؤيد ما ذهبتُ إليهِ، اعتراف "بريمر" نفسَهُ، ب : (( أرسلتُ المُستشارين إلى وزاراتهم، لإطلاع العراقيين على التغييرات الوشيكة، وأبلغ أحدُهم صحيفة "نيويورك تايمز"، على الفور : "بأن أمري فاشي"؟!.))([46])، وأثبتت الأحداث الميدانية لاحقاً، خطأ رؤية الاحتلال الأمريكي في الاتجاه الأول، ودقتهِ في الاتجاه الثاني الذي يُعدُ من البديهيات.

 

(3)  قرار اجتثاث البعث، يعني تعميم قرار الفساد الإداري في الوزارات، والمؤسسات العراقية كافة، مما يعني خلق الفساد المُتعمد فيها، وهذا ما جرى فعلاً، حيث أن موجة الفساد التي تنخر في تلك الوزارات والمؤسسات منذ عام 2003 ولغاية التحرير القريب إن شاء الله تعالى، يكمنُ في عزل الموظفين الأكفاء كونهم بعثيين، وطنيين، مُخلصين بما في عهدتهم من واجبات.

 

(4)  قرار الاجتثاث قاب قوسين أو أدنى من التوقيع، تفوز قائمة حزب البعث في جامعة بغداد، وهي دلالةً على أنَّ رؤية المُحتل الأمريكي، الواردة في الفقرة (2) أعلاه غير دقيقة في أحد جوانبها، وأن الحزب يتمتع بتأييد النخبة المُثقفة العراقية الجامعية، وهذا بلا شك، يُمكن تعميمه على القطاعات الأخرى، بحيث أمسى اجتثاث البعث، وفق رؤية المجتمع العراقي، قراراً غير مُنصفاً، وأنَّ ما يُسمى بالمصالحة الوطنية، بعيدة المنال، خوفاً من عودة حزب البعث للحكُم، بعد أنْ أثبتت السنوات العجاف، من حكم الاحتلال للعراق، أنها لم تكن في مستوى الحكم النازي، بل تتفوق عليه بمسافات هائلة.؟

 

 

ثروت الحنكاوي اللهيبي

Almostfa.7070@yahoo.com

 

 

[1] السفير بول بريمر بالاشتراك مع مالكوم ماك-كونل، عام قضيته في العراق لنضال بناء غدٍ مرجو، دار الكتاب العرابي (بيروت-2006)، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 59.
[2] المصدر نفسه، الفصل الأول: الفوضى، ص 26-27.
[3] تنويه: استخدم المفوض/المندوب السامي الأمريكي في العراق "بريمر" تعبيرين عن هذا الموضوع، فتارةً يقول: مرسوم اجتثاث البعث، وتارةً يصفه بقرار اجتثاث البعث، وقدر تعلق الأمر بنا فقد استخدمنا التعبيرين في هذا البحث.
[4] السفير بول بريمر، المصدر السابق، الفصل الأول: الفوضى، ص 30.
[5] الكلام بين القوسين هو ذاته الذي ورد في المصدر أعلاه، ولم يكن موضوعاً من قبلنا، والمقصود به هو: العمليات القتالية الرائعة التي قام بها مقاتلو/فدائيو الرئيس/الشهيد صدام "رحمة الله تعالى عليه وعلى المُسلمين كافة"، ضد قوات الاحتلال وأوقعت فيهم خسائر بشرية هائلة، سيما في خيرة قواتهم، التي قامت بالهجوم على العراق، التي كانت تسمى تارة "قوات الرعب والصدمة" وتارةً "قوات النُخبة"، وهذا بحد ذاته اعتراف بريمري بقوة عمليات أؤلئك الكرام أبناء الكرام.
[6] السفير بول بريمر ، مصدر سابق، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 55.
[7] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 55-56.
[8] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 56.
[9] المقصود: الجنرال المُتقاعد "جاي غارنر" الذي يحكم العراق قبل وصول "بول بريمر"..
[10] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 56.
[11] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 57.
[12] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 56.
[13] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 58.
[14] أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري، لسان العرب، ج 4، نشر أدب الحوزة، (إيران-قم)، ص 202؛ أنظر كذلك: محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، ج 3، منشورات مكتبة الحياة (بيوت-لبنان)، ص 150.
[15] ابن منظور، لسان العرب، ج 12، ص 612.
[16] محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، ضبطه وصححه أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، ط1 (بيروت-1994)، ص 86.
[17] ابن منظور، لسان العرب، ج 2، المصدر السابق، ص 126؛ أنظر كذلك: الزبيدي، تاج العروس، ج 1، مصدر سابق، ص 608.
[18] السفير بول بريمر، مصدر سابق، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 59
[19] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 63
[20] المصدر نفسه، الفصل الرابع: الرقصة السياسية، ص 113
[21] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 63
[22] المصدر نفسه، الفصل الأول: الفوضى، ص 10.
[23] المصدر نفسه، الفصل الأول: الفوضى، ص 13.
[24] المصدر نفسه، الفصل الأول: الفوضى، ص 10.
[25] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 56-57.
[26] المصدر نفسهُ، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 59.
[27] ميغهان أوسوليفان: يقول عنها "بريمر" ما نصه: ((وهي مُنظمة دائماً... كانت شابه وسيمة من بوسطن، من أصول إيرلندية، ذات شعرٍ أحمر، وضحكةٍ بشوشه، وهي مسؤولة لامعة في وزارة الخارجية، حائزة على دكتوراه في علم السياسة من جامعة أكسفورد، ومؤلفة لكتابين....
المصدر نفسه ، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 57.
[28] رومان مارتينيز: يقول عنهُ "بريمر" ما نصه: ((شاب أمريكي، كوبي، نشأ في نيويورك بجامعة هارفرد، وغالباً ما يبدو أن لديه، تعليقاً ساخراً، لإضفاء البهجة على أكثر الاجتماعات صعوبة، وقد أمضى رومان أشهراً، في مكتب الخطط الخاصة في البنتاغون، وهو يعمل على هيكل الحكومة العراقية الجديدة في سنة 2002؟ وهو على غرار ميغهان، يتميز بفكرٍ رشيق، وخلاق، ويُعرف أمر اجتثاث البعث معرفة عميقة...
تنويه: السنة المذكورة 2002 أعلاه ربما غير دقيقة من حيث الترجمة؟
المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 57.
[29] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 57.
[30] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 56.
[31] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 59.
[32] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 58.
[33] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 59.
[34] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 61.
[35] المقصود: رايان كروكر: أحد أعضاء فريق سلطة الائتلاف، الذي كان يحكم العراق برئاسة الجنرال المُتقاعد "جاي غرنر"، وقد أشار "بريمر" إلى أسماء الفريق في، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 65.
[36] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 62.
[37] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 63.
[38] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 64 و ص 68.
[39] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 67.
[40] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 67.
[41] المصدر نفسه، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 67.
[42] المصدر نفسه، الفصل السادس: لا تُزعجنا بالتاريخ، ص 210.
[43] المصدر نفسه، الفصل الرابع: الرقصة السياسية، ص 123.
[44] المصدر نفسه، الفصل الثالث: ترميم بلد مُحطم، ص 76.
[45] أنظر الموقع الإلكتروني: http://www.iraqipresidency.net، جمهورية العراق، ديوان الرئاسة، المكتب الصحفي، مقابلات: رئيس الجمهورية لصحيفة الخليج: استحالة قيام دولة كردية مستقلة في العراق... اجرت صحيفة الخليج الاماراتية حوارا مع رئيس الجمهورية جلال طالباني في مدينة السليمانية، September 13, 2007.
[46] السفير بول بريمر، مصدر سابق، الفصل الثاني: تولي المسؤولية، ص 63.

 

 





الخميس١٢ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة