شبكة ذي قار
عـاجـل










قامت أسس التعامل الدولي على مبادئ وإحكام ثبتتها الأعراف والمواثيق الدولية التي تبنتها أمم العالم من خلال التنظيمات المؤسسية باعتبارها الإطار القانوني والشرعي الذي ينظم العلاقات بين الشعوب وتعهدت بالتزام هذه المبادئ التي في مقدمتها مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وزعزعة أمنها واستقرارها حيث ان مفهوم احترام الدولة وعناصر كينونتها هو احترام المرتكز الأساسي الذي يقوم عليه مفهوم تعزيز السلم والأمن الدوليين .

ولم يجز ميثاق الامم المتحدة حتى للمنظمة الدولية ذاتها تجاوز مبدأ سيادة الدول والتدخل في شؤونها الداخلية التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة وهذا ما أكدتها المادة (2) الفقرة (7) من الميثاق .

 

كما نص اعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الشعوب المتبناة من الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب القرار 2625 في 24 تشرين الاول – أكتوبر 1970 على المبدأ الخاص بامتناع الدول في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استعمالها ضد السلامة الإقليمية او الاستقلال السياسي لأية دولة او على أي نحو آخر يتنافى مع مقاصد الامم المتحدة ويعد انتهاكا للقانون الدولي ولميثاق الامم المتحدة .

 

كما نصت مبادئ الاعلان على ان : ( على كل دولة واجب الامتناع عن تنظيم اعمال الحرب الأهلية او الأعمال الإرهابية في دولة اخرى او التحريض عليها او المساعدة او المشاركة فيها او قبول تنظيم نشاطات في داخل إقليمها تكون موجهة الى ارتكاب هذه الأعمال ) وبالتالي لا يجوز التدخل بصورة مباشرة او غير مباشرة ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية او الخارجية لأية دولة اخرى وبالتالي فان التدخل المسلح وكافة أشكال التدخل او محاولات التهديد الاخرى التي تستهدف شخصية الدولة او عناصرها السياسية والاقتصادية والثقافية تمثل انتهاكا للقانون الدولي .

 

اما الاعلان الخاص بتعزيز الامن الدولي الذي تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب القرار 2734 (1970) فقد نصت  على دعوة جميع الدول الى الامتناع عن استخدام القوة او التهديد باستخدامها وعن العدوان والتعرض والتدخل وجميع أشكال الارهاب والقمع والاحتلال الأجنبي او تدابير الإكراه السياسي والاقتصادي التي تنتهك سيادة الدول الاخرى وسلامتها الإقليمية وأمنها .

 

ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحميان حقوق الانسان في التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي  الا ان حقوق الانسان لا يمكن ان تمارس بشكل مطلق ومنفلت وانما تمارس بشكل محدد ومشروط قانون أي ان هناك قيود على ممارستها لمحددات تتصل بالأمن الوطني والقومي للدولة وتلك المتعلقة بالمصلحة العامة والنظام العام .

 

ان الولايات المتحدة الامريكية ومعها المجتمع الغربي تتخذ من حقوق الانسان ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول تحقيقا لمصالحها فبعد العدوان الثلاثيني على العراق الذي تجاوز قرارات مجلس الامن الخاصة بإخراج القوات العراقية من الكويت وإعادة الحكومة الشرعية الى السلطة في البلاد عام 1991 ليتحول الى حرب مدمرة لكيان الدولة العراقية العسكرية والاقتصادية والخدمية وإمعانا في التدمير اتخذت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا من الأوضاع التي سادت بعد الحرب وأعمال الشغب التي تلتها وتحت ذريعة توفير المساعدة الانسانية وحماية المدنيين تم فرض منطقة حظر الطيران في شمال العراق بتاريخ     7نيسان 1991 لان القوات الجوية الامريكية ستقوم بالطيران فوق شمال العراق وترمي تجهيزات للاجئين الأكراد وان هذه العمليات مبعثها اعتبارات إنسانية . وتم تشكيل قوة سميت بقوة المطرقة في تركيا واجبها حماية تنفيذ الحظر الجوي  وتحت هذا الستار الانساني المزعوم أدخلت الى شمال العراق 11255 جندي إضافة الى 2200 في قاعدة انجر لك التركية و6349 جندي في البحرية الامريكية شرقي البحر المتوسط .

 

تواصل التدخل الامريكي البريطاني الفرنسي في الشأن الداخلي للعراق لزعزعة استقراره وتهديد وحدته الوطنية وسلامته الإقليمية وتحت ذريعة حماية حقوق الانسان أعلنت الدول الثلاثة فرض حظر الطيران جنوب خط العرض (32) بدعوى حماية الشيعة في جنوب العراق

 

وفي 4 أيلول 1996 وبسبب مساندة الجيش العراقي قوات مسعود البارزاني لصد العدوان المشترك لزمرة الطالباني وإيران عن مدينة اربيل أعلنت الولايات المتحدة توسيع منطقة حظر الطيران الى جنوب خط العرض 33 . وقد انسحبت فرنسا من هذه القوة المشتركة لتبقى الولايات المتحدة وبريطانيا تنفذان هذه العمليات العسكرية العدوانية التي انتهت الى غزو واحتلال العراق في عام 2003 .

 

 وقد ارتكبت القوات الامريكية والبريطانية وقوات العدوان الاخرى أبشع أنواع الانتهاك لحقوق الانسان في العراق كما ان هذه الدول ومجلس الامن ومنظمة الامم المتحدة غضت الطرف ولا تزال عن كل الانتهاكات لحقوق الانسان في العراق من قبل الحكومات المتعاقبة في ظل الاحتلال آخرها القمع الدموي للتظاهرات الشعبية السلمية التي انطلقت في أنحاء العراق حيث استخدمت القوات الرصاص الحي وخراطيم المياه الحارة والعصا الكهربائية إضافة الى إرهاب المواطنين وتهديدهم بالقتل والاعتقال اذا شاركوا في أية تظاهرات سلمية ولم نجد من الولايات المتحدة او بريطانيا فرنسا او الامم المتحدة الا دعوات خجولة تدعو حكومة الاحتلال الى مراعاة حقوق الانسان

 

اما ما تسمى بجامعة الدول العربية فقد التزمت الصمت المطبق لما جرى ويجري في العراق بل خالفت ميثاقها وميثاق الدفاع العربي المشترك عندما منحت حكومة الاحتلال مقعد العراق ولم تعترف بالمقاومة العراقية لحد الآن كممثلة شرعية ووحيدة للشعب العراقي بينما اليوم تتخذ كل الإجراءات بحق السلطة الليبية أرضاء للولايات المتحدة ولتوفير الغطاء العربي لأي عدوان أمريكي على ليبيا كما فعلت في العام 1990 بقرارات قمتها المشبوهة التي اجهظت الحل العربي للازمة بين العراق والكويت ووفرت الغطاء العربي للعدوان الامريكي الثلاثيني على العراق .

 

ان سيناريو ما جرى في العراق يتكرر اليوم في ليبيا ليفتح الأفاق امام التدخل الأجنبي والعدوان  (ومن ذات الدول الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا ) او حتى التقسيم بما يحقق مصالح الولايات المتحدة في السيطرة على ثروات ليبيا الطبيعية وموقعها الاستراتيجي .

 

إننا قطعا لا ننحاز الى السلطة الليبية ولا ندافع عنها بل نجد أنفسنا في انحياز طبيعي الى الشعب الليبي اذا كانت مطالبته بحقوقه بالطرق السلمية المشروعة وندين بشدة أي انتهاك لحقوق الانسان من أية جهة وتحت أية أعذار في أي زمان او مكان ولكن القانون الدولي والوطني يتعامل بايجابية مع السلطة للحفاظ لحفظ الامن والسلام الوطنيين في البلاد .

 

اما الإعمال التخريبية للمال العام والاستيلاء على الأسلحة والذخيرة للقيام بفرض التغيير بالقوة فتح الباب امام التدخل الامريكي الغربي في ليبيا وهذا ما نخشاه على هذا البلد العربي الأصيل ونخشى ان تضاف الى قائمة الدول العربية المحتلة في القرن الحادي والعشرين  .

 

ان المركز العراقي لحقوق الانسان اذ يحذر من أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي الليبي من مجرمة الحرب الولايات المتحدة الامريكية وتابعتها بريطانيا وفرنسا وعلى امريكا ان تنظف سجلها الأسود في انتهاك حقوق الانسان قبل الادعاء بأنها حامية لهذه الحقوق .

 

ويناشد المركز الأخوة في ليبيا حكومة وشعبا الى الاحتكام الى منطق العقل ولغة الحوار للوصول الى القاسم المشترك الذي يحقق مطالب الشعب بطرق سلمية ويحفظ امن ليبيا وسلامتها واستقلالها .

 

ان الاستقواء بالأجنبي لن يحقق للشعب أي ازدهار او ديمقراطية وليكن ما جرى في العراق موعظة ودرسا لكن من يوالي الأجنبي على أبناء جلدته فالغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الامريكية راعية الارهاب الدولي لن تجلب لكم الورود كما خدعت بعضا من أهلكم في العراق وانما الدمار والخراب والقتل والاعتقال والاغتصاب والاهانة والحط من الكرامة .

 

نحذركم يا أهلنا الأعزة في ليبيا من الوقوع في الفخ الامريكي البريطاني الفرنسي وعودوا الى قيمكم وأخوتكم لحل مشاكلكم داخليا قبل ان تندموا يوم لا ينفع الندم .

 

 

المحامي ودود فوزي شمس الدين

مدير المركز العراقي لحقوق الانسان

www.iraqihrcenter.org

ihrcenter@yahoo.com

 

 





الجمعة٠٦ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي ودود فوزي شمس الدين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة