شبكة ذي قار
عـاجـل










لا شكّ أنّ هنالك من انتخب المالكي وبصم له بالعشرة كما يقال في الانتخابات التي جرت قبل سنة في العراق والتي خسرها المالكي , ولكن بكلّ تأكيد أنّ أغلب تلك الأصوات التي حصل عليها السيّد المالكي أتت من منطلق عاطفي "من منطلق طائفي يعني" , ذلك أمر لا يستطيع أنّ يشكّك بحقيقته أحد , ولا يستطيع حتى المالكي أن ينكره , وإن نكره فذلك من باب تحبيب نفسه للآخرين , أمّا النتائج التي أسفرت عنها تلك الانتخابات والتي حصل فيها على المركز الثاني فاستلم جائزة المركز الأوّل! , فهي بكلّ تأكيد كانت نتائج غير حقيقيّة بالمرّة , تؤكّدها :


أوّلاً البيئة الفكريّة المكوّنة التي تربّى وسطها المالكي والفاقدة تماماً للمؤهّلات التي تستطيع وفق طبيعتها الخاصّة وأفقها المحدود أن تنمو وسطها مكوّنات قيادة لا تكون بعيدة عن المذهبيّة أو الدين أو الطائفة بأشكالها النافرة ..


وثانياً الانفصاميّة والمتناقضات في ما بين مكوّنات وعناصر تربيته العقديّة ..


وثالثاً طبيعة المالكي التسلّطيّة "من الطبيعي أن تكون كذلك وسط تلك الأجواء التي ترغم مريدوها على الكبت والحسرة" والمتنازلة عن أيّ شيء في نفس الوقت , والتي خبرها العراقيّون فيه وهم مذهولون لطبيعتها العجيبة الغريبة بعد أن لمسوها منه عن قرب وعايشوها طويلاً والتي لم تمرّ في تاريخ العراق السياسي مثلها , قديمه أو حديثه ؛ في فترة سنوات حكمه الأربع اللاّتي مضين , لخّصها في نهاية مطافه بقوله الشهير "ليش هوّه أكو أحّد يكدر ياخذهه من عدنه حتينه ننطيهه" ...


ورابعاً .. الاحتياج الأميركيّ الشديد , وبعد الخسائر الجسيمة للغاية التي ألحقها بهم الثوّار العراقيّون ؛ لشخصيّة "أربكانيّة" تتنازل لهم عن كلّ ما جاءوا لأجله في احتلالهم العراق , كما تنازل المرحوم "نجم الدين أربكان" لـ"إسرائيل" بما لم يستطع أن يتنازل لهم عنه الجنرالات الأتراك , مع الفارق في الطبيعة الطائفيّة المتلبّسة بالسيّد المالكي ..


وخامساً .. وبعد سنوات حكمه التي أدخل سعادته العراق في غياهبها وفي أنفاق ظلاميّتها وإقصاءه له بالكامل عن ممارسة أيّ دور حضاري له أو أيّ حضور دولي حقيقي بإمكانه أن يسجّله كما تعوّد ذلك سابقاً , ومع جميع الترتيبات الدوليّة التي انحسر العراق في ذيل قائمتها منذ احتلاله ولغاية اللحظة والتي اعتاد أن يكون في المؤخّرة الدوليّة منها في سنوات المالكي أو في سنوات القويّ الأمين من قبله , أو ممّن كان قبلهما , ومشاركةً له مع أكثر الدول تخلّفاً ودمويّةً وفساداً , أثبتت هذه السنوات أنّ المالكي الطائفي لا يصلح بالمرّة لقيادة حكومة مملكة بحجم بروناي ولو امتلكت جميع خزائن الأرض فما بالك قيادته لدولة مثل العراق متعدّد الطوائف والأعراق ومتنوّع مصادر الثروات ومتعدّد جهات الاستهداف والعداوات ضدّه ...؟


طبيعة غير سويّة كهذه متجذّرة ومتناوبة , متناقضة و "حنقبازيّة" ترافقها ادّعاءات ذاته الصوتيّة التي اشتهر بها "الكذب" لابدّ وأنّها ستعمل المستحيل وبكل الوسائل ومهما كانت درجات مسالكها السيّئة وبمختلف أشكالها البرغماتيّة المهم مادامت تستطيع أن تساعده على بقاءه على سدّة الحكم وما دام دولته يتنفّس ويستنشق الهواء مع طموح يتملّكه لا ينقطع يقلق هاجسه دوماً يبعده أكثر عن متطلّبات استحقاقات الحكم زيادةً على ما هي عليه من بون شاسع من ابتعاد عن متطلّباته الحقيقيّة , وذلك بجعل العراق مملكةً له , "ولو أنّ هذا يعتبر تنبّئ مبكّر ولكنّ عَلَم السنوسي الذي يلوح بالأفق الليبي يقلق جميع الأقطار العربيّة بهذا الاتّجاه" وتوريثها ابنه أحمد من بعده , وحتى ولو من دون مملكة أيضاً , وأميركا ليس لديها أدنى مانع إذا ما تطلّبت مصلحتها ذلك , فهي تستطيع , وبمجّرد تحريك أذرعها الفضائيّة في المنطقة ـ الجزيرة الحوار المستقلّة العربيّة , سيصبح الخيال والحلم واقع , وقد تسير به مجريات الارتباك والاحتراب السياسي الدفين منه أو المعلن , في العراق , إلى هدفه المنشود هذا , بعد نضوج مقتربات يعنيها هذا الطرح إذا استطاع المالكي الخروج من هذه المجريات الحادّة التي ألمّت به سليماً معافى ..


بالأمس , وبعد أن استخدم جميع وسائل الشيطان الأكبر في مختلف فنون الحنقبازيّات التي يتلقّاها المالكي تلقيناً من جهات معيّنة في تفريق مئات الألوف من المتظاهرين في يوم "الجمعة الأولى" التي لم تتمكّن أعدادهم الهائلة من الوصول إلى ساحة التحرير إلاّ ببضعة ألوف منها , وهو العدد الذي قصده المالكي , واستخدامه وسائل إجراميّة لم تمرّ بخلد الشيطان في عمليّات التفريق , وقف المالكي أمام الكاميرا أمام العراقيين يحدّث نفسه "أسمى المحادثة النفسيّة تلك مؤتمر صحفي!" ومن جملة ما حدّث وصدّق نفسه به , في حديث يتطابق في "الكذب الهادف" مع حديثه الميمون الذي حاول أن يضحك به على عقول العراقيين ؛ عن مشكلة انقطاع التيّار الكهربائي عنه وعن أم إسراء , ادّعائه أنّ عدد الذين انتخبوه في بغداد يفوق عدد المتظاهرين الذين تظاهروا ضدّه في ساحة التحرير ببغداد ! المسكين يقصد "عصير" المتظاهرين الذين قيّض لهم أن يصلوا الساحة بنفس الطريقة من المعاناة المريرة التي اعتاد سلوكها "سَمَك السالامون" بعد قطعه مسافات من ألوف الكيلومترات عبر البحار والأنهار ومساحات البحيرات الشحيحة ومساقط المياه الصخريّة والمكشوفة والطينيّة وصولاً إلى أعشاشه التي وُلد فيها لكي يضع بيوضه في نفس ذلك المكان ! .. المالكي , الذكي , قد سقط في نفس الحفرة التي تصوّر أنّه نجح في حفرها أمام الحجج والبراهين التي اعتقد انّه أسقطها فيها حين ادّعى أنّ اصوات من انتخبه تفوق عدد المتظاهرين ! .. ولكن ؟ .. ووفق نفس "المنطق" الغير لائق لرئيس وزراء دولة أن يطرح مثله و بهذا الأسلوب في مستوى هكذا طرح , نضع المالكي أمام نفسه فنسوق له العدد الحقيقي الذي انتخبه ؛ أنّهم ( بضعة مئات من الذين سبق وإن ادّعى أنّهم انتخبوه , هم العدد الحقيقي الذي انتخبه والذي وقّع بإصبعه على انتخابه ألا وهم هؤلاء الذين عضّوا على أصابعهم ندماً أمام الكاميرات في "يوم الندم" في ساحة التحرير ببغداد ) , وهو اعتراف صريح منهم بأنّهم هم من انتخبه , يعني أنّ عددهم لا يتعدّى بضعة مئات , أليس كذلك يا دولة الوزراء!!!

 

 





الخميس٠٥ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة