شبكة ذي قار
عـاجـل










2- إذن الثورات الشعبية تقوم وتنضج وتُغَيْر بفعل عوامل وطنية بالاساس,اي بفعل الظروف الذاتية للحركة الوطنية والقومية ,والعربية على وجه الخصوص المحاطة بالكثير من العوامل الموضوعية أي الاقليمية والدولية والتي لا تؤثر في قيام الثورات الوطنية والقومية العربية الا بفعل يلورةالافكار الثورية ,فالثورات في الوطن العربي الحالية تنتقل من قطر الى قطر لان الشعب العربي في كل الاقطار العربية متوحد ومتماثل في الاحاسيس والفكر وفي الدوافع ايظاً فهذا الانتقال الثوري من قطر الى اخر نتيجة طبيعية لنمو الوعي العربي الواحد ولان التكوين الطبقي لشعبنا العربي هو واحد في كل أقطاره,ولان القوة الثورية من المثقفين الثوريين الملتحمين مع الطبقات الكادحة في وحدة ثورية رائعة وتتقدمهم طلائع ثورية من شباب الامة اللذين يمثلون شرارة الثورة وحيويتها,هذا الامر هو الذي جعل وسيجعل الثورة العربية تنتقل من قطر الى أخر لتحقيق وحدة الامة, وهذه الثورات هي في حقيقتها منفذاً حقيقياً للوحدة العربية الشعبية الثورية ,وقد ما أشار له المفكر العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق حين قال:(( عندما تقوم الثورات على يد هذه الجماهير وتأخذ هذا الطابع الشعبي الجذري، الذي لا يقبل الالتباس، ثورة شعبية بالمعنى الصحيح، فإن مثل هذه الثورة تجتاز الحدود وتصبح كالنار في الهشيم، تنتقل عبر الحدود وتخلق التيار الشعبي التاريخي الجارف الذي يصنع الوحدة العربية.))(1)..


إن الاسباب الموجبة للثورات في وطننا العربي هي واحدة ولا يمكن الجدل في حقييتها الواحدة,لذلك تكون المهام الموضوعة والملقاة على عاتق الثورة العربية في أقطارنا العربية تكون متشابهة بل نقدر أن نقول متطابقة وفي خطوطها العامة هي إسقاط كل اشكال الحكم المطلق إن كان ديكتاتورياً أو أوتراقراطياً أو ملكياً مطلقاً ولظمان الحريات الديمقراطية وكل الحقوق التي يستحقها الشعب التي كفلته له كل إعلانات حقوق الانسان,سواء ما يتعلق بالحقوق الشخصية أوالاجتماعية ومنها حرية الفكر والمعتقد والدين و الاحزاب وبدون خطوط حمراء أو إجتثاثات.وهي في نفس الوقت هي ثورة ضد الاستبداد والفساد في إنظمة حكم(أي ديمقراطيات) أخذت تتطور الى أنظمة شبيهة بأنظمة الحكم مطلق وفي بعضها يتبلور من ديمقراطيات قامت بها ثورات خالدة للتحول الى ديمقراطيات وراثية في بعض منها ,صحيح أن هذه الثورات التي تشتل في بعض بلداننا العربية تفتقد الى أيديولوجية أو فلسفة محددة ولكن أهم ما يميز هذه الثورات أن الفعل الثوري قاد الايديولوجيات والفلسفات في عمليةالثورة.إن الذي نستطيع أن نستخلصه لنا وللاخرين سواء كانوا معنا أو في خلاف أو إختلاف معنا أن الثورات العربية التي تشتعل اليوم في الوطن العربي ولدت ولادة طبيعة من خضم الواقع العربي ولم يحتاج الثائر العربي الى أي نوع من الدعم الاجنبي وخاصة الدعم العسكري المعبر عنه بالاحتلال والغزو الاجنبي سواء لاشعال الثورة أو لاستمرارهاوقد تكفلت الجماهير العربية بعملية التغير سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وأيظاً بدون هدم كيان الدولة كمؤسسات ومنظومات وكيانات قائمة لخدمة الشعب,وذلك لان الثورة هدفها تغير النظام وفلسفته وقياداته وليس هدم الدولة والغائها,فالتغير حصل على ايادي وطنية وليس أجنبية وأُخرى تابعة لها,والتغير طال فئة منتفعة وإنتهازية ومتخلفةوليس مؤسسات حزبية مكونة من ملايين من الشعب و تقودها الالاف من الكوادر العلمية والادبية والفنية,وهذا التغير الجاري اليوم أعطى فرصة لان تتحق أمال الشعب في تنفيذ مطالبه وتسجل الثورة حالة متقدمة في تحقيق اهدافها وخلال فترة لاتتجاوز شهر واحد من إنطلاقتها كما هو الحال في ثورة مصر وليس حالة من التاخر والتردي في كل مجالات الحياة وبعد ثمان سنوات من التغير الذي حصل في العراق على يد القوات الاجنبية الغازية.وهذا يؤكد بالدليل القاطع إن حالة التغير تحققها الشعوب بقواها الثورية وتكون ثورتها ولادة طبيعية وليس قيصرية لجنين مشوه كما حدث في العراق بعد إحتلاله في عام 2003 ويحق لنا اليوم أن نسجل للتأريخ إن بعد ثورة 17 تموز لم تحدث ثورة حقيقية في العراق مهما لصقت بكل التمردات من صبغة ثورية ولسبب واحد إن الثورة الحقيقية تكون وطنية خالصة وأما الاخريات التي مدسوس فيها حتى لو أُصبع اجنبي لا يمكن إلا تحسب تمرداً أوأفعال شغب وهذا هو بحكم منطق تأريخ الثورات فالثورة الفرنسية العظيمة في عام 1789 لم تكن إلا فرنسية في الاسباب وبالقوة وبالنتائج,وبنفس التحليل لثورة أُكتوبر الاشتراكية في عام 1917 في روسيا..و هكذا هي الثورات العربية المعاصرة سواء في تونس أو في مصر أو في بلد عربي أخر لاتتعدى أسبابها البطالة والجوع والفساد وغياب التبادل السلمي في السلطة وضعف الموقف تجاه القضايا العربية وهي اسباب وطنية وقومية وليس لاي اجنبي دخل فيها,فالجوع مثلاً يسببه الغلاء والغلاء مشكلة لم يتم تناولها بألبحث عن مصادره أو مسبباته الحقيقة ولان هذه المشكلة مرتبطة بطبيعة الانظمة الاقتصادية الفاشلة في بلداننا العربية وليس علاجها كما أقدمت عليه بعض الدول العربية مؤخراً بدعم دخل الفرد أو بتقديم الدعم للمواد الغذائية والاستهلاكية,بل كان يجب البحث عن مسببات الجوع والذي أحد أسيايه الرئيسية الغلاء هو شبه متفشي في وطننا العربي ويعود السبب في ذلك بأن أكثر الانظمة العربية فاسدة ومرتبطة بمصلحة طبقة طفيلية أنانية وهذه بدورها تعتاش على الدور الاجنبي السياسي والاقتصادي ووجودها مرتبط بإستمرار المصالح الاجنبية,وهذا الترابط بين مصالح هذه الطبقة وبين المصالح الاجنبية يجعل من النظام مرتبط بسياسات الاجنبي ومحكوم بمتطلبات ستراتيجيته في المنطقة وهذا بطبيعة الامر يخلف ويأُجج التناقض بين الجماهير الشعبية والنظام السياسي.وكل الفلسفات والايديولوجيات التي ظهرت في الوطن العربي لم تستطيع أن تربط ربطاً جدلياً بين هذه المسببات لتخلف الامة وبين نتائجها وبشكل شامل وأيظاً تحديد الطريق الصحيح والناجع لحل جذري للمشلكة العربية الا أيديولوجية البعث الخالد عندما حددت أهداف الامة بالوحدة والحرية والاشتراكية,وحصرت طريق تحقيق هذه الاهداف الا بالانقلاب في حياة الامة,وكان الانقلاب أول ما يعني أن يكون هنال تغيراً شاملاً وجذرياً بحياة الامة.لذلك كان أولى الاهداف الاساسية للامبريالية العالمية هو إزاحة الانظمة التي يقودها البعث فلما سنحت لها الفرصة في العراق إستغلتها بكل قوة وتنسيق كامل مع الانظمة العميلة لها والنظام الايراني وذلك في عام 2003 بإحتلال العراق,وخدعت الراي العالمي بأكاذيب أولها تهديد السلم العالمي ومن ثم فرض الديمقراطية الكاذبة.. لقد اثبتت الثورة التونسية والمصرية بإن العرب لا يحتاجون لسلاح الاجنبي لاحداث التغير في أنظمتهم وهم أصحاب الثورات البتولية النقية وليس كالاخرين يركبون الدبابة الاجنبية ويغزون مع الاجنبي ويدمرون كل ماهو حي بسلاح الاجنبي سواء الذي جاء من الشرق او الذي جاء من الغرب وبعد أن يتسلطون يتنكرون لابسط شعاراتهم التي حفضوها و زايدوا عليها..تحية لكل ثائر عربي أصيل حافظ على وطنية وقومية ثورته.


وأخيراً يسمح لي أصحاب الاقلام الثورية والمنصفة أن أقول وبناء على كل الحقائق المذكورة في اعلاه أو التي لم تُذكر وكذلك على ضوء النتائج التي تمخضت عنها ما سمي بالعملية السياسية في العراق بعد الاحتلال من إضطهاد وجوع وبطالة وغلاء والفساد الاداري والمالي والتفرد بالحكم من قبل طبقة أُوليغارشية لمجموعة من الاحزاب,والتي هي كانت أسباب قيام الثورتين المصرية والتونسية وحضيت حتى بتأييد الغرب كله,اقول وعليه يكون الذي حدث في العراق من جريمة غزو كان ردة ضد الثورة وحتى بحسب منطق احزاب الاشتراكية الدولية اللذين أيدوا الثورتين لشعبنا العربي في تونس ومصر للقضاء على مظاهر التردي في النظامين المصري والتونسي(تفرد بالحكم ,فساد إداري ومالي وبطالة وجوع وغلاء)وهي ذات المظاهر التي برزت بعد غزو العراق في عام 2003 ومستمرة لغاية يومنا ,الا تستحق المقاومة العراقية البطلة أن تحضى بدعم هذه الاحزاب الدولية وحتى أنظمتها السياسية والتي أيظاً أيدت وبقوة ثورتي تونس ومصر وهي تهدف للقضاء على ذات الاسباب التي قامت الثورتين من أجلها!...




(1) حديث إلى الطلبة العرب في 28/10/1974))
 

 

 





الثلاثاء٠٣ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة