شبكة ذي قار
عـاجـل










ليفهم كل من يقرأ مقالي هذا إننا نميّز باقتدار كبير بين مَن ينتسب بشرف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين مَن جعلوا من المرجعية وأدواتها طريقا لاحتلال أوطاننا وشرذمة شعبنا. بنو هاشم عندنا لهم مقام عال وشرف رفيع لأنهم عرب أقحاح ولأنهم الظهر الذي أنجب نبينا العظيم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام. ثم إننا ونحن نعيش في زمن أُنتجت فيه أرقى أدوات العلم والتكنولوجيا من حقنا أن نتساءل: لم علينا كشعب أن ندفع ثمن التخلف والنفعية والانتهازية والعالمية المزيفة لمرجعية العجم التي يريدون بها إقامة إمبراطورية الفرس القومية تحت ستار التشيع؟


إن المرجعية وولاية الفقيه هي نتاج اجتهاد حديث وهو مرتبط بتطور الاتجاه الطائفي السياسي الداعي لإقامة دولة شيعية مركزها إيران، وتفرش أجنحتها على المنطقة العربية برمتها بدءا من العراق والخليج. إن إيران القومية قد وجدت ضالتها في مناصرة التشييع لتبدأ منه بإلغاء الحدود القومية للبلدان المجاورة لها وإلحاقها بدولة فارس بذريعة وحجة أن الفرس والعرب ينتمون إلى نفس النهج الطائفي.


إن إيران لم تكن يوما مصدرا لولادة التشييع ولا إلى ولادة أي من مناهجه الفكرية والشرعية والفقهية، بل إن التشييع في أصله عربي ومجتهديه عرب وعلماءه عرب. وإذا أسلمنا أن التشييع بحد ذاته ليس مذهبا، بل هو تعبير عام في اللغة وعلم الاجتماع، وان المذهب الجعفري هو ابن العرب أرضا ورجالا وكذلك المذاهب الأخرى كلها قد ولدت على ارض العرب ونمت وترعرعت في أحضان العروبة ومثّلت إضاءات واشراقات تاريخية في الإبداع الفكري العربي، فان السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو: لمَ يركب الفرس خيولنا ويوظفون صهيلها وهم يحاولون إفناء وجودنا والسيطرة المطلقة على مقدراتنا؟؟


ثمة الكثير مما يمكن أن يُقال هنا .. غير إننا وبحكم الهدف من المقال لا نريد الخوض في فرعيات تبعدنا عن هدف محدد نقول: لقد كان النظام الذي ولد من حوض الحاكم المدني الأمريكي للعراق المحتل المدعو بول بريمر هو نظام ولاية الفقيه الفارسي شاء من شاء وأبى من أبى. وكل ما جمع إلى جانب الهيكل الحوزوي للنظام بدءا من مجلس الحكم كان لاغشاء الأبصار وإبعاد الشبهات عن طريق إضافة مكون واهن مثّله محسن عبد الحميد في الوقت الذي كان فيه المكون الكردي العميل متحالفا مع نظام ولاية الفقيه، ولا مشكلة عنده معها البتة لأنه أصلا يتجه صوب حلم الانفصال وإقامة الدويلة الكردية في شمال العراق. وكان يرى التحالف مع نظام الفقيه في العراق ونظام الولاية في إيران، إحدى منافذ نجاح مشروع الدولة الكردية.


لقد تصدت المرجعية للوضع في العراق تحت حماية الاحتلال وقام ممثلي علي السستاني وبقية المراجع بتوجيه الأحداث والإشراف على تشكيل ما يسمى بالحكومات المحلية. وصارت المرجعية جزءا لا يتجزأ من الاحتلال عبر فتاويها التي حاولت بها إسقاط رد الفعل العراقي المقاوم في براثن الوهن والتردد والجبن تحت مسوغات منها، أن العراقي لا يمتلك مقومات مقاتلة القوة الغازية وترسانتها العسكرية الأسطورية، وتحت مسوغ أن العراقي قد أتعبته المعارك والحروب وصار من حقه أن يستكين ويرتاح. إن هذه المسوغات والمبررات وسواها لم تكن إلا غطاءا مهلهلا لتوطين الاحتلال الإيراني الشريك للاحتلال الأمريكي، وإقامة دولة الولي الفقيه تحت حماية أميركا اتفاقا مع أميركا أو تختلا بين اذرعها باستخدام المراوغة والتقيّة الفارسية أو بكليهما معا.


ثم أفرزت اتفاقات أحزاب المرجعية مع الحاكم المدني إنتاج جيش المهدي كجناح عسكري لما يسمى بالتيار الصدري، وحاولت تقديمه على انه جيش خارج عن طوعها وانه يقوم بممارسات منها ما يوصف بأنه مقاوم وهو في حقيقته مجرد واجهة للمقاومة التي يعلن عنها خامنئي والتي يحاول بها خلط الأوراق وزيادة مساحة المختلط منها أصلا، وهي خطة فارسية للفوز بخطوات متقدمة في تجيير الأوضاع في العراق لصالح الأجندة الإيرانية وهي أجندة احتلالية لا غبار عليها. وكلف مقتدى باختراق المقاومة العراقية وكشف مخابئ رجالها وأسلحتها واستراتيج عملها وهذا ما تم له في مواقع معروفة لرجال العراق. واستطاع تيار الخديعة من اختراق القاعدة وتشكيل الأجنحة الإيرانية فيها التي أخذت على عاتقها تنفيذ كل الخطط والمقترحات والمعلومات التي جهزها مقتدى وجلاوزته، مما أدى إلى تسليم مئات المجاهدين إلى قوات الاحتلال وقتل المئات منهم واختراق مواضعهم وإضعاف دورهم قبل أن تنجح عملية الخرق الأمريكي للقاعدة أيضا التي انتهت بتشكيل الصحوات.


لقد جعلت المرجعية من مقتدى وتياره بوصلة للتحرك في كل الاتجاهات واستخدمته هي وإيران استخدامات قذرة وإجرامية بشعة تراوحت بين حرب التطهير الطائفي ووصولا إلى مواجهات مع قوات المالكي التي لم تكن حقيقة بين قوات المالكي ومقتدى بقدر ما كانت مع من انشقوا على مقتدى ومناوراته اللااخلاقية وأساليب تعاطيه الإجرامية السافلة مع الاحتلال المركب وتعاطيه العلني مع العملية السياسية في ازدواجية مفضوحة. لم يكن مقتدى وتياره سوى محاولة بائسة لإظهار وجه مزيف لإيران وعملاءها غير انه استطاع في ظروف معينة أن يخدع بعض أهلنا الطيبين الرافضين والمحاربين للطائفية.


المرجعية هي ولية الفقيه لحكم المالكي ومعمميها, أسود العمامة منهم وأبيضها, لا يخرج عن كونه أداة من أدوات حماية النظام . ولذلك فان تحركات بعضهم وبيانات البعض بدعم المتظاهرين هو في حقيقته ليس معاد للمالكي وحكومته، بل لذر الرماد في العيون ولاختراق الثورة وجماهير الغضب لتوجيه مآلاتها النهائية للإصلاح .. والإصلاح فقط ,الذي هو أسلوب فارسي مراوغ يقصد منه حماية النظام وتقويم بعض الاعوجاج فيه.


النظام غير قابل للاصطلاح لان أدواته فاسدة وفاقدة للإرادة السياسية الوطنية ولا تمتلك كفاءة سياسية أو إدارية.


إن أي حراك عراقي يجب أن يتجه صوب هدفين مركزيين هما:


أولا: تحرير العراق من الاحتلال تحريرا ناجزا شاملا يتم برحيل المحتل واستعادة البلد سيادته والشعب كامل حقوقه .


ثانيا: إقامة نظام ديمقراطي من قوى الشعب الوطنية والقومية والإسلامية التي شاركت بعملية التحرير وعبر صناديق الاقتراع وبتداول سلمي للسلطة يتوافق مع جميع معطيات العصر وما حققته الإنسانية من تقدم .


وكل ما يتفرع عن هذين الهدفين يجب أن يؤطر بروح وطنية خالصة بهما ويتفرع عنهما دون أن يتجه صوب أي منفذ آخر يمكن أن يقود إلى تشتيت الجهد المقاوم ويعطي فرصة لعمر أطول للاحتلال وأعوانه .


إن تظاهرات شعبنا هي الامتداد الطبيعي لمقاومتنا المسلحة البطلة وناتجة عنها بولادة طبيعية أخذت زمنها لتستقر النفوس وتتيقن القلوب من أن الاحتلال ومنتجاته لا يمكن أن تتواءم مع إرادة الأحرار والوطنيين والشرفاء وان الدول المحتلة لا يمكن أن تهب شعبنا الرخاء والرفاهية وفرص الحياة الكريمة ...فضلا عن إن أدوات الاحتلال لم تنجح يوما في إقامة نظام ناجح ومنتج.


إن دخول المرجعية في شان التظاهرات بصيغة التأييد أو الدعوة للمشاركة هو إحدى وسائل المالكي وأعوانه الخونة لاحتواء ثورة الغضب العراقي وقد تكون اخطر بكثير من استخدام أساليب البطش والعنف والى هذا يتوجب أن تلتفت أنظار رجالنا والله ناصرهم على درب التحرير والخلاص.


aarabnation@yahoo.com

 

 





الاثنين٠٢ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة