شبكة ذي قار
عـاجـل










لقد جسّد العراقيون, شأن معظم الشعوب العربية الثائرة هذه الأيام, خُلاصة ما يعانونه من حرمان وبطالة ونقص شبه تام في أبسط الخدمات الضرورية, في واحد من أكثر الشعارات تعبيرا وصدقا عن الواقع الذي يعيشونه. فشعار فقر ومجاعة والنفط بجيوب الجماعة, والجماعة هي عصابة المنطقة الخضراء, ذو مغزى عميق جدا إذاعرفنا أن ميزانية العراق للعام الحالي تجاوزت الثمانين مليار دولار. فالبلد ليس فقيرا حتى يخرج الناس الى الشوارع مطالبين بالخبز. مع أنه لا يمكن الاستغناء عن الخبز. لكن العراقيين يرون بامّ أعينهم, ومنذ إحتلال بلدهم, إن خيراتهم وثرواتهم من عائدات النفط أو غيره, تذهب مباشرة الى جيوب وحسابت الجماعة - العصابة التي يتزعّمها العميل نوري المالكي.


لا يمكن للانسان أن يصدّق أن دولة تمتلك كل هذه الثراء والغنى والخيرات, كالعراق مثلا, عاجزة عن توفير الخدمات اليومية كالكهرباء والماء الصالح للشرب لمواطنيها بينما نجحت في تحقيق ذلك دول فقيرة وقليلة الخيرات والمصادر. ففي اليمن على سبيل المثال, وهو من أكثر دول العالم فقرا,لا يتظاهر الناس ضد النظام من أجل توفير خدمات أو إيجاد فرص عمل أو غير ذلك. بل لديهم أهداف ومطالب أخرى. أما نحن في العراق "الجديد"فمصائبنا ومآسينا, من شدة هولها وتأثيرها وعمقها, لا يمكن أن تُقارن بمثيلاتها في الدول الأخرى.


فبالاضافة الى الاحتلالين الأمريكي والايراني, لقد إبتلينا بفئة خاصة جدا من اللصوص والسماسرة والدجالين, دخلوا مسرح السياسة بالواسطة والرشوة والخداع. فطاب لهم المقام وسال سعابهم لرائحة الدولارات الخضراء وإستعذبوا الجلوس بل تسمّروا على كراسي السلطة. وإرتدوا أقنعة الديمقراطية الزائفة وأصبحت كل أيامهم كرنفالات ساخرة نالت إستحسان ومباركة أسيادهم في واشنطن وطهران, لأنهم المستفيدون الوحيدون, على أي صعيد, من الخدمات الجليلية التي تقدّمها لهم عصابة المنطقة الخضراء بقيادة المالكي والطلباني وعلاوي, لقاء ثمن بخس ملطّخ بدم آلاف العراقيين الأبرياء.


لا شك أن ديمقراطية العراق "الجديد" فريدة من نوعها وتعتبر ماركة مسجّلة غير قابلة للتصير, من حسن حظ الآخرين طبعا ! فقبل يوم الجمعة الماضي, جمعة الكرامة والتحدي للشعب العراقي المستمر في تظاهراته وتمرّده ضد دولة وحكومة الحضيرة الخضراء, خرج علينا "دولة" العميل نوري المالكي في خطبة عصماء هي قمّة الزيف والخداع والرياء, طالب فيها "القوات الأمنية بحماية المتظاهرين" الذين سبق وإن قرّروا وإتفقوا على التظاهر والتواجد في ساحة التحرير في العاصمة بغداد. لأن جنابه التعيس يؤمن بالديمقراطية وبحق المواطن في التظاهر دفاعا عن مطالبه المشروعة ..ألخ ألخ.


فماذا حصل ياترى؟ لقد حصل العكس تماما. فلم تكتفِ قوات الأمن "الدميقراطية"بغلق الطرق المؤدية الى الساحة ولا بقطع الجسور التي تربط بين ضفتي دجلة ممّا منع أو عرقل إنضمام أهالي الكرخ الى أهالي الرصافة وبالعكس, ولا بتخويف الناس البسطاء من وجود خطط إرهابية مزعومة تهدف الى تفجيرات أو أعمال قتل, بل زاد المالكي من جرعة "الديمقراطية" فارسل الآلاف من قوات ألأمن والمليشيات التي جلّها حزبية وطائفية,مدجّجة بالسلاح ومستعدّة بناءاعلى أوامر"القائد العام للقوات المسلحة" لسفك دم كل من يزعج أو يشوّش على حياة العصابة "الديمقراطية"الساكنة خلف أسوار الحضيرة الخضراء.


ومن أجل أرهاب المتظاهرين ومنع تواصلهم مع بعضهم البعض بل وحصرهم في ما يشبه المعسكر المحاط من كل جانب, ققامت قوات العميل المالكي بوضع قنّاصة متخصّصين بالقتل "من أول نظرة" وذوي سوابق "مشرّفة" في كل ميادين الجريمة وإنتهاك حقوق الانسان. فبدت ساحة التحرير العراقية وكأنها ساحة في تشيلي في الأيام الأولى لحكم الدكتاتور الدموي بينوشيت.


لكن مع ذلك إستطاع آلاف العراقيين, في أكثر من مدينة وبلدة, من الخروج سيرا على الأقدام ومنذ الساعات الأولى من اليوم. وبدا واضحا لعميان المنطقة الخضراء إن الشعب العراقي, بعد سنوت من الوعود الكاذبة والجدل السياسي والشعوذة الدينية وعمليات التضليل المنظمة التي مورست عليه, أخذ بيده زمام أمره وقرّر أن يستعيد, مهما كانت التضحيات أو العراقيل, كرامته وحريته وثراوته المهدورة.


لأن الحقائق التي لا تقبل الدحض أو النقض أظهرت أن عصابة المنطقة الخضراء وعلى مدى سنوات الاحتلال مارسوا كل ما هو محرّم وغير شرعي ولا أخلاقي في تعاملهم مع الشعب الراقي الذي يدّعون ليل نهار أنه إنتخبهم وأوصلهم الى السلطة وهم ممثّلوه. لكن حتى إكذوبة من هذا النوع الرديء فقدت منذ فترة طويلة سحرها وتأثيرها وأصبحت جزءا من أرشيف "قادة" العراق الجديد المكتظ بمجلدات ضخمة تضم مختلف أنواع الأكاذيب والحيل والنظريات الفاشلة وفنون الضحك على ذقون البسطاء. وإن كلّ ما نراه اليوم, ويعيشه المواطن العراقي مباشرة هو فقر ومجاعة...ومليارات النفط بجيوب "الجماعة" سيئة الذكر والتاريخ والسمعة.


mkhalaf@alice.it

 

 





الاثنين٠٢ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة