شبكة ذي قار
عـاجـل










 

ما كُتب عن الحضارة الأمريكية، يملءُ مُجلدات، تتُزاحمُ على الرفوفِ المكتبيةِ، وتُتعبُها بعدم واقعيةِ، ما حوته من تنظيرٍ، غير مُنصفٍ لحضارةٍ ماديةٍ، وجدنا نحنُ أهل العراق بشكلٍ خاص، همجيتها، ودمويتها، لا بل وصلت من اللا أخلاقية أنها، ولا زالت، تسعى إلى توطيدِ، كُل ما لا يمتُ إلى الإنسانيةِ بصله، في وطننا المُحتل العراق؟ ومن هذا اللا إنساني، سرقتها علناً أموال شعب العراق، المودعة في صندوقٍ، يُسمى: "صندوق تنمية العراق"، هذه السرقات، أفصح عن نُتفٍ منها، وليس كُلها، المُفتش العام الخاص لإعادة اعمار العراق، في تقريرٍ مُفجع، لنا نحنُ أبناءُ العراق، الذي تظاهر يوم الجمعه 25/2/2011 بعد أنْ بلغ مرحلةٍ، من البطالةِ، والفقرِ، والفساد، و .. إلخ ما يجعلهُ يخرج عن طورهِ، مُطالباً بحقوقهِ الدستورية، التي وضعها المُحتل الأمريكي ذاتهُ لهُ، ثم عاد فحرَمَهُ منها، ألا وهو "حقُ التظاهر السلمي"؟! ولم يجنِ من تلك المُظاهرة، سوى العنف الدموي، من قبل حكومة "المالكي"، بمباركةٍ ذلك المُحتل الظالم؟؟!


الفجعية التي تضمنها التقرير، أنَّ أموال العراق، التي هي بالمليارات سرقها الاحتلال الأمريكي، بمُشاركة فعالة من قبل الحكومات المُتعاقبة، على السلطة في بغداد المُحتلة، والفاجعة الأكبر: أن السُراق/الحراميه مجهولين، غير معلومين.؟! وإذا كانوا على الضد من ذلك! فمن الذي سيُفصِحُ عن هويتهم؟ وجميعهم مُتفقين، على: سأدعك تسرُقْ .. ولكن دعني أسرُقْ .. ؟! هذا هو الذي أتت به الحضارة الأمريكية، لتُغرسه في نفوس العراقيين، الذين بعزة الله تعالى سيستعلون عليه، مُحصنين برسالتهم السماوية الإسلام.


1-   التقرير قُدم لوزير الدفاع الأمريكي، وأركان وزارتهِ :
المُفتش العام 10-020، قدّم تقرُيرهُ ([1]) بمُذكرةٍ رسمية، مؤرخة في 27 تموز/يوليو 2010، تحت عنوان: " صندوق تنمية العراق: وزارة الدفاع بحاجة إلى تحسين إجراءات الرقابة المالية والإدارية"، لوزير الدفاع الأمريكي "غيتس"، ومما تضمّنهُ:

 

(( إننا نُقدم تقرير التدقيق هذا لإطلاعكم، وللإفادة، ويُناقش التقرير، مسؤولية وزارة الدفاع، عن الأموال المُستلمة، من صندوق تنمية العراق، وقد أجرينا هذا التدقيق، وفقاً لمسؤولياتنا القانونية، الواردة في القانون العام 106-108 بصيغته المُعدله .. وينصُ هذا القانون، على عمليات تدقيق، مُستقلة، وموضوعية لبرامج، وعمليات، تم تمويلها بمبالغ مُخصصه، أو تم توفيرها بطرقٍ أخرى، لإعادة اعمار العراق، وعلى توصيات بشأن سياسات، ذات صله، ترمي إلى تعزيز الاقتصاد، والكفاءة، والفعالية، ومنع كشف الاحتيال، وتبديد، الأموال، وسوء استخدامه .. )). ([2])


ثم يتناول ذلك المُفتش "الهدف" الذي كان كامناً، وراء إعداد هذا التقرير، الذي تمثّل، بـ: (( إن هدفنا من تقديم التقارير، هو تحديد ما إذا كانت مُنظمات وزارة الدفاع، قد قامت بشكلٍ ملائم، بتجديد أوجه صرف الأموال التي تلقتها، من صندوق تنمية العراق، وفي حين أنه كان بإمكاننا، تحقيق الهدف من تدقيقنا، فقد كان عملنا محدوداً، بسبب عدم وجود سجلات تحتفظ بها مُنظمات وزارة الدفاع، التي تلقت أموال صندوق تنمية العراق، إضافةً إلى ذلك، كُنا غير قادرين على العثور، على موظفين مُطلعين، على أنشطة صندوق تنمية العراق، في الإطار الزمني للأعوام 2003-2005، عندما حدث، الجزء الأكبر من أنشطة، تعاقد صندوق تنمية العراق .. ؟! )). ([3])


ويُبين المفتش العام بذات الوقت، لوزير الدفاع الأمريكي، أن التقرير الذي بين يديه، ليس التقرير الأول، بل:(( كان المفتش العام الخاص، لإعادة اعمار العراق، قد قدّم في وقتٍ سابق، تقريراً بشأن مواطن الضعف، في تحديد سلاح الهندسة، في الجيش الأمريكي، مسؤولية أوجه صرف، أموال صندوق تنمية العراق، وعن مشاكل في إجراءات وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية الأمريكيتين، من أجل تسهيل تسديد فواتير مشاريع صندوق تنمية العراق غير المدفوعه .. )). ([4])


إذن نستخلص مما ورد آنفاً:
(1) أن وزير الدفاع بالذات، وأركان وزارته، قد أطلعوا على سرقات منتسبيهم، من صندوق تنمية العراق، ولكنهم مع ذلك، لم يُثبت أنهم قد اتخذوا، أية إجراءات قانونية، تجاه أؤلئك اللصوص، أو اتخذوا إجراءات قانونية أخرى، لحماية أموال شعب العراق؟!


(2) أنهم ذاتهم قد أطلعوا، على مقدار التسيُب اللا مسؤول، في آلية التعامل مع أموال شعب العراق، الذي وصل، إلى أن مُمثلي المفتش العام، لم يجدوا سجلات توثق حجم المبالغ المُستلمة لصندوق تنمية العراق،  فضلاً عنهم لم يستطيعوا، أنْ يعثروا على موظفين، يمتلكون معلومات عن آلية، صرف تلك المبالغ، بحيث أن التمعن في هذا الأمر ، يُثبت أن هذا الأمر، يُمثل خطه مُدبره، من قبل وزارة الدفاع الأمريكية ذاتها، لغرض إبقاء موضوع سرقة أموال شعب العراق غامض، ومُبهم.؟! ولا يوجد فيه متهمين؟! وتُسجل المليارات المسروقة من ثروات شعب العراق ضد مجهول؟!  


(3)  يعترف المفتش العام، أنَّ ما ورد في تقريره هذا، هو محدود جداً؟ بمعنى أنه لم يتوسع في بيان حجم المبالغ المالية الواردة، لصندوق تنمية العراق؟ ثم لم يتوسع في بيان آلية الصرف؟ أما لماذا؟ فتعليل/سبب ذلك يعزيه المفتش العام، لما ورد في الفقرة (2) أعلاه.؟!  


(4)  تأكيد رؤيتنا الواردة في الفقرات أعلاه، أن المفتش العام، كان قد أنجز تقرير سبق هذا التقرير، حدد فيه مواطن ضعف، آلية التعامل مع أموال العراق، المودعة في الصندوق المذكور، من قبل وزارتي الدفاع، والخارجية، والنتيجة أن كلا الوزارتين، لم تتخذ أية إجراءات فورية، وعملية للحد من سرقة تلك الأموال، مما أدى إلى استمرارية تلك السرقات، سيما وأن السارقين/اللصوص، لم يجدوا الردع القانوني المُناسب، من تلك الوزارتين، فاستمروا بسرقاتهم، سيما وأنهم على ثقة، بأن الأمر برمته سيُقيد ضد مجهول، كما اشرنا آنفاً.؟!      


2-  واردات صندوق تنمية العراق.؟
حدد المفتش العام في تقريره، مقدار المبلغ الذي تلقاه صندوق تنمية العراق، ثم بيّن مصادر تمويلهِ، وآلية استخدام الأموال العراقية المودعة فيه، وفق قرار خاص لمجلس الأمن الدولي صدر بهذا الخصوص، بقولهِ: (( منذُ كانون الثاني/يناير 2004 تلقت وزارة الدفاع (الأمريكية)، حوالي 9,1 مليار دولار، من صندوق تنمية العراق، أموالاً من مبيعات صادرات النفط، ومنتجات النفط، والغاز الطبيعي من العراق، وفائض الأموال، من برنامج الأمم المتحده النفط مقابل الغذاء، إضافةً إلى أصول عراقية مُجمده، لقد تم إنشاء الصندوق في أيار/مايو 2003، ومن قبل مُدير سلطة الائتلاف المؤقته، وتم الاعتراف به، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحده رقم 1483 والمؤرخ في 22 أيار/ مايو 2003، ويقضي القرار، بأن يتم استخدام الأموال بشفافية، من أجل:


(1) الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي.
(2) إعادة البناء الاقتصادي، وإصلاح البُنية التحتية.
(3) مواصلة نزع السلاح في العراق.
(4) تكلفة الإدارية المدنية العراقية.
(5)  أغراض أخرى تعود بالفائدة على الشعب العراقي.


وبعد حل سلطة الائتلاف الموقته في يونيو/حزيران من عام 2004، تم تفويض الحكومة الأمريكية، من قبل حكومة العراق، لإدارة أموال صندوق تنمية العراق، التي أُتيحت لمشاريع، إعادة الإعمار، إلى أن تم سحب ذلك التفويض، اعتباراً من 31 كانون الأول/ديسمبر 2007 .. )). ([5])


ثم يعود المفتش العام، في مادة "معلومات أساسية" إلى الإشارة: (( وفي حزيران/ يونيو 2004، تم تحويل إدارة صندوق تنمية العراق، إلى الحكومة العراقية، وتم تكليف وزير المالية العراقي، بالمسؤولية عن إدارة صندوق تنمية العراق، وقام وزير المالية بإنشاء حسابين، في بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، لأموال صندوق تنمية العراق:


(1)  حساب البنك المركزي العراقي (ويعرف كذلك بالحساب الرئيسي).
(2) حساب صندوق تنمية العراق الفرعي (ويُعرف كذلك باسم الحساب الثانوي).
لقد كان الحساب الفرعي مُتاحاً لاستخدام وكالات الحكومة الأمريكية، بموافقة الحكومة العراقية، في إدارة عقود صندوق تنمية العراق .. )). ([6])


وفي قراءة تحليلية لما ورد آنفاً، نستخلص الكثير، الذي منهُ:
(1)  لم يُثبت ميدانياً، أن الاحتلال الأمريكي، قد نفذ أياً من الفقرات التي وردت في القرار الأُممي أعلاه، بل يُعززُ ذلك أيضاًَ، تقرير المفتش العام المحدود هذا، صدق رؤيتنا.


(2) أن المُفتش العام قد وقع في تناقضٍ صارخ، نود لو استطعنا الوصول إليه شخصياً، لنبلغه ذلك، وبالتالي لنعرف منه، أسباب هذا التناقض، الذي يفترض أن لا يقع فيه أساساً، التناقض يكمنُ، في قوله الأول، وأُكررهُ للضرورة: (( وبعد حل سلطة الائتلاف الموقته في يونيو/حزيران من عام 2004، تم تفويض الحكومة الأمريكية، من قبل حكومة العراق، لإدارة أموال صندوق تنمية العراق .. )).


ثم يعود إلى القول الثاني: (( وفي حزيران/ يونيو 2004، تم تحويل إدارة صندوق تنمية العراق، إلى الحكومة العراقية .. ))؟! وشتان بين القولين، فيما يتعلق على الأقل، تحديد المسؤولية القانونية لكلا الطرفين، في القولين الأول والثاني؟!


(3) وفق القول الأول، نتساءل:
(أ‌)  مَنْ خول الحكومة العراقية تفويض الحكومة الأمريكية لإدارة أموال صندوق تنمية العراق.؟!
(ب‌) هل استلمت الحكومة العراقية، حسابات/كشوفات ختامية/نهائية للفترة التي تولت الحكومة الأمريكية مسؤولية الصندوق أعلاه، المحصورة بين: يونيو/حزيران من عام 2004 - 31 كانون الأول/ديسمبر 2007 .. ؟!


(4) وفق القول الثاني: فإن الحكومة العراقية يقع على عاتقها بيان الحسابات/الكشوفات النهائية، لما تم صرفه من مبالغ من صندوق تنمية العراق، وعرضها على مجلس النواب، ثم نشرها في جريدة الوقائع العراقية الرسمية، ثم في الصحف المحلية العراقية، ليطلع الشعب العراقي، على ما ذهبت إليه أمواله؟؟!


(5) الفجيعة الكُبرى، في هذا الأمر، أن الحكومة العراقية، عبر وزير المالية العراقية حتماً وقتئذٍ "محمد باقر صولاغ"، بطل مُعتقل تعذيب العراقيين في سرداب/قبو الجادرية، التي كشفت عنه قوات الاحتلال الأمريكية، حيث كان في حينها وزيراً للداخلية؟! قد خول وكالات أمريكية، لاستخدام الحساب الفرعي، المودع في بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، الذي يتضمن أموال شعب العراق.؟! وهنا تُستبان بوضوح، المؤامرة اللا أخلاقية لحكومة "المالكي"، وإدارة "البيت الأبيض" على السرقة المُمنهجة، والمُخطط لها لسرقة أموال شعب العراق.؟!


ومما يؤيد ما ذهبتُ إليه، وفي مفردةٍ واحده فقط، إعلان رئيس مجلس النواب العراقي "أسامة النجفي" بتاريخ 21/2/2011 عن تشكيل لجنة، من أعضاء مجلس النواب للتحقيق في مصير 40 مليار دولار مجهوله؟! من صندوق تنمية العراق، لم تُقدم بها كشوفات/حسابات ختامية/نهائية؟!


أختم، بالتساؤل: قال صقور الحرب على غزو واحتلال العراق، أنه بعد غزوه واحتلاله، سيكون العراق جنة الشرق الأوسط الكبير؟ وثبتت الأحداث الميدانية العجاف من تاريخ الغزو والاحتلال 2003-2011 أن شعب العراق عُد من أفقر شعوب العالم، تتصدق على شعبه الجمعيات الخيرية الأُممية؟!

 

 

الدكتور ثروت الحنكاوي اللهيبي
Almostfa.7070@yahoo.Com

 

 

[1] للإطلاع على النص الكامل للتقرير بشكل PDF  أنظر الموقع الالكتروني: http://web.worldbank.org.
[2] أنظر الصفحة "5" من التقرير أعلاه.
[3] أنظر الصفحة "12-13" من التقرير أعلاه.
[4] أنظر الصفحة "7-8" من التقرير أعلاه.
[5] أنظر الصفحة "8" من التقرير أعلاه.
[6] أنظر الصفحة "9-10" من التقرير أعلاه.

 

 

 

 





الاحد٢٤ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة