شبكة ذي قار
عـاجـل










4- وبعد كل الذي قيل هل بقى أدنى شك لدى الاشقاء والاصدقاء وحتى الاعداء بأن شعبنا العربي في كل أقطاره العربية يعيش حالة الثورة يومياً ولكن شكل الثورة العربية أو صيغة التعبير عنها تختلف حسب ظروفها الذاتية والموضوعية وحسب نضجها ,والنضج هنا يإخذ حيزاً مهماً وحاسماً في تفجيرها وأهم ما في عوامل تنضيج الثورات يصورة عامة هو وجود القيادية الجماهيرية القادرة على إشعال شرارات الثورة وتوجيهها نحو أهدافها,وأنا لا اتفق مع أي رأي يقول أن هنالك ثورات عفوية وخاصة في حالة الثورتين المصرية والتونسية بل يمكن إعتبار تلاقي الاهداف بين طبقات أو شرائح المجتمع هو نوع من التكور الصحيح للهدف الثوري وأيظاً تلاقي مسببات المظلومية ولاي شكل من الاشكال يدفع بالطبقات أو الشرائح المحتمع لان تلتقي ولو تكتكياً لتفرز لها مجموعة قادرة على تمثيل المنتفظين وبحكم تطور ضروف الثورة تنفرزمن هذا التشكيل أو التركيب الثوري إذا صح تسميته قيادة جماهيرية,والخطر كل الخطر أن تسمح الثورة بعد تجاوز حدود الخطر عليهاأن تبدأ مجاميع لتركب الموجة أو تتصدر الثورة وتستغل إندفاعات الشباب حماسته والزخم الذي أعطوه للثورة ليطرحوا بعد ذلك شعاراتهم وبدقة أكثر يركبوا موجة الثورة ويسرقونها بحكم خبرتهم التي يفتقدها الشباب الثوري وهذا ما حصل في ثورة الشعب الايراني في عام 1979 وما تحاول بعض الاحزاب والتكتلات أن تفعله في ثورة 25 ينايرللشعب العربي المصري.وإحتمالية حصول هذه السرقات قائمة في الاقطار أو في البلدان التي تفتقد لحركة ثورية شاملة في أهدافها وبنيتها وقادرة على قيادة الجماهير بحكم خبرتها في تحقيق الثورات.

 

إن توسع انتفاضات والثورات في وطننا العربي يعطي دلالة أكيدة على وعي الشعب العربي على حقيقتين,الاولى :وعيه الكامل لدوره في بناء مستقبله درايته بطبيعة الانظمة التي تحكمه ومهما ما تمارسه هذه الانظمة من ديماكوجية في خطاباتها السياسية وأيظاً إن الحل لايأتي من الخارج, وإن أي تدخل أجنبي في ثورته يعني وجود أجندة أجنبية وهذا ما وعى عليه أكثرالعراقيين,حيث تبين لهم إن التغير الذي حصل في 2003 لم يحصل بموجب إرادة عراقية بل بموجب إرادة اجنبية ولتحقيق أطماع أجنبية .ثانياً: أن هذه الانظمة أو هذه الديمقراطيات المتعددة بمرجعيتها الفكرية والتي لا تمت بأي صلة للواقع العربي المعاصر وهي تستخدم شعارات ليبرالية وهي في حقيقتها قمعية أوتراقطية وديكتاتورية أو طائفية فئوية,ولا يمكن أن تغير من نهجها الا بتحقيق ثورة شاملة عليها وقلع جذور هذه الانظمة لقطع صلتها بمصدر ديمومتها أوإعادة ترتيبها من جديد على أُسس وطنية قومية..


إذن الشعب العربي قادر أن يحقق التغير من الداخل وبدون معونة أجنبية لان أية معونة أجنبية تُبنى عليها إلتزمات وتربط حالة التغير بأجندة ومصالح الاجنبي,وإن التغير الذي يحدثه الشعب هو ثورة حقيقية لابد أن يكتب لها النجاح,وإستخدام كلمة ((لابد)) مرتبطة جداً بقوانين تطور المجتمعات وتطور التأريخ ايظاً,فإذا ثار الشعب فأي قوة لا تقدر أن تصمت أمامه,وإذا تم إخماد لاية محاولة للتغير فلا يمكن أن يطلق عليها ثورة وتبقى في حدود الرفض أو التغير المحدود,الثورة كاسحة وقوة تجبر أقوى الحكام وأعتى الانظمة على الركوع لها,فإذا أمنا بهذه الحقيقة نكون قد أنصفنا الحقيقة التي تقول إن التغير الذي حصل في العراق بالقوة المسلحة الاجنبية لم يكن تغيراً ثورياً بل كان عدواناً وخرقاً لكل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية,لان المنطق يقول إذا كان النظام العراقي قبل الاحتلال لا يحضى بتاييد جماهير الشعب,فكان ممكن أن يحدث في العراق من ثورة ضده كما حدث في تونس ومصر والحاصل الان في بعض الاقطار العربية .. وهذا يعطينا خلاصة الحقيقة أن اي تغير يأتي من الخارج هو تأمرٌ وأي تغير يحصل من الداخل هو ثورة حقيقية وهذا الاستنتاج غير مبني على نظرية أو فلسفة بل على حقائق حصلت في العصر الحالي وتحصل اليوم في أكثر من قطر عربي,وعليه لايمكن أن يصحح الوضع في العراق الابثورة شعبية شاملة تضع تصوراتها المستقبلية على ضوء المتغيرات الجديدة سواء الموجودة في داخل أو حول الوطن العربي أوالمحيط الاقليمي,وهنا يإتي دور الاحزاب الثورية في قيادة ثورة هذه الجماهير نحو أهداف الجماهير وتطلعاتها وطوحاتها التي تتناسب مع الواقع المحلي والعربي والاقليمي وبقيادة تمتلك فهماً وإدركاً واسعاً لكل المتغيرات الجديدة.

 

إن شرارة الثورة الشعبية في تونس وفي مصر تعكس حقيقة نمو الوعي الثوري العربي في بلدان المغرب العربي وبتواصل مع الوعي القوي في مشرق العربي,وهذا هو شكل من اشكال الوحدة العربية ودلالة أكيدة على إن الازمة الداخلية والخارجية,فأزمة النظام الرسمي العربي الداخلي في سوء علاقته مع الجماهير والمعبر عنها بصور الاستغلال وخنق الحريات والاضطهاد بكافة أشكاله والتهميش والاقصاءات والاجتثاثات, وأزمتها الخارجية في تبعية أكثر الانظمة العربية للاجنبي وما يترتب على ذلك من تنازلات عن الحقوق المشروعة للامة وتبني سياسة لا وطنية ولا قومية بالقدر الذي يرتب واقعاً يكفل لهذه الانظمة الاستمرارية.وقد أضاف النموذجين المصري والتونسي للثورة العربية الحديثة صورة الثورة التي لاتهدم وتقلع بل تُغير وتطور وتبني لان الثوار وطنيون مخلصون لأوطانهم أما الذي حدث في العراق في عام 2003 لم يكن الا لهدم الدولة وخراب الوطن وفقدانه لكل مستلزمات التي تؤمن له السيادة والامن ,ولم يكن تغيراً نحو الاحسن بل كان المقصود منه هبوطاً الى الاسفل في كل البنى التحتية وضياع لكل الثروة الوطنية ونشر ثقافة الموت والدمار , وبهذا تكون أخر ورقة كان استعمار يراهن عليها بإقناع الشعب العراقي والعالم بأن هنالك تغيراً سيحدث في العراق بعد إحتلاله,والشعب العراق في طريقه للتغير الشامل , والله الموفق أمين.

 

 

 





الاحد٢٤ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة