شبكة ذي قار
عـاجـل










تميزت الشعوب الحرّة عبر التاريخ بقدرتها على الصمود تجاه المحن والصعاب التي تتعرض لها .. وشعب العراق .. عراق الحضارة والتاريخ .. البلد الذي أثرى الأنسانية بكل متطلبات التحضر والرقي ، أول بلد وضع القوانين من خلال حمورابي ، وأول من سطر ملحمة الخلود عبر جلجامش ، وأول من نظّم الجيوش عبر سرجون الأكدي .. وكل شعوب الأرض تعرف أن أرض العراق هي مهد الحضارات وعلى أرضها ، نشأت وترعرعت وآمتدت الديانات التي يؤمن بها غالبية سكان الارض الى يومنا هذا .. هذه الأرض التي اسمها العراق ، وقفت صامدة لآلاف السنين بوجه كل الغزاة والطامعين ، ضد عشرات حالات الغزو ، لأقوام اتسموا بالهمجية ، والحقد على التحضر والرقي الانساني ، وحقدهم على أمة العرب ودينها العظيم ..


لقد تحمل أبناء هذا الوطن قسوة السنين .. والعوز والقهر والظلم .. ولكنهم كانوا يخرجون من تلك المحن والمصائب ، أقوى مما كانوا عليه ، وأكثر مناعةّ ..
واليوم .. ونسميه اليوم للاشارة لبضع سنين مضت من سفر التاريخ الطويل ، المليء بالفخر والعز والرقي الحضاري والانساني ، اليوم ظهر العداء القديم ، عبر وسائل عدّه ، تغذيّها أحقاد قديمة ، لأمم تعتبر هذا البلد خطراً على وجودها ، لأنّه يمتلك تراثاّ انسانياّ وحضارياًّ زاخراً بكل معاني الفخر ، ومطرزاّ بدماء رجال نذروا أنفسهم عبر آلاف السنين لكي يبقى وطنهم عزيزاّ وشامخاّ ..


لقد تجمعت كل قوى الشر ، وتحت شتى المسميات ، لتبدأ حقبة جدييدة ّمن العدوان ، في محاولة لتدمير هذا الوطن ، ومحو تاريخه ، وحضارته ، وانهاء وجوده ، لأنه بات يمثل منارة يهتدي بها كل الطامحين الى الحرية والتحضر ، يمثل قدرة الشعوب على الصمود بوجه الهمجية والتخلف ، يمثل العمق الحضاري والانساني لكل شعوب الأرض ، وفوق كل ذلك ، يمثل العقبة الأهم أمام أطماع من يرومون تزوير التاريخ ، وطمس الحقائق ، والهيمنة على مقدراته ليفتح الباب على مصراعيه ، للهيمنة على كل أرض العرب ، لانهاء وجودهم كأمة حملت الى العالم أقدم الحضارات وأقدس الأديان ..


لأجل كل ذلك تحمل شعب العراق طوال عقود من الزمن عبء الدفاع عن وجوده ووجود الأمة التي ينتمي اليها ، وهو ثمن تدفعه الشعوب التي تتطلع الى الحرية والى الرقيّ .. فكان ما كان .. وآخرها بدأت مع الأحتلال البريطاني عام 1917 وآستمرت بأنماط وسلوكيات تتغيروفقاً للظروف والأحداث التي تجري في المنطقة ، وكان رجال العراق ينتفضون بين الحين والآخر في محاولة لانقاذ بلدهم ، وتوالت الانتفاضات ، والثورات ، والانقلابات ، والشعب يقمع ، والوطنيون يسحلون ويعلقون على الأعمدة في الشوارع ، ناهيك عن الاعدامات والاعتقالات ، في محاولة لزرع اليأس في نفوس أبناءه ..


واليوم .. كما أسميته سابقاً ، جاءت الهجمة الأشرس والأعنف ، فتكالبت كل قوى الشر والهمجية ، مابين طامع بأرضنا ، وطمس ديننا ، ومحو انتماءنا لقوميتنا .. ومابين طامع بثرواتنا وخيراتنا ، لكل منهم أجندته وأساليبه ، يدّعون العداء بينهم في العلن ، وخلف الكواليس هم حلفاء ، متضامنون لتحقيق أهدافهم المشتركة ، وهيئوا ودفعوا العملاء والخونة ، وحملوهم على دباباتهم ، ليقودوا هذا الوطن الجريح .. في غفلة من الزمن ..


ومع ذلك ارتضى هذا الشعب المتعب الذي انهكته الحروب والصراعات ، الجوع والحرمان ، القمع والتنكيل وكتم الأفواه ، وأبواق الاعلام التي لم يألفها من قبل ، ارتضى وأقنع نفسه بما كانوا ينادون به من الحرية والرفاه وبناء العراق الحر الموحد ، وأعطيت لهم الفرصة تلو الأخرى ، لاثبات نواياهم وتصريحاتهم في حب الوطن ، والعمل على اعادة بناءه وآزدهاره .. فماذا كانت النتيجة ؟ ..


لقد دفع شعب العراق ثمناً غالياً ، بل أغلى ثمن دفعه شعب من شعوب الأرض على مر التاريخ ، وعبر ثمان سنوات من حكم هؤلاء المرتزقة ، سالت دماء الملايين بين من أبناء العراق ، قتلى وجرحى ، وتم تشريد ملايين أخرى الى شتى بقاع الأرض ، وأعتبرت أكبر عملية تهجير لسكان وطن الى خارجه تمت عبر آلاف السنين ، وسرقت المليارات من ثروات أبناءه ، وتعرض لابادة بشريه لخيرة قادته وعلماءه وأطباءه ، ونصبت المحاكم الهزيلة ، وصدرت أحكاماً جائرة ضد الآلاف من رجاله وأعدم وأقصي كل من نادى بكلمة حق ، فازدادت قوافل اليتامى والأرامل ، وآمتلئت السجون بالوطنيين والأحرار ، وانتشرت الفوضى والفساد ، والسراق والقتله ، وميليشيات الموت ، فقتل من قتل ، وقاموا باصدار دستور للبلاد يساهم في تقسيمه وتهجير أبناءه ليحل مكانهم كل حاقد ولئيم ، كل من لاوطن ، ولادين له ، وهتكت أعراض النساء في سجون السلطة العميلة وانتهكت أعراض حتى الرجال في تلك السجون ، من دون رحمة ، وقاموا بنهب أمواله وآثاره وسمحوا لكل الحاقدين والطامعين بارض العراق أن يعملوا بكل حرية لايذاء شعبة ، وزرعوا الفتنة بين طوائفه وأديانه ، بين قومياته ومذاهبه ، لتفكيك بنية هذا الشعب وصولاً لتقطيعه وتقسيمه الى دويلات يسهل السيطرة عليها ونهب ثرواتها ، معتمدين على دستور كتب بأيدي أعداء العراق ، ومرروه بالتزوير الواضح والجلي لكل من تابع تلك المهزلة ، وجلبوا ملايين البشر من خارج هذا الوطن ، ومنحوهم جنسيته ، وغيروا في التركيبة السكانية ، خدمة لأسيادهم ، والجريمة مازالت مستمرة لافراغ العراق من شعبه الأصيل ، في محاولة لطمس عروبته ، وجعله تابعاً ذليلاً ، للحاقدين ، والجهلة ، وانصاف المتعلمين ، وسمحوا للقوى التي جاءت بهم ، لنهب ثروات الوطن والتحكم بمصير أبناءه ، وآغتيال الوطنيين والشرفاء من أبناءه ، وبدأ الفقر والجوع والحرمان والمرض يفتك بابناء الوطن ، بعد ثمان سنوات من الذل والحرمان ، بات البعض من أذناب المحتل ينادي علناً بدعوات الأنفصال وتقسيم العراق كل حسب أجندته ، وتلك هي المرحلة الأخيرة لانهاء العراق شعباً وأرضاً ..


لأجل كل ماحصل ويحصل ، كان لابد للرجال المؤمنين بوطنهم من الوقوف ضد هذا الطغيان ، وتلك الجرائم التي يندى لها جبين الانسانيه ، وليقول لهؤلاء الخونة والمأجورين ..


كفى .. لكل الظالمين
كفى .. لكل السرّاق
كفى .. للقتلة والمأجورين
كفى .. للعملاء والخونة
انها ثورة الشعب ضد الظلم
انها ثورة الجياع والمحرومين
ثورة الثأر لكرامة الانسان العراقي
ثورة الشباب لبناء مستقبل وطنهم
لقد ملّ الشعب وعودكم ، وأفعالكم بانت واضحة المعالم والنوايا ..
ولابد من نهاية لجرائمكم .. وعمالتكم .. وسيحاسبكم الشعب على ماقترفتموه من جرائم بحقة ..
انها أيام الغضب العراقي ..
انها أيام الثأر لضحايا الجلادين والسراق وانصاف المتعلمين والمزورين ..
لقد أدرك الشعب نواياكم .. ولمن تعملون .. ويوم حسابكم قد اقترب .. ولن نعود الى الوراء ..
ياأيها العراقيون النشامى .. ياأبناء أمة شغلت الدنيا على مر التاريخ ..
ياأبناء الخلود .. والقوة .. والشرائع ..كلكامش وسرجون وحمورابي ..
ياأبناء آل بيت رسول الله (ص) .. ياأبناء أرض الرسالات ومثوى الأنبياء والرسل ..


لقد كان لكم شرف انشاء أقدم الحضارات على هذه الأرض .. وساهمتم بنشر دين الحق ، أنتم مطالبون اليوم ، بأن تستمدوا من تاريخكم العظيم ، قيم الحضارة ، والانسانية .. قيم الرجولة والفروسية التي امتزتم بها ، وأن تقفوا وقفة رجل واحد ، كما وقف أجدادكم لنصرة أوطانهم ودينهم ، لتنقتلعوا تلك الزمرة العميلة الحاقدة على وطنكم ، والمؤتمرة بأجندات أعداء هذا الوطن العظيم ، وآعلموا ان هؤلاء الذين مزقوا شعبنا وسرقوا خيراته باتوا هياكل من ورق ، ستتطاير في مهب الريح حال بدأ انتفاضتكم الباسلة ..


أعيدوا لوطننا زهوه ، وعظمته ..
أنصروا المظلومين والجياع والأرامل ..
انصروا ابناء الذين سقطوا غدراً بأيدي المأجورين ..
اثأروا لشرف نساءكم التي هتكت أعراضهن في سجون الطغمة الحاكمة الفاسدة ..
اعيدوا العوائل التي هجرها النظام العميل الى وطنهم ..
اثأروا لكل القادة والعلماء والشرفاء الذين آغتالتهم قوى الظلام والعنصرية المقيتة
أيها الشباب الواعي ، ياأبناء العراق المخلصين ، هذا يومكم لهدم قلاع الظلم ..
هذا يومكم لتصنعوا تاريخاً جديداً ومشرفاً يليق بشعبنا العظيم .. سيروا الى الأمام
فامّا حياة تسر الصديق .. أو ممات يغيض العدا .. والنصر من الله .. والله خير الناصرين .. .
 


qusay_almuatasim@yahoo.com

 

 





الاثنين١٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب قصي المعتصم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة