شبكة ذي قار
عـاجـل










(ثاني عشر) كيف نفهم الارهاب وبكل أوجهه وصوره من وجهة قانونية. والارهاب يقصد به خلق حالة من الخوف والرعب في ذهن الجمهور او شريحه منه تمارسه قوة مسلحة سلطوية كالدولة أو جماعة مسلحة وفق لفلسفة متطرفة دينية أو مذهبية أو قومية أو وفق مصلحة ذاتية له , أو قوة كونية تمتلك كل مصادر ومسببات الهيمنة ضد دول أضعف منها بالامكانيات والقدرات , و أيضا يعني نشر الترويع والخوف عند الناس و حرمانهم من الامن , وهو ايظاً ذلك العنف الذي يكون الباعث على ارتكابه سياسيا" او عقائديا" ايديولوجيا أو عقائدياً دينياً أو مذهبياً خاطء في الفهم والسلوك والمعالجة.


فالارهاب على المستوى الكوني كان ولا يزال اليوم موضع إهتمام جنائي دولي وذلك لأنه شكلُ من أشكال الجريمة التي تُرتكب بحق الإنسانية وفق القانون الدولي , لأنه يعني إنتهاك لحقوق الإنسان , فإلارهاب التي تقوم به الدولة والتي تشكل إنتهاكاً للحقوق الأساسية للشعوب الاخرى والتي لايمكن ان يتنازل عنها وترتقي لمستوى أعلى من كونها حقوقاً بل تصل الى كونها جزءاً اساسياً وأعرافاً لايجوز المساس بها أبداً لانها قد تشكل جزءاً من هويتها الوطنية أو القومية أو الدينية يعني ترتبط بوجوده , والارهاب على المستوى الدولي يحكمه القانون الدولي والذي يعتبره جريمة تمس مباشرة حقوق الإنسان. والجرائم الدولية يعطيها الخبراء الدوليون صفتين , الاولى تتحدد بكونها مجموعة الافعال التي تخالف القيم الإنسانية والمتعارف عليها عند المجتمع الدولي , والثانية إن هذه الافعال أو أحدها قد تشكل خطراً على الإنسانية والاضرار بالامن وبالسلام الدوليين , وأن الاتفاقيات الدولية تصف هذه الجرائم وتصنفها بموجب الاعراف والفهم المتبادل للجرائم بموجب القوانين المحلية والدولية أيظاًالى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم التي تتعلق بالابادة البشرية وإحتجاز الرهائن المدنيين لاغراض إرهابية وسرقة الاثار القومية والاتجار بها دولياً وكذلك أعمال العنف ضد رؤساء الدول والدبلوماسين والموظفين العاملين في المؤسسات والهيئات الدولية والاتجار بالمواد المخدرة الاشياء التي تتعلق بالاخلال بالاداب العامة وغيرها من البنود والنصوص المتفق عليها دولي , إن هذه الجرائم الدولية يحاسب عليها القانون الدولي.ولقد أبدى المجتمع الدولي إهتماماً قوياً وجدياً في موضوع الارهاب ومن ذلك إدراجه على جداول الامم المتحدة منذ عقود ووضع ثلاث عشر إتفاقية دولية في إطار الامم المتحدة والتي تتعلق بالارهاب , وأيظاً لم تدخر المنظمة الدولية جهداً على زيادة التنسيق في مجال مكافحة الارهاب وقد تجلت هذه المواقف بالاتفاق على ستراتيجية عالمية موحدة لمكافحة الارهاب والتي أُعتمدت في أيلول من عام 2006 وقد أستندت هذه الاتفاقية على مقررات المؤتمر الدولي لقادة العالم الذي عُقد في ايلول من عام 2005 والذي تمثل بإدانة كل أشكال وانواع الارهاب وبالمناسبة أُعتبر العدوان شكل من اشكال الارهاب وكان قد ذٌكر في أكثر من 274 إتفاقية دولية والذي كان قد أُعطي وصفاً دقيقاً وبشكل خاص في الوثيقة التي قدمتها مجموعة الدول الغير المنحازة في عام 1973 والمتمثلة بأعمال العنف والقمع التي تمارسه الانظمة الاستعمارية والعنصرية أو الاجنبية ضد الشعوب التي تناضل من اجل التحرر والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاستقلال ومن حقوق الانسان وحرياته الاساسية , وكذلك قيام الدول بمساعدة التنظيمات الفاشية أو المرتزقة التي تمارس أعمالها الارهابية ضد دول أُخرى ذات سيادة جل حقوق الانسان وحرياته الاساسية.وأخيراً فأن بعض القانونين العرب عرف الاهاب بأنه إعتداء على الارواح أو الاموال العامة أو الخاصة على نحو يخالف القانون الدولي وأعتبروا أن الارهاب الدولي جريمة أساسها خرق القانون الدولي , ومن هذا الوصف لطبيعة ونوع الجرائم الدولية يمكننا أن نكتشف حقيقة الجرائم التي أُرتكبت بحق العراق في غزوه والعدوان عليه عام 2003 وإستخدام الغزاة لكل أنواع الاسلحة المحرمة دولي , أن جريمة العدوان هذه مدونة في أكثر من 274 إتفاقية دولية وقد أُبرمت بين عام القرن التاسع عشر والقرن الواحد والعشرين وكل هذه الاتفاقيات عَنيت جميعها بالمسؤولية الجنائية الفردية وليس بسمؤولية الدولة وكذلك يدخل في وصف الارهاب كل الاعمال القمعية والاجرامية التي يمارسه الكيان الصهيوني يومياً ضد شعبنا الفلسطيني , وكذلك تدخل إيران اليوم بوصفها دولة إرهابية ووفق المعاير الدولية للوصف الدولي للارهاب من حيث ممارسات هذا النظام ضد شعوبه بقمعها و منعها من ممارسة حقوقها القومية والسياسية والاجتماعية وأيظا الافعال التي يمارسها هذا النظام في البلدان العربية والعراق على وجه الخصوص من تسخيره لمليشياته المسلحة سواء في العراق أو في لبنان أودول الخليج العربي للتاثير ولتغير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي أيظاً.


(ثالث عشر) لكي نكون موضوعين وفي نفس الوقت منصفين لابد من تحليل اسباب بروز ظاهرة التطرف وخاصة التطرف الديني , فمن الاسباب الجوهرية لبروز و نمو هذه الظاهرة المسيئة للاديان هي واقع المتغيرات التي حدثت على الساحة الدولية و مأفرزته ظاهرة الاستعمار الحديث من مجموعة من المتغيرات جوهرية سواء كانت طبوغرافية أو جغرافية سياسية لدول وشعوب حَكمها الاستعمار , والوطن العربي والامة العربية في مشرقها و مغربها خير نموذج لهذا الواقع , سواء على المستوى الثقافي أو السياسي أوالسكاني وفي بعض الاحيان ديني أو حتى مذهبي , إن هذه العوامل والمشتركات أذكت وهيجت المشاعر القومية والدينية وجعلتها تأخذ طريق المواجهة والعنف ولكن في هذا الخندق المعادي للاستعماركان فيه طرفان :-


(الاول) طرف يتمتع بحس وطني قومي , أو ديني ولكنه لا ينبع من مقدرة فكرية واعية لطبيعة المعركة والكيفية الصحيحة لوضع ستراتيجية المواجهات ولكنه أنطلق بمشاعر وإنفعالات وفي أكثر الاحيان أتسمت بالفوضوية وقد وجد نفسه في أكثر المواقف منقاد وخاصة الحركات الدينية بستراتيجية الاستعمار بل تحولت بعض هذه الحركات الى راس رمح في محاربة القوى التقدمية وهذا ما يمكن ملاحظته على بعض الحركات السياسية المغطاة بالدين والتي إستغلها الاستعمار الحديث في وقف المد اليساري في الوطن العربي خاصة في العقودالاخيرة من القرن الماضي , وايظاًكانت هذه المشتركات تدفع بنمو التطرف الديني والذي كان يزحف في بعض الاحيان على مساحات النضال القومي والوطني.وقد كان الاتجاه الديني الحقيقي يقف أمام الارهاب الدولي الذي قادته الامبريالية والصهيونية وخاصة في منطقتنا الشرق الاوسط فأخذت المعركة طابع إصدار الفتاوي والتحريمات والتحفيز للمقاومة ضد الاستعمار وقد تخندق فيه المسلم والمسيحي على حد سواء. ولكن سطحية البعض من المتطرفين في شوؤن الدين وعدم معرفتهم بجوهر الدين دفعهم للتطرف وتشكيل مجاميع مسلحة متطرفة وعنيفة بحيث أجتهدت في تفسير العدولحد وضعت المواطن العادي جزءاً من اهدافها للقتل وأعتبرته قتلاً مشروعاً وتحت فتاوي لمجتهدين فسروا الكثير من الايات التي تدعو للجهاد حسبما هم يريدونها وضيعوا الهوية الوطنية والقومية في عملية الجهاد و استيدلوها باهوية الدينية والتي تطورت لاحقاً وخاصة في العقدين الاوليين من هذا القرن لتصبحهوية طائفية وفي كل هذه المتغيرات والتدلات كان الاستعمار هو المستقيد لانها تصب في سياسته المبنية على التفرقة , وبعد إنحسار المد اليساري العربي وزوال أخطاره على المخططات الاستعمارية الصهيونية وخاصة بعد فشل تجربة الوحدة ومحاصرة النظام التقدمي في العراق والضعف الذي أصاب هذا التيار , وظهور طموحات للحركات الدينية وما ترتب على ذلك صياغها لاجندة خاصة بها بدت الفرقة بينهما وما تخلي الامبريالية الامريكية عن صنيعتها القاعدة المتمثل بأبن لادن بعد طرد السوفييت من أفغانستان و مجئ حكم طالبان الاصورة معبرة عن شكل من أشكال هذا التحالف , بدت الامبريالية العالمية بمحاربة بعض هذه الحركات وبأساليب همجية تعتمد على القتل والتصفيات , وهوالامر الذي جعل هذه الحركات تقابلها بالمثل ولكن كان الضحية الناس الابرياء من الشعوب , وبذلك تحولت هذه الحركات الدينية الى إرهابية عندما واجهت الارهاب الاستعماري بإرهاب مماثل على قاعدة (السن بالسن والعين بالعين) ولكنها لضعف مرجعيتها فقهياً وقانونياً وحتى سياسياً (هذا إذا أفترضنا توفر حسن النوايا) جعل الحركات الدينية تخسر في أكثر من مرة في المواجهات , أولها إن الامبريالية لا تتقيد بأية مبادئ تقوم على إلتزام الحليف عندما يصبح ثقلاً عليه , ثانيها إن الحركات السياسةالتي تاخذ من الدين ستاراً أو واجهة سوف تقع في مواجهة مع مبأدئ الدين وكما هو الحال مع الكثير من الحركات الاسلامية المتطرفة عندما تلجأ للقتل وبدون التفريق بين الابرياء والمجرمين وتفسيرهم الخاطء للضحاي , وهذا الامر يتعارض كلياً مع مبأدي الدين الاسلامي الحنيف , وأيظاً إن هذه الافعال الاجرامية كانت تستهدف المدنيين الابرياء من قتل وخطف بإستخدام وسائل دنيئة هو فعل إرهابي لا يستطيع أي فقه في الدين الا ان يصفه بالعمل الارهابي , وأيظاً قد اجمع كل فقهاء القانون الدولي على كونه جريمة جنائية عادية شملته القوانين العقابية وبأحكامها الصارمة لدول العالم ومن ضمنها العراق وحسبما جاء في قانون العقوبات في المادة 46 والتي تنص على عقوبة الاعدام بحق كل من قتل شخصاً أو أكثر.و , ثالثهما يكمن في تصادمها مع القوى الوطنية والقومية التي لا تنكر على الدين دوره الرئيسي في بنيان المجتمع العادل ولكنها تفصله عن السياسة إحتراماً له وعدم تلويثه من تقلبات السياسة والتغيرات التكتيكية التي تتعامل بها و معه , وأن التطرف الاسلامي هذا أعطى للامبريالية العالمية اليوم مبرراً لمواصلة أهدافها العدوانية وخاصة بعد زوال خطر الشوعية (حسب أدعائها) لكي يعطيها الديمومة وعدم إنهيارها .

 

إن مصطلح الارهاب أصبح من المطاطية التي تُضيع حقيقته وبات كسلعة سياسية رخيصة ومزدوجة يتلاعب بها صانعو القرار السياسي سواء كانوا على مستوى دولة أو على مستوى العالم ورهينة للمصالح الحزبية في الدولة الواحدة وايظاً رهينة بمصالح الدول القوية العدوانية , وإن هذه الازدواجية لقوى الارهاب وبكل أنواعه سواء كان إرهاباً مدنياً تقوم به الانظمة القمعية أو إرهاباً دولياً تقوم به دول قوية مارقة فإنهما يصنفان كونهما من الاساليب الخارجةعن القانون ووفق قوانين محلية أو دولية وكل خروج عن القوانين مهما كان بسيطاً اومائلاً بزاوية حادة صغيرة لايقبل بها أي دين أو تقبل يه شريعة سماوية و ما عدا ذلك فهو إجتهادُ في التفسير ويحتمل صورتين إن كانت النوايا صادقة فيه فهو خطاْ ويصحح عبر الحوار والاقناع وأما إن كان مقصوداً فهو يعبر ن أجندة ليس للدين فيها علاقة أيداً وقطعاً ..

 

 





الخميس١٤ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة