شبكة ذي قار
عـاجـل










(حادي عشر) - لكي لا ينجحوا في تحويل الحرب على الارهاب والجريمة الى حرب على الثقافات والاديان


إن التطوير والتغير حالتان تعبران عن حيوية الإنسان وقدرته على صنع وديمومة الحياة باتجاه خلق التغيرات الايجابية في ذاته وتقوية قدراته الفكرية والعقلية وتطويع كل الظروف التي تحيطه به لجعل حياته أكثرسهولة وأقل تعقيداً وتسخير قدراته لبناء المستقبل للأجيال التي تأتي من بعده , وأيظا جعلهما تحملان دلالات أكيدة على رقي الإنسان وإستحقاقه للعيش وتقدمه على المخلوقات التي خلقها الله سبحانه وتعالى في عالمه على الكرة الارضية.وقد يستفيد الإنسان من الحقائق وبعض الظواهر الطبيعية في تصميم حياته باتجاه الاحسن وأيظا يستنتج الاستنتاجات العلمية الصحيحة منه , و قد يحول بعض عناصر تكوينها كحقائق أو ظواهر باتجاه الاستفادة منها وخاصة التي تتعلق منها بالمتناقضات , فيستخدم التعللية والسبيبة بإتجاه التخريجات العقلانية والمنطقية وبتسلسلية مرنة مع المدخلات والمخرجات للعملية الادراكية للحقائق ولكافة الظواهر الإجتماعية والسياسية على وجه الخصوص , فيفهم ويستوعب أن وجود مسببات المرارة والتي يتحسسها عن طريق حاسة التذوق ويدركها عن طريق العقل ضرورية في إيجاد سبل معالجته , وأن وجود الظلمة تعطي قوة للبحث عن الضوء , وهكذا تؤدي كل المعالجات سواء للمتناقضات أو الحاجات بالانسان نحو البدائل الايجابية لها. بمعنى إن وجود المتناقضات في بعض الأحيان يدفع بالانسان لتطوير الكثير من عناصر المتناقضات.و كما الحال في الظواهر الفيزيائية والعلمية التي في بعض الأحيان دفعت وتدفع بالانسان نحو البحث عن الحلول ومن خلال إيجاد جدلية بين عناصر السببية والنتائج لهذه الظواهر , أي بتحويل مسببات الظاهرة ونتائجها لجدلية بهدف ايجاد الحل , وكماهي الحالة على مستوى الفكر والنظريات والعقائد.


وفي نفس الوقت يمكن أن نعتبر أن الاختلافات بين الحضارات وتفاعلها الايجابي وعلى مدى التأريخ الإنساني هما سمتين تؤكد حقيقة الانجاز الإنساني في جوانب بحثه عن الحقيقة ووضع كل خياراته في الحياة في مسار الافضل والاحسن في إختياره وترتيب حياته الشاملة سواء الاجتماعية والأقتصادية والسياسية وحتى الدينية.مع التأكيد على إن كل الحضارات والتي قامت في العصور المختلفة بريئة من العنف والصدام والقتل والاقصاء وأيظاً الاجتثاث والذي هو الهوية الحقيقية للهمجية و التي يُعبر عنه اليوم وبكل دقة بالارهاب! لان الحضارة لاتلتقي أبداً مع الهمجية , فالحضارة تبنى بمعاويل بناء فلسفتهاالحوارات والنقاشات وإحترام الأخروهي السبب الرئيس في تطور ورقي الإنسان أخلاقياً وقانونياً وسياسياً وإقتصادياً وإجتماعي , وأعني بالاخر هذا قد يكون رأياً أو إنساناً أو حزباً أو ديناً أومذهباً أو أي شكل من أشكال الترتيب الإنساني للتعبير بحرية عن الوجود أوالرأي أو الموقف أو كليمهما مع , أما الهمجية و رديفها الارهاب فجرافتهما القتل والتهديد والغاء الأخر وإقصائه , وبهمجية أكثر إلاجتثاث , والتي هي سمة للخراب والشر والدمار.فإذاً الحضارية لاتلتقي مع الارهاب بل تتقاطع معها وبكل ما تمثله من الزوايا المتقاطعة.وإذا كانت مبأدي الأديان السماوية هي القاعدة الأساسية في بناء الحضارات القديمة والحالية فإن هذا الأمر يستدعي منا أن ننفي على أدياننا السماوية أي علاقة وبأي شكل من أشكال الارهاب , وكما ذكرنا سابقاً وبكل تواضع أقول وأنتهينا منه , بأن العنف والذي هو وليد الهمجية وغياب الحوارات وتبادل الاراء والفهم المغلوط لكل ما تدعوا له ادياننا السماوية من محبة وتسامح وتعاضد في محاربة قوى الشر ووجه الشر والذي ليس لهذه الأديان اية علاقة به و بأي حرب تقوم بين الناس , وإني أوُمن وأعتقد تماماً بأن الرب الخالق الواحد الاحد لم يدعونا الى محاربة الإنسان بذاته بل الى محاربة الفكر الشيطاني الذي يحمله ويَتَسَيد عليه , أي أن حرب المؤمنين هي حرب ضد فكر الشر وقوى الشر وأما قوى الشر فهو ليس الإنسان بحد ذاته بل الأساليب الشيطانية التي يضعها الشيطان بيد الإنسان ليمارس فعل الشر , وبنفس الايمان والاعتقاد فلابد أن نكون في حرب مع الفكر الامبريالي الصهيوني ولا يقصد به الرأسمالي والطامع والمُستَغِل لاخيه الإنسان , أبني راي هذا لإعتقادي بأن الإنسان محدود وهو فانٍ في كل الأحوال , ولكن الفكر هو الذي قد يستمرفي تأثيره الى اجيال و أجيال , فلتكن حربنا مع الفكر الارهابي أيضا وتفنيده وتدمير كل قواعده الفكرية أولاً ومن ثم نتحرك على الإنسان الذي اصبح عبداً لهذا الفكر أولهذا الطريق كخطوة لاحقة لتنظيفه و تطهيره من هذا الفكر الشيطاني , وهذا يكون بقوة الاقناع ورصانة الحجج ووضوح في الطرح والنقاش , فبدلا من أن تصرف الاموال الخيالية على محاربة الارهاب ووضع الستراتيجيات المتعددة في محاربته وخاصة في السترايجية الناقصة التي يسمونها بتجفيف منابع الارهاب وهي في حقيقتها لن تكون مؤثرة حتى إذا ما توفرت حسن النوايا عند اللذين يرفعون شعاراتها لأنها تعالج النتائج وتترك المسبببات ,

 

إن تجفيف منابع الارهاب لا يكون بتسخير الماكنة العسكرية الارهابية في قتل الناس ومصادرة حقوقهم وإحتلال أوطانهم وسرقة ثرواتهم , ولكن أيضا في إحداث ثورة ثقافية لمحاربة فكر وثقافةالارهاب وتبرئة الاديان السماوية من هذه الجرائم ويكون ذلك بفصل الدين كمبأدئ ومعتقد وطريقة حياة عن مبتكرات وإجتهادات الانسان في تعامله مع أخيه الانسان وحصر هذه الوسائل بالجريمة والارهاب بشكل خاص. إن حقيقة ما يجري اليوم في العالم هو حرب بين طرفين إرهابيين أو بالدقة بين نموذجين ولكنهما بوجهين مختلفين من حيث المنطلق والصناعة , فالنموذج الاول يضم الامبريالية الصهيونية وعملائها اللذين يرهبون الشعوب فأما بغزوها أو إحتلالها أو بإجبارها وبقوة السلاح على إتخاذ المواقف التي تتناغم مع تطلعات هذه الدول العدوانية , وتغير الانظمة بالقوة وبإستخدام العدوان والغزو , وبين أفكارو حركات تتخفى وراء الدين لتحقيق مصالح الطبقة المتنفذة , فجورج بوش إرهابي ومعه عصابته في الادارة الامريكية السابقة وقد تخفى ببعض العبارات أو الكلمات الدينية والمتطرفة والتي تثير البعض من البسطاء اللذين يؤمنون بمبادئ الدين سواء المسيحي للايحاء بأن حربه وعدوانيته هي جزء من الهام الهي (نستغفر الله للجميع) ولكي يحشد هذا الجمع المؤمن البسيط لخطابه السياسي الديماكوجي والكاذب , وايظاً هو يثير في بعض اللذين يدعون الاسلام لاعلان الحرب ليس على مخططات واهداف و نوايا هذا المجرم وعصابته بل على المسيحية كدين وكمؤمنين وفي كلتا الحالتين كان المجرم وعصابته وأيظاً من المتطرفين الاسلامين كالقاعدة والمليشيات المدعومة من النظام الايراني هما المستفدين فقط من هذه الحرب الغير مقدسة. وفي نفس الوقت أستفزت هذه الحرب أو بالاحرى هذه اللعبة مشاعر البسطاء وأعطت للمنافقين الارضية الخصبة لتحويل صورة هذه الحرب الاستعمارية الى حرب دينية أو ثقافية أو حضارية , و حقيقة الأمر أن تلك الادارة السابقة لا تعرف شيئاً عن مبادئ الدين المسيحي ولكن مصلحتها تطلبت أن تغطي مخططاتها الاجرامية بهذا الشكل فكان غزو وإحتلال أفغانستان والعراق قد جرىذلك تحت هذه الاكاذيب , وبنفس العقلية يفكر ملالي طهران فهم بعيدون عن مبادئ الاسلام ولكنهم قريبون من أطماعهم , فعندما فكروا بإحتلال العراق في عام 1980 وبعد العدوان عليه والذي استمر 8سنوات وتحت شعارهم البائس (تصدير ثورتهم) لم يكونوا ينطلقون من مبأدي الدين الاسلامي لا التي تتعلق بحرب المسلم لاخيه المسلم ولا بإحترام الجيرة التي أوصى بها الاسلام الحنيف , وأيضا لا تتعلق بأي مبدأ من المبأدئ الأخرى للاسلام , وكذلك إحتلالهم للجزر العربية الثلاث وتدخلهم السافر وأرباك الوضع الامني في العراق ولبنان ودول الخليج العربي لا يمكن أن تحسب هذه التصرفات أو السلوكيات على أي مبدأ أوشرعية موجودة في الدين الاسلامي , فهذا النظام إرهابي وبإمتياز , وبالرغم من ذلك تتقاطع بعض الأحيان مصالحه مع الدول الكبرى ويتصادم معها بشكل أو اخر , ولكنه أيضا يلتقي معها في بعض الأحيان.

 

وأيضا هنالك النموذج الثاني والمتمثل بالحركات الدينية المتطرفة والتي تحمل إسم الاسلام زوراً كالقاعدة والتنظيمات المتطرفة الأخرى وهي أيظا تلتقي في بعض الأحيان مع الامبريالية الصهيونية وأيضا مع نظام الملالي في طهران وبالاخص في المساحات التي تتعلق بتنظيم وإعداد الحرب على القوى الوطنية والقومية الثورية في الوطن العربي , وأيظاً قد تختلف في بعض الأحيان فيما بينها عندما يتعلق الأمر بسيادة أي منطق الحروب التي يشنونها ضد القوى الثورية وبهوية الاجندات التي تُصمم والمرجعية الفكرية .ولكن بالنتيجة كلهم يحملون فكراً إرهابياً ويسلكون سلوكاً إرهابي , ولا يختلف على هذا الامر عاقلان , فكيف يستطيع المحتل أن يقنع العالم بعدم إنخراطه في معارك إرهابية وهو في نفس الوقت يمارس دوراً إرهابياً والمتمثل بإحتلاله و سرقته لثروات الشعوب ويدعي محاربته للارهاب (وعلى قاعدة فاقد الشئ لايعطيه) وكيف يمكن أن يفسر المحتل الايراني دعمه للتنظيمات الارهابية وخاصة القاعدة وتحت حجة إضعاف المحتل الامريكي وهو في نفس الوقت يسمح بقتل الالاف من الشعب العراقي بمختلف أديانهم وطوائفهم ويفلسف كل ذلك السلوك الارهابي بأن للحرب ضحايا وهو نفس منطقه عندما شن حربه العدوانية على العراق في عام 1980 ,

 

إن الاخلاص في الشعارات تتطلب أولاً تجسيدها والعمل بإتجاهه , فإن كان الامريكي المحتل لافغانستان أو العراق يفرض وضعاً ويصنع واقعاً هو يريده وبقوة سلاحه وفي نفس الوقت يعزف على الحانٍ ويغني بكلمات ويسوق لما يسميه بالديمقراطية والحرية ومبأدئ حقوق الإنسان , ويحاول وفي نفس الوقت يطلب من الآخرين أن يتعاملوا معه باساليب متحضرة أية إزدواجية بل أي شيزوفينا سياسية هذه؟!إن هذه الستراتيجيات الامبريالية الصهيونية في محاربة الارهاب غير صادقة بل في بعض الأحيان تخلط الخطابات السياسية وكذلك المواقف تجاه الارهاب , فعندما نتحدث عن ردود الافعال التي تبديها الشعوب المحتلة أو المُستعمرة تجاه كل عوامل القهر السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى القومي التي تفرضها الدول الاستعمارية وهو حق كفلت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية المتمثلة بالقوانين الدولية فإننا لا يمكن أن نكون نتحدث إلا عن حقها الشرعي والاخلاقي والقانوني في مقاومة المحتلين والمعتدين , وليس عن الذي تروج له الصهيونية والامبريالية من إن هذه الافعال الشرعية للشعوب والمعبر عنها بالمقاومة هي ضمن مفاهيم الارهاب , بل إنها شكل من اشكال الدفاع عن النفس ضد الجريمة.

 

إن المقاومة هي نتيجة وسبب في ان واحد , فهي سبب لتغييب العدالة من القوى المتسلطة.وقد تكون هذه القوة متمثلة بنظام ديمقراطي محلي , أو أن تكون قوة دولية تتمتع بكل أسباب الهيمنه والقوة المسلحة وتستنير بفكر إستعماري.

 

ولاجل أن تكون الصورة واضحة أكثر لابد من النظر الى كل ظواهر الرفض أو المقاومة التي تبديها الشعوب المقهورة ظلم ,  بمنظار صحيح وعادل وهذا يكون بتحليل كل الحلول المطروحة لمعالجة الابعاد السياسية التي تطرحها الدول أوالانظمة الغاصبة أو المعتدية أو المحتلة في معالجة شؤون الناس كشعوب أو قوميات أو أديان أو مذاهب , ولان السياسة الطائشة والغير عقلانية والمرتبكة التي تبديها هذه الديمقراطيات أوالدول هي التي تحفز المعارضة والتي قد تتطور لتصبح مقاومة والى مقاومة مسلحة وطنية أو قومية مشروعة , ولكن الخطورة عندما تَستغل بعض القوى والمنظمات المتطرفة ضروف النضال المقاوم وتحشر نفسها في فعل يتجاوز أهداف المقاومة , وكما نلاحظه في ما يجري في العراق , والمقاومة هي أيظاً نتيجة لاستمرار الظلم والعدوان والاستغلال والارهاب .

 

والمقاومة في حقيقتها فكر ونضال وستراتيجية تحرريةلا تهدف الى الاذى بعنصروجودها وإستمرارها ومادتها التي هي الجماهير.فالمقاومة العراقية البطلة والتي يقودها البعث الخالد لا يمكن أن تضع الإنسان العراقي هدفاً تصوب له بندقيتها ولكن الحركات الدينية المتطرفة تقوم بقتل الشعب العراقي وبدون تميز بين الهدف وهو المحتل وبين أبنائنا وأولادنا وأخوتنا من العراقيين وهو ما يعطي لفعلها صورة الارهاب , وبذلك تكون هذه الحركات عاملاً أساسياً لتشويه الفعل المقاوم الشريف وتلويث اهدافه الحقيقية وهو أيضا يصب في مصلحة المحتل الامريكي والايراني معاً لتشويه صورة الفعل المقاوم من نضال مسلح وطني وقومي شريف الى أعمال الجريمة ويعطيهم التبرير ليتهموا العمل المقاوم بالارهاب ظلم , وهكذا تتداخل المفاهيم فالمقاومة الشريفة البطلة ينعتونها ويحاولون تشويه صورتها من كونها نضال شعبي الى إرهاب.

 

وكل أعمال الجريمة التي يقوم بها المحتلون يندرج تحت فعل القتل المنظم أوالترهيب يصبغونها بحجة سعيهم نحو الديمقراطية أو الدفاع عن مذهب أو طائفة أو قومية.إنه تداخل خطير , ولكنه إنه لن ينجح مع العرب لأنهم يمتلكون مفاتيح الاجتهادات الدينية ولكل الاديان وليس هذا تبجح مقصود وإنما هو حقيقة لكون كل الاديان السماوية الثلاثة بعثها كان في أرض العرب وفي واقعهم عاش كل الانبياء ومن في تأريخهم تعرف حقيقة التطور الروحي في علاقة السماء بالارض , وبذلك يصح عليهم المثل القائل (أهل مكة أدرى بشعابها!) , ولكن العرب خسروا الكثير من الضحايا في هذا النوع من المعارك , وما خسارة العرب للنظام القومي الوطني في العراق إلا أحد أكبر هذه الخسارات والذي تسبب بأخذ المنطقة الى عدم الاستقرار والى تقلبات سياسية وإجتماعية , وهذا ظهر واضحاً على الواقع في المنطقة وخاصة البلدان العربية , وهو ما أشارت له قيادة العراق قبل إلاحتلال والتي بدءت ملامح تطور الواقع السياسي في المنطقة مع غياب العراق القوي , والذي كان أيظاً إحد هذه الخسارات التي يقدمها العرب..

 

 





الثلاثاء١٢ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة