شبكة ذي قار
عـاجـل










أكد رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي الدكتور عبد المجيد الرافعي، أن النظام الطائفي السياسي في لبنان، هو السبب في تدخل الدول الخارجية في شؤون هذا البلد ورسم مستقبله السياسي تحت ذريعة حماية الأقليات الطائفية، وستبقى المتاريس مرفوعة، طالما لم يتغير هذا النظام باتجاه الاستقلال الناجز والديمقراطية الحقيقية واللاطائفية والعدالة الاجتماعية وتثبيت الوحدة الوطنية. وقال متحدثاً من طرابلس: من هنا، من طرابلس قلب العروبة النابض في لبنان، طرابلس الإخاء والوحدة الوطنية والعيش المشترك، طرابلس الشهداء رشيد كرامي وصبحي الصالح وتحسين الأطرش، نعلن رفضنا لكل محاولات زرع المذهبية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد، محذرين من كل ما من شأنه استحضار أجواء الشحن والاحتقان المرفوضين من قبل شعبنا على كل أرض لبنان.

 

وعن العراق، اعتبر الرافعي أن الاحتلال الأميركي الذي أعلن هزيمته في العراق، يراهن اليوم على إنجاح العملية السياسية وهي عملية يائسة لن تؤدي إلا إلى المزيد من الإفلاس تحت ضربات المقاومة العراقية ولن يطول اليوم الذي سيتحرر فيه العراق من كل الغزاة والطامعين في أرضه، ولن تنجح محاولات تحويله إلى فيدراليات طائفية وعرقية والدفع باتجاه الاقتتال المذهبي والعرقي والاعتداء على أماكن العبادة الذي كان آخرها تفجير كنيسة سيدة النجاة في بغداد، واستهداف المسيحيين بقصد ترهيبهم وتهجيرهم وإفراغ العراق منهم.

 

وحول فلسطين، ناشد الرافعي أبناء الثورة الفلسطينية المعاصرة لتوحيد صفوفهم من جديد، لترميم ما تهدم بالعودة إلى تفعيل العمل المقاوم المتوجه نحو التحرير، حتى لا يتحملوا وزر ضياع فلسطين بأيديهم هذه المرة.

 

وحذر الرافعي من المخطط الأميركي- الصهيوني العامل على تقسيم السودان، الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد تقسيم العراق حيث سيجري تعميم التجربة هذه، على باقي الأقطار العربية، خاصة في ظل التدخلات الخارجية التي يتعرض لها اليمن، بهدف إغراقه في حرب داخلية ممهدة لتقسيمه وتفتيته، دون أن نستثني كذلك مصر العربية من هذه التدخلات التي تحولها إلى مصر للمسلمين ومصر للأقباط، مطالباً النظام المصري بالتدخل وإعادة الوحدة إلى هذا القطر قبل أن يستفحل المرض ويستعصي على الحل، وما حادث الكنيسة في الإسكندرية بالأمس إلا حلقة من المخطط الشرق أوسطي الجديد.

 

وإذ أكد الرافعي التمسك باستراتيجية الكفاح الشعبي المسلح طريقاً لتحرير الأمة العربية من الاستعمار والصهيونية، وبنواصي خيل المقاومة الشعبية التي أثبت جدارتها وكفاءتها في فلسطين ولبنان والعراق، دعا إلى تعميق ثقافة المقاومة بالسلاح والدعم والسياسة وبناء الحالات الجبهوية بين قوى التحرر العربية على المستوى القومي والقطري واعتبار أن إسناد المقاومة العربية واجباً وطنياً وقومياً وإنسانياً لا يجوز استغلاله ليشكل مبرراً للتدخل في شؤون أمتنا الداخلية وأهدافها في الوحدة والتحرر.

 

كلام الرافعي، جاء في الكلمة التي ألقاها قبل ظهر اليوم في المهرجان المركزي الذي أقامه حزب طليعة لبنان في معرض الشهيد رشيد كرامي بطرابلس، في الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس العراقي صدام حسين، وحضرته وفود شعبية من مختلف المناطق اللبنانية وممثلو أحزاب ومنظمات وفصائل وشخصيات من لبنان وفلسطين والعراق، يتقدمهم ممثلان للرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي ووفد من سفارة فلسطين في لبنان ونواب سابقون.

 

وقائع المهرجان

 

وقد استهل المهرجان بالوقوف للنشيد الوطني اللبناني ونشيد البعث ألقاهما شبان من كشافة الطليعة، ودقيقة صمت على أرواح شهداء الأمة العربية ليعتلي المنصة الشاعر حسين شعيب بقصائد حماسية من وحي المناسبة، ثم أعطيت المنصة للخطباء المشاركين، وبعد إلقاء الدكتور الرافعي لكلمته، أعطيت الكلمة إلى الأستاذ محمود بيضون، عضو الأمانة العامة للحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي الذي اعتبر أن الحديث عن صدام حسين يكتسب مسؤولية كبيرة وواجب قومي لأنه ليس قائداً عابراً في تاريخ الأمة بل هو الحضور الدائم في هذا التاريخ وله في خاصرة التاريخ منزلة لا يطاولها إلا أصحاب الإرادات العظمى والرؤى والعظماء، وما تواطؤ جميع القوى الرجعية العربية والحاقدة على العروبة مع الصهيونية والإمبريالية والأوروبية ضد صدام حسين، وحزبه الطليعي البعث، إلا خير دليل على عظمة هذا الرجل ومبادئه وعظمة حزبه.

 

ممثل سفارة فلسطين

هل صار للعرب قضايا أخرى تتقدم على فلسطين !

 

ثم أعطيت الكلمة للقنصل العام لسفارة فلسطين في لبنان الأخ محمود الأسدي، الذي دعا إلى اعتبار هذه اللحظة لحظة مراجعة فلسطينية وعربية للإجابة عن سؤال، هل ما زالت فلسطين قضية العرب المركزية الأولى أم صار للعرب قضايا أخرى تتقدم عليها، فمن يقرأ حال فلسطين اليوم يقرأ حال الأمة العربية جمعاء وهذا ما يدفعنا إلى أن نصرخ وبالصوت العالي لنقول: إن فلسطين مهددة بالضياع مرة أخرى اليوم كما ضاعت عام 1948، متسائلاً أين الوحدة العربية ولماذا غابت عن أفكارنا وممارساتنا بعد كل هذا التراجع في الموقف العربي الذي يطال الجميع بعدما صار البعض وللأسف يعّرف نفسه بطائفته ومذهبه، مع كل هذا الهدر للتاريخ والتهديد للجغرافيا، وختم كلمته بالدعوة إلى الوقوف مع الذات حيث اننا إذا استمرينا في دفن رؤوسنا بالرمال ستكون أعناقنا مربوطة بذيل الاستعمار ومستقبلنا مقيداً بالأغلال وبلداننا مسرحاً لتجاربه.

 

معن بشور

لاعتبار يوم 30ك1 يوم الشهيد العراقي والعربي ولتفتح الأبواب أمام المقاومة العراقية

 

وألقى الأمين العام الأسبق للمؤتمر القومي العربي الأستاذ معن بشور، كلمة المنتدى القومي العربي فحيا في بداية كلمته طرابلس التي تقيم مهرجان ذكرى صدام حسين وهي المدينة العروبية التي كانت وستبقى أولى روافد المقاومة سواء في الجنوب أو فلسطين أو العراق وكل ساحة من ساحات الأمة العربية داعياً إلى اعتبار يوم 30 كانون أول يوم شهداء المقاومة العراقية والعربية داعياً كل العرب إلى فتح أبوابهم أمام المقاومة العراقية ورفدها بكل وسائل الدعم المادي والعسكري والمعنوي ومعلناً في نفس الوقت أن الحملة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب على العراق برئاسة وزير العدل الأميركي الأسبق رامزي كلارك، ماضية في العمل من أجل محاكمة كل المتآمرين والمتورطين في الحرب على العراق، معتبراً في ختام كلمته ان إغلاق بوابة الاحتلال في العراق إغلاق لكل البوابات الأخرى الطامعة في أرضنا.

 

ممثل البعث والمقاومة الوطنية في العراق

لا لعقد القمة العربية في بغداد، والبعث موحد تحت ظل قيادته وأنظمته الداخلية

 

أما كلمة المقاومة العراقية وحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، فقد ألقاها السيد عبد الجبار عبد الغني الذي طمأن الحضور بقوة الحزب والمقاومة وحضورهما الفاعل في العراق، وان البعث هو حزب موحد تحت قيادته التاريخية والرفيق عزت الدوري، وان من ضلَّ الطريق يعود اليوم إلى حاضنته البعثية، ثم أعلن عن فضائح الاحتلال الأميركي في العراق الذي تسبب حتى الآن بمقتل مليوني عراقي، ومليون ونصف طفل يتيم وسبعمائة ألف أرملة مؤكداً في ختام كلمته أن المقاومة مستمرة في العراق حتى خروج آخر جندي أميركي محتل وما على الاحتلال إلا الاعتراف بالحقوق المشروعة للمقاومة العراقية والانسحاب الكامل غير المشروط وإلغاء كل المفاعيل السياسية التي أقامها الاحتلال والتعويض المالي على العراق، وإلغاء الاتفاقيات والمعاهدات الأمنية المعقودة مع المحتلين.

 

داعياً إلى عدم عقد القمة العربية المقبلة في بغداد لأنها تعطي الشرعية للعملاء والمحتلين وتطيل عمر الاحتلال وسوف تؤدي إلى المزيد من سفك الدماء.

مؤكداً أن الأمة العربي واحدة وعدوها واحد وهو الاحتلال الأميركي-الصهيوني.

 

هذا واختتم المهرجان بكلمة حماسية للمسؤول في منظمة كفاح الطلبة في لبنان الرفيق زياد درويش عبر فيها عن اعتزاز الشباب اللبناني بالمشاركة في هذه الذكرى لقائد عظيم من قيادات الأمة طُبعت شهادته وفروسيته في ضمير ووجدان أحرار العراق والعروبة والعالم.

 

 

كلمة الرفيق الدكتور عبد المجيد الرافعي رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي

في الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس صدام حسين

 

أيها الحفل الكريم

أيتها الرفيقات أيها الرفاق

نستقبل اليوم ثلاث مناسبات غالية، طالما ربطت بين ثوابت البعث التي اتخذت الكفاح الشعبي المسلح طريقاً لتحرير الأمة العربية من عدوان الاستعمار والصهيونية.

الأولى: ذكرى استشهاد قائد المقاومة العراقية، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الرئيس الشهيد صدام حسين في الثلاثين من كانون الأول من العام 2006 وقد دفع حياته مهراً لتحرير أمته العربية، وكانت شهادته إيذاناً بتعميق مبدأ الكفاح الشعبي المسلح في العراق، حيث آمن الشهيد الكبير بأن هذا الدرب لن يتم بمعزل عن تقديم أغلى التضحيات، خاصة إذا كان القادة هم الأوائل.

 

والثانية: ذكرى انطلاقة الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية في الأول من كانون الثاني من العام 1965، وكان أول من أطلقها القائد ياسر عرفات الذي سطر في التاريخ الفلسطيني أول تمرد على استراتيجية النظام العربي الرسمي، وكان البعثيون أكثر من قدم العون والمساندة لتلك الانطلاقة.

 

والثالثة: في الأول من كانون الثاني من العام 1975 حيث سطرت عائلة شرف الدين البعثية في جنوب لبنان أروع المواجهات البطولية ضد العدو الصهيوني، واستشهد نتيجتها ثلاثة رفاق من العائلة في بلدة الطيبة، لتليها معركة كفركلا في 27 تشرين الثاني من العام نفسه باستشهاد القائد المقاوم الرفيق عبد الأمير حلاوي، دون أن يغيب عن بالنا الملحمة البطولية التي استشهد فيها رفاق بعثيون آخرون من طرابلس الحدادين هم أبو ميكل وأبو النصر وأبو النسور في العام 1970 ليرووا بدمائهم تراب الجنوب في سبيل لبنان وفلسطين والعروبة.

 

ولقد رافق كل ذلك وتلاه، استنهاض القوى التحررية في مختلف أقطار العروبة، وخاصة تلك المحيطة بفلسطين المحتلة، وكان للبنان الحصة الكبرى من المشاركة البطولية الجدية في معارك المقاومة والشرف ضد العدو الصهيوني، فتتالت الأحزاب والقوى الوطنية فرادى وجماعات لتأخذ دورها منذ عام 1969 وما تلاه لنيل شرف الاستشهاد في سبيل تحرير فلسطين، وقد توج ذلك بتحرير جنوب لبنان في العام 2000 على أيدي المقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية والتي كان للأخوة في حزب الله شرف الريادة فيها.

 

ليس من الغريب أن تتعانق المناسبات الثلاث هذه في احتفالنا اليوم، لأن الشهيد صدام حسين البعثي عاش بكل وجدانه القومي همَّ القضية الفلسطينية التي اغتصبها الصهاينة في العام 1948، ومن بعدها قضية احتلال العدو الصهيوني للبنان في العام 1982، وكان الحاضن الأكبر للثورة الفلسطينية وقيادات تلك الثورة عندما عزِّ من يوفر لهم الحضن الدافئ والضيافة الأخوية والدعم المالي والعسكري للشعب الفلسطيني.

 

إن ارتباط المناسبات الثلاث فيه تكريم حقيقي لشهيد البعث والأمة، خاصة وهو الذي اعتبر أنه ما لم تتحرر فلسطين من البحر إلى النهر فسوف ينتشر مبدأ الاغتصاب على كل ساحة من ساحات الوطن العربي الكبير.

 

أيها الحفل الكريم

أيتها الرفيقات، أيها الرفاق

إنها المقاومة الشعبية أولاً وأخيراً هي التي تشكل استراتيجيتنا للتحرير. ولأن صدام حسين البعثي، كأمين عام لحزبه. وصدام حسين قائداً للعراق، كرئيس للجمهورية. كان أميناً على قضية فلسطين، وحريصاً على الثورة الفلسطينية، فلقد شكَّل الرقم الصعب الذي عجز تحالف الاستعمار مع الصهيونية عن تطويعه وتغيير مواقفه سواءٌ أكان بالترغيب أم بالترهيب.

 

ولأن تحرير فلسطين لم يتم إنجازه بفعل التخاذل الرسمي العربي، فقد احتُلَّ لبنان عام 1982، واحتُلَّ العراق عام 2003، ولأن معظم الأنظمة الرسمية العربية انزلقت في متاهات الإمبريالية والصهيونية، ولا تزال مواقفها تتدحرج باتجاه القعر، بتخليها عن مسؤولياتها القومية، فقد جاء من كل حدب وصوب من يملأ الفراغ العربي. ولذلك تتدهور القضايا القومية في هذه المرحلة من تراجع إلى آخر، وهي لن تتغير حتماً طالما الحقل العربي يقوم بزراعته من ليس عربياً، وطالما أن قضايا العرب من أقلها شأناً إلى أكثرها قد أصبحت في عهدة الخارج الأجنبي والخارج الإقليمي، غير أن الأمل ما زال معقوداً  على نواصي خيل المقاومة الشعبية، تلك المقاومة التي كانت البديل عندما تخلَّت الأنظمة الرسمية عن واجباتها، فكان سلاح المقاومة الشعبية استراتيجية الشعب العربي التي أثبتت جدارتها وكفاءتها في فلسطين ولبنان والعراق، وبفعل العمل المقاوم أخذت أمتنا دورها بين الأمم المتحررة.

 

أيها الحفل الكريم

بفعل الغياب العربي الرسمي، عمَّت الحركات الانفصالية في هذه المرحلة معظم أقطار الوطن العربي مدعومة بالقوى الدولية والإقليمية بحيث يسير تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد على قدم وساق، مترافقاً مع مظاهر التقسيم العرقي والطائفي التي تطل برأسها بقوة وسرعة، وتتشارك في تطبيقه الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية، وكل من لهم مصالح وأطماع في أمتنا العربية التي لا يمكن أن تحصل عليها إلاَّ من خلال تقسيم هذا الوطن وتفتيته إلى دويلات وفيدراليات. وإن احتلال العراق وتقسيمه أكبر دليل على ما نقول.

 

فإذا بدأنا بالعراق نجد أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يأخذ طريقه الفعلي منذ احتلاله قبل سبع سنوات ونيف، والعمل على تقسيمه إلى فيدراليات طائفية وعرقية من خلال الدفع باتجاه الاقتتال الطائفي والمذهبي والعرقي والاعتداء على أماكن العبادة الذي كان آخرها تفجير كنيسة سيدة النجاة في بغداد، واستهداف المسيحيين بقصد ترهيبهم وتهجيرهم وإفراغ العراق منهم، كل ذلك يشكل المدخل الأساسي لتطبيق المشروع المذكور، ونحن نثق بأنه لن ينجح في بقية أقطار الوطن العربي إذا ما تم إفشاله في العراق، لذا على كل حريص على مواجهة ذلك المشروع الخبيث أن يثبت مصداقيته بإفشال تقسيم العراق والعمل على تحريره أولاً واستعادة وحدته ثانياً.

 

ففي العراق اليوم تسرح الصهيونية وتمرح على أرض هذا القطر، وتعمل على التغلغل في شماله، ضمن المخطط الخبيث الذي عُرفت تفاصيله منذ سنوات عديدة وشاركت فيه الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية العالمية مع الحركات الكردية الانفصالية. ويتم تطبيقه الآن تحت سمع وبصر ومشاركة القوى الإقليمية الضالعة باحتلال العراق ورسم مستقبله السياسي. وهنا لا بُدَّ من أن نشير إلى أن من يريد أن يقاتل الصهيونية في فلسطين عليه أن يقاتلها في العراق ويفشل مخططاتها الخبيثة قبل أي شيء آخر.

 

ففي العراق الذي تعرَّض للعدوان والاحتلال، وخضع إلى مئات العمليات العسكرية الوحشية التي شنتها قوات الاحتلال لإخضاع أهله وإنهاء مقاومته، اضطر الاحتلال الأميركي إلى إعلان هزيمته ببرمجة الانسحاب منه، إلاَّ أنه لا يزال يراهن على إنجاح العملية السياسية، وهي عملية بائسة لن تؤدي إلاَّ إلى مزيد من إفلاس عملاء الاحتلال تحت ضربات المقاومة الوطنية العراقية، ولن يطول اليوم الذي سيعود فيه الجيش العراقي إلى الإطاحة بالاحتلال وحكومته متلاقياً مع المقاومة في وسط الطريق، لكي لا تبقى أرض العراق محتلَّة وحدوده سائبة أمام كل المتسللين والطامعين.

 

وفي لبنان تمتد الأذرع الخارجية منذ الماضي السحيق ولا تزال تتدخل في شؤونه ورسم مستقبله السياسي تحت ذريعة حماية الأقليات الطائفية، وهو الواقع الذي تستفيد منه الرأسمالية العالمية والصهيونية، لإبقائه ضعيف المناعة حينما يبدأ مشروع الشرق الأوسط الجديد بالنفاذ في أقطار عربية أخرى. لذا نرى أن حكومة لبنان الذي يتشكل اليوم من سبعة عشر أقلية تنخرط في صراعات داخلية حسبما هو مرسوم لها من الخارج، وهذه الحكومة تتلهى بكل شيء، إلاَّ أنها لا تعير مشاكل اللبنانيين وهمومهم أدنى اهتمام. ولا يمكن لأي لبناني أن يثبت مصداقيته الوطنية إلاَّ بإنهاء آخر ذيول النظام الطائفي السياسي، ذلك النظام الذي يخدم من دون شك مشروع الشرق الأوسط الجديد ويكسح كل العوائق من أمامه. وما لم يتغير هذا النظام باتجاه الاستقلال الناجز والديمقراطية الحقيقية واللاطائفية والعدالة الاجتماعية وتثبيت الوحدة الوطنية، ستبقى المتاريس مرفوعة في الداخل بين طوائفه، وستبقى حدود لبنان مفتوحة على استقبال رياح الخارج ومؤامراته المتتالية.

 

لذلك ومن هنا من طرابلس قلب العروبة النابض في لبنان، طرابلس الإخاء والوحدة الوطنية والعيش الواحد، طرابلس الشهداء رشيد كرامي وصبحي الصالح وتحسين الأطرش، نعلن رفضنا لكل محاولات زرع المذهبية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد محذرين من كل ما من شأنه استحضار أجواء الشحن والاحتقان المرفوضين من قبل شعبنا على كل أرض لبنان.

 

وفلسطين، فلسطين الغارقة اليوم في كل زوايا المشاكل، تزداد تفتتاً وشرذمة، وتَحوَّل الصراع التاريخي الذي خاضته فصائل المقاومة في منظمة التحرير الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني إلى صراع بين أبناء القضية الواحدة، هذا الصراع الداخلي صار وكأنه أصبح مطلوباً ومباركاً فيه من قبل القوى الدولية والإقليمية، بحيث أصبح الوضع الفلسطيني في هذه المرحلة كأنه يمهد للدخول من عتبات مشروع الشرق الأوسط الجديد. ومن هنا فنحن نناشد أبناء فلسطين، أبناء الثورة الفلسطينية المعاصرة، أن يجمعوا صفوفهم من جديد لترميم ما تهدَّم والعودة إلى تفعيل العمل المقاوم المتوجه نحو التحرير بمختلف أشكاله، حتى لا يتحملوا وزر ضياع فلسطين بأيديهم هذه المرة وليس بأيدي الاستعمار والصهيونية والنظام العربي الرسمي المتخاذل.

 

وإذا ما وضعنا اليمن نصب أعيننا فلا نجد أي تأثير على اهتزاز الأمن الداخلي من دون قوى الإسناد اليمنية الداخلية التي تسهِّل على التدخل الخارجي مهماته. وهذا لا يجب أن يبرر للنظام الحاكم إهماله لواجباته تجاه حقوق المواطنين، وإهمال النظام يجب أن لا يبرر لجوء القوى الداخلية للاستعانة بقوى الخارج والاستقواء بها. وهل ما يجري في اليمن اليوم أكثر من حرب داخلية تمهِّد لخطة تقسيم هذا القطر وتفتيته.

 

والسودان، مركز الدائرة الثانية بعد العراق، في المخطط الأميركي – الصهيوني، الذي إذا ما تمَّ تمزيقه سيعمم التجربة على ما حوله من أقطار عربية. وما مسرحية الاستفتاء حول مصير جنوب السودان إلاَّ إخراجاً لدخول السودان في عصر التمزيق والفيدرالية.

 

ومصر الواحدة سابقاً، تتحوَّل اليوم إلى مصر المسلمين ومصر الأقباط، وما حصل منذ شهر للأقباط من أعمال إجرامية في أكثر من مكان، وما حدث بالأمس في كنيسة القديسين بالإسكندرية من تفجير إرهابي، ما هو إلا حلقة في المسلسل والمخطط الشرق أوسطي الجديد، فما بال النظام فيها لا يعيد الوحدة إليها قبل أن يستفحل المرض ويستعصي على الحل بعد حين.

 

كلها أزمات أيها الحفل الكريم يدفع الخارج بها، دولياً وإقليمياً، إلى المزيد من التعميق والتأزيم، لتشكل المرحلة القادمة مرحلة الحروب الأهلية التي تُدار ويتم تمويلها من الخارج.

 

كل هذا الواقع يدفع بنا إلى التساؤل: إلى متى نلقي اللوم على الخارج؟ ومتى نتحمل مسؤوليتنا بكل شجاعة الرجال؟

 

وجواباً على ذلك نرى أنه لا يمكن للوباء أن يتسلل إلى الجسم في حال كان الجسم يمتلك المناعة الداخلية. ولا يمكن مواجهة الخارج، ومواجهة أزماتنا إذا لم نبادر إلى معالجة أمراضنا الداخلية أولاً، وبناءً عليه لا يمكننا أن نعود إلى مصاف الشعوب التي تخوض معاركها ضد أمراض الداخل وضد أوبئة الخارج إلا بما يلي:

 

1- اعتبار ما تقوم به بعض القوى من إسناد للمقاومة العربية واجباً وطنياً وقومياً وإنسانياً، لا يجوز استثماره واستغلاله للمصالح الفئوية، وحتى لا يشكل دعمها مبرراً للتدخل في شؤون أمتنا الداخلية وأهدافها في الوحدة والتحرر.

 

2- الدعوة إلى بناء حالات جبهوية بين قوى التحرر العربية على مستوى كل قطر، كما على المستوى القومي.

 

3- الدعوة إلى تعميق ثقافة المقاومة بالسلاح والسياسة ضد الاحتلال الخارجي، وفضح المتواطئين مع هذا الاحتلال.

 

إنها العودة إلى صفاء جوهر المقاومة التي مثَّلتها انطلاقة الثورة الفلسطينية في الأول من كانون الثاني من العام 1965، بقيادة ياسر عرفات. والاستمرار بمناهج المقاومة الوطنية العراقية التي خطط لها حزب البعث العربي الاشتراكي  بقيادة الرئيس الشهيد صدام حسين، والتي يتابع خطاه فيه اليوم المناضل الكبير الرفيق عزة الدوري، واستمرار تقديم الدعم للمقاومة الإسلامية في لبنان.

 

في ذكراك الرابعة يا شهيد البعث، نتوجه بالتحية إلى المقاومة العراقية بقيادة الرفيق عزة الدوري، وإلى المشاركين في كل فصائلها، بدءاً بفصائل جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني وانتهاء بالجبهة الوطنية والقومية والإسلامية.

 

سلاماً وتحية لشهداء الأمة العربية إلى أي فصل انتموا وإلى أي ساحة استشهدوا فيها.

الحرية للأسرى والمعتقلين في سجون الجلاوزة من إمبرياليين وصهاينة في العراق وفلسطين وكل أرض عربية وفي مقدمتهم الرفيق المناضل الأستاذ طارق عزيز ورفاقه البررة.

 

لأمتنا البقاء والخلود

والسلام عليكم

 

 





الاثنين٢٨ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة