شبكة ذي قار
عـاجـل










في البدء لست ممن يرضون للاخرين بالاساءة, مهما كانت طريقة إختياراتهم سواء بالتفكير أو بالتدبير وبوضعهم في خانة الادانة ,ولكن الموضوع يفرض نفسه علينا ان نتحدث عنه بهذا الشكل.وحيث أنني لم أفهم بعد النموذج الديمقراطي العراقي الجديد,فعذراً من كل الذين كتيوا في الديمقراطية سواء كانت الليبرالية منها أو الثورية ,فقد قالوا أن الديمقراطية تبتدئ من المشاريع الانتخابية و مروراً بصناديق الاقتراع لتنتهي بالتشريعات القانونية والدستورية وليتمكن الشعب بعد ذلك من أن يحكم نفسه عبر ممثليه,أما المشاريع والشعارات الانتخابية للتكتلات السياسية فكانت وطنية ولو تم تنفيذ جزء منها فإن العراق سيعيش حالة من حالات الرفاهية والسلم الاجتماعي لم و لن يحلم به أينائه ولو هم يستحقونه بكل معنى إلاستحقاق و أما عملية الاقتراع فكانت في العراق الحالي محل تشكيك كل الاحزاب و التكتلات والتيارات المشاركة فيما أطلقوا عليها بالعملية السياسية وهم في نفس الوقت فلاسفتها و مهندسوها,بحيث تم رفع الشعارات الكبيرة وبدءت معها عملية تصفية الخصوم وأُستخدمت فيها كل الوسخات ومنها القانون السئ بالاجتثاث وجرت تصفيات لا تليق بالانسان المتحضر ولا بمن يمتلك ماضً شريف ومناضل كالعراقيين العرب,ومن ثم ثارت زوبعة النتائج للانتخابات وتم إعادة الفرز والعد للاصوات مرة ثانية وأخذت عملية ألاعادة حصتها من التشكيك و تبادل الاتهامات وعدم نزاهة العملية والقائمين عليها ولغاية إنتقالهم الى الخطوة الثانية من البرنامج المصمم من قبل المحتلين وهي عملية التحالفات وقد أخذت أيظاً حصتها من التجاذبات والتحولات بحيث أستطيع أن أقول وبكل تواضع المعلومات التي عندي بعدم وجود كذا نموذج لحراك سياسي بهدف تشكيل تحالفات في التأريخ الديمقراطي الانساني بما صاحب هذا الحراك من سرعة التغيرات في التحالفات تفوق النظام الدائري الهندسي المقسم الى 360 درجة ولا في الطب الاحيائي من تغيرات غريبة فاقت حركة التغير الشكلي في الاميبا . فالتحالفات كانت تتغير بين ليلة وضحاها من أقصى الليبرالية الى أقصى المذهبية إن صح التعبير, بل كانت بعض التيارات تقسم بأعلى القسومات بإنها لاتتحالف مع من قتل وجوع ابنائها ولكن رسالة بل الامر الأجنبي كان أقوى من القسم فتغير الانتهازي بطرفة عين من معارض قوي لخانع ذليل ومستجدي لمنصب أو فتات السلطة, وتغيرت معه بوصلة الموقف من المعارضة القوية للشراكة الاقوى!

 

وعلى مدى الثمانية ألاشهر التي مضت على الانتخابات في العراق لم يتم تثبيت كيان إئتلافي محدد بهوية أو شكل سياسي بل لم يصمد أمام رغبات الاجانب,وكأن الذي يجري في العراق يذكرني بلعبة كنا نلعبها ونحن أطفال (شنطرة وبلبل) كنا قبل أن نبدأ الخطوة الاولى باللعب نغير تشكيل الفرق الى تشكيلات جديدة مرات و مرات أي عندما كنا أطفال لا نعي ماهية التشكيلات!.أو أن الذين يلعبون اللعبة السياسية في العراق لا يلعبونها بأوراق عراقية بل بأوراق أجنبية وفي علم السياسة يطلقونها عليها ألاجندة,أي تتغير هذه التحالفات وفق تغير الاجندات الأجنبية وهذا ينعكس بالضرورة على تشكيل التحالفات بين الفرقاء السياسين في عراق اليوم,فالمعتاد في ديمقراطيات العالم أن تتغير التحالفات بسبب تجاذب على جانب سياسي أو إقتصادي أو حتى عقائدي, ولكن اللذين يلعبون في السلطة اليوم في العراق يغيرون من شكل تحالفاتهم ليس بسبب (مثلاً) هل يكون إختيارهم لنظام الحكم في العراق رئاسي أو وزاري أوهل ندخل في مرحلة ناضجة من العمل الديمقراطي السياسي بأن تكون هنالك معارضة برلمانية أمام كتل حكومية موالية.أو هل يقوم العراقيون بإسثمار ثرواتهم الوطنية بأنفسهم وبالاستعانة بالخبرة الاجنبية أو أن تُرهن ثروة العراق بعقود للاجنبي ويُضَيع المتخلفون ممن يمتلكون القرار اليوم ما أنجزه العراقيون العقلاء الوطنيون قبل الاحتلال من إستقلالية في الاقتصاد و قيم إعتبارية و مادية للوطنية العراقية,أو هل نُكَون عقيدة وطنية في القوات المسلحة أم نبقيها على تناطحات وصراعات الافكار والعقائد الطائفية والعرقية لتكرس تمزيق العراق الواحد أو هل نعتمد خطط للتنمية والبناء(الذي نسيناها لفظاً و معنىً من قبل 10 سنوات)أن تكون خمسية أوعشرية؟.

 

أقول أية ديمقراطية هذه التي تجعل من الشعب يدفع خسارات بشرية بالالاف من أبنائه ويهرب الملايين من وطنهم وتُسرق التريلونات من الدولارات من ثروته,و بعد كل هذا وذاك يعود الوضع السياسي بالعراق من نقطة التي أبتدءو منها,فقد بدء النظام السياسي في العراق بعد الاحتلال بالمحاصصة الطائفية و المذهبية والعراقية والقومية واليوم بعد كل الذي حصل من مأسي في العراق ومن إنتخابات ونتائج فوز لهذا الطرف وذاك ,يعودون بنا هولاء المتخلفون الى توزيع المناصب والوزارات الى أسلوب المحاصصة,وهو أمر طبيعي جداً للبنية الاساسية لهذا النظام,لان اللذين جاءوا مع المحتل كانوا يرددون شعارات الديمقراطية وهم غير ديمقراطيون لا بأدراكهم ولا بإيمانهم بالديمقراطية فلا هم يحبون الديمقراطية ولا يفهموها ولا عندهم عقائد حزبية تؤمن بالديمقراطية.ولكنهم كانوا يريدون من الديمقراطية شعاراً لهم لكسب راي عالمي رخيص في تهيئة كل الاجواء لغزو العراق وتدميره وهذا هو الذي حصل.إنه الزيف المحتمي بالقوي.وكما تحتمي الابالسة بأبليس.


بالمناسبة من مفارقات ديمقراطية اليوم هو السرقات أصبحت مشروعة ووفق دستورهم , حيث كانت القوانين الادارية قبل إحتلال العراق تحرم الموظفين من التمتع بالمخصصات في حالة تمتع الموظف يإجازة تزيد عن شهر,وفي ديمقراطية اليوم ما يسمون أنفسهم بممثلوا الشعب يستلمون الرواتب والمخصصات كاملة ومعهم أتباعهم وافواج حمايتهم وهم لم يحضروا أكثر من ساعةواحدة لجلسة البرلمان وعلى مدى أكثر من ثمانية أشهر!إنها الديمقراطية الجديدة.وفي أخر هذه اللعبة تركن ديمقراطيتهم ويظهر اللاعبين ببدعة جديدة وهي البيعة والادهى وليس الغريب في لعبتهم أن يقومون ببيعة واحدهم للاخر بالتناوب على المناصب وفي كل مرة تظهر مجموعة تعلن مبايعة على منصب رئيس الوزراء والاخرى على منصب رئيس الجمهوريةً بتبادلة بين الاطراف تثير الشفقة على هذه المناصب التي كانت يتقلدها رجالاً أكفاء وابطال ومن عقلاء هذا الشعب العظيم. وهي لا تتعدى كونهامحاولة يأئسة لتشويه تأريخنا العربي الاسلامي!هل هذه وجه أونمط جديد لديمقراطيتهم ,فيا أساتذة البدع أن البيعة ليس لها علاقة بالديمقراطية لا من قريب و لا من بعيد.كانت البيعة في التأريخ العربي الاسلامي قائمة على أمر الهي في مبايعة الرسول محمد (ص),فالاية القرانية الكريمة التي تقول)) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً))*.والله هو المقصود بالبيعة و(إنما يبايعونك لله) أي يبايعونك لاجل الله ولوجهه..فأين أنتم من هذه البيعة.وأن البيعة تقوم على ثلاثة أسس: 1- المبايع . 2-المبايع له . 3- المعاهدة على الطاعة..أما:


1-المبايع: أن يكون المبايع مختاراً لان البيعة الحقيقية التي يرضى عنها الشرع كالبيع يشترط في عقدها بأخذ المال من صاحيه برضاه و دفع الثمن له وعلى أن لاتلحق اي ضرراً بطرف ثالث يمثل الجمع المؤمن,ولا تنعقد البيعة بإخذها بالجبر أو بحد السيف أو بمساومة على حق الاكثرية .فهل في بيعتكم يا دعاة الديمقراطية شئ من هذا؟!


2-المبايع له: أن لا يكون من المتجاهرين بالمعصية وأذية خلق الله سبحانه وتعالى,وقد قال الرسول (ص): لا طاعة لمن عصى)),وفهل فيكم من لم يعصي الله وشرائعه في خلق الله من شعب العراق العظيم وهذه الأمة الكريمة.


3-المعاهدة على البيعة:لا تصح البيعة بما نهى الله عنه و خلافاً للشرائع السماوية وقد قال الرسول (ص): (فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) فنقول كل أعمال القتل والسلب والنهب وتفجير بيوت الله من مساجد وجوامع وكنائس وأخرها الجريمة الوحشية بحق ناس مسالمين بطبيعتهم وديانتهم في كنيسة سيدة النجاة اليست معصية بل معصية كبيرة لكل من تسبب بها. أذن بيعتكم الواحد للاخر هي بدعة كما ديمقراطيتكم بدعة جديدة.

 

وأما الانظمة التي تعتمد على البيعة وخاصة الانظمة الملكية فهي تعتمد على مبايعة العائلة الملكية الوارثة للعرش لخلف من بعد سلف وهذه الانظمة تفسر البيعة على إنها العهد والطاعة كأنً المبايعَ يعاهد أميره على إنه يُسلم له النظر في أمر نفسه و أمور الرعية لا ينازعه في شئ من ذلك ويطيعه فيما يكلفه به من أمر على المنشط والمكروه,وقد جعلوا من دستورهم يتوافق مع هذه الفلسفة في الحكم , وهم يتبعون بطريقة عهد السابق للاحق أو كما هي مبايعة صحابة الرسول (ص) لمن يحق له الخلافة في عهد الراشدين,وكماهي مبايعة العشيرة أو القبيلة لرموزها إنها طريقة في إدارة المكون سواء شعباً أو قبلية أو صفوة من القيادات وهي وجه من أوجه إضفاء الشرعية للحاكم بمابيعته ممن يمثلون الشرعيية.ولكن الذي يقوم به السياسيون في عراق اليوم لا يتوافق لا مع دستورهم ولا مع طبيعة النظام السياسي الذي أُختيرَ لهم.فلا يمكن أن تقنع شيوعي حقيقي بغير ديمقراطية البروليتارية وحتى أن خضعت لبعض التحسينات ولا يمكن للرأسمالي أن يقتنع بغير ديمقراطية رأسمالية تتيح للراسمال السيطرة على كل الحياة في المجتمع,بمعنى كل فكر أو نظرية ولها إجرائاتها في تنفيذ ستراتيجيتها ,وهذا ما أُريدُ أن اصل اليه أن يختاروا طريقهم الذي يلائم عقائدهم فمن الغير الممكن للحزب الطائفي أن يكون ديمقراطي حقيقي,ولا للحزب القومي المغلق على قومية واحدة أن يؤمن بالطريق الديمقراطي فقد يتقارب مع النهج الديمقراطي تكتيكياً ولكن يبقى يبحث عن فرصة للعودة الى شوفينيته التي يتسم بها وهذه حقيقة بانت في عراق بعد الاحتلال بشكل أوضح من كل الاوضاع السياسية في العالم .

 

وتبقى الشرعية الحقيقة فيمن يحقق الامن والسلام والرفاهية والكرامة والسيادة والحرية والعدالة الاجتماعية ووحدة الشعب والامة وبغير ذلك فهم ينظرون ولا يبصرون ويسمعون ولا يعوون,أنها حكمة رب السماء في تأديب أبنائه اللذين يحبهم وندعوه أن نكون كلنا الابناء الصالحين المدافعين عن الوطن ضد الاحتلال وكل إفرازاته المادية والبشرية,ولندعوه أن يبقي شعب العراقي جزءاً من الأمة العربية الواحدة و يحفظ أبنائها الحقيقين اللذين يحملون رسالتها الخالدة ...أمين


* سورة الفتح / الاية 10 

 

 





الخميس٠٥ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة