شبكة ذي قار
عـاجـل










مدخل:
في  27 آب 2005 كتبت هذا المقال، أي قبل أكثر من خمس سنين، وكانت هذه الحال أرحم مما آلت إليه الأمور الآن فالذبح استمر يومياً وتصاعدت وتيرته والخراب صار أكبر ودولة القانون اعتمدت هذا القانون الذي أطلقنا عليه (اللاقانون)، فمتى تصلح الدنيا ويصلح أهلها؟      


المقال:
لم أر في أمثال الدنيا والشعوب أمثالاً أبلغ وأدق في وصف الحال مثل الأمثال العراقية، فالمثل العراقي عندما يريد وصف ازدياد السوء يقول: (جانت عايزة التمّت)، أي أن السوء لم يكن قد بلغ أقصى درجاته ولكنه وصل إلى الذروة الآن.


وفي حياتنا مما ينطبق على هذه الحال الكثير من الحوادث والشواهد اليومية، حتى أني فكرت، ما دامت الأمور قد أفلتت من عقالها (فالتون)، أن أجلب معي عدداً من المسلحين وأطرد رئيس التحرير وأسطو على منصبه، وليفعل مثلي كل من له عدد من المسلحين، فنحن نعيش مرحلة قانون اللاقانون.


وقد سمعتم، لاشك، كيف أقصي أمين بغداد السابق من منصبه واكتسب الأمين الجديد الشرعية بمجموعة من المسلحين فقط لا غير.


وبالأمس، كنت أراجع عيادة طبيب في ساحة النصر ببغداد وانتظرت دوري مع المنتظرين، وكان في صالة الانتظار شخص يهدد ويتوعد بأنه يجب أن يدخل إلى الطبيب قبل غيره وإلا.. وقد استطاع بهذا التهديد والوعيد أن يدخل قبل أن يأتي دوره فعلاً.. وعندما حان دوري ودخلت إلى الطبيب ليفحصني انطلق بالشكوى، ولكنه قال لي، قبل ذلك: (أرجو أن لا تكون واحدا منهم....


سألته باستغراب: ممن يا دكتور؟
قال الطبيب بأسى والرعب بادٍ على وجهه: من هؤلاء الذين ينتمي هذا الذي دخل إليّ قبلك.. لقد قال لي إنه انتظر في العيادة كثيراً وإنه ينبغي أن لا ينتظر أبداً لأنه من عناصر (...) ويستطيع الآن أن يجلب مسلحين ويقتلني وقد سبق لرفاقه المسلحين أن قتلوا الصيدلاني (فلان) والطبيب (علان) والبائع (فلتان) للسبب نفسه.. بصراحة أن هذا الشخص أخافني بتهديداته ولا أدري ماذا افعل ولمن أشكو أمري؟؟


قلت له مطمئناً: قد يكون الأمر مجرد كلام فارغ؟
أجابني بقلق وفزع: وإذا لم يكن الأمر مجرد كلام فارغ؟
إن ما يقلق هذا الطبيب أنه لا توجد هناك جهة يشتكي لديها مثل هذا التصرف وتستطيع أن توفر له الحماية من بطش الباطشين.
والواقع أن مثل هذه الحوادث التي تتكرر يومياً في حياتنا لا تقلّ بشاعة وشناعةً ووحشية عن تفجير سيارة مفخخة وسط مكان مكتظ بالأبرياء، كما يحدث في كل مرة وكما حدث أول من أمس في ساحة الطيران، إذ قضى عراقيون أبرياء غدراً.


وكيف يُراد منا أن نوقن أن هذه الأحزاب التي تمتلك مثل هؤلاء المسلحين هي التي ستبني لنا دولة القانون والنظام الدستوري والحياة السعيدة التي تسودها العدالة والأمن والمستقبل الزاهر؟؟.. وكيف سنبني العراق بمواطنين تقلقهم رصاصة غادرة تستقر في رؤوسهم بين لحظة ولحظة، أو سيارة مفخخة تنفجر بينهم وتمزق أوصالهم؟؟؟.. كيف نبني الوطن بمجتمع خائف؟؟؟

 

 





الاثنين٠٢ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة