شبكة ذي قار
عـاجـل










ولأنّ المسلمون اليوم , الذين هم امتداد لمسلمي ما بعد الألف عام التي مضت أو أكثر , قد لفّ الجهل عقول الغالبيّة العظمى منهم وانتشرت الأمّيّة وتنقّعت بها قحاف جماجمهم , فباتوا منذ تلك الأيّام وحتّى أيّامنا هذه أناس غير واقعيين تماماً , يؤمنون بعبادة الغيب وشديدو الخوف من المستقبل , بعكس ما أراده الإسلام من المسلم تماماً ! بل ومرعوبون منه أشدّ الرعب , لذا , فقد أصبح اصطياد الفرد المسلم منذ ذلك الزمن ولغاية اليوم "وأعني به المسلم المتديّن" من قبل دعاة الإسلامويّة ذووا الهيئة المعمّمة , أصبح اصطياده في غاية السهولة وأصبح توجيهه "عدا مقاومة المحتلّ!" أينما أراد أن يدير اتجاهه من يُظَن به أنّه يمثّل الإسلام , من أبسط ما يكون , وأصبح ابتزازه والضحك عليه وسرقة عرق جبينه من الأمور التي لا نقاش فيها , إدفع تدخل الجنّة , إن لم تطعني فمصيرك النار ؛ لأنّني أمثل الله رافعاً سيفه بوجه كلّ من عصاني , فمن عصاني فقد عصا الله ومن عصا الله ففي النار مخلّداً في النار!! .. ! , ويكفي وضع "المسلمين" المزري اليوم وما هم عليه من الذلّ والمهانة إلاّ دليل واضح لا لبس ولا عتمة فيه في الرؤيا "إلاّ ما ندر" عبارة عن أناس غير مسلمون في حقيقتهم وفق قياسات المسلم التي ذكرها القرآن العظيم , سوى بالإسم فقط , فيوم كنّا مسلمون حقيقيّون أيّام صدر الدعوة الأوّل وما تلاه من عهود قريبة منه لكنّا نملك الآن القدر الكافي من العزّة والشوكة والهيبة وتحسب لنا الأمم ألف حساب قبل أن تمدّ أصبعها على بعد مسافة 30 كم من حدود بلادنا العربيّة والإسلاميّة ! "إنمّا العزّة لله ورسوله والمؤمنون" . قرآن مجيد ..


الكثير من جمهور المسلمين , كما نوّه لذلك المرحوم الدكتور علي الوردي في كتابه ـ مهزلة العقل البشري ـ أو لنقل الغالبيّة العظمى منهم , يعلن عن تمنّيّاته , مع كل مناسبة ملائمة ؛ أن : لو كان القدر قد رماه في عهد النبي محمّد وعاش فيه كي تتاح له فرصة إعلان إسلامه على الفور وساعة ما يعلن الرسول مباشرة الوحي السماوي بالنزول عليه ! أو هكذا هيّئ لي تصوّر الوردي رحمه الله , وبدا لي في تصوّره هذا وكأنّه يعالج حالة نفسيّة تعتري فاقد الشيء , ليبدو الأمر بالنسبة للمتمنّي وكأنّه حالة إسقاط غير متّزنة وغير واقعيّة ! , وزيادة على ذلك , كما نوّه رحمه الله , وفي نفس كتابه , أو لربّما في كتابه الآخر ـ وعّاظ السلاطين ـ أنّ الموجّه الديني أو شيخه أوّ ما يسمّى برجل الدين , نجده , وهو خارج المنصب وخارج الكرسي , شديد الحذر والتحذير للآخرين من مغريات المنصب أو "الكرسي" ويحذّر من العواقب الوخيمة التي ستنتظر من سيجلس عليه إذا لم يكن من يشغل موقع القيادة هذا على قدر كاف من التقوى والخوف من الله , لكي تستقيم أمور الرعيّة ويتحقّق العدل , ولكنّ هذا الشيخ , بحسب استرسال الوردي في هذا الموضوع , سنجده قد تغيّر هواه إذا ما ساقته الظروف إلى موقع القيادة السياسيّة ! , فما إن يضع إسته فوق سدّة الحكم حتّى تسقط عن وجهه كافة براقع التقوى والورع التي طالما تستّر بها وتشدّق وانخدع بها الناس وسيتحوّل رجل الدين هذا إلى وحش كاسر تعادل قسوته وبطشه أضعاف مضاعفة عمّا كان عليه ممّن شغل القيادة قبله من قسوة رغم أنّه لم يكن يدّعي التديّن كما ادّعى هذا الشيخ أوّ كان قد شغل نفسه به طيلة حياته !...


منذ بداية الغزو , وعند بداية الاحتلال الأميركي للعراق , كنّا نتوقّع منذ البداية أن الحكم في العراق سيكون حكماً ثيوقراطيّاً , لعدّة أسباب , ووفق مقدّمات ومعطيات كثيرة سبقت الاحتلال ببضعة أعوام , أهمّ تلك الأسباب : أنّ المحتل أو المستعمر لا يساعده على بسط نفوذ استعماره بالقدر الذي يضمن نجاح مغامرته وديمومتها في الاحتلال في البلد الذي سوف يحتلّه سوى رجل الدين ! , فلم يضع المستعمر قدمه في بلاد أراد استعمارها , منذ عهود الاستعمار الأولى وإلى اليوم , وفي مختلف بلدان العالم التي شهدت بلدانها الاحتلالات , إلاّ وكان رجل الدين هو "بيضة القبّان!" ما بين المستعمر وبين تفشي الفساد والاستغلال واستمرار الإذلال والاستعباد والقهر فيه ! والشواهد على ذلك كثيرة ولا تحصى , حتّى بلد بحجم الصين مثلاً , وقبل عهد قريب , عندما أرادت الولايات المتّحدة زعزعة الأمن فيه وخلخلته باتّجاه بناء أرضيّة مناسبة تستطيع الولايات المتّحدة البناء عليها لاحتواء الصين فيما بعد , استخدمت رجال الدين "وكبيرهم الدلايلاما" كرأس حربة لمباشرة التأثير من الداخل على الحكومة الصينيّة ! , ولربّما لا جديد نضيفه إذا ما قلنا أنّ الدين والرأسماليّة التي هي عصب المستعمر ؛ صنوان لا يفترقان وكلاهما مكمّل للآخر ! , ولكنّنا , كمسلمون أوّلاً , وكمسلمون عراقيّون ثانياً , ولحد ما قبل احتلال العراق , كنّا نظنّ خيراً بالقيادات الدينيّة , نظراً لسجلّها البطولي الكبير في ثورة العراق الكبرى , ثورة العشرين العظيمة , وغيرها في الجزائر وليبيا وسوريا الخ , ولم يدر بخلدنا أنّ الدين الحق يأتي من خارج الذات لينظّم ذاتنا المسلم الذي يشغل حيّزنا الداخلي , وهو ما كان عليه السلف الصالح , فإذا انحرف الذات الإسلامي الداخلي تأت تأثير ذات خارجي مشكوك فيه وابتعدت الذات الداخليّة عن فطرتها التي فطرنا عليها الخالق وانحرفت في زمن العطب الإعلامي المتطوّر والاحادي القطبيّة وخاصة في العقود الأخيرة التي استمرّت بالطرق على رؤوس عباد الله وخلقه وأسقطت كبيرهم وصغيرهم في مهاوي المغريات التي تتطلّب رصانة مصطنعة أكثر من ذي قبل لغرض اقتناص "الفرصة" ! , فإن الذات الخارجيّة ستقود الداخليّة باتجاهات شتى لا تحمد عقباها حتى يكفر الناس باليوم الأسود الذي باعوا فيه عقولهم لرجال الدين ! ...


عندما هرعت عقول الناس شاخصةً باتّجاه واحد بانتظار "رسول الله" يطلّ عليهم ممثّلاً بالذين ادّعوا أنّهم يمثلونه خير تمثيل وأنّهم على خطاه وتقواه وورعه وعدالته وسماحته ورحمته ووعدوا أصحاب هذه العقول, وهم لا زالوا بعد في أماكنهم يعدون ويعدون من لندن وواشنطن وقم وعواصم ومدن أخرى ستحملهم في اللحظة الاستعماريّة المناسبة لتضعهم على عرش العراق في زمن محوّلّ لا رابط بين أبعاده سوى الانفصام مع كل اتصال لعمق وفورة فحولته الطاغية التي جمعت بين الحار والبارد بين "المسلم المتقي" وبين الكافر المستعمر الدموي شيطان الله الأكبر! ظنّت جموع العراقيين المتلهّفون منهم لاستلام حصّة تموينيّة جديدة في عراق جديد متكوّنة من ما لا يقل عن 66 مادّة غذائيّة !!! , أوّلها أكياس الرز والسكّر والشاي والجبنة الدنماركيّة والفرنسيّة واجهزة الكهرباء , من "الأوتي" "وانته صاعد نازل" إلى المهفّة الكهروـ مغنا ـ طيزيّة , والفاصوليا الفيلادلفيّة وغيرها وغيرها وانتهاءً بمبلغ مئتي دولار لكلّ فرد! "عدا فرص العمل الذهبيّة!!!" مع أكياس وعلب الحلوى وصناديق الحليب والببسي والمشن والنامليت والكراش ومسحوق غسيل أمواج "المعروف والمجرّب!" وصناديق الويسكي الخالي من الكحول! والجواريب وقماش البدلات والأحذية وربطات العنق النسائية والرجالية وملابس الاطفال الخ الخ الخ ممّا لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ! حتّى أنّ البعض من العراقيين استعدّ واخذ يتدرّب على سياقة السيّارات استعداداً لاستلام دوره في الحصول على سيّارات كابرس وشوفر وبيوك بالتقسيط المريح الذي لا يزيد عن بضع "دنانير عراقيّة جديدة" تعدّ على أصابع اليد الواحدة شهريّاً ستخصم المبلغ بأسرع ما يمكن مع كل احتفال من احتفالات العراق السنوية بعد "التحرير" ومع كل عيد من أعياد ميلاد علي ع وعيد ميلاد الحسين ع وعيد ميلاد العباس ع وأعياد ميلاد بقيّة أفراد بيت النبوّة ع حيث تقام الأفراح الملاح بهذه الأعياد !!! وتقبر الخلافات ويتعانق المتخاصمون تحت رشّات ورذاذ نافورات ماء الورد التي ستنتشر في بغداد ومدن العراق ! .. توقّع المتوقّعون ذوو النيّات السليمة والحسنة أنّ أوّل إطلالة لممثّل رسول الله بحر العلوج .. عفون أقصد بحر العلوم , يطلّ بها على الجماهير المحتشدة من الناس العموم , والناس تحت شرفات قصر التحرير , سيبدأها , بعد تنحنح معقول من سماحته وبلع ريق موزون , بالبسملة و ثمّ الحمد لله أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديهه ونستغفره ونستعيذ به من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له , وأن الحمد لله كثيراً , أمّا بعد , والحمد لله على نعمه وانتصاراته التي نصرنا بها , ما تظنّون أيّتها الجموع المحتشدة المباركة نحن فاعلون بمن قسى علينا زمن نضالنا ضدّ الحكم "الدكتاتوري" الذي طاردنا ونغّص علينا معتقداتنا وعلعل حبّنا لآل البيت وشكّكنا في أنفسنا وفي أصولنا !... ؟ ستردّ الجموع بأعلى صوتها مبتهجة فرحة مستبشرة مستشرهةً متبنعرةٌ متنعنعة مستغنمة (( أخٌ كريم وابن أخٍ كريم )) يا رسو ... عفون .. نقصد يا سماحة الحكيم .. فيعلنها حسين الصدر بأعلى صوته رافعاً يد أبا إسراء إلى أعالى الدجى والدياجير عن يمينه ورافعاً يد السيّد الدكتور أشيقر يده اليسرى إلى عنان السماء , وقد رفع المحرّرون النشامى أياديهم متشابكةً إلى النجوم من علاّوي وإنته صاعد نازل , وبقوّة لم تشهد لها شرفات القصور مثيلاً لها من قبل , وبصوت واحد نبــ .. وبصوت واحد صرخوا بأعلى أصواتهم وهم متشابكون بأيديهم تكاد أقدامهم تطير من على الأرض: ... (( اذهبوا ... فأنتم الطلقاء )) !!!!! .. فلا إعدامات بعد اليوم !!!! , فنحن ذو قلوب رحيمة أمرنا بها الإسلام ولا محاكمات , فإن العفو من شيمة الرجال لا من شيمة المخانيث الجبناء عند الوِليَه !, فالإسلام يجبّ ما قبله , ونحن , أي الجمع المؤمن الذي يمثل رسول الله ومحبة ال البيت الذين لا زالوا يجـ .. لا زالوا يبشّرون العراقيين بأعلى أصواتهم بانتهاء عهد الاعدامات والسجون والتعذيب وأنّهم أحسن وأنظف وأنزه من حكومة الطاووسـ .. الطاغوت السابقة فلا محاكمات ولا اختطاف ولا اغتيالات ولا تفجيرات ولا تفخيخ ولا تعليس ولا جثث شوارع ولا جثث مقابر ولا حواجز بين أهل البلد الواحد ولا دماء ولا طائفيّة ولا سرقات , ونحن نعلن , أي اخوة الإيمان بالله وبرسوله وبآل البيت يعلنون .. ومن شرفات التحرير , لا حكم إعدام بعد اليوم .. لا محكمة تحكم في ضل إسلامنا سوى محكمة العدل والبرهان النظيف أمام الله , لأنّنا نؤمن بالله وباليوم الآخر ونخافه سبحانه ونخشاه ونستحي منه !.. والتسامح والرحمة شعارنا الذي هو شعار إسلامنا الحنيف , وأنّ من اكل كبد خميني ؛ فله منّا السماح والعفو , فليس الخميني بأفضل من الحمزة أسد آل البيت وناصر رسول الله !! ....


نحن نقول ونفعل ولا نكذب ..


لأن الكذب عيب وحرام , وهذه العمامة التي على رؤوسنا هي رفعة راس لنا ولكم فهي أمانة , والمسلم لا يخون الأمانة , وسنجعل بلدنا العراق العظيم أنزه بلد في هذه الدنيا , نعدكم .. والله على ما نقول شهيد ... والسلام عليكم ورحمة الله ..

 

 





السبت٢٢ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة