شبكة ذي قار
عـاجـل










الحقيقة التي يعترف بها كل عاقل و مدرك أننا لا نعيش في عصر مثالي ولا في مجتمع مثالي,ولكن هذا لا ينفي عنا بأن كل أجيالنا تعيش اليوم في حالة من الصيرورة المعرفية والوعي لما يجري حولنا وبين ظهرانينا.وأن هذا المستوى من الادراك للحياة عامة والسياسية خاصة قد يكفل بترسيخ قيم للعدالة وفق منهج الاعتدال في الحقوق والواجبات ونموقناعة ناضجة لاحترام القانون والقضاء,فمجتمعنا العربي بأمس الحاجة اليوم لروح القضاء الذي كان سائداً في زمن الدولة العربية الاسلامية,فليس من المعقول أن تتطور الحياة العربية في كل مناحي الحياة ويتخلف فيها القضاء وتضمرفيها العدالة بهذا الشكل الغريب ويلهث الكثيرين من مثقفي وكتاب عرب للبحث اليوم في جامعات ومؤسسات الغرب عن الكيفية التي يمكن بها بناء قضاء مستقل يؤمن تحقيق عدالة في مجتمعاتنا العربية لنؤمن لشعبنا حياة تتساوى فيها الناس في الحقوق والواجبات أو نصبح مقلدين بالفلسفة والنهج للاخرين في حياتهم بل متطفلين عليهم بتجاربهم وخاصة في تجاربهم في نظام الحكم وما هم يعرفونه بالديمقراطية لتحقيق المساواة والعدالة بين أفرادهم ومجتمعاتهم وكأنما تجربتنا العربيةفي الحكم العادل لايمكن أن نأخذ من روحها ونسقطها على تجاربنا في الحكم الحالية مع قليل من التكييف وإعادة التشكيل في عناصرها لتتحول الى شبه نموذج لأنظمة الحكم المعاصرة.وهذه ليست دعوى للانغلاق أو للعزلة عن عالمنا ولكنها دعوى لكل معني بالقوانين والعدالة والبحث عن شرعية الانظمة عربية أو غير عربية للالتفات الى تاريخنا العربي الاسلامي والبحث وحسب الاختصاص عن تجارب الحكم وتعصيرها (أن صح التعبير) لكي تتلائم مع الواقع الذاتي العربي والموضوعي المحيط بنا,لكي نتقدم ونشارك العالم بما عندنا ونتفاعل معهم فيزيد العالم من إحترامه لهذه الامة المجيدة لانها أُمة الثقافة والعلم والقانون ونكسب ثقة أجيالنا بنا وبها لاننا كشفنا عن حيويتها وقوتها ليس بالسلاح ولكن بهذا الكم الكبير والعظيم من التراث الحضاري الذي يمتد الى الالاف من السنين وأيظا يعكس حقيقة هذه الامة المعطاة في كل شئ يتعلق بالبشرية,فهل يمكن للذين يتبجحون ويتشاطرون بتجارب الاخرين سواء في قانونيةأنظمتهم أو في وسع معرفتهم بديمقراطية الغير.و بدون غرور أننا أُمة عرفنا القوانين قبل كل الامم وهاهو نصب مسلة شريعة حمورابي تقف في متحف لندني وليس في بغدادي أوفي متحف في القاهرة تؤكد هذه الحقيقة, أقول هذا لعلي أفلح في أيصال رسالة شفافة لكل من يعتقد أن إقامة نظام حكم عادل ويتساوى فيه الكل وبدون تميز غير الولاء للوطن والعمل الصالح ,كفاكم اليوم من تشويه لحقيقة هذه الامة التي عرفت العدالة قبل كل الامم,فلا المحتل الامريكي والمحتل الايراني قادر أن يعطيكم نظام العدالة ولا يستطيعان ان يمنحكما أيظاً شرعية في الحكم إذا لم يقتنع العراقيون والعرب بشرعيتكم أولاً ومن ثم الأخرين ثانياً.


(ثانياً) كلنا نؤمن ونعرف في نفس الوقت بأن في هذه الامة قد توارثنا ثقافة الاختلاف وبتعدد أدياننا و مذاهبنا ومعتقداتنا السياسية وهذه علامة حيوية في أُمتنا,ولكننا تعايشنا في هذا الوطن الكبير بالرغم من إختلافنا فكرياً وفي بعض الاحيان نشذ عن طابع توارثنا فيصل ببعضنا الى الخلاف والتصادم ولكن في دواخلنا حقيقة نؤمن بها وهي إننا لا نستطيع أن نعيش بدون واحدنا مع الاخر في هذه الامة الخالدة,ولكن بإستعانتنا بالاجنبي ونفوذه الى مذاهبنا النقية ومعتقداتنا الانسانية زرع الزؤان في حقولنا,وهذا الخرق في سياجاتنا الفكرية والمعتقدية جعل بعض هذا الاجنبي الخبيث أن يزرع الفرقة بيننا وكما الامام علي (ع):( إيّاكم والفرقة فإنّ الشاذّ عن أهل الحقّ للشيطان, كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب),وها أنني أستعين بجوهرة من الاصول الثقافية العربية على واقعة فكرية وفعلية,فالقول يشرح نفسه.فهل يمكن أن نعود الى بؤرة الاستقطاب الحقيقية وهو حب الوطن وهي الكفيلة بعدم إخراجنا من دوائر المباح المتاح وتجذب كل مخلص لوطنه وأُمته وتفرج كل مزايد و كذاب,إن نقدنا لاحدنا الاخر لايجب أن يتعدى الحرص على الوطن والشعب والامة وحتى الانسانية وماعدا ذلك سيتدحرج قاع الحقد والجز الفكري والكفاحي,ويؤمن لنا القرار الصالح ويحقق الاستقرار في نفوسنا أولاً وفي مجتمعاتنا ثانياً.إن الذي يريد الاهتداء الىالطريق الصحيح لبناء الوطن وخدمة شعبه لابد أن تكون بدايته بألايمان بهذا الطريق ومن ثم تغير فكره وسلوكه ومد الجسور الواضحة مع المخلصين لتقوية معسكر الاوفياء لاوطانهم,وبالتاكيد هكذا قرارما كان ليأتي لولا فضل الرب ثم إستنارة العقول في إن الاختلاف لا يعني أبداً أنه يفسد الولاءات للوطن وللشعب وللامة والاقداء بالرموز الوطنية التي تساهم في مسيرة بناء الوطن,وأُمنيةِ أن تتحول الاختلافات بين العراقين لاتنفي عن أي أحد وطنيته ونحصرها في التنافس في التضحية والافتداء لتحقيق المكاسب لكل العراقيين بمختلف أديانهم ومذاهبهم وطوائفهم ومعتقداهم السياسية,وأحلم بأن تتطورأُمنيتي هذه لتعم ساحة الوطن العربي الكبير وصولاً للعالم وحيث سنكون جاهزين في فعلنا الحضاري الذي سنقدمه للبشرية كأمة عربيةواحدة.إنه أكثر من حلم وقد يرتقي لان يكون حقيقة لو تجنبنا في أول مراحل مسيرتنا التدخل الاجنبي في علاقتنامع الله سبحانه وتعالى وثانياً في علاقتنا مع بعضنا كعرب وأني لواثق أن حلمنا العربي الكبير سيتحقق ونحول الامة الى خلايا مناضلة لتحقيق أهدافها,يقول المفكر العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق رحمه الله بهذا الصدد: (من الأمور البديهية أن النضال الصحيح الذي يكتب له النجاح هو الذي يعتمد على قوى الأمة، والذي يستطيع أن ينقذ هذه القوى ويجمعها وينظمها. ولا حاجة إلى القول أن النضال الذي نعنيه، والذي هو وحده جدير، بأن يندفع إليه العرب وينتظموا فيه، هو نضال الشعب العربي في سبيل بلوغ الأهداف القومية الكبرى: الحرية والاشتراكية والوحدة. فإذا كانت هذه المهمة في غاية الصعوبة لأنها تصطدم بقوى هائلة من الرجعية الخارجية والداخلية ).*والله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ...أمين




* نشر في جريدة "البعث" في 5 كانون الثاني 1950

 

 





الاثنين١٧ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة