شبكة ذي قار
عـاجـل










الملاحظ في الكتابة عن الوضع السياسي في كوردستان هناك شيء من الربط بين الحالة الاجتماعية والاقتصادية لأنه كما سبق وذكرنا لكم في مقدمة الموضوع إن الحلقات مرتبطة ارتباط وثيق في كل الحالات المذكورة .


إن السياسة الخارجية والداخلية تتأثر سلباً إذا كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية متخلخلة والعكس أيضا ، ففي كوردستان العراق بات الوضع السياسي وضع يرثى له من خلال العزلة الداخلية للقيادة والعزلة الخارجية ، وسنتناول السياسة الخارجية للأحزاب المسيطرة الآن في كوردستان , الذين باتت سياستهم تعاني من فقدان المصداقية لأنهم كانوا يصفون الوضع لحلفائهم وللمجتمع الدولي نموذجياً من جميع النواحي وكأنه صندوق ذهبي مرصع باللؤلؤ والمرجان .


لكن يوما بعد يوم يزداد الوعي عند الشعب بفقدان العدالة والمساواة وعدم السكوت عن الحقيقة وعدم الرضا على الواقع انفتح الصندوق الذهبي وتبين للعالم وللدول الإقليمية أن الواقع الحياتي في كوردستان يتناقض كليا مع الوصف الذي كانت تصفه الأحزاب الحاكمة ، فتغيرت أساليب التعامل والتعاطي مع هذه الأحزاب شيئا فشيئا وهذا بارز بشكل واضح , فحلفاء الأمس يريدون مد يد المساعدة لمصلحي أو مغيري الواقع من السيئ إلى الجيد وهذا بات واضحا من خلال ظهور الأحزاب الكوردستانية الجديدة بأفكارها وأيديولوجيتها الوطنية البعيدة عن الطائفية وعن التمييز الذي يسود كوردستان اليوم, ونود هنا أن نعلق على معنى التمييز في كوردستان فالتمييز من قبل الأحزاب الكوردية القديمة بتأسيسها وأفكارها تميز حتى بين أبناء الأسرة الواحدة فالفرد من الأسرة الذي يوالي هذه الأحزاب فهو كوردي أصيل يشعر بالمسؤولية تجاه وطنه , لكن بالمقابل الفرد الأخر من نفس الأسرة و يحمل أفكار جديدة تهدف لإصلاح المجتمع والواقع الكوردي , فهو متهم بالتخاذل تجاه قوميته ومتهم بالعمالة والخ ... ومن خلال هذه المعطيات كلها نرى أن الأحزاب الحاكمة تعاني من عزلة دولية وعزلة داخلية فالشعب الكوردي اليوم يتطلع إلى واقع سياسي واقتصادي أفضل ، فاليوم في كوردستان العراق بدأت تظهر أفكار جديدة وهذه الأفكار من مبادئها الأساسية إن تجعل الشعب الكوردي يركب قطار الديمقراطية الذي يتجول اليوم في وسط وجنوب وشرق وغرب العراق ولكن الأحزاب المسيطرة قامت بوضع حواجز كبيرة أمام هذا القطار لكي يحولوا دون وصوله إلى كوردستان العراق بسبب إن مصالحهم وأفكارهم تتضارب مع الأفكار التي يحملها هذا القطار فالوصف "بالقطار" هو مجازي والمقصود به هو "الحرية والديمقراطية" التي يتمتع بها كل العراق , ماعدا سكان كردستان العراق , فهم ضحية لسياسة الحزبين البارتي والاتحاد الذين يتلاعبون ويعقدون الصفقات فيما بينهم للسيطرة وزيادة نفوذهم كل واحد على حساب الأخر ولا يعملون لحساب الشعب الكوردي ومصلحته أي قيمة, فسياسة الحزبين تريد زرع بذور الفتنة بين الكورد أنفسهم من جهة ومن جهة أخرى بين الكورد والعرب, ذلك من خلال سياسات شوفينية حزبية ضيقة , ومن تلك الفتن هو إطلاق وصف "المناطق المتنازع عليها" التي هي خير دليل على الإخوة الكوردية العربية, ما الذي تتنازع عليه هذه المناطق؟ فسكانها منذ الأزل وحتى أخر لحظة هم متعايشون متصاهرون ومتحدون دون أي نزاع لا بل دون أي خلاف بسيط كما هو الحال بارتباط الشمال بالوسط والجنوب والعكس أيضا ولكن هذه الأحزاب تريد زرع الفتنه وتفريق أبناء الشعب الواحد فلحد هذا اليوم لم تجري أي انتخابات نزيهة في كوردستان إلا وتلاعب الحزبان في نزاهتها بصوره مباشره وغير مباشره والمقصود بالمباشرة أي ترهيب وتهديد المواطنين قبل الانتخابات بعدة ساعات , وتهديدهم بإخراجهم من دورهم ومناطقهم إلى مناطق أخرى ، إما عن فقدان النزاهة غير المباشر فهو إن الأحزاب القديمة تعقد صفقاتها قبل إجراء الانتخابات وتوزيع المناصب فيما بينها لأنه لا يوجد منافس لهم فهم يحكمون بالتهديد والترهيب والتعيينات بدلا من الانتخابات ومن الغريب والمهم إن الحزبين يقولون إن مصيرنا وأهدافنا واحده فلماذا كان يتقاتل الحزبين لعدة سنين ؟ كانوا يتقاتلون على زيادة مناطق نفوذهم وعلى مصادر الأموال في كوردستان وبسبب المصالح الشخصية , وليس لمصلحة الشعب الكوردي كما كانوا يدعون فلو كان ذلك صحيحا لما خلفت حروبهم فيما بينهم ألاف الأرامل والأيتام والثكالى بسبب حرب البارتي والاتحاد .


فاليوم يقنعون ويخدعون أنفسهم بأنه من يعترف بذنبه فلا لا ذنب عليه بوصفهم تلك الحرب باسم (( الاقتتال الأخوي )) وباللغة الكردية يسمى (( شه ري براكوري )) ومن سيعوض الأرامل عن أزواجهم والأيتام عن إبائهم والثكالى عن أبنائهم .


ومن الجدير بالذكر والمثير للقلق على الشعب الكردي انه في زمان باتت الحزبيات الضيقة شيء مختلف وقديم غير ملائم للوضع والتغييرات التي جرت في العراق فنحن في القرن الواحد والعشرين والحزبين الكرديين كل ضمن نفوذه يتجولون على بيوت المواطنين ويملئون الاستمارات التي تحتوي على حقل الاتجاه السياسي أو الانتماء الحزبي (ويا ويل أي المواطن بسيط إذا قال انه ينتمي لغير الحزبين القديمين فانه لن يعتقل ولن يهدم بيته ولن يقتل ولكن سوف يحارب في رزقه ودائرته) لأنه كل المؤسسات الحيوية والحكومية مسيطر عليها الحزبين بصوره عامه إما عن الأحزاب الملحقة بالحزبين التي لا حول لها ولا قوه فهي أيضا لكل منها وزاره في الحكومة ، وهذه الوزارة التي أعطيت لكل حزب من الأحزاب الملحقة هي لتعيين إفراد حزبهم ولإعطائهم رواتب على حساب الحكومة المركزية لان أحزابهم لا تملك راتب موظف واحد وقد نحسد نحن الأكراد على التعددية الحزبية لكن ليعلم المتفرج على "الصندوق الذهبي" أي كوردستان لأنها فعلا منطقه استراتيجيه من الناحية الطبيعية ومن الناحية الزراعية وموقعها الجغرافي ومن الموارد الثمينة والثروة الزراعية والحيوانية التي تملكها واستطيع أن اصف كوردستان بأنها بستان العراق الجميل الوافر بالخيرات لكن شعب كوردستان اليوم في وضع لا يحسد عليه .


وكما ذكرنا هناك ارتباط بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، فمن سياسة الأحزاب القديمة انه يحاولون القضاء على البطالة التي يواجهها الشباب اليوم فالإجراء المتبع والتخطيط المخطط من قبل الخبراء والمستشارين الأجانب للأحزاب الحاكمة هو تعيين الشباب بالأجهزة الأمنية والعسكرية وهذا التخطيط اتخذ لان له فوائد كبيره جدا لقيادة الحزبين وهذه الفوائد تشمل عدة نواحي منها :


1- انهماك المواطن بعمله الأمني وعدم توفير فرصه للتفكير في وضعه الاجتماعي ووضعه السياسي .
2- اخذ تعهد منه بعدم انتمائه لأي حزب غير الحزب الذي يعمل لصالحه وهو احد الحزبين طبعا .


3- الرواتب تأتي من الحكومة المركزية على أساس أنهم حرس غابات أو موظفون في دوائر مدنيه مثل البلدية والكهرباء والخ ... كما إن الراتب يأتي من المركز كاملا لكنه يمر في وزارات الإقليم فيقطع جزء منه ويذهب إلى مصير مجهول والجزء الأخر يعطى للموظف الأمني .


4- ليكن الشباب أدوات للدفاع عن الحزبين ومصالحهم ، وقد توجد فائدة أخرى من وراء الكواليس ولكن الله اعلم . فاليوم لو عملنا إحصاء في المدن والقصبات لوجدنا ما يقارب ستون بالمئه أو أكثر من الشباب قد اضطروا لصعوبة المعيشة والمحسوبيات والمنسوبيات في الانخراط في هذه الأجهزة الأمنية فهذا الوضع أن دل على شي فإنما يدل على انه الحزبين يمارسا الديمقراطية الإعلامية أي الصندوق الذهبي المرصع بالمرجان واللؤلؤ ، ولكن لو فتحنا الصندوق لوجدنا فيه أوراق سوداء وعليها قطرات من الدموع التي تنهمر من عيون الشعب المسكين الذي يكتب همومه اليومية حتى صار لون الأوراق البيضاء اسود قاتم من كثرة الهموم .


السياسة ليس فيها مجاملة أبدا قد يكون فيها مجاملات بين السياسات الخارجية للأحزاب والدول وذلك نادرا ما يكون إما السياسة الداخلية فهي لا تقبل المجاملة أبدا بل يجب أن تكون صريحة فالإدارة في كوردستان تقوم على مجاملة الناس والمزايدة على القومية الكوردية فنحن اليوم نتحدى أية جهة في العالم بأنه لا يوجد أي مواطن كوردي لا يعتز بقوميته الكوردية ولا يريد لها الخير والازدهار لكن هناك جهات كوردية تريد بحجة القومية زرع فتنة فأنها لا تريد تقسيم العراق والمدن فقط بل حتى مكونات الشعب تريد أن تقسمها ، فاليوم قامت الأحزاب الكوردية القديمة بتقسيم الشبك والايزيدية كيفما يشاء الحزبين من خلال التبرير بأنهم لا يتعاطفون مع القضية الكوردية ولا يعطوهم الفرصة لإثبات هويتهم وبحريتهم مع العلم إن لهم دور فعال وبارز في القضية الكردية ، فما بالك بالشعب الكوردي الذي هو تحت سيطرتهم منذ عام 1991 فهم يفرضون عليه أفكارهم شاء أم أبى دون الأخذ بنظر الاعتبار الحرية الفكرية التي يدعون بها من الشعارات وعلى الفضائيات وإمام ممثلي وسفراء دول العالم والمجتمع الدولي .


الخطأ الذي ترتكبه الحكومة العراقية والدول العربية والإقليمية بمواقفها المؤسفة التي تعتبر إن سلطة الحزبين الحاكمين في كوردستان هم الممثلين الحقيقيين للشعب الكوردي ، وقيامهم بالضغط على الأحزاب الوطنية والسياسيين الوطنيين الكورد بالرجوع والاصطفاف مع الحزبين الحاكمين ، وهذا خطأ فادح وفظيع ، كونه لا يخدم مصلحة شعبنا الكوردي .


إن حزبنا واثق وعلى يقين بان شعبنا الكوردي لا يحصل على حقوقه الكاملة إلا من خلال تكاتفه ووقوفه مع أخوتهم في العراق من العرب والتركمان وبقية الأقليات الأخرى ، وليس بفتل العضلات والقوة واستغلال الفرص ، وان العنتريات في اعتقادنا لا تدوم ولا تخدم فاعليها بشيء يذكر .


وان دور الأحزاب الوطنية الكوردية المؤمنة بالتعايش السلمي والأخوي ضمن العراق الواحد الموحد هو الطريق الوحيد الذي يؤمن حصول شعبنا الكوردي على كامل حقوقه.


إن القضية الكوردية أصبحت معقدة جدا وتزداد تعقيدا يوما بعد يوم ويزداد أعدائها من جراء السياسات الخاطئة لحكومة الإقليم .
بدورنا نرى عدم الاعتماد على الاحتلال والاستعمار ، لان الاستعمار هو استعمار على الشعوب أينما وجد ، وهذا ما لا يخدم مصلحة شعبنا الكوردي في كوردستان العراق .


أما الشعب فيفتقر إلى الحرية الفكرية والتعبير عن الرأي وعلى الرغم من هذه الصعوبات التي يواجهها شعبنا الكوردي فهو يتمنى أن تسود الديمقراطية كوردستان وان يعترف قادة الحزبين والمسئولين في البلاد بأخطائهم وان يعودوا إلى جادة الصواب وكما إن الشعب يتمنى أيضا أن يكون له تمثيل أوسع واصدق في الداخل والخارج من حيث التعددية الحزبية الحقيقية البعيدة عن تخويف المواطنين لكي يصل الشعب إلى شاطئ الأمان بحرية وعدالة دون أن يخوض في متاعب ومشاكل ليس له فيها ناقة ولا جمل وبالإضافة إلى هذا نريد كما إن الكل يريد أن نبرهن للعالم اجمع إن الشعب الكوردي شعب طموح وواعي يستطيع إن يغير واقعه نحو الأفضل والأجمل .

 

 





الخميس١٣ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حزب الحرية والعدالة الكوردستاني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة