شبكة ذي قار
عـاجـل










يبدو أن وزارة التضليل والدعاية الأمريكية ما فتئت عن إنتاج الأفلام التضليلية، التي تضاهي أفلام هوليود تأثيرا، فأفلام هوليود رغم أنها تبهر وتنال إعجاب المشاهدين وما أن يسدل الستار يصفق الحاضرون لبراعة هذا الممثل أو ذاك المخرج، ومع أنها أحيانا تجعل البعض يبكي لكن بمجرد أن ينتهي عرض الفلم يرمي المشاهد منديله الذي كفكف به دموعه ويذهب إلى شأنه قائلا في نفسه لم يكن سوى فلم هوليودي،  أما أفلام وزارة التضليل والدعاية الأمريكية فتجبر العالم على تصديقها وترغم الحكومات على التعاون معها رغبا أو كرها، ولعل أفلام هوليود أكثر رحمة، فالدموع والدماء والتفجيرات مجرد تمثيل ويسعى منتجوها لربح بضع المئات من ملايين الدولارات، أما أفلام هذه الوزارة الشريرة فلأجلها تذرف دموع وتنزف دماء حقيقية وتتفجر ألوف الأطنان من الذخائر ناشرة الموت والدمار، ويسعى مروجوها لاستعمار الشعوب ونهب ثرواتهم وتحقيق أهداف الصهيونية الإبنة الشرعية للإمبريالية.

 

ولسنا هنا لنسرد أفلام ودعايات هذه الوزارة اللعينة، ولكننا سنقف على آخر فلم تعده لتهيئ الرأي العام داخليا وخارجيا للتدخل العسكري في قطر عربي عزيز على جميع العرب، وهو اليمن مهد العرب الأول، والحاضن لحضارة العرب وتاريخهم، وآخر تلك الأفلام هو بدايات ولادة أسطورة زرقاوي جديد متمثلة في " أنور العولقي " الذي تبهرج له وسائل الإعلام وتعظم من خطر تنظيمه، حتى إن صحيفة الواشطن بوست " القريبة من أوساط السي آي إيه والتي لا تذكر شيئا لا يوافق على نشره السي آي إيه " نشرت نقلا عن السي آي إيه بأن تنظيم القاعدة في اليمن يعد التهديد الأخطر للأمن الأمريكي!!!، و لمن يعود بذاكرته قليلا إلى الوراء يجد أن مرحلة التهويل والتضخيم الإعلامي هذه التي تمارس على اليمن يشبه كثيرا إلى حد التطابق ما مورس على أفغانستان والعراق قبل احتلالهما وتدميرهما، إن دور وزارة التضليل والدعاية الأمريكية هي إيجاد الذرائع التي تخبي فيها أمريكا والصهيونية أهدافهم الحقيقية من وراء الحروب على الشعوب المغلوبة على أمرها.

 

و لإننا أصبحنا نحفظ هذه الأفلام والدعايات الرديئة، فإننا نعلم النهاية التي تدور في عقول أباطرة الشر في واشنطن، فالسيناريو المتوقع هو ان تدبّر المخابرات الأمريكية عملية كبيرة إما بالمنطقة أو بأمريكا أو بأي مكان، وينسب الهجوم للقاعدة في اليمن، ويتبنى هذا التنظيم الهلامي المخابراتي الهجوم، فتطلع الإدارة الأمريكية بتصريحات نارية مفادها بأن الحكومة اليمنية فشلت في مكافحة الإرهاب، وبأن القوات الأمريكية يجب أن تتدخل في جنوب اليمن لمحاربة تنظيم القاعدة.

 

يتزامن ذلك مع تأجيج النزاعات الانفصالية، عبر تصعيد مشاعر الكراهية بين أبناء الجنوب والشمال، وذلك من خلال وسائل الإعلام أو من خلال العملاء الذين يضللوا عامة الشعب في الجنوب لجعل الأمور تتطور إلى مرحلة اللا عودة، وخلق هوية جديدة داخل الوطن الواحد تستحق النضال من اجلها بكل الوسائل حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بالأجنبي، وجعل مسألة تدني مستوى الخدمات والفساد الإداري إلى مظلومية "تشبه دعاية المظلومية التاريخية لعملاء إيران في العراق" للتغرير على العامة وجعلهم يتقبلون وجود الأجنبي الذي سيخلصهم من الظلم، وبذلك يضمن المحتل أن لا يلقى أي رفض أو مقاومة بينما يحقق أهدافه الاستعمارية من دخوله لجنوب اليمن.

 

الهدف من وراء أسطورة تنظيم القاعدة في اليمن :

 

1- بكسنت اليمن : اي بمعنى آخر تفتيت اليمن، و تطبيق النموذج الباكستاني على اليمن، وذلك عبر توجيه التنظيم " الذي يدار بإيادي خفية من قبل السي آي ايه " إلى تنفيذ عمليات في اليمن وخارج اليمن، حينها ستجبر أمريكا الحكومة اليمنية لمحاربة التنظيم، وستضعها امام خيارين لا ثالث لهما الاول هو أن تحارب الحكومة اليمنية التنظيم وتجعلها مجبرة على قبول التعاون لمحاربة ما يسمى الإرهاب، او أن تفسح الحكومة اليمنية للأمريكان لمحاربة القاعدة، حينها ستوافق الحكومة اليمنية مجبرة على قبول التعاون مع امريكا لمحاربة القاعدة، وحينئذ ستقوم الطائرات الامريكية بضرب اهداف داخل اليمن دون استئذان من الحكومة اليمنية، فتضطر الحكومة اليمنية لتبني هذه الضربات او الإيعاز بأن هذه الضربات تمت بموافقتها، فتظهر الحكومة اليمنية امام الشعب بأنها تقتل أبناء شعبها إرضاء لأمريكا، فيبرهن اصحاب النزعات الانفصالية للعامة بأن ما زعموا كان حق، و حينها سينجر عامة الشعب وتدور رحى حرب أهلية متعمقة لا تنتهي لأنها تتغذى على اساس الكراهية والعنصرية بين أبناء الشعب شمالا وجنوبا.

 

2- الهدف الاقتصادي : أعتقد بأن الأمريكيين يعلمون بأن في جنوب اليمن مخزون اقتصادي من النفط والغاز، فأينما وجد النفط وجدت القاعدة والإرهاب، وأينما حددت أمريكا وجهت سيرها الاستعمارية فإن القاعدة تسبقها، فيا ترى ما هو سر هذه العلاقة؟؟

 

إن السارق يفضل حينما يسرق دارا أن يدخله في وقت تعم فيه الفوضى والصخب في ذلك الدار كي يسرق دون أن يلتفت له أحد، لذلك فإن سياسة الفوضى الخلاقة التي يطبخ لها في اليمن من قبل امريكا هي استنساخ لنفس الوضع الذي طبقته الامبريالية في عديد من الدول ولكم في دول افريقيا ودول امريكا اللاتينية وغيرها فقد تكوّن في تلك البلدان وغيرها امراء حروب يتصارعون في ما بينهم ويبيعون ثروات شعوبهم مقابل قطع السلاح الذي تنتجه مصانعهم،

 

ولعل فشل الهدف الاقتصادي من احتلال العراق وافغانستان، قد جعل امريكا تغير وجهتها الاستعمارية لايقاف نزيف اقتصادها نحو وجهه مختلفة ولعل الوجهة المستقبلية نحو السودان واليمن، فجنوب السودان واقليم دارفور يحوي على مخزون نفطي هائل، وتأجيها للنزعات الانفصالية للجنوبيين وظهورها بمظهر المؤيد لإنفصال الجنوب المسيحي بينما في حقيقة الواقع فإن الكاوبوي لا يأبه لا بالمسيحية ولا لشيء الا للنفط ونهمه في سرقة ثروات الشعوب، وإلا ألا يتذكر المسيحيين السود تاريخ العبودية الذي على اساسه بنيت أمريكا، وألا يتذكروا الاحكام التي صدرت من محاكم امريكا اثناء تلك الحقبة بأن السود والملونين ليسوا ببشر بل هم حيوانات على هيئة بشر ويجوز قتلهم واخذ حقوقهم والاستمتاع بهم، وهو المبدأ ذاته الذي تطبقه النخب الماسونية التي تحكم أمريكا حاليا وإن تسترت بقناعات وشعارات زائفة، فحقائق الواقع تؤكد بأن هذه النخب لا تعتبر الملونين بشر لذلك فهي تنشر الموت والدمار بين صفوفهم وتسرق ثروتهم، ولكن الملاحظ بأن التصعيد باليمن قد تم بوتيرة سريعة فالحزب الديمقراطي كان يتبنى تغيير الوضع في اليمن عكس الجمهوريين، لذلك فمنذ ان تولى الديمقراطيين السلطة في أمريكا حتى تغير الوضع في اليمن فزاد نشاط تنظيم القاعدة واتسعت تحركات الانفصاليين واصبحت تلاقي آذان صاغية، مما يوحي بأن في اليمن شيء ما يسيل له لعاب الكاوبوي الامريكي الذي يفكر بعقلية القرصان الذي يبحث دائما عن الذهب والكنوز وقد يقتل لاجلها ويحرق كل شيء لإرضاء نهمه الشيطاني بالذهب والمال.

 

3- الهدف الصهيوني : يعلم الصهاينة بأن وجودهم في قلب الوطن العربي هو حالة طارئة وأن كل الظروف والمعطيات تؤكد بأن وجودهم آني ووقتي مهما استمر وجودهم بالحديد والنار لأنهم زرعوا انفسهم في وسط أمة تاريخها منذ آلالاف السنين، لذلك يسعى الصهاينة لتفكيك الأمة إلى مكوناتها الاولية، فتجربة الامة هي نتاج تجربة ممتدة منذ آلالاف السنين تكونت شخصية الامة من الاسرة والقبيلة والعشيرة والطائفة لتنصهر جمعيها في بوتقة الامة، فالكيان المسخ يعلم بأن وجوده في قلب الأمة هو حالة طارئة وستنتهي ولكن إذا قُسمت هذه الامة إلى كيانات متعددة وإثنيات طائفية، سيستطيع الكيان المسخ العيش وسط كل هذه الكيانات بل وسيتزعمها، لذلك فإن استهداف اليمن هو حلقة من مسلسل تفتيت الاقاليم العربية الكبيرة التي كونت ونسجت حضارة العرب قديما وحديثا، كالعراق ومصر و اليمن، وبلاد الشام وغيرها، و لا ننسى أن الهدف ايضا من تفتيت اليمن هو زرع اليأس في صفوف أبناء الامة وقتل حلم الوحدة العربية، لأن اليمن تمثل حامض الدي ان أي للعرب والحاملة لصفاتهم الوراثية وكذلك ينظر إليها العرب، و مع أن اليمن يوجد فيها ما يوحدها اكثر مما يفرقها، ففي اليمن لا توجد عرقيات أخرى كبعض الدول العربية ولا توجد فيها ديانات أخرى غير الإسلام، بل ولو بحثت في علوم الأنساب لوجدت أن 95% من اليمنيين جدهم واحد " قحطان "، فإذا تشرذمت اليمن رغم ذلك فما سننتظر من باقي الاقطار.

 

وسيجد المتابع لسير تنظيم القاعدة يجده بأن هذا التنظيم قد تغيرت إستراتجيته وخطابه الاعلامي بحسب من يوجهونه، ففي السابق كان التنظيم يعلن كفره بالوطنية والقومية وبأنه تنظيم عالمي اسلامي لا يرتبط بدولة او قطر او منطقة، لكن النسخة المطورة او الاصدار الجديد من تنظيم القاعدة يشجع النزعات الانفصالية في اليمن والمغرب العربي، ويتبنى تطلعات وافكار الانفصاليين هناك.

 

الامر الخطير في ظاهرة تنظيم القاعدة بأنه تم خلق كيان معادي ناقم على المجتمع ومدمر يشبه سلوكه سلوك الخلايا السرطانية التي تهاجم وبجنون خلايا جسم الإنسان بدلا من أن تبنيه، أضافة إلى ذلك فإنه ينقلب على المبادئ السامية للإسلام، فيصور للآخر بأن الإسلام دين دموي، فالنبي المكرم " صلى الله عليه وسلم " وصحابته الكرام لم يكونوا دمويين ومتعطشين للدماء ولا يبيدون الاخضر واليابس ولم يقتلوا مدنيا او يروعوا آمنا ويشهد التاريخ للعرب المسلمين في كل حروبهم بسمو ورفعة اخلاقهم في الحروب، كل لذلك ليحجبوا الآخر من أن يرى سماحة الإسلام.

 

وفي الأخير.. على أهلنا في جنوب اليمن وفي المغرب العربي ألا ينجروا وراء مرتزقة السي آي أيه وبلاك وتر،  فهؤلاء شياطين وإن لبسوا عمامة النبي، فكل من يروج للفتن وينشر الكراهية ويدمر الحرث والنسل ويقتل لمجرد القتل هو شيطان يخدم أولياء الشيطان الصهاينة ومن لف لفهم.

 

Almaher09@gmail. com

 

 





الاحد٠٩ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ماهر التويتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة