شبكة ذي قار
عـاجـل










إن كل مجتمع يتكون من مجموعة من البشر وتربطهم روابط عديدة ومن هذه الروابط ، رابطة المصالح المشتركة ، وأيضا في كل مكان من العالم وفي كل المجتمعات ، يوجد الغني والفقير والمتعلم والجاهل والخ ... من متناقضات الحياة الكثيرة وهي طبيعية .


لذا ينتج عن هذه المتناقضات أو عن هذه الشرائح ، أفكار وحركات تدعو إلى العدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية ، لكي لا تشعر أي شريحة من هذه الشرائح بالظلم وعدم المساواة ، لذا تقع المهمة الكبرى على عاتق السلطة أو الحكومة المنتخبة ، وذلك بالتخطيط الاستراتيجي والعدالة في توزيع الثروات ، التي هي من حق الشعب في أي مجتمع كان ، ولكن هنا نخص بالذكر مجتمع كوردستان وسلطته الحاكمة ، فالمجتمع في كوردستان يفتقر إلى العدالة الاقتصادية ، من خلال سيطرة المسؤولين على جميع المفاصل الاقتصادية ، من استثمارات ومشاريع التنمية ومقاولات التي هي أصلا قليلة جدا ، فنرى إن أكثر المقاولات والاستثمارات هي تعود لأشخاص متنفذين في السلطة ، ولكن يعطوها لغيرهم للقيام بتنفيذها لإبعاد الشبهات عن أنفسهم ، وذلك لمراكزهم السياسية والقيادية ، لذا نرى في هذه العملية يتم تهميش الكثير من أصحاب الخبرات والناس الأكفاء في هذا المجال ، والنتيجة يكون مردودها سلبي على المجتمع ، فالبنى التحتية للإقليم من طرق ومدارس والخ ... كلها تشيد بأساليب ومواد هشة وفاسدة ، حيث أنها غير مطابقة للمواصفات ، وهذا كله بسبب الفساد المالي والإداري .


ناهيك عن أزمة السكن التي يعاني منها شعب كوردستان وذلك بسبب انهماك السلطة بالمصالح الخاصة ، وعدم وجود تخطيط عمراني بعيد المدى .
فاليوم تجد في كوردستان وفي كل محافظة أو مدينة ما لا يقل عن عشرات المجمعات السكنية التي لا يستطيع أفراد الطبقة الفقيرة بل حتى الطبقة الوسطى التي تكاد معدومة في كوردستان من اقتناء شقة أو دار سكن في هذه المجمعات التي تظهر إعلاناتها على شاشات التلفاز بحجة أنها تعطى للشباب ولأصحاب الدخل المحدود ، وذلك لأسعارها الخيالية والتي سعر اقل شقة فيها يصل إلى خمسين ألف دولار أمريكي تقريبا ، وأعلى سعر هو نصف مليون دولار أمريكي تقريبا وحسب الأسعار المعلنة .


فأين هي العدالة الاقتصادية التي لا تمكن المواطن الكوردي من اقتناء ابسط واهم مقوم للعيش وهو السكن ، ومع كل هذه السلبيات فنحن لا نريد أن نعطي صورة سوداء قاتمة للوضع في كوردستان العراق .


ولكن لو تشكلت لجان دولية محايدة لإنصاف الشعب الكوردي ، وإنقاذ أمواله من الضياع من خلال احتساب الحصة التي تسلمتها القيادة الكوردية منذ عام ( 1993 ) والتي بلغت ثلاثة عشر بالمائة حتى العام ( 2003 ) حيث ازدادت هذه الحصة إلى سبعة عشر بالمائة منذ العام ( 2003 ) ومع المشاريع التي نفذت في كوردستان والإنفاقات الأخرى ، وبالرغم من ذلك ولكي لا نكون ظالمين للقيادة الكوردية ، لأنها منذ توليها السلطة في كوردستان لم تطلع الشعب على التخصيصات المالية لكل وزارة والخطط الموكلة إليها ، فقط تطلعنا القيادة على الخطر التركي والقصف الإيراني وتهديد الإرهاب ونسبة تمثيل الكورد في المناطق المتنازع عليها وغيره من الصور والأطماع المحيطة بالكورد لكي ينهمك الكوردي في أمور ثانوية بالنسبة لاقتصاده وأمواله التي تذهب إلى جهة غير معلومة بالنسبة للشعب الكوردي .
ولكي نكون أكثر إنصافا ولا نظلم المسؤولين ، فهناك دليل قاطع وبرهان على إن سبل العيش باتت معدومة في كوردستان ، وذلك بسبب المحسوبيات والمنسوبيات والتعصب الحزبي الضيق أو ( الواسطة ) بصورة أوضح .


لذا نرى أكثر من نصف مليون شاب كوردي وأكثر من ربع مليون عائلة كوردية من مجموع خمسة ملايين نسمة تقريبا في كوردستان ، هاجروا إلى دول أخرى ومنها دول أوربا .


ولو سمحت الفرصة لهاجر نصف الشعب الكوردي ، بسبب شعور المواطن بالظلم وعم المساواة ، وكما أسلفنا انه هناك الغني والفقير والخ ... من الشرائح ، لان لله سبحانه وتعالى حكمة في هذا الأمر ، أما الظلم فانه لشيء مكروه لا يرضى به حتى الله سبحانه وتعالى ، ومن ترسبات هذه الحالات ، برزت لنا طبقات عديدة ، منها الغنية جدا والتي تتمثل بالمسؤولين والمتنفذين بالسلطة وأيضا الطبقة الغنية ، والتي احتلت مكان الطبقة الوسطى ، والتي تتمثل بأقرباء المسؤولين وشركائهم والموظفين الكبار وأصحاب الرواتب الخيالية ، أما عن الطبقة الأخرى وهي الطبقة الفقيرة ، فهي المغضوب عليها التي لم يرضى عن مكوناتها الحزبين بسبب حظهم الأسود ، لا أكثر ولا اقل والاهم أيضا من الشعب الكوردي ، وينتمون إلى هذه الأرض والى هذه الأمة ، ولهم حق العيش حياة مترفة لان هذه الأموال أيضا من حقهم ، وليس من حق أي جهة أن تقسم الأموال وسبل العيش كما يروق لها .


ولكن الحق والواقع يجب أن توزع أموال الشعب الكوردي على الجميع بالتساوي دون وضع فروقات بين المواطنين ، على أن هذا ينتمي للجهة هذه والجهة تلك ، فالشعب الكوردي قد أصابه الملل وطفح كيله من هذه المزايدات على قوميته التي ليس لها أساس من الصحة من هذه المزايدات ، سوى مطامع حزبية وشخصية ، فالقومية الكوردية بخير ما دام الشعب الكوردي بخير ويعرف أين تكمن مصلحته .


ولا شك أن الملف الاقتصادي في كوردستان العراق كما أسلفنا بيد النخبة من القيادة السياسية لإقليم كوردستان واقتصادهِ متنوع وله مصادر متنوعة فهي تمتاز بأراضي خصبة وأنهار وجداول والمنطقة شمال الخط المطري أي أن أمطارها دائماً وقت الشتاء عدا الثلوج وتمتاز محافظات كوردستان بمناظر طبيعية خلابة واصطياف وغنية بالبترول ومشتقاتهِ والغاز الطبيعي والمواد الأولية التي تدخل مختلف الصناعات وقد وقعت حكومة الإقليم خلال السنتين الماضيتين عقوداً مع شركات عالمية ودول أوربية وشرقية .


ومن الواضح للجميع مسألة تهريب النفط من كوردستان العراق إلى الخارج بعلم ورقابة الحكومة الكردية وأن وزير النفط العراقي شهرستاني أعلن بأن وزارتهِ ستتخذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين عن التهريب .


إن وزير الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان أكد بنفسهِ إن عمليات التهريب تتم بعلمهِ ومن جهة أخرى ينفي وزير المالية الكوردستاني وصول أي أموال إلى الخزينة من جراء تصدير النفط والمشتقات النفطية .


والمواطن الكوردي يسأل أين ذهبت هذهِ الأموال ونحن نسأل هل القيادة الكوردية على علم بهذهِ السرقات لأموال الشعب الكوردي وفي حالة عدم علمها لابد من اتخاذ الإجراءات الرادعة ومحاسبة المقصرين ، لأننا لحد الآن لم نجد أو نرى أو نسمع بان احد القياديين او احد المسؤولين أو احد الأعضاء من الموالين للحزبين قد قدموا للعدالة والتحقيق معهم وزجهم في السجن بسبب الفساد المالي المستشري في كوردستان ، ولم نرى أي تساؤل للقيادة الحزبية المتنفذة ( من أين لك هذا ) وجميعنا نعلم علم اليقين إن الرواتب ومهما كانت درجة المسؤولية الملقاة على عاتقهم لا تمكنهم من شراء القصور والبنايات الشاهقة والمصانع والاستثمارات الكبيرة مع الغير وبشتى الطرق ، ومن هنا نجد ان عبارة ( من أين لك هذا ) غير موجودة في قاموس الحزبين الحاكمين في كوردستان ، وهذا ما يضع الشعب الكوردي في حيرة من أمره ، لان لو كانت هناك محاسبة للفساد المالي والإداري ، لاقتنع الشعب بان لديهم حكومة تحاسب المقصرين ولكن سكوت حكومة الحزبين عن هذا الفساد هو دلالة على رضاهم بالفعل ومشاركتهم في هذه الأفعال .


المفروض رصد هذهِ المبالغ الكبيرة لتنمية اقتصاد وتجارة كوردستان ووضع الخطط الخمسية للبناء والأعمار والصناعة والسياحة وصناعة السياسة والبنية التحتية .


فمن المطلوب من القيادة السياسية الكوردية أن تتجاوز المحسوبية والمنسوبية وأن تضع حداً للفساد الإداري والاقتصادي وأن تضع حداً لنهب ثروات وأموال شعبنا الكوردي وأن ترصد هذهِ لرفع المستوى الاقتصادي للطبقة الفقيرة من العمال والفلاحين والكسبة وبقية طبقات أبناء المنطقة لرفع المستوى المعاشي لجموع الكادحين .


ولم تلتفت الحكومة للبناء والمساهمة في تنويع مصادر دخل الفرد الكوردي والبنية التحتية تفتقر للتخطيط المدروس فمثلا في المجال السياسي والمجالات الصحية والزراعية والصناعية مهملة وهكذا ينسحب الحديث على المرافق الخدمية الأخرى وهناك شحه في مجال الطاقة الكهربائية وتوفير الماء الصالح للشرب والنقل .


ولحد ألان رغم الميزانية الكبيرة للإقليم وبحدود خمس الميزانية للدولة العراقية ومصادر التمويل الأخرى لم نشاهد حالة من الرفاه الاقتصادي والمعيشي لعموم طبقات المجتمع عدا الحكام ومؤيدي الحزبيين الاتحاد الكوردستاني والديمقراطي الكوردستاني وباعتراف الجميع يصعب القيام بأي استثمار في كوردستان العراق من دون مساعدة أو تصريح عن احد الحزبين الرئيسيين أو عن إحدى العائلتين التي تسيطران على الحزبين حيث يجب أن يكون احد المسؤولين شريكا مستترا في مشاريعهم وبعكس ذلك من الصعب والمستحيل إيجاد فرص عمل واستثمار .


ونتيجة لتشكيك القطاع الخاص المستثمرين بجدية الحزبين في تشجيع الصناعة والاقتصاد والاستثمار وترك حرية العمل لهؤلاء بدون دخول الجهات المؤثرة والتقدم الذي نراه اليوم يسير ببطء نتيجة الحالات المذكورة أعلاه ، فالمستثمر لا يترك له البيئة الاستثمارية المستقرة والدائمة .


صحيح هناك مشاريع عملاقة وطرق جديدة وتقدم عمراني واضح إلا أن اغلب هذه المشاريع في السليمانية واربيل ودهوك عائديتها للحزبين الرئيسيين أو تضمهم شراكة باطنية على سبيل المثال لا الحصر العمارات والفنادق والكازينوهات في الشارع الرئيسي في السليمانية وشارع كاوه مولوي والمجمعات هي باسم الاتحاد الوطني الكوردستاني أو العائلة الحاكمة وكذلك الطريق من اربيل إلى المصيف وعلى جانبي الشارع قصور فخمة ومشاريع إنتاجية محكومة للنخبة الحاكمة للحزب الديمقراطي الكوردستاني .


والملاحظ أن أبناء منطقة محافظات إقليم كوردستان يتحدثون عن ثراء الحزبين الرئيسيين واستحواذهما على الحصة الأكبر من المبالغ التي تزيد على 100 مليون دولار والحصص للإعلام والأحزاب الأخرى العاملة في المنطقة ، حيث أن إعلام الحزبين صاحب النصيب الأكبر وإعلام الأحزاب الأخرى تعيش على أزمات شبه يومية نتيجة التمويل القليل وبالنتيجة أن الحزبين الرئيسيين لهما إمكانات مالية كبيرة وتجهيزات إعلامية ضخمة .


وأخيرا لابد من أن يعلو صوت الشعب الكوردي في قادم الأيام على هذه الممارسات والظواهر المدانة والمشخصة الفاسدة للحكومة والقائمين عليها وفي هذا المجال ندعو القائمين على دست الحكم لتصحيح المسارات وتطبيق القوانين ضد الخارجين على أموال الشعب والمساهمين في إهدار حقوقه ومكاسبه المالية والاقتصادية .

 

(( يتبع لاحقا الحلقة الثالثة ))

 

 





الجمعة٠٧ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥/ تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حزب الحرية والعدالة الكوردستاني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة