شبكة ذي قار
عـاجـل










قد أكون مصيباً في بعض النقاط وقد لا أُحسن التقدير في بعضها,وفي كلتا الحالتين هي نابعة من قلب عاشق للعقيدة البعثية وعقل يدرك تماماً ما ترتب وسيترتب على الانتماء للبعث الخالد.وسوف لن أتطرق للايجابيات الكثيرة والعظيمة التي تحققت في مجال العملية الثقافية لانني أفترض مسبقاً بأنها معروفة وواضحة أمام المناضلين المعنين بالعملية الثقافية في حزب المثقفين البعث الخالد .. 


1ـ أن البعثية لا تترسخ في المؤمن بها إن لم تكن هنالك جدلية متحققة بين الفكر والنضال في شخصية المنتمي, ومن هذه الجدلية تتولد الشخصية البعثية,فالمناضل يحتاج للثقافة ليس فقط لتَصفهُ مع مرتبة المثقفين وتعطيه شهادة يتاهل فيها للمواقع القيادية في الاحزاب التي ترتكز على الثقافة في فهم الحياة وبكل تفاعلاتها وإفرازاتها وتجعله مدركاً للواقع الذي يعيشه وتعطيه القدرة على التعامل مع هذا الواقع سواء في التأثير أو التأثر.ويضاف لذلك بأن الاهمية للثقافة في الاحزاب التي تحمل رسالة كحزب البعث العربي الاشتراكي إنها تعمل في المناضل البعثي فعلاً يفوق عظمة توسيع مداركه وفهمه للحياة وتحصنه من أية ثقافة غريبة بل تجعله يفهم نفسه فيفهم دوره في الحزب ومن ثم يعي للدور الرسالي العظيم الذي تشرف به عندما إنتمى للبعث, وفي نفس الوقت تتكون له بوصلة نضالية يستعين بها في مسيرته الحزبية وتنمية كاريزماتهِ الثقافية وبناء شخصيته المناضلة القادرة على تمثيل فكر يمتد في جذوره الى ثقافات عظيمة نشأت من حضارات قامت قبل الالاف من السنين وأستمر هذا الفكر بالديمومة الى يومنا هذا وهو لا يزال يعيش اليوم حالة صيرورة الانبعاث,وسَتَسْتَلمْ هذا الفكر الاجيال العربية القادمة لتؤمن به أولاً وتهضمه بعقولها ولتضيف له,ليكتب له الديمومة من خلال جدلية عظيمة بين ثقافة الماضي وثقافة تنضح بها حركة الواقع وهكذا ستبقى الثقافة القومية الاشتراكية التي وضعها الاباء البعثيون في ثلاثينات القرن العشرين بتجدد وتعيش حالة الانبعاث,إنها فكر بل ثقافة حية,وهي ليست شيئاً مكتسباً جامداً يحضى به المناضل بل هي أيظاً تتفاعل مع صيرورة الشخصية المناضلة فتغذيه بقدررات فكرية سواء على مستوى التنظير أو التحليل والاستنتاج ليرفد الحزب بهذه الطاقات الفعالة,يقول المفكرالعربي الكبير القائد المؤسس ميشيل عفلق فيما يخص الثقافة:( الثقافة ليست شيئاً جامداً يدخل على الرأس ويستقر فيه وإنما تتفاعل مع الشخص وتؤثر به,لها حاجات ومطالب ومستلمات ولها وسط تنبت فيه وتتخذ معناها,فإذا دخلت الثقافة الغربية على عقل عربي غير مسلح بالثقافة العربية فإنها تنقله الى الحياة الغربية)(1).ومنها يستطيع المناضلون الحقيقيون أن ينطلقوا في فضاءات جديدة من مديات الثقافة وأوسع من القدرة في التحليلل والاستنباط والتنظيرفي الحزب الى نقد الافكار الاخرى نقداً بناءاً وحتى التأثير بها لتعديل بعض مساراتها المنحرفة والقديمة.وايظاً الدفاع عن الفكر والدخول وبكل ثقة في حوارات فكرية مع الاخرين ,سواء في داخل الحزب لتقوية البناء الثقافي للحزب أو مع محاورين من أحزاب و حركات تختلف او تلتقي معه,وهذه سُنَةْ الحياة بالتفاعل وتبادل الاراء والخبرات,وبالاخص في مجال الثقافات الانسانية, والمثقف البعثي يكون في هذه الحورات والنقاشات واثق من إنه محصن بإعمدة ثقافية يثق بقوة تحملها لاي إعصار فكري مناهض أو إجتهاد أيديولوجي وبنفس الوقت ليتفاعل إيجابياً مع الافكارالاخرى وحتى المتطرفة منها,


2-إن الثقافة العامة والحزبية إذا ما أخذا مدياتهما في التأثير في نفسية المنتمي لها فانهما بالنتيجة سيخلقان وعياً عقائدياً وسياسياً ويتبلور هذا الوعي ليخلق شخصية مناضلة كاملة,و لاتقوم باي أسناد لأي عمل جهادي بل تُحول الشخصية المناضلة لمشروع جهادي في سبيل تحقيق الهدف,وتعطي للعمل الجهادي ابعاداً فكرية ونضالية تتناسب مع طبيعة المعركة,لانه من المفروض أن كل المعارك النضالية للاحزاب الثورية الحقيقية تأخذُ بعدين الاول عقائدي والاخر كفاحي, والبعث كحزب يتربع في المقامات الاولى للاحزاب والحركات الثورية في العالم,وهذه حقيقة نَضَجَها الواقع العربي وخاصة في القطر العراقي بحكم حجم التحديات الفكرية والكفاحية التي واجهت وسوف تواجه الحزب في القطر العراقي وقد تمتد في تأثيراتها لمنظمات الحزب في الاقطار العربية الاخرى. ولان الشخصية المناضلة بالضرورة تكون واعية ومدركة لطبيعة المعارك سواء الكفاحية أو العقائدية,فلا نحتاج لان نقول هل أن ثقافتنا الحزبية ووعينا العقائدي كافيان لاسناد عملنا الجهادي,ولكن وبرأي يمكن أن نقول هل إن ثقافتنا الحزبية قادرة أن تبني البعثي بناء أيديولوجياً ليكون مناضلاً صحيحاً,لاني أومن بأن الايمان والوعي يسبق الفعل .. 


فإذا بقينا في المربع الاول من التربية الحزبية والاعداد الثقافي سوف لانصل الى جوهرالنفس المنتمية وفي نفس الوقت قد نفقد ثقافة المثقفين في الحزب,لاننا لم نستثمر هذا الاندفاع والحماسة بالانتماء ونطوره بمفاعلته بعمليات التثقيف الحزبي وخاصة العقائدي وسوف يكون من الصعب الحصول على منتمين يضعون قضيتهم على مستوى الحياة أو الموت وهم يعرفون غايتهم التي هي غاية الحزب. وبنفس الاتجاه يكون التركيز والتشجيع على تنمية الثقافة الذاتية,والخطورة كل الخطورة عندما لا يكون تحرك إيجابي سريع وقوي وفعال إذا ما تعرضت العملية الثقافية برمتها لإختراق فيروس الرتابة( الروتينية) لها, وتتحول من هدف ووسيلة متلازمين تحكمهما جدلية خلق الشخصية الحزبية المناضلة الى وسيلة فقط وخاصة في مجال الثقافة الذاتية ,وقد كُتب الكثيرعن سلبيات التثقيف الذاتي وقد أكون متطرفاً في قولي بإنه لم نعطى لهذا الموضوع الاهمية التي يستحقها لا بالمراجعات في مؤتمرات الحزب و لكافة المستويات ولا في الجدية التي ترتقي لهذا الفقرة المهمة في البناء الثقافي للمناضلين, وكأن الامر فقط يقتصرعلى إدخالها في موضوعات المؤتمرات والندوات ولكن بدون أن تكون متابعة لمسيرتها سواء بتهيئة العوامل اللازمة لانجاحها كعملية ثورية أوالوقوف عند الاخفاقات أوبفسح بل خلق الفرص لتعميمها وتوسيعها, ولم نرتقي بالجدية في تناولها بصورة شاملة كماهو الحال عند الوقوف عند يتعرض الحزب أو القطر لأي تأمر,وبالمناسبة أعطينا أهمية أكبرلمخاطر التثقيف الذاتي وكنا نحذر منه ونشدد على متابعته وهو في حقيقة الامر سبب ونتيجة للتثقيف الحزبي ولكننا لم نعطي لعملية الثقافة الذاتية الاهمية المطلوبة من حيث كونها جزءاً حيوياً لبناء الانسان الايديولوجي, وذلك لان المنتمي الطموح بعد أن يشعر بنوع من القدرة الثقافية أو الاكتفاء من التكرارية في المواد التثقيفية المنهجية في الحزب يتجه للبحث عن مصادر لتثقيف لنفسه,فطموحه أن يتعرف الى الايديولوجيات والنظريات الاخرى, ليطرح فكر الحزب من خلال ثقافته الذاتية ويحاول أن يواجه الافكار والنظريات الاخرى وهذه الظاهرة تكاد تنتشر بين صفوف الشباب بشكل أوسع, فهو في الحزب يتلقى الثقافة المركزية وفي سعيه الثقافي الخاص يحاول بناء نفسه ثقافياً ويوسعها بإتجاه المعرفة والتبادلية بالافكار والتجارب وحسب حاجته لنوع الوجبة الفكرية التي تشبع جوعه الثقافي,ولذلك نرى في مرحلة العقد السابع وبداية الثمانينيات من القرن الماضي شهد الحزب حركة ثقافية عظيمة في العراق وخاصة في المواجهة الفكرية مع الشيوعيون وهذه المواجهة دفعت بالمناضلين البعثيين الى قراءة بعثية للفكرالاشتراكي الماركسي,ولعب الكتاب الموسوم(تطورالفكر الماركسي_عرض ونقد) للمفكرالكبيرالمناضل الاستاذ الدكتورالياس فرح,دوراً كبيراً جداً في ثقافة البعثي لمواجهة الشيوعيون مواجهة فكرية,ولكن بعد أن فقدنا عوامل التحدي (الفكري) وإتجهنا الى التقيد بالثقافة التي تعني بالسياسة وأصبحنا نستهلك من الجهد الثقافي على حساب الثقافة الذاتية ظهرت ملامح الشيخوخة على عملنا الثقافي,لان عدد الاجتماعات والندوات المحاضرات والدورات لا يعكس حقيقة ديناميكية العملية الثقافية,وعذراً إذا قلت إن العملية الثقافية في تسعينات القرن الماضي كانت ضعيفة ورتيبة ولا تتسم بأي قدرة لخلق مناضلين مثقفين,وكم كان أملنا أن نرى تحديات لافكارنا أو نظريات تٌطرح في الساحة العراقية بعد أقرار قانون الاحزاب,لتهيج في دواخلنا كل المكنونات الثقافية وتعطينا فرصة إقتحام النظريات الفكرية المختلفة وحتى إن كانت متطرفة وسلفية,فمثلاً البعث الخالد فكراً يتقدم كل الحركات وبشكل مطلق في تحديده للعلاقة بين العروبة والاسلام وزادها وضوحاً ودقة في كتابات القائد المؤسس ميشيل عفلق وأيظاً ما جاء في أدبيات هذا الفكر العظيم,فالبعثيون لها بدءاً بالرداديكالية وإنتهاءاً بالسفية المتطرفة. أي إن البعث حقيقةً حزب المثقفين الثوريين عندما تكون القيادات جادة في التركيز على البناء الثقافي للمناضلين,وتحررنا من دروس مخاطر التعرض للثقافات المختلفة,ولا أن تجعلها فقرة تترجح بين الضرورات الامنية والجهادية التي تواجه الحزب .. نحتاج الى وقفة شجاعة في موضوع التثقيف,الاولى التركيز على العقيدة البعثية والثانية عدم التخوف من تناول الافكار والتجارب الاخرى,والدليل كم كانت ممتعة جريدة الحزب الداخلية الثورة العربية في سبعينات القرن الماضي في موضوعاتها سواء في تناولها للتجارب الاشتراكية الاخرى او في شرحها لكثير من المصطلحات السياسية والعقائدية أوفي تسجيلها للاراء المختلفة للرفاق,أقول كانت شبه جامعة للثقافة الاولية المطلوبة من المنتمي, والاهم إنها شجعت بتأثيرها الغير المباشر على إنطلاق الرفاق للتعرف على الثقافات والافكار والحضارات التي حولنا أي كانت عامل مشجع قوي لنمو ثقافة ذاتية للمناضلين. فبمجرد استرشاف مواضعيها وأعادة صياغتها بتكييف معقول مع الحاضرنكون قد وصلنا بجريدتنا العزيزة الى الهدف منها,مع التأكيد على المنتمين بقرائتها والتشديد بضوابط معقولة على إقتنائها بالتشجيع بتنوع فقراتها وليس بالالزامية ,وإذا ما نتج عن ذلك بعض الخسارات والتي سوف لا تشكل شيئاً أمام تنقية الحزب من عدم المعرفة بالنفس وبالحزب و بالاخرين فهو ربحٌ في كل الاحوال في حزب المثقفين المناضلين .. 


(1) عام 1943 / التفكير المجرد/ في سبيل البعث

 

 





الاثنين٠٣ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة