الكربلاءات تمشي في جنائزنـا ... بلا قبور ٍ ولانـــعش ٍ ولا كــفَن ِ
شعر
عادل الشرقي
لله ِ درُّكَ كم قاسيــــــتَ ياوطنــــــــي
وما شكوتَ لغيــــــر الله ِ في المحن ِ
وكلـَّــما نـزَّ جُرحٌ فيــــــكَ كنتَ بــــهِ
تسمو فلــمْ تبتئسْ يومــــا ً ولم تهُن ِ
وكنـتَ تسخرُ في عـِزّ وفي شـــــمم ٍ
من طاعنيــكَ إبــــا ً في كل مُمتـَحـَن ِ
الله يا وطني الله يــــــا وطنـــــــــــي
كم احتملـنا أذىً في السرِّ والعلن ِ
الناسُ في كل هذي الأرض في مرح ٍ
تمشي وأطفالنـــا تغفـــو على شجَن ِ
الكربلاءات تمشي في جنائزنـــــــــا
بلا قبــــور ٍ ولانـــعش ولا كـــــــفن ِ
خضنا غمارا ً إذا ما الموتُ داهمَها
يفرّ من هولــــــها في غيهبِ الزمن ِ
لـِمْ كلُّ هذا وماذا كان حاضرُنــــــــا
يحكي ليذبحَ ماضيـــــــــنا بلا ثمــن ِ ؟
أنـــــا العراقيّ بحـّارُ الزمــان ِ ولي
في السندبادِ كتابٌ خـُطـَّ في سُفـُنـي
أنا الذي كنتُ قد دوَّنــــــــتُ ذاكـرة َ
الدنيا وإن السَّما والأرض تعرفنـي
وكلّ إيماضةٍ في الكون ِ ما برقــتْ
لولا شموسي وما كانـــتْ ولم تكُن ِ
فإن مشيتَ رأيتَ الأرضَ تتبعنـــي
ولو تحدِّقُ في العلياء تـُبصرنــــي
كنتُ الدليـــلَ ، مصابيحي معلَّقـــة ً
في أرض ِ بابلَ مازالتْ تعانقنـــي
ولم أكنْ غير فيض ٍ من عذوبتـها
للناس ِ أسكبهُ حينـــا ً ويسكبنــي
أنا الحضارة ُ في أقصى مفاتنهـــا
وما يزالُ أذانُ الله في أ ُذنـــــــــي
وما أزالُ إذا ما الناسُ شطـَّ بهــــمْ
دربٌ تجيء شعوبُ الأرض تسألني
ماذا جَنـَيْتُ لكـــــــي تغدو مطاردة ً
حضارتي والرؤى السوداء تـُنكِرُني ؟
ومنذ عشرينَ عاما ً أحكمتْ يدَهــــا
على بلادي ومازالتْ تـُحاصرنــــــي
فغيَّرتْ كلَّ شيءٍ دوَّنتـْهُ يـــــــــــدي
واستبدلتْ رايتي واستوطنتْ سكني
وأحرقتْ ذكرياتي منذ ُ أن وُلِـــــدَتْ
وبدَّلتْ سحرَها بالسُّحتِ والعفـَــــــن ِ
الله ياوطني الله ياوطنــــــــــــــــي
ألمْ تحنْ صرخة ُ المسرىألمْ تحـن ِ؟
أما بكتْ ذرة ٌ من رمل طينتنــــــــــا
فينا ، ألمْ تصرخْ الأضلاع في البدَن ِ؟
أما سمعنا نداءً من مدامعنـــــــــــــا
إنـِّي أحـِسّّ نياطَ القلبِ تلذعُنـــــــي
أحسّ أن هوى بغداد يسكننـــــــــي
وفوقَ أهدابهِ قد جاءَ يحملنـــــــــي
حينا ً يبادلني شوقا ً يفيضُ نـــــدىً
ما لا رأتْ مثلهُ نفسي ولم يرَنـــــي
أنا الغريبُ الذي ماغادرتْ لغتـــــي
خطابَها فبدمع العيــــن تكتبنـــــــي
وكلـَّما مرَّ بي طيفٌ لأغنيـــــــــــــة ٍ
تصيحُ بغداد فرط الشوقِ توقظنــي