شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أمل على ما يبدو في أن تخرج من قمقم السحرة, الأمريكان وشركائهم الايرانيين, حكومة من أي نوع كان قابلة للحياة ولو لمدةّ أسبوعين. لأن ساسة المنطقة الخحضراء, بعد أن سرحوا ومرحوا في ربوعها النضرة ومياهها الرقراقة, فقدوا ما كان لديهم من قلّة عقل وما يُعادلها, وربما أقلّ بكثير, من ذكاء وقيم وشرف. وبلغ منسوب الفشل والتردّي عندهم أعلى مستوياته في الآآونة الأخيرة ليس في قيادة الدولة وإدارة شؤون المواطنين, بل حتى في الاتفاق على عقد جلسة لمدة ساعتين لبرلمانهم العتيد والشرعي جدّأ !


ولم تفلح جميع اللقاءات والحوارات والعزائم المتبادلة وكتابنا وكتابكم, مُضافة اليها ضغط ودفع الأسياد الأمريكان والمجوس الايرانيين, في حلحلة معضلة تشكيل حكومية جديدة. وبالرغم من علم رؤساء الكتدل والدكاكين والشركات السياسية الخاصّة, والمسماة زورا وبهتانا, بالأحزاب, بان أية حكومة قادمة سوف لا تكون أفضل من حكومات الاحتلال السابقة مهما كان حسب ونسب رئيسها, او ضخامة كرشه وعمامته أو لمعان صلعته البهيّة. ولا يُستبعد أن يدخل حكام العراق الجديد"الأفذاذ"في نغق مظلم آخر يقودهم, كما هو مؤكد وراسخ لدى كل ذي عقل, الى أكثر مزابل التاريخ عفونة وقذارة.


فبعد ستة أشهر على إنتخاباتهم البرلمانية "النزيهة جدا" ما زالت دولتهم اللامرئية واللا محسوسة بلا حكومة ولا رئاسة جمهورية أو برلمان. وهي دولة معلّقة في الهوا تحيطها ألف علامة إستفهام وتعجّب. أي أن عراقهم الجديد"لا طاير ولا حاط" كما يٌُقال. ولأنهم من أشباه الرجال وأرذلهم فلم نسمع على سبيل المثال أن أحدهم إنسحب من منصبه الحكومي أو قدّم إستقالته باعتبار أن حكومة العميل نوري المالكي إنتهت ولايتها منذ زمن وليس من الحكمة والشرف المهني والمسؤولية البقاء في حكومة لا تحظي بتأييد أحد. لكن يبدو أن مؤخرات حكّام المنطقة الخضراء إلتصقت وتسمّرت على كراسي السلطة بفعل الصمغ الأمريكي شديد الفعّالية والجودة.


والغريب, وكل ما في عراقهم اليوم هو غريب وعجيب, هو أن حكام بغداد يجولون ويصولون في مشارق الأرض ومغاربها دون حياء أو خجل أو إحساس بالعار والخزي من كون العراق الجديد هو الدولة الوحيدة في العالم بلا حكومة منذ ستة أشهر ويتلاعب في مصير شعبه وثرواته وسيادته اللصوص والسماسرة والمهرّبون من مختلف الأنواع والمستويات, يرفعون نفس الشعار"يمغرّب خرِّب" خصوصا في ظل حكومة "سيّد "الخواتم والسبح نوري المالكي.


بل أن حمار الدبلوماسية العراقية هوشيار زيباري لم يخجل, ومن أين يأتي الخجل لمن فقده وهو في حضن أمّه, من الجلوس أمام سيّدته, عفوا أقصد نظيرته, هيلاري كليتون على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك, لسيتمع الى كلماتها التي هي ضحك على عقله العصوري"نسبة الى عقل العصفور"وهي تعرب له"عن إعتقادها - تصوّرا يا ناس مجرد إعتقاد لا غير - بان العراق يحتاج الى حكومة جديدة.. وعلى الساسة العراقيين - وهي تقصد طبعا دراويش وكاولية المنطقة الخضراء- تقديم المزيد من التنازلات للتوصّل الى إتفاق بهذا الشأن.." وكأن العراق اليوم ينعم بالرفاهية والتطوّر الاقتصادي والأمان والسيادة الكاملة على أرضه ومائه وسمائه ولم تبقَ لديه الاّ مشكلة صغيرة جدا, ألا وهي تشكيل حكومة جديدة !


أما العضروط الآخر, ولا مؤاخذة عزيزي القاريء, فهو ما يُسمى بوزير الداخلية"العراقي" جواد البولاني الذي قال أثناء حضوره, الذي لا نفع ولا فائدة منه, إجتماع وزراء داخلية دول جوار العراق الذي إنعقد مؤخرا في البحرين"إن تأخير تشكيل الحكومة الجديدة هو الذي تسبب في أعمال الارهاب الأخيرة". وكأنه يريد أن يوهم الآخرين بان العراق ومنذ إحتلاله وحتى "الأعمال الارهابية الأخيرة" لم يشهد مذابح ومجازر وقتل وإختطافات ونهب وسلب وتهجير في ظلّ أربع حكومات إحتلالية, مدعومة بالمال والسلاح والتطبيل والتزمير والتهريج من قبل أسياده الأمريكان وحلفائهم.


ثم أن عجائب حكومة المالكي,المنتهية الصلاحية والفاقدة للشرعية والعديمة القيمة والأهمية, لا تنتهي بكل هذه الفوضى والتخبط وتضارب وتقاطع وتشابك السلطات وهيمنة رؤساء الكتل وبعض أصحاب العمائم السوداء على شؤون البلاد والعباد. فقد خرجت علينا وسائل الاعلام بخبر, لم يحصل لا في الماضي ولا أعتقد أنه سيحصل في المستقبل في أي مكان. يقول الخبر"أنه تمّ العثور في مخزن تابع لرئيس الوزراء نوري المالكي على قِطع أثرية قديمة تضم ثمثالا سومريا من البرونز وقطعا فخارية وألواحا مسمارية ..وجميعها كانت موجودة الى جانب أدوات طبخ !


وعندما إنتهيت من قراءة هذا الخبر, ورغم عدم إستغرابي أو دهشتي من حصول أمور كذه في عراقهم الجديد, قفز أمامي فجأة سؤالان: أولهما هو, هل تخلّى نوري المالكي العميل عن هوايته القديمة, الغير مربحة طبعا, في جمع الخواتم والسِبح التي شكّلت علامة فالرقة في تاريخه"النضالي" العريق قبل غزو وإحتلال العراق؟ والسؤال الثاني: هل كانت تلك القِطع الأثرية النفيسة في مكتب رئيس الوزراء العميل جاهزة للتصدير الى بلد مجاور أم أنها مازالت هناك في طور التجهيز والأعداد وإنتظار الثمن والعمولة, الواجبة طبعا في مثل الحالاات؟ وثمّة سؤال فرعي آخر خرج من رحم السؤالين السابقين: كم مخزن من هذا النوع لدى"دولة"رئيس وزراء العراق المحتل؟


mkhalaf@alice.it
 

 





السبت١٦ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة