شبكة ذي قار
عـاجـل










الخيار بين مقاومة وطنية موحدة قياديا وتنظيميا وسياسيا واخرى متشظية ومتعددة الاهداف أمرٌ محسوم منطقيا وعقلانيا. والمقايسة بين خياري الوحدة والتجزئة ("اللاوحدة") تبقى في افضل حالاتها ترفا فكريا وعبثا لا طائل منه. لا اخال ان هناك في خندق المقاومة من يقف بالضد من وحدة الفصائل، او من يشككك في اهمية دورها بدحرالاحتلال وتحريرشعبنا واسترداد سيادته. نعم، لدى البعض تحفظات على انجاز وحدة الفصائل في المرحلة الراهنة، لكن هذه التحفظات لا تنطلق من عدم ايمان اصحابها في جدوى الوحدة وتاثيراتها، بل من قناعتهم في عدم توفر المناخ  المناسب لانجازهذا الطموح الوطني في المرحلة الراهنة.


اللافت ان مخططي برنامج الاحتلال قد وعوا في وقت مبكر مخاطر وحدة المقاومة وتأسيس الجبهة الوطنية المناهظ للاحتلال على نجاح مشروعها وديمومته، في الوقت الذي مازالت تصر فيه قوى وطنية مناهضة للاحتلال على تبني موقف متحفظ من هذه الخطوة الاستراتيجية البالغة الاهمية.


قد يكون من المفيد ان نثبت قبل الولوغ في سرد الضرورات الاستراتيجية لوحدة فصائل المقاومة الوطنية العراقية، ان وحدة الفصائل لا تمثل هدفا بحد ذاته بل خطوة تمهيدية ("وسيلة") ونقلة كبيرة في اتجاه تاسيس الجبهة الوطنية العريضة المناهضة للاحتلال، وصولا  الى هزيمة الاحتلال والحفاظ على هوية العراق الوطنية والقومية.


وثمة اتفاق عام بين قيادات غالبية جبهات المقاومة وفصائها على ضرورة ايجاد اطار تنظيمي وسياسي موحد لتشكيلاتها. هذا الاتفاق ينطلق من الايمان في ان وحدة جبهات المقاومة وفصائلها يعد شرطا لازما للتحرير.   


هل حقا تشكل وحدة فصائل المقاومة شرطا لازما للتحرير؟ وهل يمكن هزيمة قوَّات الاحتلال واسترداد السيادة الوطنيَّة دون تحقيق وحدة الفصائل؟

الاجابة المقنعة على هذه التساولات لا تتطلب اكثرمن مراجعة سريعة وتوقفا سريعا ازاء مسلمات الصراع بين قوات الاحتلال والمقاومة ومعطياتها خلال المرحلة المنصرمة.


في نيسان 2003 فرضت الادارة الاميركية وحلفاؤها على شعبنا معركة غير متوازنة، يقودها تحالف امريكي ايراني صهيوني ذو امكانيات مادية وعسكرية واقتصادية غير محدودة. وعلى الرغم من الاختلال الهائل في موازين القوى، وتواضع موارد شعبنا ومقاومته مقايسة بامكانيات المحتلين العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، الا ان فصائل المقاومة والقوى السياسية تمكنت من تثبيت شرعية مقاومة شعب العراق، وكشفت ابعاد جريمة الاحتلال، ونسفت شعارات التحرير والديمقراطية الزائفة، واهم من كل ذلك نجحت المقاومة في تحقيق انتصارات سياسية وعسكرية عطلت مشروع الاحتلال، واجبرت الادارة الاميركية على تغيير صيغته مرة تلو الاخرى.


احد اهم معطيات تجربة الاحتلال المريرة، انه مع كل ما حققته المقاومة من انجازات عسكرية وسياسية، الا انها لم تنجح في تحقيق جميع اهدافها التعبوية والسوقية خلال المرحلة المنصرمة، والحاق الهزيمة بالمحتلين لاسباب عديدة اهمها في تقديرنا انعدام استراتيجية مواجهة موحدة على الصعيدين العسكري والسياسي.


عجز مقاومتنا  عن تحقيق جانبا من اهدافها ، اذن يعود بشكل اساس في تقديرنا الى انها واجهت، وهي مجزءة تنظيميا وسياسيا، اعداءً متوحدين ومتفقين على تدمير البنى الاجتماعية والاقتصادية لشعب العراق، وتعطيل نهضته ونهب ثروته.


لن ناتي بجديد اذ طرحنا، ان مقاومة مجزءة ذاتية الامكانات والتمويل، ومحدودة الموارد والامكانيات ومحاصرة اعلاميا وسياسيا، يصعب عليها هزيمة محتلين اقوياء متحدين ذوي امكانات غير محدودة. كما ان قدرة اي فصيل او جبهة مقاومة على دحر الاحتلال بشكل منفرد يبقى هدفا عسيرا ان لم يكن مستحيلا.


تاسيسا على ما تقدم، فان وحدة فصائل المقاومة تشكل شرطا لازما للتحرير لدورها المؤثر في تقليص الفجوة بين قدرات شعبنا ومقاومته وامكانيات اعدائه، ولرفدها مشروع المقاومة بزخم كبير يمكنها من مواصلة الجهاد حتى تحقيق النصر. وبخلافه فان هزيمة قوَّات الاحتلال واسترداد السيادة الوطنيَّة ستكون صعبة ومعقدة ومكلفة وطويلة.


ما هي الضرورات الاستراتيجية لوحدة فصائل المقاومة الوطنية العراقية؟
اهمية وحدة فصائل المقاومة الوطنية العراقية تتجاوز المزايا التقليدية والنتائج المنطقية الناجمة عن مشاريع التقارب وتوحيد الصفوف والاندماج والتنسيق، لتشكل نقلة حاسمة، وتشكل شرطا لازما لدحر مشروع الاحتلال الاميركي الايراني المزدوج واسترداد السيادة والكرامة الوطنية.


احد اهم ضرورات وحدة فصائل المقاومة واكثرها تاثيرا على معادلات الصراع يكمن في دورها بتسريع النصر، وتقليل خسائر شعبنا المادية والبشرية جراء ديمومة الاحتلال.


الموارد الوطنية المسخرة لمجابهة الاحتلال كما سبق الاشارة اليه محدودة مقايسة في امكانيات اعدائنا. محدودية الموارد تحتم التوزيع الامثل، والاستثمار الاقصى للجهود الوطنية المتاحة من اجل دحر الاحتلال. لا جدال في ان وحدة الفصائل التنظيمية والسياسية تساعد على الاقتراب من التوزيع الامثل للموارد وتكثيف الجهد الوطني الاعلامي والسياسي بشكل يساعد على تسريع النصر وتقليل الكلف الوطنية لكارثة الاحتلال ووقف النزيف الدموي وتناضب الثروة الوطنية.


الضرورة الاستراتيجية الثانية لوحدة فصائل المقاومة الوطنية، تكمن في ان توحيد الفصائل من شأنه ان يلعب دورا حاسما في تقريب مواقف الاحزاب والحركات السياسية المناهضة للاحتلال وتوفرالارضية الصلبة لتاسيس الجبهة الوطنية المناهضة للاحتلال.


لقد شكل مشروع المقاومة وما يزال محور النضال السياسي الوطني في العراق المحتل، وحدد بشكل واضح تضاريس الخارطة السياسية العراقية ومكوناتها. الاصطفاف السياسي الراهن، وموقف التشكيلات السياسية وموقعها محدد وفقا لقربها او بعدها من هذا الفصيل او ذاك. كما ان تباين مواقف القوى السياسية يعكس الى حد كبير تباين مواقف الفصائل ومشاريعها. من هنا فان تقريب مواقف الفصائل وتوحيد برامجها ستعقبه خطوات تقارب مماثلة في مواقف القوى الوطنية.
ان تحقيق هذه الخطوات يسهم، بلا شك، في تهيئة المناخ المناسب لتاسيس الجبهة الوطنية المناهضة للاحتلال.


انجاز وحدة فصائل المقاومة وتاسيس الجبهة الوطنية المناهضة للاحتلال من شانهما ايضا احداث تغييرات جذرية في طبيعة الصراع وتحويل نتائجه لصالح شعبنا ومقاومته، واهم هذه التغيرات:     


* ان توحيد الفصائل وتاسيس الجبهة الوطنية المناهضة للاحتلال يقدم لشعبنا ملاذا وطنيا  ومرجعية وطنية تتجسد فيها جميع مقومات الشرعية الوطنية وقادرة على تمثيل شعب العراق  وعرض موقفه الرافض للاحتلال وعمليته السياسية، والمطالبة في حقوقه والدفاع عن مصالحه.


* تقدم ردا حاسما لمشروع تفتيت وحدة شعب العراق الذي تبنته قوى الاحتلال وسعت الى تطبيقه بكل ما اتيح لها من وسائل وآليات.  


* وحدة الفصائل من شانها ايضا احداث نقلة نوعية في موقف شعب العراق ازاء المقاومة وتحويله من دور الحاضن والمساند والدعم الى دور المساهم الفعال في نشاطاتها وعملياتها.


* كما انها تقدم ضمانة مطلوبة لتقليل احتمالات الصراع المستقبلي، والاختلاف على طبيعة النظام السياسي وغيرها من القضايا المهمة بعد مرحلة التحرير.
تاسيسا على ما تقدم، وفي ضوء التطورات السياسية والعسكرية الراهنة والمستقبلية، وفي ضوء تفاقم حجم الكارثة التي يعاني منها شعبنا، فان ما قدمه البعض من تحفظات على وحدة فصائل المقاومة لم تعد مقبولة من قبل شرائح واسعة من شعبنا وقواه السياسية المناهضة للاحتلال.



( للموضوع صلة )





الثلاثاء٢٨ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد داود قرياقوس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة