شبكة ذي قار
عـاجـل










أن الأمم والشعوب التي تتطلع إلى أرقى أنظمة الحكم السياسي لا يمكنها أن تحقق ذلك أبدا بغياب الوسيلة السلمية لانتقال السلطة والتي تم التعارف عليها بالديمقراطية والتي تعني القبول بالآخر فكرا ورئيا ووجودا كمكون آخر على ارض الواقع بكل تفاصيله ، والأحزاب السياسية العربية التي نشأت أجابه على الواقع المرير الذي تعاني منه الأمة العربية أو التي تم زرعها في الوطن العربي من قبل القوى الباحثة عن الدور والاستحواذ نجدها تؤمن بالديمقراطية ولكن وفق المعيار الذي هي تراه ووفق الرؤية الوطنية النابعة من إدراك حاجات الشعب والمعالجة الواعية لمعانات ألامه ، فالأحزاب التي تنوي العمل بمبدأ الديمقراطية يجب أولا أن تقوم بدعوة إصلاح سياسي في بنيتها السياسية الداخلية من خلال تصويب الحركة الذاتية لقواعدها إيمانا وعملا وتعدل من لوائح نظامها الداخلي وفق المتغيرات الزمنية والمكانية لها وان تؤمن بالتعددية السياسية وبالآراء والاتجاهات في منظومة أحزاب السياسية التي لا تتعارض مناهجها مع أماني الأمة ومصلحة شعبها والقوميات والأقليات المتآخية المتواجدة على أرضها والمتعايشة مع أبنائها فعلا وتصرفا


قبل البدء في انتقاد الحالة التي يمر بها العراق ما بعد الغزو والاحتلال عام 2003 لابد من الاشاره منطلقا من الواقعية والإنصاف الذي لابد وان يسود عند قراءة الأحداث إن الحزب السياسي الوحيد الذي تجلى فيه ذلك هو حزب البعث العربي الاشتراكي كونه الوليد الشرعي الذي أنجبه الرحم العربي و الاجابه الواعية على كل ما لحق بالأمة ، وهنا ليس المعني حزب معين أو تنظيم معين بل يشمل كل الأحزاب والتيارات والحركات الإسلامية والتي تدعي اليسارية والعلمانية والليبرالية التي أفرزتها مرحلة ما بعد الغزو والاحتلال بالرغم من تشخيصها المسبق من قبل رواد الفكر القومي الثوري ومناضليه كونها الادواة التي استخدمتها القوى المعادية للمشروع القومي النهضوي الذي طرحه البعث الخالد وللتجربة العراقية ما بعد ثورة 17 – 30 تموز 1968 وما سبقها بفعل الظروف المحيطة بالعراق وخاصة تدخل النظام الشاهنشاه في الشأن الداخلي العراقي وخليفته نظام الملا لي الذي اعد إعدادا" جيدا لأداء الدور المطلوب بعد إخفاق الشاه من الوصول إلى ما يلبي حاجات أسياده ، منطلقين من دعواتهما بأنهما المنقذ والمدافع عن الشيعة في المنطقة وهذا بحد ذاته تطلع صفوي الغرض منه انبعاث الإمبراطورية الفارسية أي الصراع الحضاري الذي يراد منه تجريد الأمة العربية من دورها الإنســــاني وجعها تابع ذليل لإرادتهم ، و هذه الأحزاب عليها أن تتخلص من مفهومها الخاطئ القديم لقيادة الزعامة التقليدية القبلية و الدينية والسياسية , وان تؤمن أولا وأخرا بإرادة الشعب وان تكون منه وليس عليه وفقا لحقيقة نشوئها والتنافس الميداني على المناصب القيادية للحزب لصالح الشعب وان لا تحتكر تلك المناصب على شخصية واحدة أو حلقة معينة وعلى تلك الأحزاب قبل إصلاح ذاتها أن تسارع لدراسة تجربتها وتاريخها وتركيبتها السياسية كي تتحرر من الطوق الذي احكم حركتها التخريبية لان الإرادة النافذة عندها هي إرادة القوى التي تمثلها وليس المحيط الاجتماعي الذي تعمل فيه وربما تكون الكثير من الأنظمة السياسية المتواجدة في الوطن العربي من حيث القياس المجرد هي أفضل من بعض الأحزاب السياسية في سياستها الداخلية والخارجية وتعاملها مع القضية القومية وان اغلب تلك الأحزاب شاخت وتعكزت على مفاهيم قديمة متحجرة كالطائفية المقيتة والمذهبية المقززة وان زعمائها لا يزالون متمسكون بمقاعدهم القيادية دون الإيمان بوجود طاقات شابة وعقول نيرة تستطيع أن تقدم الحزب إلى مستوى متقدم في البلد أو تثري مسيرته السياسية بأفكارهم وأطروحاتهم . وأما البرامج السياسية والاقتصادية أن وجدت في تلك الأحزاب فإنها برامج جامدة ومحنطة تعود إلى نظريات قديمة متآكلة دون أن تحمل أي تأثير في تغيير الواقع السياسية للبلد وان اغلب أعضاء تلك الأحزاب لا يتجاوزون الحلقة الواحدة ولا يتمتعون بأي شعبية على ارض الواقع سوى وجودهم في الصحافة والإعلام والمناسبات و أما الحشود التي تظهر ما هي إلا الموجة بمنافع مادية أنية ومن خلال شراء الذمم واستثمار العاطفة بالإثارة المضللة والدجل كمجالس الإسناد وأنصار بدر واللجان الشعبية وغيرها من المسميات ، وان اغلب الأحزاب لا تستطيع أن تحقق الحد الأدنى من التكتل داخل البرلمان لكي تستطيع سحب الثقة من أي حكومة لان وجودها لا يناسب مقاعدها البرلمانية بسبب فقدانها لشعبيتها في الشارع وذلك يعود إلى غياب الديمقراطية في صفوفها وعدم إيمان الجماهير بمبادئها بالإضافة إلى افتقارها إلى البرنامج السياسي واضح المعالم والأهداف والبرامج التي تحدث التغيير المنشود جماهيريا وان ما أفرزته الانتخابات الاخيره على مستوى العراق والسودان لخير دليل بالرغم من الفوارق والشوائب التي أجهضت الممارسة الانتخابية العراقية وصادرت صوت الفرد العراقي والإرادة الشعبية من خلال التمرد على نتائجها من قبل ألهالكي وحزبه العميل وعمل المستحيل تشبثا بالكرسي , والكثير من هذه الأحزاب لا تريد الاعتراف بفشلها السياسي لذا نلاحظ تعرض الكثير من الأحزاب إلى التشظي والانشقاق والتآكل عبر الزمن .

 

وان بعض الأحزاب التي أتاحت لها فرصة الغزو والاحتلال تسلم السلطة في بلدانا حولوا دوله إلى جحيم من خلال التمسك بالقوانين التي شرعها الحاكم الأمريكي بريمر أو ما تم تشريعه وفقا للحقد التي تحكم إراداتهم والكره المقيت للشعب العراقي كونه شعب الذرى والحضارة والصادق بتعبيره الوطني من خلال الالتفاف حول القيادة الوطنية القومية العراقية بتصديها للريح الصفراء القادمة من قم وطهران تحت مسمى تصدير الثورة للانقضاض على المشروع الوطني القومي النهضوي , وقد فشلوا في إعطاء نموذج الحكم المستقر الذي يحترم الإنسان على أساس المواطنة , والكثير منها أصبح يشكل كارثة حقيقة على أهله ووطنه , والسبب الرئيس يعود إلى عدم احترامهم إلى مبادئهم التي أسنوها والنظريات التي تبنوها و ما هي إلا هراء وفوضى كلامية ودجل وخداع ، وتلك الأحزاب هي أحزاب ســــــــــــــــــلطة وكراسي , وليست أحزاب سياسية تغير من واقع المجتمعات وان ممارساتها اليومية سوى النياح واللطم والبدع التي تتعارض مع جوهر الإسلام المحمدي و لا تمس بصلة إلى شعاراتها وأهدافها التي ترفعها لتوهم الجماهير , و إن كانت هناك مصداقية في الاتجاهات ما عليها إلا أن تغير من مساراتها الداخلية وان تطور وتحسن من ممارسات المعبرة صدقا عن ارتباطها الوطني والإقرار برفضها التبعية والعمل بأداء الأجندة الأجنبية التي يراد منها تدمير العراق أرضا وشعبا , وان استمرار تلك الأحزاب بأساليبها المتحجرة وقياداتها المترهلة لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية أطلاقا


أليس أغرب من الديمقراطية في بلادنا بفضل قوى الاحتلال المزدوج وعملائهم وأذنابهم ديمقراطية الحوسمة والنهب والسلب والتي تجرأ المنافقون من تسميتها بالثورة البنفسجية لغبائهم السياسي وعدم إدراكهم لمفهوم الثورة الحقيقي لأنهم من هواة النهب والسلب ولا هاجس لهم سوى كيف جمع المال و التحول من بائع فلأفل إلى ملياردير ومن متسكع على الأرصفة والنخاسة إلى مالك الفلل والعقارات والشركات ، كان يقال لنا إن سبب تلكؤ عمل مجلس النواب السابق بسبب رئيسه فتغيّر الرجل بالرغم من جملة الملاحظات التي يؤشر عليه إلا انه للحقيقة والواقع كان يتوافق مع الهرج والمرج السائد في هيكلية العراق الجديد الذي يتفاخرون به ويعتبرونه من اكبر انجازاتهم ويا لخيبتهم وانكسارهم لأنهم حقا بيادق شطرنج منذ لحظة بيع الذات للورقة الخضراء الدولار والتومان ، لكن الأمور ظلت على حالها وظل مجلس النواب مكانا مثاليا للخلاف وليس الأختلاف بوجهات النظر والمصلحة الوطنية بسبب الصراع الحزبي والطائفي والاثني والمناكدة وفتل الشوارب ومناورات كسر العظم ، كل ذلك يحدث باسم الشعب ولكن واقع الأمر بعيدا عن هموم أبناء شعبنا الحقيقية وحاجاتهم ومتطلباتهم الضرورية. لم تكن جلسات مجلس نوابنا الديمقراطي ناجحة ومميزة وحاسمة وسريعة إلا عند التصويت على القرارات التي تهم مصالح وامتيازات النواب الذين رواتبهم لا تشبه رواتب أي نائب ديمقراطي في العالم ،

 

هذا من غير التكاليف المدفوعة من مال الشعب للنواب الأفاضل في مواسم الحج المتكررة وزيارة عوائلهم خارج العراق ورحلات الترويح عن النفس بسبب جهد العمل ومن انجازات مجلس نوابنا الموقر كانت الجلسة الخاطفة والمتميزة التي بموجبها صار النواب وعوائلهم يحملون جوازات سفر دبلوماسية لمدة عشر سنوات ، في الدول المتحضرة التي تعيش الديمقراطية الحقيقية وتمارسها مثلما تنص عليها قوانين البلد ، تكون وسائل الإعلام سلطة رابعة حقيقية تملك إمكانيات الرقابة للإطاحة بأي مسؤول مهما كبر إذا خرق قوانين البلاد ، وفيما إذا ثبت استغلاله لموقعه الرسمي لغايات شخصية ، وفي عراقنا بحت أصوات إعلاميينا من الصراخ والتلويح بقصص الفساد الديمقراطي ، فلم يتلق البعض منهم جواباً سوى السباب والشتائم بل الغدر والقتل بأســــــــــاليب ووسائل لم يشهدها العراق ، وتلقى البعض الأخر الإهانات مصحوبة بالضرب بأعقاب البنادق ومنهم من تلقى التهديد بالقتل ، المتفائلون يقولون اصبروا علينا ، نحن بلد ورث تركة ثقيلة من نظام ديكتاتوري فاسد وهذه حفظناها وفهمناها جيدا ، فنحن نعرف بأننا بلد عشنا بدون تقاليد ديمقراطية من عقود طويلة وتعاملنا معها متطلعين التعددية وكانت هناك حوارات في وسائل الإعلام لإنضاج التجربة وإحكامها بما يغنيها ويجعلها النموذج الإقليمي إلا أن مراحل العدوان والتأمر اثر في جملة الإجراءات ، ولا يعني ما نقوله إن نواب الشعب لا يعرفون ما هي الديمقراطية ، استغفر الله أنهم يعرفوها جيدا ويفهموها بشكل ممتاز لأنهم ـ وبامتياز نواب يستحوذون بأنانية على كل شيء ويتقاتلون ويستأسدون لأجله بمختلف السبل والوسائل، ولكن ليس لأجل الشعب الذي صوت لهم وجاء بهم إلى قبة البرلمان ، والمطلوب منهم إن أرادوا إنهاء الارتداد ألهالكي والانقلاب على الدستور الذي يمارسه قول قولهم وبالجرأة المعبرة عن عراقيتهم كي يحصل التغيير .


ألله أكبر    ألله أكبر    ألله أكبر
وليخسأ الخاسئون
 

 





الاثنين٠٦ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة