شبكة ذي قار
عـاجـل










 

ثمة استراتيجية صهيونية تطبق على مراحل، ليس من اجل الحؤول دون قيام اي شكل من أشكال الوحدة العربية وحسب، بل وايضا لتفتيت الوطن العربي وتقسيم كل دولة الى دويلات إثنية وعرقية تماما مثلما حاول الكيان الصهيوني تطبيق هذه الأستراتيجية في لبنان، خلال النصف الثاني من القرن الماضي، ومحاولة تقسيم العراق كما يجري حاليا. وتهدف هذه الأستراتيجية ايضا الى تحييد بعض الدول العربية وعزلها عن محيطها العربي وإضعافها وإخراجها من دائرة الصراع العربي الصهيوني كما فعلوا مع مصر والأردن. وألآن ينصب الجهد الصهيوني على تدمير العراق وتفتيته بتقسيمه الى دويلات اثنية وعزله عن محيطه العربي والعمل على تدمير أنظمته البنيوية لكي لا تقوم له قائمة كدولة عربية قوية تتمتع بطاقات اقتصادية وبشرية هائلة.

 

ولم تخف الحركة الصهيونية هذه الهدف. فقد كانت تعمل في الخفاء على إحداث الفتن في بلاد ما بين النهرين، وتعد الخطط التي انتهت بدفع الحلف الأطلسي على شن الحرب على العراق سنة 2003. وكان اول من كشف عن الخطط الصهيونية، وببعض التفصيل، لتقسيم العراق هو عوديد يينون الموظف السابق في وزارة خارجية دويلة الكيان الصهيوني مستخدما احدى وثائق خارجيته, وأهم ما جاء فيها ما يلي (( ...ان العراق الغني بالنفط من جهة، والذي يكثر فيه الأنشقاق والأحقاد في الداخل من جهة اخرى، هو المرشح المضمون لتحقيق أهداف اسرائيل, بل إن تفتيت العراق هو أكثر أهمية من تفتيت سورية. فالعراق أقوى من سورية ،وقوته تشكل في المدى القصير خطرا على إسرائيل اكثر من أي خطرآخر. وحرب عراقية سورية، أو عراقية ايرانية سوف تفتت العراق وسوف تؤدي به الى انهيار في الداخل قبل أن يصبح في إمكانه التأهب لخوض صراع على جبهة واسعة ضدنا وكل مواجهة بين الدول العربية (مع بعضها بعضا) تساعدنا على الصمود في المدى القصير، وتختصر الطريق نحو الهدف الأسمى وهو تفتيت العراق الى شيع مثل سورية ولبنان, وفي العراق سوف يكون التقسيم ألأقليمي والطائفي متاحا ،كما كان الوضع في سورية في العهد العثماني. وهكذا تقوم ثلاث دول (او اكثر) حول المدن العراقية الرئيسية: البصرة وبغداد والموصل، اذ تنفصل مناطق شيعية في الجنوب عن الشمال السني والكردي بأكثريته. ولعل المواجهة الايرانية العراقية تؤدي الى إزدياد حدة هذا الأستقطاب اليوم ...)).


ومنذ ذلك الحين ينتهج الكيان الصهيوني سياسة منهجية للنيل من وحدة العراق الى ان تمكنت الحركة الصهيونية بحمل حلف الأطلسي على شن حرب على العراق في ربيع 2003  وعلى راسه الولايات المتحدة التي انساقت نحو الأكاذيب الصهيونية. وكان من الواضح ان الصهيونية هي التي خططت الحرب على العراق فقط من اجل مصلحة دويلة الكيان الصهيوني وتحقيق اهدافها التوسعية واطماعها في ثروات الوطن العربي. فهل اوشكت على تحقيق أهدافها من الحرب على العراق؟

 

بات من المؤكد ان  من اهداف الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي للعراق تحقيق عدة اهداف لحماية الكيان الصهيوني ولتحقيق ذلك لجأت ادارة الشر الامريكية الى عدة خطوات منها...

 

اولاـ  الدعم العسكري الامريكي المباشر للصهاينة، لتمكينهم من السيطرة على أرض فلسطين والقضاء على الشعب الفلسطيني وإذلاله بل طرده من أرضه في آخر الأمر، مع الاستمرار في الخداع والتضليل الصهيوني الصليبي  لمن لدغوا مرار من العقرب الصهيوني  بإقامة دولة فلسطينية وتمكين اليهود من السيطرة العسكرية والاقتصادية والسياسية على المنطقة العربية كلها من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا. وما إعلان حرية التجارة والاقتصاد إلا أحد السباب التي ستمكن اليهود من الاستحواذ على العقارات الخطيرة في المدن العراقية، والتي ستصبح مرافق وشركات يهودية تجعل الاقتصاد والتجارة العراقيين تحت رحمتها، كما تفعل في كثير من البلدان، ومنها دول آسيا الوسطى وغيرها. وإجبار الدول العربية على الاعتراف بالدولة اليهودية، بشروطها التي تلزمهم التنازل عن كل ما كانوا يطالبون به من حقوق ليست ذات بال للشعب الفلسطيني.ثم إعلان الحكومات العربية وحكومات الدول الإسلامية، الاعتراف الكامل بهذه الدويلة، بناء على أن أهل الحق الأصليين السلطة الفلسطينية قد اعترفوا بذلك.وبهذا يصبح اغتصاب الصهاينة للشعب الفلسطيني، أمرا مشروعا تدعمه دول العالم كله، بما فيها الدول العربية...وتحقيق المطامع اليهودية التوراتية في إقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.


ثانيا ـ إقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق لتكون ذراعا ثابتة تهدد أي دولة في المنطقة تخرج عن طاعة مستعمر القرن الحادي والعشرين وذلك بحجة المحافظة على الاستقرار والأمن في العراق...


ثالثا ـ تغيير زعامات الدول العربية وتغيير خرائط المنطقة الجغرافية والسياسية، تحقيقا لما سجله الرئيس الأسبق نيكسون في كتابه الفرصة السانحة من وجوب إعادة ترتيب العالم  بعد سقوط الاتحاد السوفييتي العدو الأحمر ومنطقة الخليج هي من المناطق الحيويةلأمريكا كما قال نيكسون في نفس الكتاب المذكور، وكما كرر ذلك المجرم بوش ، حيث صرح بأن أمريكا لا يمكن أن تخرج من العراق إلا بعد أن تحقق أهدافها.


رابعا ـ فرض نظام سياسي على الدول العربية، بل وجميع الشعوب الإسلامية، باسم الديمقراطية، التي تحقق لأمريكا أهدافها، وهي تريد نوعا مُنْتَقًى من الديمقراطية يمكن عملاءها المحاربين لعقيدة الأمة وشريعتها من التربع على كراسي الحكم، واستبعاد قادة الشعوب الحقيقيين ، من الوصول على الحكم ولو عن طريق الديمقراطية المزعومة

 

خامسا ـ تصفية القضية الفلسطينية وهو هدف آخر للحرب بعد أن استعصى الفلسطيني على بني إسرائيل في واحدة من أشد الملاحم في تاريخ البشرية إثارة للدهشة والإعجاب.. ملحمة ينعدم فيها تماماً التكافؤ بين الطرفين.. ومع ذلك تواصل الاستمرار، وترتفع وتائرها يوماً بعد يوم، وتكسر حاجز السنتين، وتمرّغ أنف الإرهابي شارون، وتسقط وعده الكاذب بإنهاء الانتفاضة في مائة يوم! وتلحق بـ «إسرائيل» المغتصبة الخسائر المتلاحقة في الأنفس والأموال، وتدمّر الأمن الإسرائيلي، وترغم اليهود على القيام بهجرة جماعية مضادة على النقيض تماماً مما يريده الليكود ويحلم به كهنته بخصوص ما يسمى بـ ((إسرائيل الكبرى الممتدة من الفرات إلى النيل)).وهاهو الاحتلال الأمريكي الصهيوصفوي للعراق يفتح الأبواب على مصاريعها أمام الطاغوت الصهيوني لكي يذبح الفلسطينيين ويدمّر بنيتهم التحتية على هواه، ويتوعدهم بالتهجير.

 

كان هدف أمريكا المعلن هو إزالة الأسلحة العراقية الهجومية المتقدمة (التي تسميها كذباً وزيفاً أسلحة التدمير الشامل)، والتي كانت تشكل تهديداً مباشرا للكيان الصهيوني ,مما يؤكد قيام أمريكا بهذه الحرب، في جانب منها، نيابة عن الصهاينة  خوفاً من احتمالات المستقبل. وأمريكا بغزوها وباحتلالها للعراق فقد  أتيح لها  أنيا الإمساك بزمام العراق ومنعت صناعة السلاح العراقي المتطور، وحجمت بل انهت قدرات العراق العسكرية، وتصفية تشكيلاته المقاتلة، وذلك كله من أجل منح الغطاء الأمني الذي تحتاجه  دويلة الكيان الصهيوني ليسهل لها تدمير المقاومة الفلسطينية، وتمرير سياسات التطبيع والاختراق، انتهاءً بعقد الصلح معها.لذلك كان لا بدّ من تدمير القدرات العسكرية للجيش العراقي لكي يصبح عاجزاً تماماً عن دخول حرب مع الصهاينة , وأمريكا  مرة أخرى تقوم بهذه المهمة نيابة عن الصهاينة  حيث يجد الصهاينة  في تلمودهم أن خراب دولتهم الثانية هذه سيكون على أيدي جند أولي بأس شديد يخرجون من أرض بابل كما خرج نبوخذ نصّر الذي خرّب دولتهم الأولى قبل آلاف السنين وساقهم أسرى.

 

وإمعاناً في الاحتياط وفي تحقيق الأمن الصهيوني بصورة تامة، تجنح الخطة الأمريكية إلى استثمار الانتصار الحربي لإجبار الحكومة العراقية العميلة التي نصبونها على انتهاج اربعة خطط تمنح الصهاينة أمنهم الملحّ:

 

اولاـ أولها الاعتراف الرسمي بدويلة الكيان الصهيوني وعقد معاهدة معها على غرار معاهدات السلام التي وقّعتها مصر والاردن، والقبول بالتطبيع السياسي والاقتصادي والاجتماعي معهم، وبذلك تتوفر حماية دائمة للصهاينة وفق القانون الدولي، وأنظمة الأمم المتحدة، وحلف الناتو، تمنع العراق من شن حرب في المستقبل على الكيان الصهيوني  أو إلحاق أي نوع من الأذى بها مهما صغر. والجدير بالذكر أن رسائل كوند اليزا رايس، مستشارة الأمن القومي الأمريكي، إلى أقطاب خونة العراق من اللذين كانوا يسمون انفسهم زورا وبهتانا المعارضة العراقية، اشترطت عليهم صراحة وجوب الاعتراف بـالكيان الصهيوني.

 

ثانياـ تسريح الجيش العراقي وبعثرة خبرته القتالية، وتشتيت معادنه القيادية، ونزع أسلحته، ومنع احتمالات تطويرها. وهذا واضح أيضاً في رسائل مستشارة الأمن القومي، وفيه ما فيه من توفير الأمن لـلكيان الصهيوني.

 

ثالثاـ تقسيم العراق فوراً، وبلا مقدمات، وعلى مرحلتين، عبر تكوين الفيديراليات التي يتطور أمرها بعد سنوات إلى انفصال تام يمزق العراق إلى ثلاثة كيانات هزيلة في الجنوب والوسط والشمال.وبذلك تتضح خدمة خطة التقسيم، وتسريح الجيش، وتقنين السلاح، لعملية تحطيم الشعب العراقي جسدياً ونفسياً كركن من أركان الاستراتيجية الأمنية الصهيونية كما رواها قبل ما يعرف من نصف قرن الصحفي الهندي (كارنجيا) في كتابه (خنجر إسرائيل) نقلاً عن بعض رؤساء الدول وقادة دويلة الكيان الصهيوني أنفسهم.

 

رابعا ـ اقامة قواعد عسكرية امريكية متعددة في العراق موزعة من شماله الى جنوبه , وظيفتها الحقيقية ، قد تتعدى نطاق حماية دويلات الشرق الأوسط الجديدة، ذلك أن نظاما أمنيا متكاملا تديره دويلة الكيان الصهيوني، هو الذي سيتولى هذه المهمة، بينما يصبح هذا الشرق الأوسط الجديد، بمثابة حاملة طائرات عملاقة تفرض على العالم بأسره منطقا جديدا في العلاقات الدولية يقوم على أساس استخدام مفرط وجنوني للقوة. ومن هنا يتوجب التنبه إلى حقيقة أن وجود قواعد ثابتة وعملاقة في العراق، ولوقت طويل، هو أمر يتجاوز حاجات الأمن القومي الأمريكي التقليدي، إذ ما الذي تنشده واشنطن- إذا كان الأمر يتعلق بأمنها القومي- من إنشاء هذا العدد الهائل من القواعد البعيدة جغرافيا لو لم يكن ذلك مصمما لأغراض الهيمنة على العالم؟..أما الكيان الصهيوني؛ فمن المؤكد أنه سيكون أكثر المستفيدين من وجود هذه القواعد التي سوف تتيح له إمكانيات فرض سيطرته وهيمنته المباشرة على دول وشعوب المنطقة، وليلعب دورا أمنيا رياديا في ما يسمىتثبيت استقرار المنطقة بواسطة لغة التهديد والهيمنة والسطوة المسلحة. كما أن ذلك يتيح للكيان الصهيوني فرصا أفضل لتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد . هذا إلى جانب أهداف أخرى تتمثل في السيطرة على منابع النفط العراقي والعربي، واستكمال الهيمنة العسكرية والسياسية المباشرة على الممرات البحرية وطرق المواصلات العالمية لترسيخ الزعامة الأمريكية الصهيونية على العالم العربي. ويمكن للمرء أن يتصور بسهولة، كيف أن نشر شبكة من القواعد الضخمة في العراق، سيكون على المدى القريب والبعيد، مصمما لأغراض تتجاوز حاجات الأمن القومي الأمريكي التقليدية، ما دامت المنطقة في وضعها الراهن لا تشكل أي مصدر تهديد حقيقي لا اليوم ولا في الغد. بيد أن نشر القواعد سيؤدي لا محالة إلى ضمان أمن الكيان الصهيوني، وتحقيق جزء من أهدافها. وبهذا المعنى يكون الاحتلال الأمريكي للعراق قد حقق وإلى حد كبير أهداف الكيان الصهيوني في الهيمنة على مقدرات المنطقة وفي التحكم بمصيرها ومستقبلها. لقد كان تدمير قدرات العراق العسكرية والقتالية يعني زوال الخطر الحقيقي الذي طالما هدد الكيان الصهيوني، وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا جرى غزو العراق وتحطيم وتفكيك الدولة فيه، وإدخال شعبه في دوامة ما يسمى بالصراع الطائفي الشيعي السني ومن ثم الكردي العربي خصوصا في  قضية كركوك الغنية بالنفط والثروة المعدنية .

 

إن عراقا ضعيفا لا يستطيع أن يكون الند لدويلة الكيان الصهيوني، خاصة وان العرب ومن ضمنهم العراق اعتبر القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، هو العراق الذي لطالما تمنت تل أبيب رؤيته محطما، وها هو الحلم يتحقق.وقد عملت اجهزة الموساد الصهيونية ومنذ بدأ الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي على تحطيم بنية العراق وساعدتها في ذلك قوى الخيانة المتملة بالعصابات البرزانية والطالبانية  واستأنفت وحدات الأمن الصهيوني قبل نهاية عام 2005 نشاطها في كل أرجاء العراق لا المنطقة الكردية وحدها، واليوم اصبح مؤكدا أن الموساد والقوات الخاصة الصهيونية تعمل تحت مختلف الواجهات على تدريب عناصر الأمن الكردي، وهذا جزء من نشاط واسع يجري تنفيذه من خلال التعاون الصهيوني مع عصابتي الطرزاني والطلي باني . وكانت صحيفة يديعوت أحرنوت الصادرة يوم الجمعة 2/12/2005 قد ذكرت أنّ العناصر الأمنية الصهيونية في العراق تساندها شركات كبرى تعمل على تزويد الأمن الكردي بالأسلحة والعتاد. وبحسب ما جاء في الصحيفة؛ فإن تل أبيب لا تتردد عن تأكيد مشاركة العديد من الشركات الصهيونية وعلى رأسها موتورولا وميغل اللتان زودتا العصابات الكردية بالعتاد والقوى البشرية لمشاريع يصل حجمها إلى مئات ملايين الدولارات.


وأكدت الصحيفة أن الصهاينة  يعملون بشكل كبير في العراق من خلال شركاتهم هناك، وأنها بذلت جهودا كبيرة لإنشاء مطار دولي يحمل اسم هاولير قرب مدينة أربيل، وهذا المطار يدخل ضمن الطموحات الكردية للانفصال وإقامة دولتهم المستقلة. وهذا يعني دون أدنى شك؛ أن تل أبيب تسعى إلى إقناع الاكراد، أنها الطرف الوحيد في المنطقة الراغب والقادر على مساعدتهم في تحقيق حلمهم في الدولة, وفي هذا السياق كان وزير الأمن  الصهيوني الأسبق آفي ديختر قد رسم  الصورة الحقيقية للدور الصهيوني في احتلال العراق من دون مواربة أو تمويه، مؤكدا على دور الأحزاب الكردية وعلاقتها بالكيان والدعم الذي قدم لها.

 

 وقال في محاضرة حول الدور الصهيوني في العراق بعد احتلاله عام 2003 ((...لقد حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا...))، مؤكدا على إنّ تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية تشكل أهمية إستراتيجية للأمن الصهيوني. وأوضح بقوله ((...تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر، تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملا كاملا...)),.وشدد بقوله ((...إن العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد، وخيارنا الاستراتيجي بقاءه مجزءا و انه ما زال هدفنا الإستراتيجي هو عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي وان تحليلنا النهائي وخيارانا الاستراتيجي هو أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسماً ومعزولا داخلياً بعيدا عن البيئة الإقليمية...)).

 

 وحول دور الأحزاب الكردية في تسهيل احتلال العراق قال آفي ديختر ((...ذروة أهداف (إسرائيل) هو دعم الأكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الأمنية من اجل تأسيس دولة كردية مستقلة في شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان وان هناك هناك التزام من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط النفط من كركوك إلى خط IBCسابقا عبر الأردن وقد جرت مفاوضات أولية مع الأردن وتم التوصل إلى اتفاق مع القيادة الكردية، وإذا ما تراجع الأردن فهناك البديل التركي أي مد خط كركوك ومناطق الإنتاج الأخرى في كردستان تتم إلى تركيا و(إسرائيل)، أجرينا دراسات لمخطط أنابيب للمياه والنفط مع تركيا ومن تركيا إلى (إسرائيل),  ليس بوسع أحد أن ينكر أننا حققنا الكثير من الأهداف على هذه الساحة بل وأكثر مما خططنا له وأعددنا في هذا الخصوص. يجب استحضار ما كنا نريد أن نفعله وننجزه في العراق منذ بداية تدخلنا في الوضع العراقي منذ بداية عقد السبعينات من القرن العشرين، جل وذروة هذه الأهداف هو دعم الأكراد. فالعراق الذي ظل في منظورنا الاستراتيجي التحدي الاستراتيجي الأخطر بعد أن تحول إلى قوة عسكرية هائلة، فجأة العراق يتلاشى كدولة وكقوة عسكرية بل وكبلد واحد متحد، العراق يقسم جغرافياً وانقسم سكانياً وشهد حرباً أهلية شرسة ومدمرة أودت بحياة بضع مئات الألوف. وإذا رصدنا الأوضاع في العراق منذ عام 2003 فإننا سنجد أنفسنا أمام أكثر من مشهد :

 

العراق منقسم على أرض الواقع إلى ثلاثة كيانات أو أقاليم رغم وجود حكومة مركزية.

العراق ما زال عرضة لإندلاع جولات جديدة من الحروب والإقتتال الداخلي بين الشيعة والسنة وبين العرب والأكراد.

العراق بأوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية لن يسترد وضعه ما قبل 2003.

نحن لم نكن بعيدين عن التطورات فوق هذه المساحة منذ عام 2003، هدفنا الإستراتيجي مازال عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي لأننا نحن أول المتضررين.

سيظل صراعنا على هذه الساحة فاعلا طالما بقيت القوات الأميركية التي توفر لنا مظلة وفرصة لكي تحبط أية سياقات لعودة العراق الى سابق قوته ووحدته...)).

ان مشروع الشرق الاوسط عندما طرح في السبعينات تزامن معه مشروع آخر بأسم المتوسطية ويقصد بها التعاون بين الدول المشاطئة للبحر الابيض المتوسط من الجنوب.. وإذا ما نظرنا إلى كلا المشروعين بنظرة سريعة وفاحصة نجد أن المشروع الأول يقسم الدول العربية إلى دول المشرق ومعها ايران وتركيا واسرائيل, بينما يشمل المشروع الثاني دول المغرب العربي والكيان الصهيوني. وفي كلا المشروعين نجد أن الكيان الصهيوني هو المحور المحرك لهما, ففكرة التعاون الاقتصادي التي يقصد بها (الهيمنة الاقتصادية) لدويلة هذا الكيان المسخ هي التي تمثل خط الشروع لتنفيذ كلا المشروعين حتى يتم تحقيق الهيمنة الاستراتيجية الشاملة في كل المجالات تدريجياً.. فمن فكرة التقارب إلى فكرة التطبيع إلى التعاون إلى التوحد. وبذلك يتم تحطيم اواصر العمل العربي المشترك, فبدلاً من وجود منظمة الوحدة الاقتصادية العربية يمكن استحداث منظمة الوحدة الاقتصادية الشرق أوسطية وبدلاً من وجود منظمة التجارة العربية تستحدث منظمة التجارة الشرق الاوسطية وهكذا حتى تذوب الهوية العربية في هذين المشروعين.. والآن وبعد احتلال العراق تم دمج كلا المشروعين بمشروع واحد سمي بـمشروع الشرق الاوسط الكبير الذي طرحه المجرم بوش بعد احتلال العراق ليكون شعاره الزائف هو الاصلاح, وتتضمن بنوده اخطر ما شهدته امة العرب من تحديات عبر سني عمرها الطويلة. وعلى سبيل المثال نجد ان البند الخاص بالاصلاح السياسي يتضمن اصلاح ديمقراطي في اطلاق حرية الكلام والاحزاب بشرط ابعاد الصحف المشاغبة والمناوئة لامريكا وللكيان الصهيوني, اما في بند حقوق الانسان فيؤكد المشروع عليها بنفس الوقت الذي تمارس فيه امريكا والكيان الصهيوني ابشع انواع التعذيب والاذى الجسدي والجنسي والنفسي في جرائم يندى لها الجبين, بل لايمكن للمرء الوقوف عندها وتصورها في سجون (ابو غريب) و(غواتنانامو) والسجون الصهيونية في فلسطين المحتلة وغيرها. أما في البند الخاص بالمرأة فيشير المشروع إلى ان المرأة مضطهدة في العالمين العربي والاسلامي, ولذا يجب اطلاق حقوقها الاجتماعية (والجنسية), وفي مجال الاصلاح الاقتصادي فيدعو المشروع إلى وقف تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد, والتخلي عن فكرة الدعم لمستحقيه, بل ان الأمر يستوجب تعميم فكرة (من يريد ان يأكل فليدبر أمره بنفسه). وفي مجال الأمن فالمشروع يطلب التخلي عن اسلحة الدمار الشامل عدا الكيان الصهيوني لأنها تتعرض إلى هجمات ارهابية, مع ضرورة ترك الحكام للحيرة التي هم عليها في مجال تسليح جيوشهم إلى الولايات المتحدة الامريكية, فهي الوحيدة القادرة على تحديث الجيوش بنفس الوقت الذي تتمكن من تقدير احتياجاتها الفعلية بدقة.

 

لنرجع ونعيد طرح السؤال على انفسنا مرة اخرى هل نجحت امريكا في توفير الامن الى طفلها المدلل الكيان الصهيوني؟ هل  يمكن اعتبار دويلة الكيان الصهيوني هي بعبع المنطقة وهي التي تخطط وترسم سياسات المنطقة؟ هل اصبح الكيان الصهيوني القوة العظمى اقليميا؟... الجواب على هذه التساؤلات وللاسف الشديد هو (نعم ) , فبغياب القيادة العراقية الوطنية الشرعية وبغياب العراق العربي الواحد الموحد لاتوجد قوة اخرى تقف بوجه الغول الصهيوني, فمصر قد اخرجت من ساحة الصراع من ايام السادات وباقي الانظمة الرسمية العربية كلها وبدون استثناء اتجهت نحو تطبيق شعار ((القطر اولا)), في محاولة جبانة لترك ساحة المعركة ضد الصهاينة , ولم يعد احد يعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية ولم يعد جوهر الصراع العربي الصهيوني موجودا .

 

بيد ان هذا النجاح الامريكي في ابعاد العراق عن ساحة الصراع ضد الصهاينة مرتبط بوجود واستمرارية الاحتلال , أي انه نجاح آني او نجاح مرحلي او نجاح وقتي , لانه بمجرد هزيمة الاحتلال وتحرير العراق فأن العراق سيعود وبكامل عافيته وبكامل قوته  الى ساحة النضال بعد ان يكون قد سحق جيش الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي , لان الاحتلال ان كان قد نجح في تغييب العراق الان فأنه فشل في تغييب الفكر العروبي النضالي عن عقل وفكر المواطن العراقي, فالعراقيون وبرغم ماساة الاحتلال ما زالوا ينظرون الى فلسطين على انها قضيتهم المركزية وان كانت الاولوية الآنية هي تحرير العراق .

 

اذن فان امريكا لم تستطع تأمين الكيان الصهيوني تأمينا كاملا وشاملا بل نجحت آنيا , وهذا بحد ذاته يعتبر فشلا اخرا في رأيي , لان النجاحات الآنية مرهونة بالظروف السياسية والعسكرية على واقع الارض , وهي ليست نجاحات مضمونة.

 

 

ـ يتبع ـ

 

 





الخميس١٧ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل ابراهيم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة