شبكة ذي قار
عـاجـل










قبلتٌ يديه حين دخلت وقبلتُه حين غادرت .. لأنه يد مقاوم ; يد المقاوم تستحق ان ُتقبل لانه ابرك الايادي في الارض .. وقبلّ جبيني واجلسني بجواره ، كان واثقاً أني قطعت المسافات لاستمع الى حديثٍ تشتهيه نفسي مثلما يشتهي العطشان قدح ماءٍ بارد في تموزٍ قائض تبلغ الحرارة ذروتها..


جاءت أم عمار زوجته وجلست بجواري .. قالت لم يحدثني بشيء بقي صامتاً كعادته يأبى الحديث ..يقول : ماذا فعلنا نحن ، هم فعلوا ويقصد شباب المقاومة الذين تمتلئ بهم المعتقلات والذين لازالوا احراراً يقاومون والذين ابلو بلاءاً حسناً حتى استشهدوا .. غمزت لي لا سحبه الى حديثٍ اصبحنا نحن نساء العراق لانحب سواه .. قصة بطولة رجل او رجال قصص المقاومة صارت تجذبنا جذباً مغناطسياً .


انا مجاهد بل أنا شيخ المجاهدين وانتم عملاء و"غصباً ما عنكم تحترموني"... انتم اعوان الاحتلال وأنا شيخ المجاهدين .. لاتصرخ في وجهي ، انزل قدميك ارضاً . غداً ، حين تزول الغمةّ وينسحب اخر كلب من كلابهم ، سنسحلكم في الشوارع مثل الكلاب..


هذا هو حديث الشيخ جمعة عيسى الدهيمة .. هكذا يتحدث .. لم نخشى الاحتلال فكيف نخشى اعوانه .. منذ سنوات وهو يقاتل باصرار أن لايمس احد صورة لرئيس صدام حسين كانت معلقة في واجهة جامع حمل اسمه .. جامع صدام الكبير ، ثم تطور الموضوع وصار يقاتل ليبقى اسم الجامع "صدام الكبير ". لأن صدام حسين هو الذي بنى هذا الجامع كما بنى مئات الجوامع والمدارس والمستشفيات والمجمعات السكنية ومحطات الماء وشيد الجسور والطرق .. صدام حسين كان يبني من جهة ، ويحمي العراق من جهة ..وصدام حسين رمز وطني وقومي وانساني تفتخر بغداد وتكريت وكل مدينة عراقية شيدّ فيها اثراً أن تحمل اسمه ولو كره الكافرون..


صدام حسين لم يكن رسماً على الجدار ، على قطعة قماش نمزقها متى ما طلب منّا .. صدام حسين لم يكن تمثالاً من الطين نكسره متى ما طلب منّا وورد الينا امراً من المحتل واعوانه.. صدام حسين لم يكن جسداً مات ودفن وانتهى امره وصار من المنسيين ..لم يكن كتابا فنمزقهُ أو لوحة ونخفيها عن العين ..انه رمز ، تاريخ بلد وشعب وشاخص حضاري وانساني ...


ساعة في ديوان الشيخ جمعة الدهيمة ، اقلبُ بصري في جدران الديوان الذي قال لضيفٍ زاره مرة من المرات " تفضل للديوان ، صاحب الديوان لايرضى ان يجلس الضيف في الخارج " وعندما دخل الضيف الى الديوان سأل عن صاحب الديوان ، فأومأ الشيخ الى جدارية كبيرة للرئيس الشهيد صدام حسين " هذا هو صاحب الديوان ، هذا ديوان صدام حسين وانت ضيفه "..


صدام حسين حي لم يمت لانه شهيد والشهداء احياء عن ربهم واحياء عند من يحبونه ويجلونّهُ. وصدام حسين صار رمزاً للمقاومة منذ أن خاض المعركة ضد اعدائه ، وقاتلهم ، ثم قاومهم وانهى حياته ببطولة عظيمة لم يسبقه احد في التاريخ..


في جدران الديوان ، يحتفظ الشيخ جمعة الدهيمة بصوره وهو يرتدي الخاكي ونجمات العلم العراقي تتلألأ فوق كتفه .. صوره وهو ضابط عسكري برتبة كبيرة لازالت معلقة لم يخفيها عن الانظار .. لم يمزقها كما فعلها غيره من الضباط الذين مزقوا الصور والهويات والاوراق الثبوتية خشية من قوات الاحتلال التي ستقتحم البيت وتعثر على الصور فيتعرضون الى الاعتقال ..


وفي جدران الديوان ، بوسترات لاسم الله جلّ جلاله ، ولاسم محمد سيد الانام والخلق عليه الصلاة والسلام في اشارة الى أن الله تعالى يحب المؤمن القوي وينصر من ينصره وأن الله تعالى اكبر من امريكا واعوانها .. وصور الشهيد صدام حسين وهو يرتدي الخاكي ويرتدي الزي العربي معلقة في اكثر من مكان...


هذا الرجل يعتزُ بتاريخه ، بماضيه ، ويحافظ عليهما ، يسعى ليصنع مستقبله ناصعاً مشرفاً مشرقاً..
نحن نسشتهد ، نقاوم ، لكن لن نهرب ، لن ننهزم .
تحدث اليّ عن رجولة رجال وبسالة رجال .. وورد لي اكثر من قصة بطولة ورجولة رجل .. تحدث عن اكثر من مقاوم وعن اكثر من موقف وترك المتخاذلين والمتملقين .. تركهم للتاريخ الذين لن يغفر للجبناء جبنهم ولا للمتخاذلين تخاذلهم عن الجهاد والمقاومة..
نهر قاضياً وزجر قاضياً وصرخ في وجه ضابط وقال لهم بالحرف الواحد " انتم خدم الاحتلال وانتم اعوانه وأنا شيخ المجاهدين" ..
خافوا منه ولم يخف منهم ..تحداهم وهو مريض ، وتمسك بموقفه وثبت على قيمه ومبادئه..


هذا الشيخ اعتقل مرات واعتقل اولاده فلم يبال ، ظل ثابتاً ، متماسكاً ، لايخاف في الله لومة لائم ، يؤدي واجبه الاخلاقي والانساني في وطن محتل..
هكذا نريد لرجالنا ان يكونوا ، مثل جمعة الدهيمة ، بطل ، صامد .


وهكذا نطمح لضباطنا العسكريين ان يكونوا ، عسكريين بمعنى هذه الكلمة ، العسكرية تعني رجولة وثبات وبطولة وشموخ وعنفوان وتحدي .. الضباط هم امل الامة والوطن فبدونهم ينهزم الوطن وتنتكس الراية .. ضباط جيش العراق ضباط للدفاع عن الوطن ولتحرير الوطن من الاحتلال واعوانه..
جمعة الدهيمة نموذج مشرف لضابط عسكري ولامام جامع ولرجل عراقي ولمجاهد مواظب وثائر الى ان يتحرر العراق ويستعيد استقلاله وحريته..

 


كلشان البياتي
كاتبة وصحفية عراقية
 golshanalbayaty2005@yahoo.com
 

 





الاثنين٣٠ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كلشان البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة