شبكة ذي قار
عـاجـل










إن المراجعات الفكرية للمواقف وكذلك إعادة تقويم الاجراءات وصولاً لاستخراج الدروس منها تعتبر نصف النجاحات  في معالجة لكل لخسارات أو النكوصات في التجارب سواء التي يعيشها الانسان كفرد أو كمجتمعات,والذي يهمنا و بالدرجة الاولى أن نرى قراءات و مراجعات لدروس يمكننا من خلالها أن نحدد مؤشرات للتوجهات المستقبلية ووضع سترايجيات قائمة على معطيات هذه الدروس الحياتية(إجتماعية,إقتصادية , سياسية أو حتى فلسفية).

 

وأن هذه القراءات والمراجعات ستقوي من خبرتنا سواء كانت في محيطنا الوطني والعربي أوعلى مستوى منطقتنا لاننا نكون بموقع أكثر إقتداراً في تشخيص الايجابيات و الاخطاء ومن دروس عشناها أو لازلنا نعيش بعض أواخرها عسى أن نستفيد ويستفيد الاخرون منها فنقول:  

 

1-تمر الولايات المتحدة الأمريكية  ومنذ أكثر من عقد من السنين بفترة مراجعة فكرية عميقة حول مستقبلها كقوة عظمى ودورها في العالم.وكل المعطيات تؤكد إستمرار هذه المراجعة حاليا.‏ وحيث أن الكثير من الاراء مطروحة  في الولاياة المتحدة حول دورها المستقبلي,تتجنب الخوض في جوهر المشكلة والتي تنحصر في قدرة النظام الديمقرطي الامريكي في إعتماد القيم الاخلاقية في التعامل مع الاخرين وتجاوز محطة الانفراد بالسيطرة على العالم ,ومنهم  من يرى أن دور الولاياة المتحدة كقطب الاعظم والوحيد لايمكن الاستغناء عنه وان تبقي على زعامتها للعالم وخاصة بعد إنهيار القطب السوفيتي أمامها وأن الحالة التي تعيشها الولاياة المتحدة وخلال القرنين الماضيين من تراجعات للتاييد الدولي لها ومن تزايد الانتقادات لسياستها الهجومية العدائية والانتقائية ممكن تجاوزها وهي شبيهة بالوضع الذي عاشته  في القرن الماضي بعد الانتصار الكبير لشعب الفيتنامي في حربه معها ,والامر لا يحتاج من أمريكا الاالصبر وإعادة التكييف مع هذه الحالة وأن الاندفاعات الهوجاء للزعامات الامريكية في العقدين الماضيين أفقدها (أمريكا) الكثير من السمعة وتاثيرها في العلاقات الدولية ولكنه فرض على العالم زعامتها له .

 

والرأي الاخر لا يختلف من حيث الجوهر مع الراي الاول ولكنها يرى أن تتخلى الولاياة المتحدة عن سياسية القبضة الحديدية والضربات الاستباقية لمصادر التهديد لها أي تهديد الامن الامريكي سواء الذي يتعلق بوجودها العسكري المتناثر في العالم أو تهديد مصالحها الحيوية وبدلا من ذلك  اللجوء أوالاعتماد على إتباع سياسة العصا و الجزرة بدلاً من إستخدام للقوة المفرطة.وأصحاب هذا الراي أوالمدرسة يرون أن هجمات 11أيلول عام 2001كانت بسبب السياسة الصلبة وهي تمثل رد فعل على سياسة الردع الذي تبنته الادارة السابقة, وأن إعتماد لغة الحوار مع دول العالم الى جانب إستخدام القوة هي أقدر على تحقيق نجاحات للولاياة المتحدة وتحقيق ضمان لمصالحها.   وهنالك بعض الحقائق  المستخلصة من تجربتي الاتجاهي السابقين,ومنهما يمكن الخروج بالاسنتاجات ودروساً قد تهم القائمين على وضع السترايتجيات الامريكيةوأن يستوعبوها ويستفادون منها بعد أن يحاولو أن يقرئوها بعقلية الاخرين قبل أن يقرئوها بالعقلية الامريكية و منها :

 

(أولاً) أن الديمقراطية لا يمكن فرضها على المجتمعات وخاصة العربية من خارج البيئة العربية : وإذا كان قادة الولاياة المتحدة صادقين في إقامة المجتمعات الديمقراطية في المنطقة العربية أو في منطقة الشرق الاوسط فيمكن أن يكون لهم دورا مشتركاً مع المجموعة الدولية في تشجيع تنمية هذه المجتمعات وتطويرها ديمقراطياً,وتقديم العون والدعم الاقتصادي والمعنوي للدول المعنية بإقامة الديمقراطية لا  محاصرتها والتامر على انظمتها والى الحد الذي يصل الى إستخدام القوة العسكرية وتحت شعارات زائفة عن الديمقراطية وبالنتيجة يُساءْ للديمقراطية ,كما حدث في العراق بعد غزوه عام 2003 ,وبأكاذيب وحجج مختلقة وأخرها كانت إقامة الديمقراطية في هذا البلد .  وأن هذا التغير المفاجئ الذي فرض على المجتمع العراقي وبقوة السلاح,كان يكفي لدحض هذه الكذبة لان أبسط مقومات إقامة الديمقراطية هي إحترام حقوق الانسان ومنها حقه في إختيار طريقة الحياة التي يريد ان يعيشها,وبإستخدام القوة المسلحة في فرض طريقة حياة الشعب العراقي أصبح أمر الديمقراطية باطلاً ,وأول ظواهر هذه البواطل هو أنتقال استخدام القوة والسلطة في التعامل مع بين الفرقاء المتعاملين مع الديمقراطية الجديدة ,لسبب بسيط هو أن نشئة هذا النوع من طريقة الحكم (الديمقراطية) و التي كانت بالاساس قائمة على القوة المسلحة ,كان سبباً رئيسياً الامرفي أفارز حالات الصراع الطائفي والاقتتال السياسي,وثم التمسك بالحكم وبالسلط, وهذا ما يشهده العراق اليوم. وبالنتيجة اضر بسمعة الديمقراطية وجعل الشعب العراقي بل شعوب المنطقة تتسال هل من نتائج الديمقراطية هذا الوضع السئ في العراق؟! أي بمعنى أدق وخلاصة القول في هذا الجانب أن عملية تصنيع الديمقراطية في المنطقة يجب أن تأتي عن ولادة طبيعية وليس قيصرية أو مصطنعة..       


(
ثانياً)الخلل في إختيار الشخصيات القيادية: 

إن الديمقراطية إيمان وقناعة وسلوك وليس مجرد شعارات يقوله البعض ويروجه له بالشكل الذي يخدم أغراضه المحدودة, وليست جزء من الإعلام المخادع لأصحاب الاجندات الاستعمارية وعملائهم,واني من المؤمنين بأن الديمقراطية عنصر أساسي في مبادئ حرية الانسان سواء حريته الشخصية أو حرية المجتمعات, والانتخابات الحقيقية هي وسيلة مهمة في تطبيقات الديمقراطيةولكن أن تكون الديمقراطية سبباً في الحاق الضرر يالشعوب وفي إضطهادها وخلق الازمات وذلك عبر وصول قيادات غير متزنة الى مصدر القرارات و تجر شعوبها إلى حروب وأزمات ومن خلال قرارت إنفعالية غير حكيمة ,إنها ليست بالديمقراطية و لايمكنها أن تتجه لتحقيق حرية الإنسان والمجتمعات بل تتحول إلى وسيلة سيئة لتصريف شحنات عدائية لدى بعض اللذين يحملون نواقص في تركيبة شخصيتهم ,ولتتحول المواقع القيادية الاولى للدول وخاصة العظمى متنفساً لتفريغ ضواغط النقوصات في تركيبة شخصيتهم بل يمكن إن يعتبروا مصابين بأمراض نفسية كالنرجسية ,(ومن سمات الشخصية النرجسيةالرغبة المستمرة في البحث عن الألمعية والقوة والجمال من أجل الإشباع وعدم القدرة على الحب والتعاطف مع الآخرين و ميلهم الى ان يكون لهم خط ثابت من الشعور بالعظمة واعطاء قيمة عالية لافضالهم الشخصية.


وكذلك الميل الى البحث عن المثالية في ابائهم او بدائل ابائهم من حيث المركز)(1)..أن مثل هذا النوع من الشخصيات والتي تحمل من عقد في تركيبة شخصياتهم والتي يترجمونها من خلال سلوكيات و سلسلة من الاجراءات الظالمة ضد الشعوب والتي تكلف كثيراً من الخسارات البشرية  والمادية لمجرد كونها تمثل الموقع الاول في الدولة وخاصة الدول العظمى ,فالمجرم بوش وبلير هما نموذجين لهذه التراكيب الناقصة ةالتي تحدث عنهما فرويد و غيره من المحللين النفسيين فقد كان يعانيان من نقص في  نجوميتهما و من حقد على العرب وعلى الشخصيات القيادية و الرموزالوطنية في العراق وأصطف ملالي إيران اللذين توارثوا من الحقد على العروبة وحاملي ألويتها ,كل هذه التراكيب الناقصة التقت مع الكره الصهيوني للرمز العربي الذي تحدى وجودها. هكذا أجتمع هذا الجمع الحاقد في خندق محاربته للعراق والانتقام من رموزه التي ظلت شامخة بالرغم من العدوان و الحصار, وأن هذه القيادات المريضة كلها حملت الثأر من ضربة التأميم الخالد في1/6/1972 ومن النصر العربي على يد العراقيين في 8/8/1988 ومن الشجاعة العراقية في ضرب الكيان الصهيوني بالصواريخ العراقية في عام 1991. والذي أفقد صواب هولاء إن كان يمتلكون بعض الصواب هو الصمود العراقي الاسطوري لحصار ظالم شامل إستمر على مدى 13 سنة,إن كل هذه الاسباب مجتمعة ومع النواقص في الشخصيات القيادية للدولتبن العُظْمَيَتَينْ وقدرتها في أن تستغل بعض الاخطاء الستراتيجية للقيادات الوطنية من أن تهئ الارضية للعدوان على العراق وإحتلاله وتدميره وتعريض المنطقة لمخاطر كبيرة وعظيمة أوشكت أن تؤدي بها الى كارثة وأول الاحتمالات هي الحروب الطائفية وفي المنطقة الاغنى بالنفط في العالم. وخلاص القول أن ما جرى في العراق  وفي المنطقةسببه الرئيسي هو رئيس وإدارة لدول عظمى حرصا  كلهم على وضع اشخاص في مراكز المسؤولية العليا ممن هم تابعون ايديولوجيا للعقلية الحاكمة وكان أنذاك الجناح اليميني المتطرف في الحزب الجمهوري  وموالون  و موافقون سياسيا مع توجهات الرئيس الامريكي في وقته,وتلاقى مع حزب العمال البريطاني الذي كان يحلم برد الاعتيار لبريطانيا العظمى التي فقدت هيبتها في العراق ورأت هذه القيادة في بليروسيلة لمحاولة النجاح في هذه المعركة .

 

 لكن وإذا اراد من يهمه إجراء الاصلاحات والتصحيحات في توجهات السياسة الامريكية لخدمة  المصلحة الاساسية لخدمة الدولة مثل  حجم الولايات المتحدة، أن يضعوا صمامات من الامان بعدم السماح لهذا النوع من الشخصيات بقيادة دولة عظمى مثل الولاياة المتحدة, أو على الاقل أن لا تتكرر ظاهرة  بوش الاب والابن ,وبالتأكيد لا  أقصد المس من قريب أو بعيد بجوهر الديمقراطية التي يتعاملون بها لان هذا حق لشعوب تلك الدول ولكن يمكن أن يكون الامر رأياً مخلصاً وشفافاً للشعب الامريكي أو غيره ممن يدينون بهذا النوع من الديمقراطيات أن يطالب عبر مؤسساته الديمقراطية بتنقية الشخصيات المرشحة لقيادة الدولة وخاصة شخصية رئيس البلاد وياقي إدارته وعبر الياتٍ ديمقراطيةٍ و صحيحة,تؤمن وصول قيادات اصحاء و صحيحة  ,وهذا ينطبق على باقي ديمقراطيات الدول الاخرى في أن تختار قادة يشجعون على الجدل وطرح وجهات النظر المختلفة وحتى ليصل الامر الى التمرد الملتزم والعقلاني في داخل المؤسسات القيادية بهدف خلق الضمانات التي تمنع تفرد الادارة وان كانت لها الاكثرية في المؤسسات التشريعية في إتخاذ القرارات المصيرية.

 

 وأحد التعقيدات الواضحة في استخلاص الدروس الصحيحة مما جرى يرجع إلى تورط كل أطراف تلك مؤسسة القيادية السياسية الحاكمة في الولاياة المتحدة الامريكية وكذلك في المملكة المتحدة في بريطانيا في تأييد ودعم قرار غزو العراق تحديداً وبمنطق غير معلن في حينه خلاصته أن بترول العراق سيعوض أميركا وبريطانيا عن أي تكاليف تتحملها  هاتين الدولتين في الغزو والاحتلال,ولو كان في هاتين الدولتين الديمقراطيتين اليات يستطيع من خلالها أن يكون للرأي المعارض وزناً في حسم القرارات وخاصة تلك التي تتعلق بالمواقف الصعبة والمهمة بأمن دولهم كقرار شن الحروب لكان الامر يخنلف بالنتائج التي أفرزها قرار العدوان على العراق وخاصة بعد إنجلاء المواقف وإعترافات كل الذين ساهموا في إتخاذ قرار الحرب او اللذين نفذوا الجريمة..

 

1- من مقالة العالم  والطبيبالشهير النمساوي فرويد بعنوان(مقدمة في النرجسية) في عام 1914

أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس

 





الجمعة٢٧ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة