شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا أجزنا لأنفسنا المقارنة بين أسوأ السيئين من بين مَن أباح لهم الاحتلال الغاشم اللعب بأوراق الوضع العراقي بعد الغزو المجرم فان هناك ما يكفي من الأسباب لوضع ما يعرف بالتيار الصدري الذي وضع المدعو مقتدى الصدر كواجهة عراقية لزعامته ومرشديه وموجهيه الفعليين وهم من الايرانيين الفرس يتقدمهم المدعو آية الله كاظم الحائري, في خانة الاسوأ من حيث الخطورة على العراق وعروبته ووحدته السكانية والجغرافية. ان تيار مقتدى هو أحد التيارات السياسية الطائفية التي أخذت طابعا محليا عروبيا عراقيا في وصفها من قبل الاحتلال وأعوانه لتمييزه عن الاطراف الطائفية التي وفدت مع الاحتلال ودخلت ساحة التصرف السياسي تحت عباءته وبحماية دباباته، وأتسمت لهذا السبب بصورة معتمة ومهتزة في عين عموم المواطنين العراقين واستخدمت كلها تيار الصدر لمنحها هذا القدر أو ذاك من أرضيات القبول في العراق عموما وبغداد وجنوبها خصوصا. وهنا تكمن واحدة من بين أخطر ما مثله مقتدى وتياره في عملية خداع قطاعات واسعة من أبناء شعبنا فضلا عن ما سنتطرق اليه من قضايا أخرى في هذا الموضوع. لقد تمكن الحكيم وحزبه وميليشياته من الحصول على فرص معروفة للنمو والكينونة واستطاع موفق الربيعي والجلبي وحزب الدعوة العميل وكذلك حزب الله العراق من ايجاد موطئ قدم في المجتمع العراقي الجنوبي عبر التآلف والائتلاف والتقارب مع مقتدى وتياره باستخدام ميزة المحلية العراقية كجسر مرائي ومنافق وكاذب لهذه الاطراف العميلة والخائنة.


الواجهة الاولى لتحرك مقتدى وتياره تمثلت بلعب دورين متناقضين لا يجمعهما جامع ولا ينطليان الا على الحشد الشيعي المنتمي أو المتعاطف بدون أي وعي سياسي أو ديني ولا حتى طائفي مع الصدرية كأتجاه سياسي طائفي فارسي بعباءة عراقية. الواجهة الاولى هي نصف مقتدى الايراني المتعاون مع الاحتلال والغاطس بكامل كيانه في العملية الاحتلالية ونتائجها كلها بدون أي استثناء وبلا حياء. هذا الوجه يشرعن الاحتلال وعمليته السياسية ويخضع بالكامل الى خط المرجعية ورموزها الاربعة في النجف علي السيستاني وسعيد الحكيم والنجفي والفياض، بل هو في حقيقته التيار الأهم في توجيه الوزن الكتلي الطائفي الشيعي للتوافق مع الاحتلال ومع افرازاته ونتائجه والذي يستثمرها للسير قدما في تشكيل الكيان الطائفي السياسي أولا والفيدرالي أو الكونفدرالي ان اقتضى أو عندما يقتضي الحال كاتجاه حكم يمزق العراق لاحقا. أما نصف مقتدى والصدرية الثاني فهو النصف المكلف باحتواء جزء الكتلة البشرية الشيعية الاكثر وعيا بعراقيتها وعروبتها واستقلال وسيادة بلدها وهي الكتلة الرافضة للاحتلال والمقاومة له وهي التي حاول احتواءها نصف مقتدى الثاني لتحييدها وتحجيم فعلها الواعي الرافض للاحتلال وافرازاته وحاول ان يستثمرها بطريقة خبيثة ويجيّر مقاومتها لصالحه عن طريق وصف التيار بأنه تيار مقاوم للاحتلال بعد أن وضع كادرها وثقلها الأهم في مواضع القتل والتصفية في المواجهات البطولية لهذه الفئة من العراقيين، وهم من البعثيين وفدائيو صدام ومنتسبي الجيش العراقي وجيش القدس والقوميون والوطنيون والاسلاميون, التي حصلت مع قوات الاحتلال في النجف وكربلاء عبر المعارك الشهيرة وفي بابل والقادسية وغيرها في معارك أقل أهمية. لقد حاول الصدر أن يظهر هذه التشكيلة المجاهدة البطلة وكأنها جزء منه في نفس الوقت الذي عمل فيه على اضعافها بالقتل والتصفيات الغامضة والمسجلة ضد مجهول بعد أن تعرف على كوادرها ووجوهها وقياداتها الميدانية مستفيدا من اضطراب الوضع الامني وتداخل واضطراب الاوضاع العامة. ومن الواجب على كل عارف بتفاصيل حال الجنوب أن يكشف عن حقائق المواقف البطولية المجاهدة ضد الاحتلال لهذه الشريحة من جهة وفضح عمليات الاستغلال التي مارسها وما زال يمارسها مقتدى وتياره لتسجيل مقاومتها وبطولاتها لصالحه ولصالح نصفه الثاني المزيف. ولا بد من الاشارة الى ان هذه الشريحة المجاهدة من أبناء الجنوب قد قامت وما تزال تقوم بدك مواقع الاحتلال وضرب دورياته بشكل يومي وتكبده خسائر فادحة يحاول العملاء والاحتلال جاهدين التعتيم عليها وهي جزء لايتجزء من المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية العاملة في باقي أجزاء العراق وأذاقت الاحتلال مر الهزائم وأطاحت بمشروعه وغرزت أقدامه في أوحال العراق.


ان استراتيجية تيار مقتدى تنبع أصلا من خطة ايرانية فارسية تحاول الادعاء بوقوفها بوجه الاحتلال ومقاومته وتستغل العلاقات الظاهرة والمعلنة لمقتدى وتياره بايران لايهام العراقيين عموما والشيعة بشكل خاص بأن ايران تقف معهم في رفض الاحتلال وتدعم مقاومتهم له فتؤمن بذلك سبل وطرائق الاختراق التي تمارسها للوضع العراقي فضلا عن التغطية على موقفها الحقيقي المتعاون ضمنا وبشكل سافر في التخطيط والاعداد والتهيئة لغزو العراق، ومن ثم دعم واسناد الوضع الجديد الذي أدخل الاحزاب الشيعية الطائفية الايرانية على رأس هرم سلطة الاحتلال.


هذه الازدواجية الخبيثة تتيح لمقتدى أن يدخل العملية السياسية التي أنجبتها وترضعها وتحتضنها أميركا وايران والصهيونية في نصفه الحقيقي العميل الطائفي المجرم التفتيتي الغارق في مخططات تدمير العراق وقتل أهله النجباء من الشيعة العرب الوطنيون والسنة وبقية الطوائف والاديان والاعراق عبر جاهزية ما يسمى بجيش المهدي المجرب في القتل والتصفيات العرقية والطائفية والمستعد لتنفيذ المزيد منها في ذات اللحظة التي يحمل فيها مقتدى وجيشه رايات الايهام والتمويه الموصوفة في نصفه الثاني الموسوم زورا وكذبا وبهتانا بالمقاومة ورفض الاحتلال.


ان تشكيلة تعدد الاقطاب الفارسية المعروفة لم تجرب في العراق بصيغتها الرأسية المتبعة في ايران فقط، بل جربت برؤوس وأطراف فرعية تعتمد تعددية وأزدواجية المواقف ليس في التيارات المختلفة، بل وفي التيار الواحد نفسه وهذا ما يقوم به مقتدى وتياره ومليشياته المهدوية القذرة. لذلك نجد ان اعلام الاحتلال يعلن عن مطاردة مستميتة لمقتدى المقاوم في نفس الوقت الذي يحتضن فيه قيادة التيار الصدري وجيش المهدي أعضاء في كتلة برلمانية وممثلين في الحكومة الطائفية ويتعامل معهم وكأن لا صلة لهم بمقتدى!! أو انهم لا يدفعون الخمس من رواتبهم المليونية الى مكاتب الصدر المختلفة. ولا يستطيع أحد أن يقدم تفسيرا مقنعا للكيفية التي يفلت بها مقتدى من دبابات وطائرات أميركا رغم انه حر الحركة والتحرك في الكوفة والنجف ومنها الى قم ومشهد!.


ولا أحد على الاطلاق يبحث في مشهد اخر من مشاهد عراق الديمقراطية الامريكية البائسة التي استثمرها مقتدى كبيدق شطرنج فارسي ليعرف ويعرف الشعب العراقي وأهل الجنوب خاصة كيف يكون مقتدى وكتلته وميليشياته موجودا بقوة خارقة في الجيش والشرطة التي أسسها الامريكان وفي الوزارات ضمن حصته الطائفية وفي البرلمان ضمن كتلته المنتخبة في اطار عملية أميركا السياسية وفي جيش المهدي كمليشيا أجاز تشكيلها بريمر و في نفس الوقت يتقاتل أو يستهدف من قبل القوات الحكومية بقيادة المالكي كتيار مخرب في البصرة أو في مدينة صدام؟ ثم كيف يدخل بعد شهور فقط من بحر الدم ذاك الذي لم نعثر فيه على قطرة دم واحدة تعود لا لمقتدى ولا لاحد افراد الاسرة الصدرية المقدسة ولا لاحد رموز الصدرية المتصدرين للعملية السياسية ولا اؤلئك الذين يدعون المقاومة بل ان كل من قتلوا واعتقلوا هم من الذين وصفوا لاحقا بانهم منشقون عن التيار!!. وما زال مقتدى يؤدي لعبة الاجندات والشلل والاستقطابات وفق ما ترسمه له القيادة الايرانية فتراه يخاطب المالكي وعلاوي مطالبا اياهم بالعمل وفق أجندة عراقية وليس أجندة أمريكية!! ويحرك بضعة مئات من المغرر بهم والمخدوعون من أهلنا في النجف مثلا ليتظاهروا ضد زيارة بايدن في الوقت الذي يتباحث به قادة كتلته البرلمانية مع بايدن حول سبل الخروج من أزمة تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة!!. ولا أحد يوجه السؤال لهذا اللاعب بمقدرات العراق وشعبه بأياد فارسية ملطخة قذرة .. ما هي الاجندة العراقية التي يمكن للمالكي ولعلاوي العمل بها وهم كليهما محض ملاعق بلاستيكية يأكل بها الاحتلال من مائدة العراق وسيرميها متى شاء في سلة القمامة ليستبدلها بملاعق بلاستيكية أخرى من تلك التي وضعها على طاولة الاستخدام الآني لحين يقرر فيه أمرا آخر يخدمه ويسهل عليه مراميه وأهدافه الاجرامية.


ثمة قول شعبي عراقي دارج يقول: رمانتين بفد ايد ما تنلزم: ولا أحد يغبط مقتدى وتياره على مسك رمانة الخيانة ورمانة الأمانة في يد واحدة، بل كل عراقي واع يدرك ان كلا الرمانتين ستسقطان من يده لأن كليهما مضروب في كل باطنه بالف عيب وعيب. والوطنية والعراقية والموقف المبدئي الشريف لا يتكرس بالادعاء الزائف كما يحاول مقتدى أن يظلل العراقيين وهو يمزق نسيجهم الاجتماعي بحجة انه تيار لم يستورد كغيره من تيارات ما بعد الاحتلال المجرم ويدمر وحدتهم الوطنية بتمثله للنهج الطائفي السياسي بطريقة وسبل أخطر بكثير من كل الطائفيين الاخرين بمن فيهم أقطاب الحوزة، وبولاء لايران واحتواء ايراني أخطر بكثير من ولاء ايران للمجلس والدعوة وحزب الله العراق واحتواء ايران لها على ما هم عليه من عمالة وتكوين صفوي .


ظل في خاطري أمر أخير يضغط عليّ بقوة لأسجله تسجيلا عابرا وهو: متى يتوقف المنافقون والدجالون عن اتهام حزب البعث العربي الاشتراكي بالعمالة لامريكا استنادا الى تصريح يزعمون ان أحد قادة البعث قد أدلى به قبل أكثر من أربعين عاما وهم اليوم ينامون عراة تحت البطن الامريكية ويقبلون البسطال الامريكي ليل نهار ؟؟. ألا تعسا وسحقا لمن لا حياء في جبينه ولا غيرة في ضميره ولا انسانية في وجدانه وهم متاع النار في الاخرة وعبيد الشهوات في الدنيا والله غالب على أمره.



أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

aarabnation@yahoo.com





الخميس٢٦ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة