شبكة ذي قار
عـاجـل










يقول أحد العراقين المعارضين لنظامنا الوطني واصفا لقاءه هو ومجموعة من رفاقه المعارضين الذين زاروا بغداد قبيل الغزو بأيام بأنه قد قابل ضمن برنامج الزيارة الرفيق المجاهد عزة ابراهيم الدوري وطرح عليه سؤالا محددا هو: أميركا على الابواب فماذا أعددتم لمواجهتها؟ ... فجاءه الرد موضوعيا هادئا بلا تزويق ولا لف ولا دوران:

 

سيكون بوسعنا القتال لمدة لا تزيد عن شهر واحد، ولكن الحكاية ستبدأ بعدئذ وستكون فصولها معتمدة كليا على فعل الرجال.

وهناك أطراف أخرى للحديث لسنا بصددها رغم أهميتها. وما يهمنا هنا هو أن نأخذ هذه العبارة ونتعاطى معها وفقا لاستحقاقاتها من المصداقية وما تعبر عنه من أبعاد الثقة بالنفس والتخطيط المسبق لفعل العراقيين المنبثق من عقل حزب البعث العربي الاشتراكي ودولته الوطنية.

 

هذه الشهادة من رجل سياسي لا بعثي ولا قومي، بل هو يساري معروف ندعوا له بمديد العمر، توضح ان القيادة السياسية العراقية كانت تدرك تماما ان الاحتلال سيحصل لان فارق ميزان القوى يميل بشكل تام لصالح الترسانة العسكرية الكونية الاعظم والمدعومة بقوة اقتصادية هي الأعظم أيضا وبنفوذ وقدرات تأثير غير محدودة تؤطرها حقيقة القطب الدولي الواحد وما يدور في رحاه من اضافات قوة محسوبة في جانبيها العسكري والاقتصادي، فضلا عن الاطر السياسية والاعلامية. وقد تساءل كثيرون وما زالوا عن اصرار النظام الوطني العراقي على المواجهة ما دام يدرك هذه الحقائق تمام الادراك؟ وقد فات هؤلاء, طيب النية منهم أو سيئها, ان قانون المواجهة لا يحمل سوى نتيجتين لا ثالث لهما هما إما الوقوف على ثبات موقف يراه أحد الاطراف حقا مطلقا يستحق أن يُفنى من اجله ولا يمكنه العيش من دونه أو الاستسلام المذل لارادة الطرف الآخر.

 

ان لم تكن أهداف أميركا صريحة وواضحة ومعلنة بالكامل قبل الغزو فلقد تم اعلانها بالكامل الآن وعبر سنوات الاحتلال. وصار بوسع أي انسان سياسي أن يدرك ان أي رضوخ من قبل القيادة العراقية لأجندات أميركا قبل الغزو سيجعل من البعث وقيادته صنما يُرجم الى يوم الدين من قبل كل أبناء الأمتين العربية والاسلامية وكل شرفاء العالم، بل سيكون عارا يلاحقه هو ومناضليه ووصمة سوداء في تأريخه الماضي والقادم، لا يمكن تبريرها أو تبييضها بأية وسيلة كانت. وان الموقف الأصح للبعث وقيادته هو ان يتواصل بقوة وديمومة مع المواجهة حتى نهايتها، فالموت والفناء على أعتاب الشرف الوطني والقومي والديني لهو أعظم انجاز يحققه البعثيون وقيادتهم وجيشهم ودولتهم، وإن يحصل ما قدره الله سبحانه وهم يقاتلون لهو خيار لا بديل له لأن عكسه يعني خسارتهم للتاريخ وللمستقبل في آن معا مثلما يخسرون شرف الرجال وثبات الموقف الموصوف في كل زمان ومكان على انه مال الرجال الرجال والطريق الى الله سبحانه والى ثواب الدنيا والآخرة.

 

الاحتلال الى زوال .... من هنا تنطلق الارادة البعثية مجددا وهذا ما قصده الرفيق المجاهد البطل عزة الدوري في عبارته التي مهدنا بها. وقوله حماه الله من أن مرحلة ما بعد الغزو والاحتلال هي التي ستحكم النتائج وليس أيام وأسابيع المواجهة الاولى هو مربط الفرس هنا. انه يعني ببساطة ان القيادة قد أعدت لهذه المرحلة وأعتمدت على معطياتها ونتائجها أكثر مما عولت على نتائج المواجهة العسكرية النظامية بين جيش بأجنحة معطلة تماما كالقوة الجوية وقدرات محدودة بفعل خروجه من مواجهة عالمية في الكويت، ولوقوعه بعدها تحت حصار شامل حرمه من أي مستلزم من مستلزمات التطور لأربعة عشر عام تقريبا.

 

لنعود قليلا الى الوراء ونعيد قراءة عبارة شهيرة رددها القائد الخالد صدام حسين رحمه الله مفادها: ان بوسعك ان تعمي عيون التكنولوجيا بحفنة تراب!!

واذا فتحنا صفحات المقاومة الباسلة وأساليب قتالها غير النظامية والادوات التي اعتمدتها فاننا سنصل الى حقائق مهمة من بينها:

 

1- ان المقاومة قد أجهزت على آلة الغزو والاحتلال بأسلحة ومعدات بسيطة واذاقته بها مر الهزيمة وخسائر فادحة أسقطته وما زالت في كارثة سوء التقدير وعبث الركون الى القوة الغاشمة.

 

2- ان المقاومة الباسلة ما زالت تعتمد على خزين استراتيجي تم تهيئته لها قبل الغزو من المواد المتفجرة والالغام والعبوات الحارقة والاسلحة الخفيفة والمتوسطة التي لا تنفع في اسلوب المواجهة التقليدية مع قوة كونية مثل اميركا وحلفاءها غير انها أثبتت كفاءة عالية في حرب العصابات.

 

3- ان الفعل المقاوم بحجم القوة البشرية والقدرات المرتبطة بامكانات التخطيط والمناورة والتكتيكات والرؤى الاستراتيجية لا يمكن أن يكون لها أي تعريف غير كونها نتاج خطط سابقة قوامها رجال جيشنا الوطني الباسل ورجال البعث النشامى. وهذا هو معنى الوصف المتفق عليه عالميا بأنها أسرع مقاومة عرفها تاريخ الشعوب.

 

4-   ان تعدد الفصائل والجيوش هو نتيجة طبيعية لأسلوب المواجهة الذي تفرضه طبيعة المعركة وموازين القوة التي يمتلكها كل من طرفي الصراع. ولا يوجد فصيل من فصائل الجهاد البطلة، الاّ وبه قيادة للتخطيط والاشراف والتوجيه والتنفيذ من بين ضباط القوات المسلحة العراقية الوطنية بمختلف تشكيلاتها وعناوينها.

 

اذن .. هذا ما عناه القائد المجاهد البطل عزة الدوري عندما أخبر الأخ العراقي المعارض الذي زار العراق كمعارض سياسي قبيل الغزو المجرم من أن الموقف بعد الاحتلال سيعتمد على فعل الرجال. ان فعل الرجال هو الذي أسقط اميركا في محنتها الاقتصادية الكارثية.

 

وهو الذي أسقط قرابة سبعون ألف قتيل وربع مليون من جنودها ومرتزقتها جرحى حرب.

وهو الذي جعل نسبة المنتحرين بين صفوف الجيش الامريكي تصل الى أرقام قياسية غير مسبوقة.

وهو الذي أدخل قرابة 12 ألف جندي في مستشفيات المجانين والمصحات النفسية.

انه هو .. ولا شئ غيره .. من دمّر آلاف الدبابات والهمرات والناقلات والشاحنات وغيرها من تجهيزات الامريكان الغزاة وآلتهم الحربية.

انه هو من أسقط العشرات من طائرات العدو السمتية والمسيّرة.

 

فعل رجال البعث النشامى وحلفاءهم من أحرار العراق الوطنيين والقوميين والاسلاميين هو مَن جعل العالم كله وفي مقدمته دولة الغزو المجرمة تعترف بأنها تخوض في برك وأوحال العراق التي لا طريق للخروج منها الاّ بالهروب .. وقد هربت بريطانيا وكل الاسماء الكبيرة في عالم العدوان المجرم ولم تبق سوى أميركا التي لا تمتلك الآن شيئا من أمرها سوى التفكير بأقصر طرق الهرب. الهرب هو مصير أميركا التي تتداعى عسكريا وأقتصاديا وأعلاميا بعد أن فعّل رجال البعث ورفاقهم نشامى العراق مقولة سيد شهداء العصر صدام حسين في استخدام الامكانات البسيطة في تدمير ماكنة الاحتلال وظلّت قاعدة فعل الرجال التي أعلنها عقل المقاومة الراجح وشيخها الجليل عزة الدوري، وأردفها رجال التحرير بتطوير أسلحة مختلفة في أوكار العز والمجد والبطولة التي تحتضنها أرض العراق من اقصاه الى اقصاه. والله اكبر والعز الدائم والنصر المحتم لمَن أدمى جبهة الاحتلال وضرّجه بالدماء.

 

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

aarabnation@yahoo.com





الاثنين١٦ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة