شبكة ذي قار
عـاجـل










ثم ماهي الديمقراطية التي يتحدثون عنها؟هل يستطيع المواطن في الدول الرأسمالية أن يعبر عن كامل إرادته في إختياره لنوع الديمقراطية التي يريد يعيش في ظلها سواء في شكل النظام السياسي أو في تحديده للشخصيات القيادية التي تقوده,إني أرى إنه مُسَيْر أكثرمن كونه مُخَيْر في هذا الجانب,وأن وجدت حالة من التخير في بعض من جوانب حياته فهي ليست مطلقة  بل محكومة بقوة  الأقلية الرأسمالية وقدرتها على تحديد شكل الديمقراطية التي يريدها,إن حالات مصادرة حرية المواطن في هذه الدول غير مكشوفة ولكنها موجودة,فالمواطنين يتعرضون للضغط بوسائل ناعمة ومن ثم بالوسائل القاسية, وبوسائل ترغيب متعددة ووسائل الترهيب المختلفة أيضا,فالرأسمالية لا تستطيع ترك مصالحها الانانية بيد  الأغلبية من الجماهير, فلو كانت صادقة لامتنعت عن استخدام نفوذها وتركت الجماهيرأن تختار وتراقب بكل حرية أداء السلطات التنفيذية والتشريعة أيضا,لا أن تسلب الإرادة الجماهيريةأما بقوة الراسمال أو بتحكمها في مصادر القرار,وهذا عادة ًما يحصل في معظم الدول الرأسمالية والتي يتنفذ فيها قوة الرأسمال عبرإستغلاله لأقوى وأعظم مصادر الإعلام سواء المرئية أو المقرؤة أوالمسموعة في ترتيب الغايات وتجميل للمشوهين السياسيين الذين تدفع بهم هذه الهيئات المستنفذة للواجهات السياسية والذين يكونون قادرين على تمثيل مصالحهم,وفي نفس الوقت يشوهون الحقائق ويجرمون الابرياء اللذين لا يكونون طوع إرادتهم. وأيضا قدرة هذه الطبقة في شراء الأصوات والنفوذ السياسي,والتلاعب بموازين القوى لصالحها, فهي قوة كاسحة وقادرة على تقديم مرشحيهم بالشكل الذي يريدونه هم ,

 

أي أن عملية تصنيع القيادات والرئاسات وتحديدها وفق متطلبات القوى المستنفذة في المجتمع والدولة, وأيضا تقديمهم بحسب رغبات هذه القوى وحتى بالشكل الذي يريدونه وبالصفات التي يضعونها علي ممثليهم من المرشحين ويصل الأمر إلى تزييف حتى شخصيتهم و تغير حقيقتهم, في إجتهادي الشخصي إنه نوع من أنواع التزوير والتحريف في الارادات,

 

وكذلك لهذه الطبقة (الرأسمالية) القدرة على التحكم في أصدارات التشريعات وإنتاج القوانين و رسم المواقف السياسية والتي لا علاقة لها بمصلحة الأغلبية,وفي نفس الوقت تمتلك القدرة على تمريروإصدار المشاريع التي تخدم مصلحتها هي.أما الحرية الشخصية للافراد, فالمجموعة التي تصنع القرار السياسي لايتدخلون بها ويتركونها للمواطنين لأنها تعيش معهم يومياً وبتعاملون بها,و هم مقتنعون بنصيبهم من الحرية ويستخدمونها كغطاء للتعسف الذي يمارسه الراسماليون على الشعب في تحديد سياسة البلد وتصنيع القيادات والرئاسات والتي تؤمن مصالح الطبقة الرأسمالية وتكون أمينة على مصالحها الخاصة. فالسياسة الخارجية لا تأخذ حيزاً كبير في حياة المواطن الغربي,وهي موسمية بالنسبة له ,وقد تم تصميم ذلك أن يكون لها حراك في مواسم الانتخابات أو الاقتراعات ,وكذلك بالقدر الذي تتعلق بالمواقف الإنسانية وقدرة بعض المنظمات على تحريك الاحساس العام للجماهير تجاه قضية أو حدث  أو موقف يتطلب تحركاً جماهيرياً,

 

الامرالذي يشغل أكبر مساحة من إهتمام الرأي العام الغربي عموماً هو كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية وبالخصوص توفر فرص العمل وتقوية نظام التامين الاجتماعي و الصحي ,وفي أسعار السكن ,ووضع أُجور العمل ووجود نظام ضريبي مريح.وأما السياسة الخارجية فلا تأخذ حيزاً في حياتها والقابضون على الاقتصاد والمتحكمون في رسم السياسات والستراتيجيات ومحترفوا السياسة وهم المسئولون عنها في كل شئ, وقد أرتضىت كل الإطراف بهذه القسمة وبدون إتفاق أو عقد لكن مسار الحياة في الغرب جعلت الأمور تسير هكذا.فالعموم يهمه ما يريد تحقيقه وخاصة في الجانب الشخصي ويفعل ما يريد ويتصرف يالشكل الذي يرتاح له ويسلك سلوكاً تسيبياً ومنحلاً وبدون أي التزام بمقاييس أو تحديدات أخلاقية,فكل شئ يكون صحيح  ومضموناً كلما كان بعيداًعن ما يخططله السياسيون , وتاركين سياسةالبلد وتحديد علاقاته للطبقة المتنفذة والمختصين بالسياسة.والكل مرتاحون يهذا الوضع. فلا مقاييس تحدد تسيب( لأنه لايحق لي أن أُسميها حرية بل هي حرية ناقصة في أحسن الاحوال) الإنسان في هذه المجتمعات فالإنسان يشجعونه على الانحدار من السلم الاخلاقي تحت يافطة يطلقون عليها بالحرية الشخصية .

 

وإذا ما رغبنا بالحديث عن المجتمع الحر وسمات هذا المجتمع ,فلابد إن يكون المدخل له الديمقراطية والتي تعني أولاً حكم الشعب لنفسه بصورة منفردة من خلال حق الملكية الخاصة والحقوق والواجبات المدنية ( الحريات والمسؤوليات الفردية ) وهو ما يعني توزيع السلطات من القمة إلى الأفراد المواطنين ، والسيادة بالفعل في المجتمع الحر هي للشعب ومنه تنتقل للحكومة وليس العكس,وهذا الأمرفي الغرب قد يكون متحقق في الجزء الخاص بالملكية الخاصة والحقوق و الواجبات المدنية للاشخاص وهي أيضا معرضة للتعليق بالعمل بهاا في حالة تعرض أي من البلدان الرأسمالية لحالة من الطوارئ وكما حدث في أمريكا بعد هجمات 11 أيلول وفي بريطانيا بعد الهجمات على قطارات المترو,أي إنها حقوق مرتبطة بتقدير الحكام و المتنفذون في السلطة.

 

أن الطيقات الرأسمالية وبتوجيه من الصهيونية يكونون قد نجحوا في قيادة هذه المجتمعات المخدرة ليس بالممنوعات بل بالشعارات والتشريعات الخاصة بالرية الشخصية,وبذلك يفقدون الفرد والمجتمع لشخصيتهم الإنسانية,بجعله يدور حول نفسه فقط, و يهيئون هذا الإنسان على أن يقبل الدولة المنحطة وكذلك قوانينها,ومن خلال هذا الانحطاط يستطيع أن يدعي لنفسه الحرية المطلقة، ويعطي نفسه الحق في التخلي أو في رفض كل القيود الأخلاقية، وبالمثل فإن دولة( الحرية) يمكن أن تفقد شخصيتها وتتعامل مع المجتمع الدولي بنفس السياق عينه وبدون ضوابط أخلاقية,ألم تكذب حكومة بوش الأمريكية السابقة وحكومةبلير البريطانية بشأن الأسباب الحقيقية لغزو العراق.فأن كان هذين المجرمين وزبانيتهم يعرفون أن مجتمعاتهما وقوانينهما لاترضى بالكذب وتحاسب الكذابون,لما تجرأ هذين المجرمان اللذين بكذبهما دمرا بلد وشعب والحقوا خسارة كبيرة مادية أو معنوية لشعبيهما.إنهما يعرفان تماماً أية عقلية أمامهما و أي قوانين سيقفون أمامهما ولايمكن أن تتعدى إدانتهما عن حدود  بعض الصحف  والفضائيات ولغايات إعلامية ايظاً.

 

و النموذج الأخر للتسلط باسم الديمقراطية يكون باستخدام بقوة السلطة وهذا النموذج مشاع في الدول الغير الليبرالية من استخدام قوة السلطة و نفوذ السلطة الحاكمة في التأثير على العملية الديمقراطية,سواء بإستخدام قوة السلطة في التزوير والتهديد بالقتل أو في التلاعب بتشكيل المجالس التشريعية أو حتى استخدام المال العام لشراء الذمم والضمائر,وقوة السلطة هذه أما متأتية من انقلاب عسكري ضد إرادة الجماهير كما هو حال بعض الأنظمة الاوليغارشية العسكرية المدعومة من الامبريالية العالمية,أوبسرقة ثورة الشعب وتسلط طبقة عسكرية أو دينية كما هو الحال في إيران, أوبدعم من قوة احتلال وكما هو حاصل في عراق اليوم .ولكن شرعية هذه الممارسات بحسب القوانين الدولية تبقى مرتبطة برضي الدول الكبرى ,فإن كان النظام يخدم مصالح الدول الكبرى تكون هذه ألأساليب هي جزء من الدفاع عن الديمقراطية و حقوق الإنسان ومقاومة الإرهاب ولا يمكن تجريمها,و إذا كان النظام معارضاً لسياسات الدول الكبرى فإن الكون سيقوم ولا يقعد وتعتبر نفس هذه الأساليب هي أساليب إبادة جماعية وديكتاتورية ظالمة ونظام إرهابي يهدد أمن المنطقة والعالم.

 

وخلاصة القول أن الديمقراطية في عالمنا اليوم تتمتع بمطاطية غريبة ولست أُبالغ في وصفي هذا لها, ولكن دعونا ننظر وبعين الإنصاف الحر لما أقترفه الكيان الصهيوني ضد قافلة الحرية البحرية والتي كانت تحمل مواد غذائية و طبية لأهلنا المحاصرون في غزة,وهل يوجد من يمتلك نصف ضمير حي يقول أن هذا الكيان ديمقراطي حينما هاجم بأسلحة قاتلة مجموعة بشرية مسالمة تحمل التعاضد الإنساني مع شعب غزة  المحاصر,وبالمناسبة أكثر الديمقراطيات في الغرب تعتبره ديمقراطياً لمجرد تجرى فيه انتخابات عن طريق الاقتراع!!وهو في نفس الوقت يقتل ويهدد ويغتال ويحاصر ويدمر بني تحتية ويعتدي على جيرانه ويكتسح أراضيهم ويستولي عليها,ويعتدي على أماكن مقدسة و يدنسها ويكذب ويحسبونه نظاماً ديمقراطياً ..إن هذه الفلسفة أو المبادئ تشويهٌ وتقزيمُ للديمقراطية حتى نحصرها في صندوق الانتخابات ونعتبر الصندوق هو الرمز الحقيقي للديمقراطية ،.. أي مفارقة هذه في ديمقراطية اليوم..إنها ديمقراطية الأقوياء اللذين يمتلكون القوة و ديكتاتورية الإرهاب للضعفاء اللذين لا يمتلكون قوة السلاح..أليست هذه تداخلات في المفاهيم ويحتاج العالم كله للفرز بينها...

 

إن نظام الحكم(الديمقراطية) لا يمكن أن يحكم عليه إلا من خلال مسيرة المجتمع والدولة معا ( الشعب والحكومة ومؤسساتها), بحيث يمكن أن تتشكل حكومة تحمل سمات الديمقراطية في تعدديتها ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الدولة تسير على النهج الديمقراطيً بإعتبارهاأي الحكومة تمثل وتظم أكثر ممثلي الشعب , إن الحكم على دولة بالقول أنها ديمقراطية يكون من خلال نقاط واضحة وأساسية هو امتلاكها للأسس والقواعدالقانونيةًالتي تتيح فصل حقيقي بين السلطات الثلاثة(التشريعية والتنفيذية والقضائية) ، ويضمن حكم القانون ودستورية أية إجرائية تعاملية ما بين القانون والسلطة  أي تحقيق للعدالة، والذي يعني أن يكون لسلطة القيادات ومؤسسات الحكم حدود، وأن يكون فرض هذه الحدود ممكناً من خلال إجراءات قائمة ، بحيث يستطيع المجتمع من خلال مؤسسات القضاء المستقل محاكمة كل من يسمح لنفسه الاعتداء والإضرار بمصلحة المجتمع والمواطن ومهما كان موقعه في السلطات الثلاثة .وأيضا تحتاج الدولة  لاستكمال الديمقراطية فيها إلى وجود مجموعة تختص في صناعة القرارات السياسية والمصيرية وأن تكون هذه المجموعة  أو التشكيلة أو النخبة مؤلفة من عناصر بالغة وناضجة سياسياً ومشهود لها بالحيادية في موضوع التنافس من أجل السلطة وتعمل وفق شكل من أشكال المشاركة الجماعية ويكون عملها استشاريا في كل أنواع الحكومات المنتخبة ولا يجب أن تخترقها أية إستثنائات متعلقة بالانتماء السياسي أو العرقي والطائفي وهي تعمل فقط لصناعة القرار,وتكون مُرَشَحْة عن الخبرات  الوطنية الحقيقية ويشترط فقط فيها عدم إرتباطها بأية أجندة أجنبية ألا ما يتعلق بمصلحة الوطن فقط.وهذه النخبة تنتخب بعيداً عن أية محاصة سياسية أو اجتماعية أو دينية..

 

 





الاثنين١٦ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة