شبكة ذي قار
عـاجـل










كدنا أن نصدق .. لكثرة ما قالوا وكتبوا وبثوا من بيانات ومقالات ومقابلات وتصريحات، تصرخ كلها في نتيجتها النهائية وتتكثف, تاركة خلف هذا التكثيف أطنانا من الورق, بأنهم جاءوا من أجلنا نحن شيعة الجنوب خصوصا وشيعة العراق عموما .. جاءوا غزاة بكل ترسانة السلاح الامريكية وجلبوا معهم من جلبوهم من أدلاء الغزو من العرب والعجم .. جاءوا بقرارات اشتغلوا عليها عشرات السنوات وأنفقوا لتنفيذها بليارات الدولارات وأباحوا من أجلها أنهارا من الدم العراقي الطهور واستعدوا لخسارة عشرات الآلاف من رجالهم ومرتزقتهم من أجل سواد عيون الشيعة ولرفع الحيف التأريخي الذي وقع عليهم وعلى أهل بيتهم ... قالوا لنا انهم جاءوا ليثأروا لإمامنا علي لأننا غدرنا به وسلبناه حقوقه، وليثأروا لإمامنا الحسين بن علي الذي خدعناه وجلبناه برسائلنا ومراسيلنا الى ساحة قتل مكشوفة، تركناه فيها لوحده وكأنه ليس ابن بنت نبينا وكأنه ليس ابن صاحب سيف ذي الفقار وداحي باب خيبر وفاطر هامة عمر بن ود العامري .. جاءوا ليثأروا لضلع الزهراء الذي قيل اننا قبلنا أن يُكسر أمام نواظرنا دونما رد فعل يُذكر، لا منا نحن ولا من بعلها البطل الاسطوري علي بن ابي طالب!! يا للعجب,, وليُجبروا خواطر نساءنا المسبيات, زينب بنت علي وسكينة بنت الحسين, من كربلاء الى الشام يرافقهم رأس إمامنا المقطوع بسيوف غدرنا وخديعتنا ونذالة فعلنا. نحن قُمنا بكل هذا الظلم وهم كانوا حينها مواطنين لندنيين أو أمريكان أو من أهل مشهد وقم.

 

جاءوا بالمارينز والشركات الأمنية وجيوش المرتزقة ليعدّلوا ميزان اسلامنا المعوج ويُعيدوا لنا حقوقنا المهضومة واستحقاقاتنا المسلوبة. وكدنا جميعنا أو بعضنا أن نصدق !!

 

ولولا اننا صدقنا, كلنا أو بعضنا, ادعاءاتهم الكاذبة السمجة لما سمحنا لدباباتهم ورجالهم المعمدين بألواح اليهودية والنصرانية وأحقاد التاريخ أن تدنس وتلوث أرض مقدساتنا في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية وبابل وذي قار وميسان وكركوك والسليمانية والدجيل. ولما أعطيناهم حق التجوال في أسواق النجف وكربلاء ولما سمحنا لبعض أطفالنا أن يُظهروا لهم سنا يبتسم او شفاها تضحك.

 

صدقناهم كلا أو جزءا، اننا ملّة لها استحقاقات لا تشبه استحقاقات الملل الاخرى، وان استحقاقاتنا قد أخذتها الملل الاخرى ونحن كنا  لمئات خلت من السنين محض حمّالة الحطب!!

 

لذلك سكت معظمنا سبع سنوات حتى ظنّ العالم كله اننا فعلا صدّقناهم أو انهم لم يكونوا كذّابين ودجّالين ومنافقين وأولاد زنا وقوادين وسماسرة، بل كانوا أقرب الى الصدق و الصديقين والصادقين.

 

مالذي جرى وحصل لننطلق الآن في تظاهراتنا العارمة المعمّدة بدم الشهداء والجرحى .. أي ظلم هذا الذي دفعنا الى الدفع فجأة هكذا بصمت السنوات العجاف ليس لنصرخ فقط، بل لنعود الى بطولتنا وفحولتنا وإرث اقدامنا المشهود؟ هل تبيّن لنا انهم كذّابون أم تبيّن لنا اننا كنا مساكين مخدوعين بوهن تقديراتنا فانتفضنا لنُعيد لأنفسنا الكرامة وعزة النفس، ولنثار لشرف أخواتنا وامهاتنا مثلما نثار لشرف عراقنا الذي دنسوه؟

 

ربما هذا كله ... وربما أكثر منه بكثير ..... بل يقينا ان مَن خُدع منّا بمظلومية الشيعة قد وجد نفسه تحت جلبابهم وعمائمهم بلا أي معنى للحياة، وان الظلم الذي يتحدثون عنه لهوَ أرحم بكثير من ظلمهم ولا اخلاقيتهم  وسقوطهم في كل الفعاليات التي يمكن أن تسمَ المخلوقات بانها ليست آدمية.

 

لقد عرفنا الآن يقينا انهم جعلونا حمّالة الحطب ولم نكن قبل مجيئهم الاّ شركاء حقيقيين وقادة في جحافل صف قيادة العراق الاول .. لم نكن أبدا حمّالة الحطب كما أرادوا ان يصوروا لنا أو يوهموا غالبيتنا ...

 

هم من جعلونا حمّالة الحطب .. في جيدها حبل من مسد.

هم مَن يدّعي انه أنفق 17 مليار دولار على قطاع الكهرباء في حين اننا نعيش بلا كهرباء، في حين ان نظام البعث قد أعاد الكهرباء التي دمرها اسيادهم الامريكان، بالدينار العراقي وبأيادي عراقية خالصة وبزمن لا يتعدى ستة اشهر. اذن هم من حولونا الى حمّالة الحطب.

 

أول فعل قبيح اخترقوا فيه حجابنا الحاجز هو حين قالوا ان منكم بضعة ملايين لا يستحقون الحياة لانهم بعثيّون .. وسمحنا لهم ان يذبحوا أولادنا وأخوتنا وآباءنا وأعمامنا واولاد عمنا ممن كانوا يتحزمون بحزام حماية العراق وحمايتنا، لانهم بعثيون قالوا لنا انهم خونة المذهب. واكتفينا بنزع العقال والامتناع عن اقامة مراسيم الفاتحة لكي نتظاهر بان للعشيرة ثأر سيأتي يومه ..

 

ثم تيّقنا بعد سبع عجاف ان البعث والبعثيين هم حراس الوطن الأمناء وان ما ينسب لهم وما ارتكبوه فعلا من اخطاء في خمس وثلاثين عاما واجهوا خلالها الهول تلو الهول إن هو الاّ رموز ملائكية في سوح الاجرام التي مارسوها ضدنا بعد ان غزو بلدنا واسقطوا تجربة البعث المجيدة المعطاء البنّاءة الثائرة المثمرة المنتجة.

 

واخترقونا ثانيا حين أجبرونا جزئيا على القبول بان العملاء ليسوا عملاء وان الخونة ليسوا خونة وان أدلاء الغزو أهل قضية !!!.. وسحبونا الى انتخابات وحراك مرضي مليئ بالعفن والنتانة التي اصابت وطنيتنا في مقتل أسموه ديمقراطية ..

 

ووصلنا الى مليون دليل ودليل خلال سبع من سنوات الجماد والصخر الأصم الأبكم اننا قد أخطانا, كلا وجزءا, في التجاهل وغض الطرف عن جرائمهم السابقة واللاحقة وان كل قضيتهم التي اوهمونا بها هي تحقيق منافع فئوية ضيقة دمرتنا ودمرت وطننا وأخرى شخصية بعد أن حولوا بلدنا الغني الى بيت يُنهب ليل نهار وحارة تفوح منها روائح العفن الفاسد.

 

هم مَن حرمنا من أبسط حقوقنا واستحقاقاتنا من العيش الكريم والخدمات البلدية والتربوية والصحية في أبسط مكوناتها. بل هم مَن حول خدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم الى حبال من مسد تقطع أوصال رقابنا وأذلونا أبشع صور الاذلال ونحن نلهث وراءهم ليعدّلوا أحوالنا التي دمروها بعد أن دمروا دولتنا الوطنية وبلدنا الحبيب.

 

لقد استخدمونا نحن ابناء الجنوب ابشع استغلال .. استخدمونا اوراقا انتخابية مزورة .. و استخدمونا مسيرات لطم وتطبير منافقة لا ترى في الحسين الثائر العظيم غير مسلك يوصلهم الى كراسي البرلمان المجوف وكراسي الحكومة التي لا سلطة في مقاعدها غير سلطة القتل واللصوصية والسرقة المفضوحة. لقد حولونا الى واجهات سوداء ملطخة بأرذل أنواع العار يحتمون خلفنا ونحن لا شئ، لا شئ على الاطلاق سوى اننا حمّالة الحطب.

 

لهذا .. ولغيره الكثير .. عُدنا الى جوهرنا العراقي العروبي الاصيل وانتفضنا ..عدنا الى مربط الفرس الذي حاولوا جاهدين ان يجعلونا النار التي تأكل اوتاده فنجلد ذاتنا ونلعن انتماءنا ونشوه تاريخنا ونسخّم سمعتنا,, عدنا ابناءا بررة لثورة العشرين وللقادسية ونمد بأعناقنا الى ذي قار والقادسية الاولى ووقائع غيرها ما غادرت دواوين حكاياتنا ولا نزلت عن وفر او شعر عقالنا حتى لو كنا قد حاولنا ان نصدق ما خدعونا به وكنّا ندرك يقينا انه خديعة. عدنا لا نهاب الردى ونحمل نعشا للكهرباء ونحن نقصد به نعش وطنيتنا المعتدى عليها وانسانيتنا التي أسقطوها في الحضيض. نرى في نعش الكهرباء رمزا لوطن يجندله الفرس والصهاينة أمام نواظرنا ونحن نقع بين افخاذهم فرائس لسذاجة صدقت او مرونة لعبت في غير موضعها ونتركه يرفس صارخا اين رجال العشرين والقادسية فلقد زلزلت الارض زلزالها وما عاد في مدار الصبر من دورة ولم يعد هناك من بُد الاّ أن نثور.

 

مباركة ثورة الجنوب التي طال انتظارها. مبارك زخم التواصل بين رجال البصرة والنجف وكربلاء. وعلى الرجال ان يديموا زخم الشرارة ويوسعوا دوائر اشتعالها. لتبدأ ثورة التحرير الكبرى من جناح العراق الآخر وتطبق مع الساحات العراقية التي سبقتها بالاشتعال وانارت سماء الوطن بشرف المقاومة الباسلة ونتائجها الاسطورية التي أدارت عجلات حركة العالم.

 

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

aarabnation@yahoo.com





الاربعاء١١ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة