شبكة ذي قار
عـاجـل










لو لم يكن الدستور الذي تم سلقه على عجل في موقد أمريكي وعلى نار إيرانية ، قد نص على وجوب انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب خلال مدة لا تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات ، ما كان مقدرا للبرلمان أن يلتأم حتى ينتهي المالكي من آخر ما في جيبه وجيوب مستشاريه من أفكار وخدع لتعطيل نتائج الانتخابات التي قالوا عنها إنها عرس الديمقراطية البنفسجية ، ولكنهم حينما فاتتهم وليمة تشكيل الحكومة طفقوا يخططون للالتفاف على نتائج العرس الذي أنفقوا عليه كل ما في خزينة الدولة من مال عام ، وحفل قاموس المطبات الصناعية بكل جديد من مبتكرات خبراء تلفيق الشهادات الدراسية ، لمنع السيل من أن يجرفهم في أول دفقة له ، فدفعوا إلى قبة البرلمان أقل الخاسرين أصواتا بموجب قاعدة المقاعد التعويضية ، والتي رسمت على مسار التقنيات المعتادة والخاطئة لإدارة العملية الانتخابية ، وظن بعض ذوي النوايا الحسنة أن االخلل الواضح في القوانين التي صدرت منذ عهد حاكم العراق الأمريكي بول بريمر ، كان يمكن أن تخضع لبعض التحسينات الشكلية وتعطيهم الحجة لمجادلة الخصوم بوجاهة ما يطرحون من أفكار ، ولكن شيئا من هذا لم يتحقق وتركت النهايات السائبة على حالها في تشريعات البرلمان أو حجبت عنه زاوية النظر إليها بفعل سطوة السلطة التنفيذية وتحكمها بمغاليق مراكز صنع القرار ، وإلا هل يجوز أن تترك عملية اختيار من له الحق في إشغال المقاعد التعويضية دون تحديد قاطع ، بأنه يجب أن يكون صاحب أعلى الأصوات بين الخاسرين ، كي لا يلعب مزاج المناورات السياسية وشراء المؤازرين استنادا إلى ارتياح شخصي مؤقت كما حصل مع العديد من ذوي الألسنة الطويلة والأذرع القصيرة ، وليزيحوا من الواجهة من هو أكثر منهم أصواتا إذا كانت صناديق الاقتراع هي مقياس الحكم على المشتغلين في العملية السياسية ؟


جلسة البرلمان قيل بأنها ستبقى مفتوحة حتى يصار إلى التوصل لاتفاقات أو توافقات تحت مناضد صنعت من خشب إيراني وبيد نجار أمريكي ، وعلى الرغم من أن ثلاثة أشهر لم تتمكن من أن تنضج الطبخة الجديدة ، فإن ثلاثة أشهر ستؤكد أن المواقف سيعاد طرحها بكلمات وجمل جديدة دون أن يتغير من مضمونها شيء على الإطلاق ، فالعقدة تتركز في منصب رئيس الوزراء الذي يصر المالكي على الاحتفاظ به مهما كان موقف الآخرين من ذلك ، على حين يصر خصوم المالكي من حلفاء الأمس أو الذين لم تتغير مواقفهم حتى الآن ، على رفض منح هذه الوجاهة لشخص أثبت فشله بجدارة يحسد عليها ، وربما كانت هذه هي جدارته الوحيدة ، حتى إذا استعانوا بالشيطان ، وبين شيطان الرغبة في المنصب وغواية مغانمه ، وشيطان الصد عنه من طرف قوى لا تطيق تجربة المجرب مرة اخرى ، تدور عجلة الانتخابات في مكانها على الرغم من الزيارات الكثيرة التي قام بها مسؤولون أمريكيون إلى حلفاء لم يتمكنوا من البرهنة على جدارة المراهنة عليهم ، أما الحديث عن برامج سياسية ملزمة للحكومة فلم يعد يخطر ببال أحد أن يطرحه ولو من باب المزاودة على الآخرين .


جلسة برلمان 2010 التي وصفت بأنها مفتوحة ، ستبقى كذلك إلى أن يأذن أحد بإغلاقها قبل أن تصاب بأمراض ملامسة الهواء الطلق لجهات تعودت أن تطبخ أكلاتها في قاعات معتمة وملوثة .


كل هذه الإطالة تصب في خدمة المزاج القلق هذه الأيام لنوري المالكي ، لأن كل يوم يمر عليه في كرسي رئاسة الحكومة يرفع من ضغط الدم السياسي الذي عاني منه مع أول إشارة بإخفاقه بالانتخابات ، فهو يحلم وهذا من حقه ، ولكن حينما يكون حلمه حادلة تسحق أحلام الآخرين فيجب البحث عمن يمتلك القدرة على إيقاظه من حلم عدواني فيه الكثير من الرعب والدم .





الاربعاء١١ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نزار السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة