شبكة ذي قار
عـاجـل










تدقّ إيران الطبول، في هذا الوقت، لترويج ادعاءاتها بأن العراق هو من بدأ الحرب عليها في العام ,1980 مما يعني تحميله مسؤولية هذه الحرب التي دامت ثمانية أعوام، في محاولة لابتزازه وجعله يدفع تعويضات بأرقام فلكية لها.


ونحن الذين قاسينا مآسي تلك الحرب اللعينة، واكتوينا بنيرانها مازلنا أحياء نرزق وقد طالتنا الحرب بفواجعها كلها، وكنا شهوداً عليها، ومازالت ذاكرتنا حية لم يصبها عطب..


وتصعيد هذه النغمة في هذا الوقت بالذات، هو جزء من مخطط كبير، يستهدف العراق الجريح المبتلى باحتلال مركب أمريكي - إيراني، فإيران التي لم تجد فرصتها في إيذاء العراق بعد انتصاره عليها عسكرياً إلا بعد احتلاله، لعبت أدواراً انتقامية عدة في تعقيد المشهد العراقي ما بعد الاحتلال، وتدمير منجزات شعب العراق، وإطلاق العصابات الطائفية، وإسناد الميليشيات التابعة لها لتنفيذ أجندتها عبر تصفيات استهدفت بالدرجة الأولى ضباط الجيش العراقي وطياريه وعلماء العراق وصحافييه ومثقفيه، وأخيراً وليس آخراً تحميله مسؤولية الحرب ومطالبته بدفع تعويضات كبيرة جداً، والأولى أن يطالب العراق إيران بدفع تعويضات له بسبب عدواناتها المستمرة منذ نهاية السبعينيات وحتى يومنا هذا.


أذكر أني كنت في العام 1979 أعمل في جريدة اليرموك الناطقة بلسان وزارة الدفاع العراقية، عندما بدأت إيران تطلق نظريتها (تصدير الثورة) وأن (تحرير القدس يمر من كربلاء) ثم بدأت تحرشاتها بالعراق، جواً وبراً، وقد تحولت من وقتها إلى مراسل حربي أتابع ميدانياً آثار تلك العدوانات، فقد اخترقت الطائرات الحربية الإيرانية الأجواء العراقية (249) مرة منذ نوفمبر عام 1979 ولغاية سبتمبر ,1980 إضافة إلى الاعتداء على (3) طائرات مدنية عراقية، وإجبار إحدى الطائرات بالهبوط داخل الأراضي الإيرانية بعد محاصرتها بالطائرات الحربية الإيرانية، ثم اعتدت إيران منذ يونيو عام 1979 ولغاية سبتمبر 1980 على أهداف مدنية داخل العراق (244) مرة، واعتدت على القنصلية العراقية في منطقة المحمرة أربع مرات بتاريخ 11 و26 أكتوبر و1 و7 نوفمبر عام ,1979 وطردت موظفيها واحتلتها خلافاً لجميع الأصول والأعراف الدبلوماسية.


وتصاعدت وتيرة التحرشات والاعتداءات الإيرانية في يناير عام 1980 فقصفت منشآت بترولية واقتصادية عراقية 7 مرات، ثم دخلت هذه الاعتداءات إلى قلب بغداد في الأول من أبريل ,1980 بالتفجيرات التي شهدتها الجامعة المستنصرية، والتي استشهد فيها العديد من الطلبة وأصيب قياديون عراقيون، واستكملت هذه التفجيرات بإلقاء القنابل اليدوية من داخل مدرسة إيرانية في بغداد على مسيرة تشييع الطلبة الذين استشهدوا في جريمة تفجيرات الجامعة المستنصرية.


كان العراق يكظم غيظه وغضبه ويتوسل بالطرق الدبلوماسية تارةً وبالشكوى من التصرفات الإيرانية لدى الأمم المتحدة والجامعة العربية، مما زاد استهتار إيران التي ظنت أن العراق ضعيف عن الرد، ففتحت في 31 يوليو 1980 نيران مدفعيتها الثقيلة على منطقة جوار كلاو ومخفر عبدالرحمن الداخل وعلى منشآت النفط خانة ومخفر الغافقي، وفي 4 أغسطس 1980 فتحت نيران مدفعيتها الثقيلة على مخافر رمضان والوند وعتبة بن غزوان الحدودية، إضافة إلى مخفر الحسين القديم وحي الشرطة في منطقة المنذرية ومنطقة جوار كلاو ومخفر بدر وعلى القطعات الحدودية العراقية في باوية، وفي 6 أغسطس 1980 قصفت مخفر حذيفة الحدودي بالمدفعية الثقيلة والهاونات، وفي 11 أغسطس 1980 قامت بفتح نيران مدفعيتها الثقيلة على مخفري الغافقي وزين القوس، وصاحب ذلك توغل الطائرات الحربية الإيرانية داخل الأراضي العراقية، ثم منذ 4 سبتمبر ولغاية 22 منه عام 1980 واصلت إيران قصفها للمدن العراقية الحدودية بالمدفعية الثقيلة والهاونات، ليطال القصف مدن خانقين ومندلي وزرباطية ومصفى الوند، واحتلت مناطق زين القوس وسيف سعد، وهي أراض اعترفت الحكومة الإيرانية بعائديتها العراقية في ''اتفاقية الجزائر'' عام ,1975 ومنها جرى قصف مناطق مدن العراق بالمدفعية الثقيلة. وتطوّر العدوان ليشمل حقول النفط في محافظة البصرة ومركز محافظة البصرة، كما أغلقت إيران شط العرب واستخدمت سلاح الطيران في شن الغارات الجوية وضرب قطعات الجيش العراقي داخل الحدود العراقية، وأبرزها قضية الطيار الإيراني (لشكري) الذي تم أسره بعد أن أسقطت قوات الدفاع الجوي العراقية طائرته داخل العراق أثناء قيامه بغارة جوية على القطعات العسكرية العراقية في 4 سبتمبر 1980 وأطلق سراحه بعد انتهاء الحرب.


في ذلك الوقت ألقت القوات العراقية القبض على عدد كبير من ضباط المخابرات الإيرانية الذين تسللوا إلى العراق في ذلك الوقت بقصد التخريب.


وكل هذا مثبت وموثق بـ(293) مذكرة خطية وجهتها وزارة الخارجية العراقية إلى السفارة الإيرانية في بغداد آنذاك، ومسجّلة بـ(260) مذكرة رسمية وجّهت إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إضافة إلى إرسال العراق ثلاثة وفود رسمية إلى إيران ليطالبها بوقف اعتداءاتها وتدخلاتها غير المشروعة في شؤونه الداخلية، إلا أن إيران استمرت بعدوانها، وزادت توهماً بأن العراق ضعيف بعدم ردّه على اعتداءاتها، وبمواصلته السعي لنزع فتيل الصراع، حتى 22 سبتمبر عام ,1980 حين رد عليها رداً ألجمها.


وطوال ثمان سنين من الحرب كنت أتنقل ميدانياً في جبهات القتال من الفاو إلى جبل حاج عمران في شمال العراق، كان خلالها العراق قد وافق على قرارات دولية عدة، وهي القرارات (514) في 12 يوليو ,1982 و(522) في 4 أكتوبر ,1982 و(552) في 1 يونيو ,1984 و(582) في 24 فبراير ,1986 و(588) في 8 أكتوبر ,1986 و(598) في 20 يوليو..1987 وهذه القرارات ملزمة للطرفين، إلا أن إيران رفضتها جميعاً لغاية 8 أغسطس ,1988 لذا فإن إيران هي المسؤولة قانوناً عن بدء الحرب واستمرارها طيلة هذه المدة، فمن يعوض من؟.





الاثنين٠٩ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة