شبكة ذي قار
عـاجـل










أمام ما تتعرض له أمتنا العربية من خطر لاقتلاع وجودها في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة ، التي بلغت فيها أمتنا من التشتت والضياع ، والتمزق والصراعات والاحتلالات مبلغاً لا سابقة له ، لواقع الأمة العربية ومستقبلها  تنطلق من قضايا وثيقة الصلة بتاريخ الأمة وتراكمها الحضاري وتطلعاتها القومية التي يجب أن تقوم على الوعي ، والمواطنة والديمقراطية وتنوع الحريات وقيام الدولة العصرية ومواكبة التطور العالمي ، بما يمكننا من المشاركة في صناعة التاريخ  لابد من الوقوف امام المعضلات التي تطرح أهمية تجديد الفكر القومي ، حيث تبيّن أنه لا وجود لمسلّمات ويقينيات فكرية أزلية والماورائيه التي هيمنت على الكثير من الافكار التي طرحت على الارض العربيه كطريق الخلاص وإن كثيراً ممّا يصنف في إطار البدهيات يخضع للتغيّر والتبدّل والمراجعة وإعادة النظر في سياق صيرورة متدرجة تستوجب عقد عشرات حلقات البحث والمناقشات والحوار والمؤتمرات والندوات العلمية، التي تخصّص لتطوير عناصر ومكوّنات الفكر القومي وتجديد مفاهيمه وأطروحاته ومقارباته، التي مضى على ظهورها عقودٌ طويلة، وهي تصطدم اليوم بأسئلة وإشكاليات من نوع مختلف نتج عن متغيرات موضوعية جديدة ومستجدة. ومنها: مسألة الهوية بين الثبات والتغيّر، وإعادة تحديد معنى الهوية في الوعي القومي الربي، أو استيلاد مفهوم جديد لها، في ضوء السياسة والمصالح الملموسة بعيداً عن دهاليز الأنثروبولوجيا الثقافية والرؤية الأرسطية السكونية.‏


وثمة أسئلة اخرى نطرح لغرض الخلاص من الحاله السائدة  هل العرب بأنسابهم وموروثهم القبلي العشائري يتمكنون من الحصول على مايهدفون ؟ وهل هذا مفهوم  قابل أم غير قابل للنقاش ؟ وهل العرب عرب اللغة والثقافة فقط وهل ذلك يكفي للوصول الى الاهداف المرجوة ؟ وهل العرب عرباً لكيانهم الجغرافي السياسي الذي يعيشون فيه ؟ وأين موقع مسألة الوحدة العربية وبناء الدولة القومية وفق المشروع القومي  النهضوي وفي تجديد الفكر القومي ؟ وهل حاجتنا إلى الوحدة العربية مستمدة من هويتنا أي من أننا عربٌ لنا تاريخٌ وثقافة ولغة وأمّة وحدّها الإسلام وجزّأتها الغزوات الأجنبية ، أم من حاجة مستمدّة من ضغوط الحاضر وتحديات المستقبل والمصير؟!‏ ، في هذا الإطار كان البعث الخالد السباق والمتميز في تحليل الواقع العربي التحليل العلمي الواقعي ومؤكدا" على ضرورة اهتمام الفكر القومي بدراسة خصوصيات الجماعات الإثنية والأقليات الموجودة في نسيج المجتمع العربي  بشكل منهجي مؤسسّاتي والعمل على تفهم مخاوفها وهواجسها وإزالة أسباب قلقها وطرح الحلول والبدائل الواقعة والعملية لاندماجها الطبيعي الفعّال في مجتمعاتها وبيئاتها المحيطة، في سياق ديمقراطي منفتح يراعي حقوق الإنسان ويحفظ هذه الجماعات خصوصياتها القومية والثقافية والدينية  ، فتناول دستور الحزب تعريف العربي بما يعزز ذلك الفهم والنظرة الانسانية ، والتعامل مع القضية الكردية في العراق وحلها حللا سلميا وديمقراطيا" بموجب بيان  الحادي عشر من أذار 1970 أكد النظرة الانسانية التي يوجبها البعث في موضوع التعامل مع من تشارك مع العرب في بناء المجتمع ودافع عن  التراب الوطني القومي لانهم يشكلون الشراكة الانسانية  التي لابد من اعتمادها وكانت لقرارات المؤتمرات القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الرد العلمي والميداني والمنطقي على كل  الاتهامات و الدجل الذي مارسه ويمارسه دعاة الفكر اللاانساني الشعوبي الشوفيني


أما الإشكالية المحورية الأخرى فهي تحدّي الانتقال من الدولة القطرية إلى دولة الأمة ، والمحاولات التراجعية للتقهقر من الدولة القطرية إلى ما دونها وما قبلها من تكوينات طائفية أو مذهبية أو قبلية أو عشائرية ، تحت تأثير قوى التدخل الخارجي وبدفع علني وسافر لتفتيت الكيانات العربية القائمة على الرغم من هشاشتها الكبيرة وضعفها وافتقاد جزء منها لمقومات الدولة المستقلة بالمعنى المعروف لهذا الاصطلاح ، وما رسخه المجرم بريمر بقانون ادارة الدولة  بعد الغزو والاحتلال الامريكي للعراق وما نص عليه  الدستور الذي يدعونه من حيث اعطاء احقية تكوين الاقاليم والفدراليات بتكويناتها الاثنية والمذهبية  الطائفية لهو عين ما اشرنا اليه لتفتيت الكيان العربي بتقسيم المقسم ، ولابد من التأكيد على حقيقة أفرزها الغزو والاحتلال عام 2003  ومن تفاعل معه وتعامل مع افرازاته  وهي  أن السلطة تختلف تماماً وجذرياً عن مفهوم الدولة ، فليست كل سلطة تشكّل بنية دولة ، بدءاً من موضوعة الشرعية ، وانتهاءً بعناصرها ومؤسساتها ودستورها وقوانينها ، ومن تخدم وما هي وظيفتها العملية والواقعية ، ومدى سيادتها الفعلية على مواردها وثرواتها وقراراتها ، وعلاقاتها العربية والإقليمية والدولية ، وكل هذه العناصر نجدها مفقودة  كليا او جزئيا في حكومات الاحتلال الاربعة العراقية التي افرزها الاحتلال  فليست هناك دوله بالمفهوم القانوني والسياسي  بل مجموعة متسلطه  من خلال ما تمتلكه من مليشيات واستثمار للقدرات والامكانات  التي وفرها العدو كي تفعل فعلها  ليتمكن من تنفيذ اجندته  ، والثابت من خلال مراجعة الواقع العربي ومسار  التكوين المؤسساتي في  الاقطار العربية أن مشاريع الانتقال من الدولة القطرية إلى الدولة القومية تعثّرت إلى الآن بالرغم من التكوينات الوحدوية التي حصلت في  الخليج العربي  واليمن  ومشروع الاتحاد الثلاثي  والاتحاد المغاربي وسابقتها  الجمهورية العربية المتحدة على اثر الوحدة الاندماجية فيما بين مصر وسوريا ، لانها لم تسير في الطريق الذي أملته الجماهير ونادى به الفكر القومي العربي وأهمية التركيز على آليات تدرجية للانتقال من الدولة القطرية إلى الدولة القومية ، انطلاقاً من إيلاء الازدهار والتنمية والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي أهمية خاصة  ، فالمطلوب اليوم تحديد الأهداف ووسائل تحقيقها بدقة وعدم تكرار الخطأ الذي وقعت به الحركة القومية في الماضي ويمكن أن يستند مفهوم التغيير على ثقافة الحوار والتعاون البنّاء واحترام الخصوصيات والديمقراطية  ، وخلق المصالح المشتركة والمعالجة السريعة للأعراض الجانبية السلبية لمسيرة العمل المشترك ، كي لا يكون هناك رابحون وخاسرون ، كما أن تجديد الفكر القومي لا يعني تجاهل حلم المواطنين العرب ، ذلك أن التخلي عن الرومانسية القومية في وجدان الناس وثقافتهم وتخيلهم واهتمامهم ، ارتياحاً أو تذمراً ، يعني التخلي عن طاقة وحدوية علمانية حداثية فالقومية العربية هوية حداثية تشمل تسييساً لانتماء الثقافي ، وتشكل حالة إنسانية متغيرة مثل كل القوميات الحديثة وكما قال المرحوم القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق القومية حب قبل كل شيء أي البعد الانساني الذي يربط الفرد وبذاته وكيانه الانساني ومحيطه العربي الذي يعد بوابة الانطلاق نحو الفعل الانساني المؤثر  ، وان الوصف الذي نعته القائد الشهيد صدام حسين  لمفهوم الوحدة العربية  توصيفا" بانها الخيمة الكبيرة ذات الالوان الزاهية الجميلة والاقطار العربية ماهي الا ورود زاهية تعطي  نكهتها لانبعاث  الامه ومجدها لهو  المعنى الشمولي والمنطفي لموضوع دولة الامه التي يراها البعث الخالد هي المنفذ الوحيد للتحرر والسيادة والخلاص الممهد للانطلاقة الكبرى  .

 

يتبع لطفا"





الاثنين٠٢ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة