شبكة ذي قار
عـاجـل










توقعنا أن تستمر التفجيرات التي يشهدها العراق وأن تزداد شراسة وعنفاً، ولم نكن نقرأ الغيب أو نعلمه، ولكن العراقيين كلهم يعلمون ذلك وكأنهم يقرأون في كتاب.

التجارب الكثيرة التي مرّ بها العراقيون والوعود الكاذبة التي سمعوها، وعدم (قدرة!!) دولة احتلال عظمى مثل أمريكا حمايتهم وتوفير الأمن لهم وفقاً لمسؤوليتها التي نصت عليها المواثيق والأعراف الدولية، وعدم قدرة حكومة نصبتها في قلب بغداد على التصدي لهذه التفجيرات وكشف منفذيها!!.. كل هذه الأمور جعلت العراقيين يقتنعون أن وراء هذه التفجيرات المحتل نفسه وصنائعه وأدواته، وهو ينفذها لحاجة في نفسه.

 

وتذكرني التفجيرات المتكررة التي يتلظى بنيرانها العراقيون، بالأيام الأولى التي أعقبت احتلال بغداد، حين بدأت إذاعة أمريكية تدوخ العراقيين بإعلانات وأخبار قوات التحالف في غياب اية اذاعة أو قناة تلفزيونية إلا الملتقطة عبر الفضاء، ولم يكن بين العراقيين إلا أقل القليل من يمتلك أطباق هذه القنوات.. كانت إذاعة قوات التحالف تبث برامجها المكرورة من طائرة وبلغة عربية ركيكة، وكان من بين الاعلانات التي بثتها هذه الإذاعة إعلان يطلب أن يتقدم شباب عراقيون إلى دورات لحفظ الأمن في العراق تقام في دولة من دول أوربا الشرقية، لا أذكر الآن ما إذا كانت رومانيا أم هنغاريا،  مقابل رواتب مغرية، وتقدم إلى هذه الدورات عدد كبير من الشباب الذين أغراهم الراتب الكبير أو الذين كانوا يقصدون خدمة بلدهم فعلا من دون أن يعرفوا أن وراء الأكمة ما وراءها وأن المحتل لا يمكن أن يقدم لبلد يحتله ذرة خير، ودليلي على ما أقول هذه الديمقراطية المزعومة التي فقد العراقيون بسببها الملايين بين شهيد ومعاق ومشرد ومطارد ومتهم بالارهاب..

 

عاد أولئك الشبان من دورتهم التي استمرت شهوراً مغسولي الأدمغة وكونوا باشارة من المحتل فرق الموت التي نفذت التصفية بالوطنيين والمقاومين ونسفت الجوامع والمساجد وفجرتها وأشاعت فتنة طائفية لم يعرفها العراق من قبل.. ولعل هؤلاء هم أنفسهم مازالوا ينفذون هذه التفجيرات وفي التوقيتات التي يريدها المحتل نفسه.

 

أخذ العراقيون يعون أن وضعهم لن يستقر وأن التفجيرات التي تستهدفهم لن تتوقف ما لم يخرج الغرباء من أرضهم.. الغرباء كلهم سواء كانوا أمريكان أم إيرانيين.. وإذا لم يخرجوا فان للعراقيين طرقهم الخاصة باخراجهم، كما أخرجوا الانكليز وغيرهم من قبل، واستعادوا سيادتهم على أنفسهم وبلدهم.

ثم تعالوا، سادتي، نستعرض تاريخ التفجيرات في العراق منذ أول تفجير إلى آخر تفجير ربما وقع في هذه اللحظة، ونسأل: من المنفذ؟.. وهل قدمت إلينا قوات الاحتلال وحكومتها شخصاً واحداً حقيقياً وقالت: إن هذا هو منفذ التفجير الذي وقع في المنطقة الفلانية؟..

 

وهذه الجرائم كلها تقيد ضد مجهول وكل ما تفعله أجهزة الحكومة هو اتهام المعارضين لها أو المناهضين للاحتلال، والقبض على أبرياء ـ على الشبهة والظنة ـ عقب كل تفجير للإيحاء بأنها نشطة، ثم تتم تصفية هؤلاء الأبرياء بصفة أو أخرى أو يتم تغييبهم أو تعذيبهم بصفة وحشية كما أظهرت لنا مقاطع فيديو نشرت على اليوتوب، وسط صمت دولي عجيب، فلا حقوق الإنسان تتدخل ولا الأمم المتحدة تسأل ولا الاحتلال من أفاعيله بشعب عريق يخجل.. فقد مات الضمير ومات احساس الانسانية في العالم. أما العروبة التي كان يحمل العراق لواءها فقد شبعت موتاً منذ غزيت في العراق.

 

إن هذه التفجيرات التي يخطط لها المحتل وتنفذها أدواته ليست إرهاباً، والارهاب هو أن يصرخ عراقي بالمحتل: اخرجوا من داري..

ألم يأت المحتلون وأزلامهم بالوعود البراقة لديمقراطية ستجعلهم يفعلون ما يشاءون ويعيشون في رغد وهناء، مشيعين أن العراق سيمضي في طريق التطور والازدهار وأن الفرد العراقي سيكون بإمكانه أن يعيش أفضل من أخيه في الدول الخليجية، بل أن تجربة العراق ستنقل إلى جميع دول المنطقة؟..

 

وتبين للعراقيين، بعد حين، أن شنّ الحرب على بلدهم ليس لأن فيه نظام ديكتاتوري، وإنما كان فيه نظام كان يسير ببلدهم حثيثاً إلى الرقي فأعاقوه بالحروب تارةً وبالحصار تارة أخرى وأخيراً بالغزو.

 

وظهر لهم أن النظام (القمعي المستبد) كان يحميهم من القتل، ان الحكومات التي نصبها الاحتلال، منذ التاسع من نيسان تذبحهم وتفجرهم ولا ترعى فيهم إلا ولا ذمة.

لن تتوقف التفجيرات في العراق، والعراقيون جميعاً يعون ذلك، ويعون أن المحتل إذا لم يُطرد فان أجندته ماضية في إيذائهم. ولن أتحدث عن الغزو الإيراني لأني واثق أن هزيمة المحتل الأمريكي في العراق تعني هزيمة إفرازاته كلها.. وهذه الهزيمة على الأبواب.. ويوم يهتف العراقيون بصوت واحد: (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) آتٍ لا ريب فيه..

 

سلام الشماع / جريدة الوطن البحرينية





الخميس٢٧ جمادي الاخر ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة