شبكة ذي قار
عـاجـل










قد يكون نابليون هو قائلها , ولكنّ القول الذي قيل هو تشخيص دقيق , يمكن أن يكون  تشخيص "طبّي" أكثر منه شيء آخر , لحقيقة صراع  "الجسد الإنساني" مع الوجود ....  "أصوات المدافع توقظ الشعوب والأمم" ! ..

 

مهما قيل في هذه المناسبة المفصليّة من تاريخ الصراع العربي ضدّ القوى المعادية لأمّتنا العربيّة , حرب الخامس من حزيران 1967 ميلاديّة , ومهما تحدّثنا من ذكريات ونتائج تلك النكسة التي صنعتها بعض الأنظمة العربيّة البتروليّة الغنيّة التابعة بشكل مباشر للقوى الغربيّة الاستعماريّة تنفيذاً لأوامر تصدر منها باستمرار وبحسب مصالحها وما يستجدّ على الساحة الدوليّة , تلقى على عاتق هذه الأنظمة  في نبش واحتواء رؤوس أصحاب الهوى من داخل  "أنظمة المواجهة" التي كانت تتصدّر رأس هرم جبهة الصمود العربيّة بوجه الكيان الصهيوني , فمهما قيل في هذه المناسبة الأليمة وتم استعراض أسبابها ونتائجها في السنين التي تلتها مع مرور كل ذكرى سنويّة لها , فلا يعدو ما قيل أن يكون تذكير لا أكثر, أو اجتهادات من البعض بقصد  كشف ما استجّد , بما يقع بين أيديهم من إثباتات خفايا وملفات لم تكن معروفة سابقاً تستأهل العرض لغرض المساهمة في الوقوف على المعطيات التي أثمرت تلك الثمرة المرّة  "التي لا بد من تجرّعها" ... إذ لا يشفي الجسم العليل بمرض سقيم إلاّ بما هو أشدّ مرارة من المرض !  ...   

 

أهمّ ما حقّته تلك الحرب الخاطفة والمحدودة للكيان الصهيوني وجنى هذا العدو نتائج انتصاراتها , هو ذلك الاختراق الصاعق لنفسيّة المواطن العربي جرّاء تلك الهزيمة النكراء التي ألحقتها به  أنظمة الخيانة والتبعيّة المباشرة للغرب وتحطيم  الجزء الأكبر ممّا تبقى له من كبرياء كان يدّخره للملمّات , فقد رسّخت تلك الحرب في نفسيّة المواطن العربي مشاعر الهزيمة واليأس التي غمرت كيانه منذ عام النكبة 1948 وعمّقتها , إضافةّ  لما حقّقه هذا الكيان من أوراق لعب مساومات وقعت بين يديه كان في أمسّ الحاجة إليها للضغط على ما تبقّى من الأقطار العربيّة التي لازالت ترفض وجود هذا الكيان بين أضلع جغرافية الوطن العربي , علاوةً على انفتاح آفاق الامتداد السياسي والاجتماعي لهذا الكيان بعد اعتراف أنظمة السوء به بقيادة نظام  الخائن "السادات" الذي كانت تقف خلف خيانته عوامل التعرية "العربيّة" ذات النفوذ البترولي والمالي الذي انقلب بين يديها إلى سلاح تدميري تنسف به ايّة بوادر لنهضة عربيّة يمكن أن تشكّل تهديدا حقيقيّاً للنفوذ الغربي الاستعماري في المنطقة , إلاّ أنّ كما للعدو مغانمه المباشرة التي ذكرنا ,  فإن للشعب العربي مغانمه الغير مباشرة التي سيجنيها على مدى الأفق الغير منظور , فلكل فعل ردّ فعل كما هو معروف , وانتكاسة حزيران كما كانت لياليها ظلماء حالكة على وجدان الأمّة وضميرها تتفجّر شرايين جسدها مع كل قذيفة تصيبه , إلاّ أنّ لتلك القذائف ومضات وبروق نيران ساطعة تكشف مكامن الخلل ومخابئه التي تختبئ  داخلها وخلفها علل الانكسارات العربيّة المستمرّة منذ مئات السنين , فكان أن انطلقت شعلة البعث العظيم من رحم الهزيمة ! وقبل أن تبرد آلام النكسة في الجسد العربي أو تستكين , لقد استوعب البعث كامل هموم الأمّة وشخّص عللها ووضع العلاج المناسب لكلّ منها .. لقد فجّرت  "النكسة" ثورة تمّوز 1968 .. لقد فجّرت النكسة بركان التأميم العظيم .. لقد هزّت زلازلها  شجرة ثمار الانجازات الكبرى التي قطفتها جماهير العراق والعرب أينما كانوا على امتداد مساحات وطننا العربي , لقد عرف العربي طعم الانتصارات على قوى الشرّ منذ انبلاج فجر البعث , ولولا ذلك  لما أقدمت قوى الاستعمار ممثلة بالولايات المتّحدة الأميركيّة على محاربة العراق بكل السبل لوقف نبضات ذلك البناء الكبير الذي أقبلت عليه الأمّة حين امتدّت خيوط فجرها من عراق البعث .. لقد أدملت نهضة العراق كل جراح الأمّة وأوقفت نزيفها ...

 

الوطن العربي مقبل على انتصارات لن تتوقف قبل أن يستعيد المواطن العربي كامل حقوقه التاريخيّة والجغرافيّة , العالم بات يرى ويسمع يوميّاً عن ما يجري على الأرض العربيّة من تغييرات عظمى بما تحتكّ على أرضه قوى الشرّ العالميّة ترتطم بجدران الرفض العربي متمثلة بمقاومة العراق العظيم وصبر أهلنا في فلسطين وكفاحهم المسلّح .. لقد باتت أرض العرب المموّل الرئيسي لمجريات كل ما يحدث في العالم , بعد أن كانت  هذه الأرض ركناً منسيّاً وكأنّها تقع على كوكب آخر غير الأرض , كل ما يراه العالم ويسمعه اليوم , وكلّ ما شهده ويشهده العربي من تغيير يلمس كل ركن من أركان حياته ويضيف عليها بعداّ ملموساً يعيشها في ماكنة آماله وتطلّعاته , هو من صنيعة مفاعل ثورة تمّوز البعث ونهضته الكبرى التي نشرت كامل أبعادها واهدافها في عموم الوطن وفي ضمير الأمّة منذ انطلاقتها الكبرى , فحوّلت النكسة صنيعة أنظمة السوء , إلى ثورة بعثيّة على الذات وانتصاراً لها قادها ثوّار تمّوز اخترقوا بها كيان العدوّ فحوّلوا وجوده الطارئ علينا إلى جحيم  لن تطفئه مياه البحر إلاّ بابتلاعه ...





الثلاثاء٢٥ جمادي الاخر ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة